قصر البنت

 

 

                                                                    

 

                   حسين محمد العنكود*

              سلسلة جبل مكحول الممتده بموازاة نهر دجله ممتلئه بآثار الإمبراطوريات والممالك ألقديمه وقد لانغالي إذا أسميناها حاضنة الحضارات..ففي كل مكان من هذا الجبل تنتصب قلعه اومعبد أو ركام قصور ممالك بائدة وإمبراطوريات قديمه،في احدي التواءات الجبل وهو يحتضن نهر دجله وفي منتصف حواف القمم إلحاده كماتبدو من بعيد ينتصب أثر تاريخي يطلق عليه (قصر البنت)مسجل في دوائر الآثار ألعراقيه كأثر تاريخي اوتراثي ولكنه لم يخضع للتنقيب..في الواقع قد يبدو الأثر واضحا من بعض الجهات ولكن من العسير عليك الوصول إلى هناك وذلك لكثرة الطرق وتشابكها لذلك فماعليك إلا إن تمر بقرية (الزويه)شمال بيجي 40 كم التي تحتضن هذا ألأثر لأنك تحتاج إلى دليل يصحبك إلى هناك وقد يحكي لك عن بعض الأساطير الملتصقه بهذا القصر والمتناقله عبر الأجيال.دليلنا هو مضيفنا المهتم أيضا بشؤون الأدب والإعلام السيد(محمد حميد أبو نبيل)الذي كان يسرد لي بعض الأساطير التي يتناقلونها هنا حول هذا القصر ومن الحكايات الطريفه التي سمعتها منه إنهم ويقصد شعوب الممالك ألقديمه كانوا يتبادلون الإشارات عبر انعكاس الشمس على أسطح المرايا وهو طبعا يوكد لي إن هذه الحكايه جيل يسلمها لجيل وربما تكون صحيحه وهذا مارجح لي أن يكون هذا الأثر هو مرقب آشوري.عندما انحدرنا عن الطريق المعبد متخذين طريقا ترابيا ونحن متجهين نحو ألأثر


سلكنا طرق ملتويه لاتخلو من الوعوره /بعض من تلك الأماكن التي خضعت لغضب الطبيعة في أزمان سالفه بفعل زلازل أو عواصف أو أعاصيرأ وفيضانات يرافقني بعض الشعراء وكتاب ألقصه الذين شحنو مخيلتهم من عبق المكان ولكن الشيء الذي أثارنا هو من تكون تلك البنت التي شغلت الناس وسمي القصر بأسمها

قصر البنت هو تل ينتصب بشموخ على حافة جبل مكحول على بعد 20 كم جنوب العاصمه الأولى للامبراطوريه الآشوريه (آشور شرقاط)وعلى نفس السلسلة الغنيه بالتلال الآثريه فهناك تقريبا كل مكان يدل على حضارة قديمه أو امتداد لحضاره من حضارت الشرق الأدنى القديم. هو لايتجاوز في قطره (150 م مربع تقريبا) وارتفاعه عن السهل المحيط به عشرون مترا هذا من جهة السهل الذي يحيط به من ثلاث جهات الشماليه والغربيه والجنوبيه إلا انه من الجهه الشرقيه يلتحم مع الجرف و يمد جذوره نحو الماء حتى يبدو للناظر انه يتكون من عدة طوابق لان هناك أساسات لغرف تبدو عند حافة الماء التي يرتفع سطح الأثر عنها مايساوي اربعين مترا تقريبا ويتخذ في علوه شكلا متدرجا يشبه الاهرامات وقد شيد باللبن غير المفخور والغريب إن البناء قد غلف بطبقة كثيفة من التراب ثم غلف بعد ذلك بالصخور ألجبليه بطريقه فوضويه وهذا مال ماره من قبل فيمارايت من مواقع أثريه. وان مكانه الجغرافي يدل على أهميته ألتاريخيه حيث ان قربه من آشور العاصمه الأولى للمملكه الآشوريه وسيدة البلاد وبعده 3كم غرب مدينة الزاب التي تحتفظ لها في التاريخ الاشوري بشيء اضافة الى قرية المسيحلي حاليا بعد 5كم شمالا والتي وجدت فيها اثار تعود الى فترة ماقبل الكتابه تشبه ماوجد في قرية حسونه حيث لايعرفون الحديد اصلا.أقول ان اتخاذ هذا المكان لايعد عاديا لاسيما وإننا نعرف ان الممالك ألقديمه كانت تحرم السكن أو الاقتراب من حدودها على الممالك الأخرى.لم أجد في كل البحوث والسجلات مايدل اويشير من قريب اوبعيد عن هذا الأثر التاريخي الغامض إلا إنني وجدت اسما مشابها له تماما عن أماكن أثريه في اليمن قصر البنت .. في قرية الفرع في محافظة العيص عباره عن قلعة كبيرة مبنية من الحجرو ضخامة بنائها ... تدل على انها بقايا لحضارة قديمة وقد نسجت حول هذا الاثر حكايات أشبه بالاساطير لازالت تتناقلها الأجيال. ومن تلك الحكايات ان اللذين شيدو هذا القصر هم الجن وانه كان يسكن هذا القصر رجل وزوجته شديدة الغيره واخت له تفوق اهل زمانها في الجمال وكعادة النساء في الغيره والبغض..أبغضت الزوجة أخت زوجها لأنها كانت أجمل منها وكانت الفتاة في الليالي التي يظهر فيها القمر تجلس أمام شباك مطل ناحية الشرق .. وعندما يظهر القمر تناجيه بعبارات الحب والغرام .. وكأنها تناجي حبيباً لها ... فعلمت زوجة أخيها بما تفعله .. فعملت لها مكيدة .. فقامت ونثرت رماد التتن ( الدخان ) في المكان الذي تجلس فيه الفتاة وذهبت فأخبرت زوجها الذي هو أخو للفتاة بقولها : إن أختك لها عشيقاً تقابله كل ليلة .. فاحذر من العار .. وأرته رماد الدخان .. فصدق الرجل كلام زوجته .. وعندما انتصف الليل جاء واختبئ بالقرب من المكان الذي تجلس فيه أخته .. وفي تلك الأثناء ظهر القمر .. فأخذت الفتاة تناجيه .. فخرج أخوها وبيده السيف فغرسه في صدر أخته .. فقتلها .. فقامت البنت تتخبط في دمائها .. ومسحت يدها على جدار القصر .. فبقي آثار الدم إلى الآن .. ويذكر البعض أنها قبل موتها .. قد دعت الله بأن لا ينزل المطر على قومها سبع سنين .. وأن لا تهب عليهم الريح سبع سنين .. وأن يجف ضرع ماشيتهم سبع سنين .. حتى أنهم أصبحوا يأخذون الرماد إلى قمم الجبال فينثرونه ... فيقع على الأرض دون أن يتحرك .. من توقف الريح. كذلك قصر البنت الأثر التاريخي بمدائن صالح في السعوديه ومن الاساطير المثيره التي نسجت هناك ان البنت هي فتاة مدفونه في هذا القصر بعد أن قتلها والدها بسبب علاقة حب جمعتها بأحد النحاتين في عهد الأنباط اللذين سكنوا مدائن صالح في عام 150 ق.م
.ولكي ارتشف المياه من منابعها حملت أوراقي واتجهت الى دائرة آثار الشرقاط اقرب جهه مسؤوله من هذا الأثر ووجدت ان هذا الأثر قد أدرج ضمن الأماكن ألتاريخيه والتراثية في العراق ولكن: يقول السيد عبد محمد جرو مدير الآثار(لقد زرت المكان وتفحصته جيدا ولكننا لم نقم بالتنقيب فيه )وعن تاريخه يقول(أنا اعتقد انه يعود الى الفتره الهلنستيه اعني مملكة الحضر فهناك اقترابات في طريقة البناء إذا ما علمنا أيضا ان الحضر ليست بعيده من هنا واعتقد ايضا انه كان مخفرا اوميناء فيه حراس أشداء لتفتيش السفن الماره من هنا ،مايدفعني الى هذا الاعتقاد ايضا هو وجود هذا الأثر عند فم الوادي الذي يسمونه وادي جهنم ولاندري مااصل هذه التسميه الا انني اعتقد ان هذا الوادي هو المنفذ الوحيد لعبور التجاره والغذاء وغير ذلك من بلاد الشرق كفارس وغيرها الى الحضر عبر النهر .اقصد ان السفن كانت ترسي هنا وتفرغ حمولتها كي يتم نقلها عبر الخيول والحمير الى الحضر أو الممالك الاخرى وبالعكس ايضا يتبين ان هذا الاثر يشبه كمارك الحدود في الوقت الحاضر)وللسيد مدير آثار آشور آراء اخرى حيث(هناك اماكن مهمه تحيط بهذا الاثر مثلا الآثار الموجوده في قرية المسيحلي بعد 5 كم عنه تعود الى زمن ماقبل الكتابه وكذلك اثار قرية النمل 3كم وآشور سيدة البلاد 20 كم تقريبا كل ذلك يجعلنا نبقى في دائرة التكهنات ويبقى التفسير النهائي رهين بأي اكتشاف اورقيم يستخرج من هنا اومكان آخر يضيء هذه الأثر الغامض )

فيا ترى من الذي أطلق على هذا المكان هذا الاسم المثير وهل هناك علاقه معينه للاسم بهذا الاثر،قد تلتصق أحيانا أسماء معينه على اثر معين بعد فترة بعيده عن زمنه الأصلي اقترانا مع حادثة معينه قد تحدث في زمن آخر أو عن فعل قد يحدث في نفس المكان وقد حدث هذا كثيرا ولكني أرجح تقريبا الرأي الذي يقول بأنه يعود الى فترة الحضر 200 ق .م لأن هذا التاريخ يتوافق مع فترة الأنباط في قصر المدن بمدائن صالح 150 ق.م.أيضا أرجح الرأي القائل بأنه كان لحماية السفن في العهود السالفه لاسيما ان الجبل هو ملاذ منذ أقدم العصور لفئات متعددة/ قطاع طرق،لصوص،مهربون،تجار غير شرعيون،مهربي مخدرات،خارجون عن العرف،خارجون عن القانون،متمردون،ثوار،مجانين،سحره/ولكني أظل أتوق لمعرفة أخبار تلك البنت التي تركت اسمها في صفحات التاريخ ا وان القصر شيد لأجلها فطالما ان ألآثار يون لم يجدو مايدل على حقبة معينه يرتبط بها هذا الأثر الجميل الشامخ إذن يمكننا ان نشحن تأملاتنا وخيالاتنا بمالايعد من القصص والأساطير التي يمكننا ان نتخيلها قد حدثت هنا في سالف الأزمان .أدعو الحكومه العراقيه والمتخصصين بشؤون الآثار ألأهتمام بهذه الأماكن ألتاريخيه وتخصيص جزء بسيط من الميزانيه لتنقيب هذه الاماكن فربما سنعثر يوما ما على رقيم طيني تركه لنا آلأجداد الأوائل فيه نص يعلمنا كيف نعيدأصلاح عالمنا وأنفسنا لنعيش حياة هادئه بلاعنف.

 

*كاتب وباحث من العراق  hu_m9@yahoo.com