عندما يفرقنا العيد ويوحدنا الزواج !!!

 

                     

  

                                   

 

 

 

 

                                                             

                                

                                                                 اورها دنخا سياوش

    

 

      ونحن على ابواب عيد الميلاد المجيد، حملتني ذاكرتي الى طفولتي ايام كُنّا صغاراً، لا نفهم شيئاً من لعبة الانسان وتلاعباته بمصيره، لا لشيئ، وانما تطرفاً، لمبدأ يحمله او عقيدة يؤمن بها، جائته اما وراثياً او عن طريق كتاب او كاتب او مؤسسة دينية، أثرت فيه واعمت بصيرته واغلق جميع منافذ دخول الحُلمْ والعلم الى عقله.

  كُنا صغاراً ننتظر العيد بفارغ الصبر، حيث الملابس الجديدة والجيوب المملوءة وبعضٌ من الحرية التي كنا نفتقرها بقية ايام السنة. فمدينة الملاهي كانت قبلتنا والمراجيح ودولاب الهواء كانا متعتنا والالتقاء مع الاقارب والاصدقاء كانت ضمن برامجنا. فالعيد كان يمثل الحرية لنا. وكنا نشعر ان جميع سكان هذه الارض يشعرون مثلنا ايام العيد. ومع كل عيد نكبر ونعي امور الدنيا اكثر واكثر، ونستغرب سذاجتنا وتصرفاتنا في العيد الذي مضى. ففي العيد الماضي كنت موقناً ان الجميع كانوا فرحين بالعيد ويحتفلون به. اما هذا العام ايقنت انني كنت على خطأ، فهنالك من أجّل فرحة العيد الى إشعار آخر!

 في عيد السبع سنوات انشدنا في المدرسة:

 خرجت يوم العيد    في ملبس الجديد                  اقول يا اخواني      هيا الى الدكان

      لكنني تفاجأت عندما علمت انه ليس عيداً للبعض، فلا ملابس جديدة ولا جيوب مملوءة، فالعيد عندهم وبحسب طقوس آبائهم واجدادهم لا يصادف اليوم.! كانت صدمةً...انا بملابس جديدة ونظيفة وصديقي الذي هو بالاضافة الى ذلك قريبي بالملابس العادية ...جيوبي جاهزة للدكان، وجيوبه مؤجل ملئها ! متعة المراجيح تكاد تنطفأ...فالجنة، كما يقال: من غير ناس ما تنداس ! ومدينة الملاهي من دون اصدقاء تصبح مدينة اشباح !. كنت افكر في قرارة نفسي : ما هذا السر، وما هذه القوة التي استطاعت ان تقسم العيد، وتقسم المؤمنين الصالحين الى قسمين، حتى انهم لا يدعوننا نحن الاطفال ان نفرح موحدين بالعيد؟! 

     ومرت الايام والسنون، أدركتُ معها ان الايمان بالله الواحد، جعل الانسان يصنع له عدة اديان وان يقسم مذهبه الى عدة مذاهب، وكلٌّ يؤمن بمذهبه ويفضله حتى على الله نفسه!. وصار الانبياء والائمة الصالحين افضل عنده حتى من الله!. وصار عندنا نحن قديسين يشفعون لنا عند الله (يعني واسطة!). وحاد عقل الانسان عن الله موحدنا، ليصبح الايمان به سبب فرقتنا!. وصار الله يُشْتَمْ في العلن ولا احد يعير اهمية لذلك، اما شتيمة الانبياء والائمة فهي خط احمر، قد تؤدي بالحياة.

      فظاهرة المذاهب المتعددة ومنذ قدوم المسيحية الى بلاد بين النهرين، انعكست بشكل او بآخر على ابناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني قبل ان نخترع هذه التسمية. ابتدأنا ندركها كاطفال، اي ظاهرة المذاهب، رويدا رويدا من خلال الاحتفال باعيادنا الدينية، فما بين الـ 25  الذي كنت احتفل به والـ 7 الذي يحتفل به صديقي وقريبي كانت تتفتت فرحتنا بالعيد ولا يبقى لها طعم. كان العيد يفرقنا بدلاً من ان يجمعنا بسبب مذاهبنا. وعند الذهاب الى الدكان اصبحت لا ادعو اخواني!.

     كبرنا وتأقلمنا وقبلنا هذا الشذوذ على مضض، حتى ضننّا اننا قد تجاوزناه. فأنا تزوجت من اخت قريبي وصديقي الذي لم احتفل بالعيد معه يوماً بسبب الاختلاف المذهبي، في عرس فاق العيد في فرحته، ومدعويه كانوا من جميع الاديان والطوائف ولم يبقَ احد في (عكة!) او (مكة!) لم يحضر الفرح. الكل فرح، الكل يرقص، الكل يغني، الكل موحد في زواجي! عندها تساءلت: هل علي الزواج كل يوم كي يتوحد شعبي وتتوحد مذاهبنا واعيادنا وافراحنا وافراح اطفالنا ؟!! وهل علي الزواج كل يوم كي يشعر الجميع انهم لم يكونوا يوماً لا متكلدنين ولا متسرينين ولا متأشورين وانما شعب ذو وقومية واحدة بارض ودين ولغة وتاريخ وعادات وتقاليد واحدة، وليس كما يدعي (الفلاسفة العالميين!) الجدد، اصحاب (فلسفة الكعكة!) الانتهازيين، المنتفعين، الغارقين في عمالتهم، العاملين على تفتيتنا وتمزيقنا بكل الطرق الخبيثة!

      أبعدنا الله شر اعمال وخبث العملاء، وبارك الله بكل جهد يوحد اعيادنا (على الاقل خدمة لاطفالنا) وافراحنا ويوحد شعبنا وامتنا......وآني مستعد للزواج كل يوم اذا زواجي يوحدكم!!!!!!!!