لا تدعوا حناجر الضعفاء تبح …. وإلا

 

 

                                                                                                                

 

                              

 

 

 

                        

                                                          يوسف زرا

 

          التاريخ زمن متراكم من فعل الإنسان كناتج مادي واجتماعي ، والحضارة ليست إلا الصورة المرتشة لذلك الكم المتراكم لها.

 

 ولكن هل يعلم المستطرق في شوارع واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبغداد والقاهرة … بامتداد ارض أي حضارة كان يمشي ؟.

 

هناك من عمق الماضي الزمني والمادي رنين لفؤوس ومعاول لأجيال وأجيال من الرجال قضوا نحبهم فيها , وأنين من أرتال وأرتال لأطفال يتامى, وصراخ مواكب ومواكب من النسوة كزوجات فقدن أزواجهن وأطفالهن, وأمهات فقدن فلذات أكبادهنوأخوات فقدن إخوتهن , كل ذلك بسبب المطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية كحد أدنى للحياة اليومية ومقوماتها ‼

 

فإذا كان ارسطو طاليس قبل أكثر من ستة وعشرين قرنا ً قد قال :-

( في كل زمان ومكان … دولة ورجال … ولكل امة آحاد ) .

 

فمن هم أولئك الرجال وفي أي زمان ومكان كانوا ؟

ومن هم أولئك الآحاد …

قليلا ًمن حكمة العقل والإنصاف يا حكام اليوم في عالمنا المضطرب.

 

أليس هم قادةً لحروب عبر التاريخ ولازالوا يذكون آتون الحروب بأكداس وأكداس من الإنسان الأعزل ومسلوب الإرادة؟ فلا جواب .

 

أليس هم المتجبرون من أمثالكم من الذين يفوضون أنفسهم بصلاحيات وبدون حدود قانوني للتلاعب بواقع الملايين من الفقراء والمعدمين من ابسط حقوق الحياة وبالعيش ولو تحت شجرة مورقة في فصل الصيف اللاهب ؟… أو تحت سقف صريفة من القصب والطوف شتاءً وقاءً من برده القارس؟ طبعاً بلا جواب .

 

يبدو واضحا ً ومن بعيد , إن المتناوبين على تولي زمام قيادة ارتال وطوابير من جنسهم ومن عمق ذلك الزمن المتراكم والى هذا اليوم ومن أمثالكم , أيضا ً لم ترن في آذانهم ضربات الفؤوس والمعاول لتلك الرجال, ولا لأنين أطفال يتامى , ولا لصراخ مواكب الأمهات والزوجات والأخوات , بحثا عن ذويهن ومعيلهن وحاميهن .

 

أيها الراكبون خيولكم بلا سروج .

 

لم ولن يجف مداد الأقلام الحرة والتي حولت وتحول صراخ حناجر الضعفاء وان بحت … إلى مشاعل , زيتها دماء الشهداء من آلاف الضحايا اليومي في جميع مدن العراق وقصبا تهلل ارهاب المنضم وتحت سمعكم وبصركم … تلك المشاعل التي لا بد أن تنير دربهم , ولا بد أن تصبح حتوف شهدائهم جسورا ً للمواكب العابرة إلى ضفة الأمان , مطالبة بحق الحياة والعدالة الاجتماعية.

 

وإلا , فالتاريخ ليس أبكم في ضنكم ولا يحتج معهم , ولا هو أصم لا يسمع الأنين والصراخ , ولا أعمى لا يرى ويبصر ما يغلي في بودقة الحياة ومرجلها , من المحاصصة الطائفية المقيتة , والفساد الإداري والمالي وتهميش وإقصاء كل الفصائل والشرائح الوطنية التقدمية وقادتها وعلى اختلاف مناهجهم السياسية والاجتماعية والاثنية وعدم مشاركتهم في عملية صنع القرارات التي تخدم الشعب ومسيرته الطويلة وبجميع مكوناته التاريخية من الأكثرية والأقلية كما تسمونها بلغة الحساب البسيط.

 

أيها السادة المحترمون … أحقا انتم غافلون لما يجري تحت أقدامكم ؟

انه زلزال من باطن الأرض , متى انفجر فلن تقوى صلابة وتماسك قشرتها مهما كانت صخرية أو من الصلب , فلن تؤجل تحطمها ونثر أجزائها في أعالي الفضاء , ثم رذاذاً على سطح الأرض كأشباه لرموس تحت الرماد ,

أيها السادة الكرام .  

 

لا تدعوا سبارتكوس يولد من جديد خارج ايطاليا إن لم يكن قد ولد هنا في أرضنا فعلا.

لا تدعوا حمو رابي يتحرك متململا فوق مسلته الكبيرة , إن لم يكن قد قفز منها فعلا ليبدأ عملية تجديد القوانين من جديد هنا .

 

لا تدعو – هوشامنا – يقسم بشعيرات لحيته الهشة بالعودة إلى فيتنام جديدة , دون رجوعه للعمل في سفن الاستعمار الفرنسي .

 

ولا تدعوا لوثرا جديدا بورقة إصلاح عقائدي أخرى وحسب ميزة العصر واستحقاق الإنسان الضعيف المؤمن بالحياة الكريمة .

 

فلا تدعوا – ماوتسي تونغ – يبدأ مسيرة جديدة من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب , يرافقه – لي شاو شي – وبيده نسخه جديدة من كتابه القديم ( كيف تكون مناضل جديدا ) لا بل وكيف تكون ثائرا معاصرا وأمينا على المبادئ الإنسانية .

 

فما يجري داخل الوطن العتيد ( العراق ) نذير شؤم بقيام إعصار لا شبيه ل( تسونا مي في جزر اندونيسيا قبل سنين ) . ولا للإعصار الحالي ( اسحق ) الذي لا يزال يضرب سواحل أمريكا الغربية ويزيل من الوجود مدنً عن بكرة أبيها دون أن يُقيمّا الإعصاريين المذكورين , مما يمكن أن يلحق بهما من الفواجع . وكلها تنكر حضارة الإنسان العراقي الذي بناها عبر التاريخ ونام تحتها , ولا قيمة لأنين أطفال يتامى أو صراخ النسوة وفي مواكب جديدة عبر أثير الكون .

فيا أصحاب النشوة المؤقتة المحترمون في عاصمة الرشيد .

 نعم ليست نبؤه أو محصلة قرأة فال بمولد ابن بار ثانٍ من صلب ورحم الشعب العنيد , ليعيد بناء جمهورية عراقية ثالثة – فدرالية – ديمقراطية – تعددية – مستقلة – لا محاصصة مذهبية في تركيب سلطاتها الثلاث – التشريعية والتنفيذية والقضائية . ومن غير فساد إداري ومالي ولا تزوير الشهادات ولا غصب ولا غزو لمقاعد مجالس المحافظات والأقضية والنواحي ومجلس النواب لأصوات شريفة .

 

فالشعب الذي أنجب رجالات 14/تموز/1958 ورمزهم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم .فلا بد أن ينجب رموزا جديدة , لأنه شعب حي من عمق التاريخ شعب الانتفاضات والوثبات والثورات البيضاء. فلن يكون بحاجة إلى سبارتكوس جديد ليحرر العبيد ولن يكلف قادة الثورات التاريخية العظيمة في الصين وفيتنام وكوبا وروسيا . بل سيبقون رموزا ً حية لكل البشرية .

 

أيها الحكام الوقتيون … ويا أصحاب النفوذ في عراق ما بعد الاحتلال الأجنبي …

 

هلا تفيقون لرشدكم وتتوبون من أعمالكم , وتطلبون المغفرة من هؤلاء الضعفاء قبل أن تبح حناجرهم في بغداد وغيرها .

 

 فكثيرون ممن سبقوكم عبر التاريخ القديم والحديث , قد ركبوا بغالهم ثم بلعهم إعصار ما عبر المحيط , أو طوتهم حفرة كبيرة وعميقة لزلزال ما تحت رماده … وإلا .