في ذكرى  الـ (33) لتأسيس الحركة الديمقراطية الآشورية

 

نظرة في القيادة الجماعية لزوعا

 

                                                                                                                

                             

 

 

 

                                              

                                                    

                                                             أبرم شبيرا            

                                                    

                                                                                           

    توطئة:

               من حق أعضاء زوعا والمؤيدين لها أن يكتبوا ويحاضروا عن إنجازاتها الكبيرة التي حققتها طيلة العقود الثلاثة والثلاثون الماضية وقد يتجاوزون في بعض الأحيان هذا الحدود ليصل إلى المديح والمجاملة المفرطة وهو الأمر الذي يضر زوعا أكثر مما يفيدها. ولكن نادراً ما نرى أي واحد منهم يكتب بموضوعية عن واقع زوعا ويقيم تجربتها الطويلة في النضال الوطني والقومي مبيناً ليس إيجابياتها فحسب بل أيضا  سلبياتها وعثراتها وتقيمها وهو الأمر المهم والمفيد لزوعا في إستمرار مسيرتها النضالية خاصة في الظروف الصعبة جداً في يومنا هذا. وعندما نكتب عن زوعا ونحن غير مرتبطين بها تنظيماً ننظر إليها من الخارج ونستطيع معرفة سلبياتها ومن ثم بيانها وتقيمها أكثر ممن هم في الداخل. فالإلتزام الحزبي والتنظيمي لا يعيق مهمتنا هذه لأننا غير ملتزمين به كما يلتزم به أعضاء زوعا. فنحن الذين، أن صح التعبير ونطلق علينا تسمية "المراقب"، نستطيع أن نكتشف أشياء سواء أكانت سلبية أم إيجابية، والتي من المفروض أن تتفهما قيادة زوعا لأنها ستساعد في تعزيز مسيرتها النضالية. فهذا الإرتباط الفكري والضميري يجعلنا أن نكون جزءاً من زوعا وندافع عنها طالما هي مستمرة في نضالها القومي ومتواصلة في التعبير عن طموحات الأمة.  واليوم أكتب عن الحركة الديمقراطية الآشورية، وطبعاً لا أستغرب عن ردود الفعل السلبية التي قد يخلقه هذا الموضوع سواء عند قيادة زوعا أو أعضاءها فهي مسألة طبيعية لا تعيقني أبداً في السير نحو ما أومن به تجاه أمتي وأبناؤها المناضلين. أكتفي بهذا القدر في التوضيح في هذه المقدمة لكي أقتصد من وقتي وقلمي وأخصصه لحركتنا المناضلة، الحركة الديمقراطية الآشورية والحديث عن بعض المفاهيم في القيادة الجماعية التي أتصفت بها زوعا والتي يجب أن تستمر بنفس الصفة وبتأكيد أكثر قوة وصلابة، وهي تحتفل بعيدها الثلاثة والثلاثون.

كيف نفهم تطور زوعا:

أن الإلمام بالحياة السياسية وبأبجدية الحركات القومية الأصيلة والنابعة من ضمير الأمة يستلزم أن نعرف بأن مؤسسات وأحزاب الأمة هي كيانات حية غير جامدة، فهي الأخرى كالكائنات العضوية الحية تمتلك مقومات النشوء والتطور والتقدم، وتحمل أيضاً في طبيعتها التطورية جملة تناقضات تشكل الأساس الذي يبنى عليه تقدمها وتأخرها، حياتها وموتها، فهي تحمل مقومات الحياة من حركة ونشاط مثلما تحمل مقومات الموت من جمود وتخلف. من هذا المنطلق يجب أن نعرف بأن تطور حياة الإنسان ليس على الدوام حركة مستمرة إلى  الأمام فحسب بل أن المفهوم الفلسفي لتطور الحياة والإنسان وحتى الحركات السياسية هو المحصلة النهائية الناتجة من جملة تفاعلات قائمة بين التقدم والإخفاق والتي تفرز في نهاية المطاف مقومات التطور والاستمرار لهذه الحركات. وهي الظاهرة التي يمكن تفسيرها  بمفهوم " خطوة إلى الوراء وخطوتان إلى الأمام ".

والحركة الديمقراطية الآشورية، كحركة قومية أصيلة لم تلد بقرار سياسي محض أو كانت نتاج بحوث أكاديمية أو قرارات رجال السياسة والقانون والمعرفة، وإنما ولدت ولادة طبيعية ومن  مخاض ومعاناة الأمة ومن رحمها الشرعي لذلك فهي تمتلك كل مقومات الكائنات الحية التي تنعكس مفاهيمها الفلسفية في الظواهر والكائنات الاجتماعية والسياسية. فإذا كان هذا الإقرار الواضح والصريح بحيوية الحركة الديمقراطية الآشورية وبامتلاكها للمقومات الأساسية في كونها حركة عضوية وحية في تفاعلها مع معاناة وطموحات شعبنا، فهي أذن حركة طبيعية لها مقومات التطور(الإيجابية والسلبية) الواجب توفرها فيها مثل كل الكائنات الحية والعضوية كالتقدم والتعثر وبالتالي التطور لا بل وحتى الموت والفناء. أي بعبارة أخرى إن المفهوم الفلسفي للتطور القائم على "خطوة إلى الوراء وخطوتان إلى الأمام" ينطبق على الحركة الديمقراطية الآشورية عندما نريد الكشف عن المسار السياسي لها ومعرفة مدى تطورها في تحقيق أهدافها ومنهاجها وبالأخص موضوع الذي يهمنا هنا وهو القيادة الجماعية لها.

من هذا المنطلق يعد من السذاجة الفكرية والضعف  السياسي عندما ينظر إلى مسيرتها السياسية من خلال تعثر وتراجع في خطوة معينة  وتقييم تطورها من خلالها ومن دون النظر إلى الخطوات الإيجابية الناجزة. والعكس صحيح أيضا، فلا يجوز النظر إلى مسيرتها من خلال خطواتها الإيجابية فحســب وتجاهل خطوات التعثر والتراجع، بل أن استمرارها وديمومة تواصل نضالها يقوم بالأساس على دفع الخطوات الإيجابية دفعاً أمامياً مع النظر العميق والتفحص الدقيق والنقد النافذ للخطوات السلبية والمعوقات التي واجهتها في مسيرتها هذه واستخلاص الدروس والعبر منها واعتمادها في تصحيح مسار المستقبل. وهذا المنطلق هو الأساس أو المصدر الذي يجب أن ينبع منه الفكر السياسي الواقعي النير للحركة وتتسلح به في مواجهة التحديات التي تواجه الأمة وتتحصن به أيضا من المفاجأت والاحتمالات غير المتوقعة.

وعلى هذا الأساس، لا يمكن إطلاقا فصل السلبيات عن الإيجابيات في مسيرة كل حركة قومية سياسية. فحتى نفهم معايير تطور مسيرة هذه الحركة لابد من اعتماد المحصلة النهائية لهذا التطور الناتج من تفاعل مجمل عوامل التقدم والتعثر في مسيرتها المتواصلة. أي بعبارة أخرى يجب النظر إلى تطور مسيرتها من خلال الكل وليس الجزء أو من خلال العام وليس الخاص. والعكس من هذا صحيح أيضاً، أي النظر إلى الخاص دون العام هي نظرة أو فكرة  انتقائية وانتهازية مريضة تسعى في مرماها الأخير إلى نقل مرضها وانتهازيتها إلى أبناء هذه الأمة وبالتالي إلى طعنهم في الصميم وتحجيمهم في الخاص الضيق والمظلم دون العام المنفتح وبأسلوب سادي يقوم على خنق كل محاولة أو نشاط، وهو في مهده الأول، الذي حتماً ستواجهه خطوات سلبية تزداد بزيادة التناقضات المحيطة بها من جهة وبتواصل استمرار مسيرتها من جهة أخرى. ومن هو الخاص الضيق والمظلم بالنسبة للحركات السياسية القومية غير النزعات الفردية والأنانية والنفعية والتوجهات الطائفية والعشائرية والشللية السائدة في الزوايا العفنة من مجتمعنا والتي من الممكن، بل الممكن جداً، أن تتسرب مثل هذه النزعات إلى التنظيم السياسي وإلى قيادتها وبالتالي إلى الإنفراد بالقرار السياسي وإنحراف توجه التنظيم وإبتعاده عن مطامح الأمة وأبناءها.  

وانطلاقاً من هذا المفهوم ، فانه يجب أن نعرف بأن مسيرة زوعا القومية الطويلة والصعبة لا تقوم على خطوات في جميعها خطوات ناجحة وعظيمة، فهذه المثالية الخيالية والبعيدة المنال لا وجود لها في عالم السياسة، بل علينا أن نعتمد على الممارسة السياسية والتطبيق السياسي للأفكار (Political Praxis) على ارض الواقع والمأطرة بوعي قومي ناضج نابع من ضمير الأمة. فمن خلال هذه الممارسة السياسية والتطبيق العملي يجب أن نفهم مفهوم القيادة الجماعية.

كيف نخلق القيادة الجماعية:

لعل من أكثر الحالات إساءة أو غموضاً للفهم في مجتمعنا هي ظاهرة احتكار القيادة العليا من قبل شخص في معظم تنظيماتنا القومية والسياسية تقريباً، أو في أحس الأحوال عدد قليل جداً من الأفراد، وبقاءهم فيها، أو كما يسمونها، إعادة انتخابهم أو اختيارهم لفترات طويلة ومن دون إتاحة الفرص للغير سواء بتشجيعهم للترشح أو القيام بحملة لترشيحهم. وشخصياً أكره هذه الظاهرة كثيراً وانتقدها بشدة لأنها هي بالضد تماماً من المفاهيم الديمقراطية التي ننادي بها ليل نهار. فهذه الظاهرة تصلح  كمثال في الحديث عن مسار تطور الحركة الديموقراطية الآشورية. وقد انتقدنا هذه الظاهرة وانتقدها غيرنا لا بل تهجموا عليها ووصفوا المتربعين على قيادة زوعا بالدكتاتورية وحب السيطرة والظهور، وإلى غير ذلك من الوصفات والشتائم، لا بل شخصياً وصفت هذه الحالة وكأنها تقليداً لسياسة العرب في الحكم بعقلية شرق أوسطية، أو كما وصفها القذافي في تعريفه للديموقراطية بأنها "ديمو كراسي". وهي ظاهرة لا شك فيها إطلاقاً بأنها تحمل جوانب سلبية خطيرة تؤثر كثيراً على مسار التنظيمات السياسية  وتفقد مصداقيتها وشعبيها بين الجمهور.

ولكن هذه الظاهرة السلبية التي تعتبر نوع من التراجع في المسيرة القومية السياسية والاستمرار بها هي خطوة إلى الوراء، يجب أن لا ينظر إليها كحالة خاصة فقط ، كما سبق ذكره،  من دون أخذها ضمن الظروف العامة، خاصة الإمكانيات السياسية لمجتمعنا وضمن الخطوات الإيجابية الأخرى التي تتفاعل معها وتحاول التقليل من سلبياتها من أجل دفع المسيرة نحو الأمام. فمن الخطأ الكبيرة جداً أن نلعن ونشتم كل ما له علاقة بزوعا ونقاطعهم نهائياً ونلغي بكلمات غير محترمة كل الإنجازات الكبيرة التي حققتها لأمتنا بمجرد أن هذا الشخص أو ذاك بقى في القيادة لسنوات عديدة أو أنه صرح بكلمة أو أتخذ موقفاً معيناً لا يرضى البعض. أقول هذا ليس دفاعاً عن زوعا وقيادتها وإنما تحليلاً علمياً لهذه الظاهرة ليس من خلال مقارنة تنظيمات مجتمعنا السياسية بغيرها من الأحزاب السياسية في البلدان المتقدمة وحتى مع الأحزاب الأخرى في الوطن من حيث الإمكانيات الفكرية والسياسية والمالية والتنظيمية. فنحن، كما يعرف الجميع، حديثوا العهد في التنظيم السياسي  كما لا نملك أخصائيين أو مستشارين أو كوادر متفرغة بالتمام والكمال لشؤون التنظيم، فالمطلع لحال هذه التنظيمات سوف يرى بأن كل نشاطها وفكرها وتمويلها وتنظيمها يقع على عاتق هؤلاء الذين في قمة القيادة. لنسأل هذه القيادة ونبحث معهم، كم مستشار أو خبير سياسي أو قانوني أو مالي يحيط بقيادة التنظيم ويعملون معهم من أجل خدمة التنظيم. أعتقد الجواب معروف ولا يستوجبه إلا أن نقول بأن كل ما يتلقونه من استشارة أو مساعدة لا تأتي إلا من الذين هم حولهم وحال هؤلاء لا يختلف عنهم، حيث يسرقون من وقت عملهم وعائلتهم وراحتهم ليكرسوها لتنظيمهم، أو قد تأتي بعض الشذرات من أشخاص قد تتوفر لديهم في بعض الأحيان سويعات قليلة لنقاش موضوع معهم. هذه في أحسن الأحوال إذا لم ينفرد شخص واحد إنفراداً كاملاً بقرار القيادة. إذن لماذا نلوم هؤلاء وخيرة المثقفين والمتعلمين على المستويات العليا لا يقتربون من هذه التنظيمات ولا يساعدونهم في مهمتهم القومية ولكن في عين الوقت يتهجمون عليهم وينعتونهم بأشنع النعوت. فالمسؤولون على تنظيمات مجتمعنا، مهما ادعوا وتظاهروا بسعة المعرفة وإدراك الأمور ومعرفة خفاياها، إلا أنهم لا يمكن أن يكون دائماً هكذا وفي كل المجالات والأوقات ولا يمكن أن يكون خبراء وعلماء في عالم السياسة والاقتصاد والدبلوماسية والتفاوض وغيرها من حقول المعرفة التي تتطلبها الممارسة السياسة، فبدون المساعدة من غير أعضاء تنظيمهم قبل أعضاء تنظيمهم لا يمكن أن يكون الحال أحس مما هو عليه الآن. 

لنأخذ الحركة الديموقراطية الآشورية كمثال، ليس لأنها تحتفل في هذه الأيام بذكراها الرسمي لتأسيسها فحسب وإنما باعتبارها قد تأسست في الوطن وتنشط هناك وفي ظروف سياسية صعبة للغاية، ذلك لأن الجميع يعرف بأن الاشتغال بالسياسة ليس بالأمر الهين والسهل في بلدان كبلد وطننا الأم فهو كاللعب بالنار الحارق ومحفوف بالمخاطر والتضحيات والتحديات التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى زهق الأرواح أو إقلال للراحة أو التورط في مشاكل خطيرة هي بعيدة تقريباً عن الذين يشتغلون في السياسة في المهجر الديمقراطي الذي تعتبر السياسة بالنسبة للبعض، خاصة لأبناء أمتنا، نوع من قضاء الوقت أو التسويق الدعائي الشخصي وربما نوع من "الونسة" أو أسلوب للعبة التنافس مع غيرهم وتحديهم في هذا المجال. لقد سبق وذكرنا بأن الحركة تأسست طبيعياً من مخاض الأمة ومعاناتها ولم تؤسس بقرار من خبراء في السياسة وعلم الاجتماع أو الاقتصاد ولا من رجالات الحكم والبرلمانات وإنما تأسست من مجموعة شباب وطلبة وهم في مقتبل حياتهم السياسية لا يعرفون من فنون السياسة وألاعيبها غير حبهم الشديد والمتفاني لأمتهم، فكيف والحال معهم عندما يلتحقون بركب الكفاح المسلح ويتحالفون مع أحزاب وحركات لهم باع طويل وخبرات متمرسة في السياسة والنضال. أليس من المنطق والمعقول أن تعرف مع من تتعامل وأن تكون ملماً بأفكارهم وسياساتهم وأهدافهم؟ ، وإلا كيف تتعاون أو تتنافس معهم من أجل تحقيق أهداف الأمة القومية. هنا الضرورة تفرض نفسها لنؤكد للقارئ الكريم بأن السياسة هي تعاون وتنافس مع الطرف الآخر  وبأشكال مختلفة وليس من الضروري أن يكون أراء وأهداف وأساليب العمل السياسي للطرفين متطابقة أو متشابه، بل المهم هو أن يكون لكل طرف أدوات التعامل مع الغير ومدرك ومطلع ومتفهم للطرف الآخر حتى يستطيع التعامل معه تعاونياً أو تنافسياً. وكلما زادت حدة الاختلافات والتناقضات بين الطرفين وبالتالي زادت حدة التنافس على حساب التعاون ووصلت إلى حالة الصراع كلما يتطلب ذلك خبرات وإمكانيات أكثر وسعة أكبر في المدارك والوعي، وكلنا نعرف مدى التناقض التاريخي والصراع الدامي الذي كان يحكم علاقة أمتنا بهذه الشعوب ومدى صعوبة التعامل معهم في هذا اليوم، خاصة عندما يحضر التاريخ أمام أعيننا. من هذا المنطلق نقول بأن حدة التناقضات العميقة التي تحيط بأبناء أمتنا في وطن الأم، وخاصة في مسألة التعامل السياسي، يتطلب ذلك تسلح في المعرفة والخبرة وتوفير الإمكانيات المطلوبة لخوض العملية السياسية(تعاون/تنافس). إذن من أين تأتي زوعا بهذه المستلزمات ونحن نعرف جميعاً بأنه ليس لها معاهد وأكاديميات تخرج خبراء وكوادر في السياسة، هذا إلى جانب الفقر السياسي والقومي الذي يسود تقريباً الكثير من جوانب مجتمعنا ، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الغير والمختلف، فأبناء أمتنا، بحكم تجربتهم المريرة والدامية  في التعامل مع الغريب، فأنهم بطبيعتهم يخافون منه ولا يريدون التعامل معه وتحديداً الغريب الذي يرتبط بالماضي الأليم وبمذابح ارتكبت بحقهم في الماضي المترسب في ذاكرة الأمة. هذه الشحة أو الفقر في مصادر توفير كوادر سياسية وملمين بشؤونها وبشؤون غيرها هي التي تجعل أن يكون هناك شخص واحد أو قلة قليلة متواجدة وعلى الدوام في قمة الهرم التنظيمي لأحزابنا السياسية ومنها زوعا. ولكن إلى متى نبقى على هذه الحالة، هل ننتظر إلى ذلك اليوم الذي نؤسس فيه مدارس حزبية وأكاديميات قومية تخرج عناصر قيادية أكفاء يخدمون تنظيمات حركتنا القومية؟؟. طبعاً الجواب هو بالنفي. لأنه إذا انتظرنا فغيرنا، المنافس والمعادي، لا ينتظر في هضم حقوقنا وسلبها ونحن في سبات الانتظار. فإذا كانت ظاهرة تربع شخص معين أو نفر قليل من الشخصيات على قمة القيادة في زوعا حالة سلبية بمفهوم القيادة الجماعية في الوقت الحاضرة ومبررة بالفقر السياسي والفكري لمجتمعنا بشكل عام وعدم قدرتهم على خلق كوادر وقيادات كافية للتناوب على القيادة فإن الزمن القادم لا يمكن أن يقبل مثل هذا التبرير وعلى زوعا وقيادتها أن تفكر ملياً بهذا الأمر وعن طريق زج أعضاءها الخييرين في الممارسة السياسية الفعلية حتى تستطيع أن تخلق  كوادر قيادية متمرسة قادرة على تحدي الصعاب التي تتعظام يوم بيوم وتمتلك الإمكانيات الكبيرة لكي تستطيع أن تنتزع حقوقنا من بين أنياب الضباع وتدافع عنها عندما تتعرض الأمة إلى التحديات المميتة. وهنا يجب التأكيد  بأن لا نستعجل كثيراً في قضايا الأمة التي يتطلب تحقيق أهدافها سنوات طويلة جداً، ولكن هذا التبرير لا يجعل من قيادة زوعا أن تتجاهل موضوع المستقبل والركون إلى الهدوء والسكينة وعدم الإكتراث والإكتفاء فقط بما هو موجود، وكلنا نعرف بأن الموجود سيصبح عاجلا أم آجلاً غير موجود في أية لحظة من الزمن وهو الموضوع الذي سيؤثر تأثيراً كبيراً على زوعا ومصيرها في الوجود.

 في هذا اليوم، ومن عالم الإيجابيات والسلبيات التي تتحكم بمسيرة زوعا أبعث لها ولقيادتها وكافة أعضاءها ومناصريها لا بل ولكل أبناء أمتنا المؤمنين بالقضية القومية، أصدق التهاني بهذه المناسبة وأن أباركهم بكل وجداني على صواب الطريق الذي يسيرون عليه رغم الصعاب والتحديات التي يواجهونها، فأنا واثق بأن بنشاطهم المثمر سوف يجعل إرادة الأمة بخير وبصون، لأن إيماني قوي جداً  بأن الأمة التي لا يوجد فيها أحزاب سياسية ومنظمات قومية قوية ونشطة ستكون إرادتها مرهونة بإرادة الأمم الأخرى وهنا أريد أضيف أضافة أخرى وأقول بأن الحزب السياسي الذي لا تكون له قيادة جماعية سيكون مصيره مرتبط بمصير الشخص المتربع على الحزب السياسي وكلنا نعرف بأن للأمة وتنظيماتها القومية الصميمية عمر مديد وأن عمر الإنسان قصير في مقارنته معها ونحن كأبناء هذه الأمة لا نريد أن يكون عمر زوعاً قصيراً، بل عمراً مديداً يضاف إلى عمر هذه الأمة المتواصل من الأزمان القديمة إلى الحاضر ومن ثم إلى المستقبل.