كاتب ٌ يـُبهرك  وآخر يــقهــرك

 

 

                                                                       

                                                                             ثامر توسا

                                                                                    

        الباحث عن دواعي شهرة ألقوش , يجد بأن قدمها الزمني وموقعها الجغرافي ليسا كل السبب في تميزها وشهرتها  فحسب ,إنما الفضل الأجدر يعود الى حب أسلافها  المتوارث للمعرفه وعشقهم الفطري للحريه والارض اللذان غرسا في الأحفاد طباع التحدي والطموح ,فعندما تجتمع مثل هذه السمات في رقعة صغيره بتعداد سكاني متواضع,من الطبيعي ان تـُكسـِبها  مكانا بين مضارب الأمثال ,  حيث قلما يحكى عن قرية أنجبت وهي بهذا الحجم  مثقفين ومناضلين  آثروا أعواد المشانق على التخاذل والإنكسار, وأمضوا ربيع العمر في السجون والملاحقات وصعاب الجبال .

إنبهار القارئ بالكاتب ياتي من إعجابه بفكرة النص المحكي الذي ينبعث  منه أملا ً يلتقي فيه الإثنان ويزداد تطلــّعهما  نحو تحقيق الأفضل . أما القهر فلا داعي لتعكير صفو مقدمتنا في التكلم عنه , يكفي أننا بسببه نجهد أقلامنا.

 معروف عن الكتابة بأنها  قدرة ٌ فكرية ومهارة أدبيه تتفاوت درجة رقيها من كاتب لآخر, يكتسبها الإنسان من سنين حياته الى ان يستقر به المقام في محطة هادئة من النضج المقبول نسبيا بحيث يصبح بإمكانه إعتماد الكتابة وسيلته الفضلى في التعبير عما إختمر في ذهنه من رغبات تأخذ أذن البوح بها من ثوابت قناعاته  .

إن  ثقافة الكاتب بما فيها إدراكه لحقيقة تباين مستويات القراء ,هي المرشد الى حدود إلتزامه بآداب المخاطبه المتعارفه وبإتباع أسلوبه الخاص في إيصال فكرته بطريقة فنيه تغنيه عن الحاجه الى رقيب يحاسبه او سوط يجلده , لكنه في نفس الوقت يعلم جيدا بأن الإعلان عن افكاره سيجعله عرضة للنقد من قبل من يختلف فيها معه, وهذا أمر طبيعي جدا بالنسبة للمثقف يتطلب منه التهيؤ له بشكل عقلاني . وإذ نحن نتحدث عن الكتابة في صفحات المواقع الألكترونيه  بمعايير إنضباطيتها المختلفه عن  تلك المعتمده بحق المنشور في صحيفة الجريده الورقيه التي تقوم عليها هيئة إختصاصيه تعنى في إظهار جريدتها بالمستوى المتكامل في كافة النواحي,معنى ذلك أنه في هاتين الحالتين هنالك تفاوتا واضحا في العلاقه المتوقعه ما بين القارئ والكاتب وبينهما الناشر . إذن ما بين حديثنا عن مادة الكاتب واسلوبه ,ونحن بصدد ما تنشره بعض مواقعنا, و عن رغبة القارئ المتلقي ومتطلبات إحترام عقله , تبرزأمامنا أهمية دور مدير الموقع وميزان حكمه في نشر ما يرده من نتاجات , ونظرا لما لوظيفته من أهميه فنيه وأخلاقيه وفكريه, ليس من العدل التسرع في  تقييمها قبل التقصي عن دوافع إنشائه للموقع وإدارته له بنفسه, فمهمته الفنيه تكاد تكون قابله للتأرجح تحت ضغوط أفكاره والمؤثرات الأخرى التي تفرض عليه ميكانيكية متقلبه  في كيفية التعامل مع اصحاب الأفكار المغايره لأفكاره , هذا الإعداد الميكانيكي المتقلب والمقولب هو الذي يجره الى قبول نشره للواطئ من الكلام  مقابل حرمان ما يسمو عليه من رؤية النور, مما يجعل القارئ أحيانا في حيرة من أمره عندما يحس بابواب الموقع مفتوحة على مصراعيها أمام الرث والبائس وما على القارئ المسكين إلا أن يتجرع قساوتها في حين توصد أبواب الموقع بوجه الكاتب الذي يأتينا بالجميل من الكلام النابع من صدق انتمائه ومصداقية إمتلاكه لقضية يعمل ويفكر من اجلها.في مثل هذه الحاله, حالة إنحدارالأمر بإتجاه لجوء المشرف لنشرالبضاعه الرثه والواطئه كونها تتماشى مع خطه الفكري وسجياته  الأخرى ,فهوعلاوة على انه يساهم في ترويض القارئ المتلقي على القبول بما تنفثه العقول الخارجه عن اللياقة والأدب ,إنما هو( المشرف)  يثبت علاوة على عدم أهليته لحماية القارئ , يثبت بانه لا يصلح فنيا للتحكم  بمفاتيح السيطره على نوعية ما يفترض نشره. مما أوردناه أعلاه , نخلص الى حقيقة مفادها ان للناشر دور أساسي وحيوي , عليه تقع مهمة ترتيب وتنظيم علاقه إنسانيه هادئة ما بين الكتـّاب أنفسهم من جهة وبين الكاتب والمتلقي من جهة أخرى خصوصا عند إحتدام و تصاعد حدة  الإختلاف الفكري الذي يصل بهم أحيانا الى تعكير الأجواء وتعقيد المشكله. كلنا سواء كنا نكتب او نقرأ او ننشر, نعلم جيدا بأن عملية الكتابه هي جانب من الجوانب العاكسه للمحيط الذي يعيشه الكاتب, وهكذا هو حال القارئ الذي يميل بإتجاه قراءة ما يشبع رغبته ويلائم مستواه لأنه هو الآخر وليد نتاجات وإفرازات بيئيه وهذا من حقه , لكننا سنقف مشدوهين عندما نرى بان مسؤول الموقع قد غض الطرف عن لب واجبه  الفني الذي يلزمه بالحفاظ على الاقل على هيبة الموقع وسمعته مما يتسبب في  بث الفرقه وإنقسام القراء وتشرذمهم وهم لا حول لهم ولا قوة . الكتابة في صفحات المواقع الألكترونيه كما اسلفنا  هي غيرأن تكتب  في فضاءات اخرى مقارنة بحجم الحريه المتاحة ,ومن أجل حسن إستخدام هذه الحرية  وتفادي إنقلابها على أصحابها, ليس من ضابط يستطيع تنظيمها أفضل من قدرة المشرف الفنيه (الكترونيا) على أدائها,لذا غالبا ما نلاحظ ان الردود على التجاوزات  تتخللها كلمات تأسف وعتاب مباشر للمشرف الذي سمح بنشر تلك التجاوزات,من هنا نقول أن من صميم واجبات القائمين على المواقع  لو صدقوا في أداء مهمتهم ,هو غربلة المكتوب مفرداتيا  وتمحيصه أخلاقيا  وليس فكريا  قبل نشره  بغض النظر عن من هو كاتبه ,في ذلك نكون قد أخذنا بنظر الإعتبار تباين نفسيات القراء إضافة الى حماية كرامة ومعزة الكاتب لشخصه إن كان  يجهلها.إن الكاتب الذي لايعر أية أهميه لمحاذير وعواقب الإنزلاق مع حرية التعبير الى إفساد الأوراق وتهزيل الكلمه والعبث في مخيلة القارئ, عليه لو كان شاطرا, ان لا ينتظر التوجيه والردع من المتلقي والمشرف , بل ان يسارع من ذاته في مراجعة نفسه ومعالجة حالته المقلقه, ربما في الإكثار من القراءه  سيجد ما يسعفه في الكشف عن سر نجاح بعض المفكرين والعظماء الذين بدأوا رحلتهم في  إختيار المفرده الجذابه في مخاطبة المتلقي قبل أن يعلنوا تمردهم على سلطان الأنا العقيمه وضيق دائرتها الغير منتجه,فمن دون هدوء النفس وإنفتاح  عقلية صاحبها  لا يتحقق التآلف بين القارئ وبين  شخص الكاتب ونصه الفكري ,حتى لو جاء النص بلغة نحويه تفوق  لغة ونحو سيوبيه,  لكن مهمتها ستتعثر كثيرا لدى القارئ  الذواق  و لا يمكن لها ان تنفذ في فكر المتلقي  كي تحقق التغيير المراد تحقيقه في عقلية القارئ. من ضمن أسرار عظمة الأنسان الذي ينال بجدارته لقب الفيلسوف والحكيم  والأديب , نجد أن هذا الصنف الذي يشكل  في مجتمعات البشريه  القله القليله التي يطلق عليها نخبة المجتمع , والتي لولاها لما إنتقلت شعوب الأرض من حال الى آخر , هذه النخبه  أجهدت ذواتها  الى أن وجدت في إستغلال طاقتها الداخليه  بأمان  أصح الطرق للأنعتاق من قيود التقليد المتبع والتفرغ لحقل العمل الخلاق من اجل رفاهية الأنسان.

القارئ والكاتب والناشر من وراء القصد