دبابيس  ألقوشيه خفيفه لا تخترق الريش   

 

                                            

                                                      

                                                                

                                                         شوكت توسا

        

               كثيرة هي أفضال  الإكتشافات العلميه  على حياة الإنسان ,  منها  فضل تكنولوجيا الإنترنيت المشهود في إختزال المسافات وتقريب الناس من بعضها بعد ان حولت كوننا المترامي الى حي ألكتروني صغير بإمكان ساكني القارات  تبادل المعلومه  بمجرد ضغطة ماوس خفيفه  ,فقد بات بإمكاننا التواصل دون الذهاب الى  البدالة  او البريد لسماع أصوات أهلنا  او قراءة ما تجود به أقلام ورسائل كــتابنا  من داخل مدن العراق  وقراه منها  بلدتنا العزيزه ألقوش التي نتنطر بلهف جود أبنائها علينا  بمقال او حوار او عرض عمل غنائي او مسرحي نتابعه  بشغف ونقرأه بإهتمام  فائق عن  قراءتنا لغيره  لأسباب ليست بخافيه  على أحد نذكر منها   أولا ً  نكهة  جغرافية الكلام ونوطة عزفه الأصيله  التي تنــّشط ذاكرتنا  كي نتذكر ما قد ننساه  في خضم صخب مدن الإغتراب وبذخ حياته .

 

 وثانياً  عندما يكتب لنا كاتب من ألقوش بالتأكيد سيحكي أشياء تشد القارئ المغترب اليها كونها من قلب الحدث ومن عنديات  بقايانا في أرض أبائنا وأجدادنا , واعتقد ان هذا ما يبحث عنه القارئ الجاد , وإلا ما معنى ان نبلغ ذروة إستمتاعنا بقصائد واشعار  تــُغنــّى  بلغتنا وتؤدى في طبيعة القوش وهوائها  ويزداد طعمها  حلاوة  حتى  في تكرار سماعها ومشاهدتها لكذا مره  ,في حين  تمرعلينا أغاني مشاهير مطربينا في اميركا واوربا واستراليا وكندا مرور الكرام  في مسامعنا؟ ...

 

أما ثالثا ً  ,باعتقادي ان ما يصلنا من نتاجات اقلام أهلنا ومن شدو  حناجرهم  في الوطن حتى وإن كان متواضعا كما يدعي أحدنا  سواء في جانبه الادبي او الفني او السياسي, لكن فيه ما يميزه عن غيره  كونه يجســّر الأميال التي فصلتنا نحن الأغصان عن ساق وجذع الشجرة الأم  ,مما يحتم على هذا الغصن الذي يدعي إنتمائه وحبه لأصوله  اخذهذه الميزة على محمل من الجد عند تفاعله  بالرد او التعليق على ما يرده من الداخل ,ففي تحقيق هذا التبادل الإعتباري نكون  قد ساهمنا  كل من جغرافيته في تجسيد التواصل الوجداني المطلوب  الذي يعيد الثقة و الطمأنينة  في نفوس المحبين لبلدتهم و يزيدهم تمســّكا بجذورهم  وتماسكا فيما بينهم .

 

من الطبيعي جدا ان نختلف في كتابة أفكارنا ورؤانا من اجل هدف سام, لكن ان يصل غرور البعض حد الإستخفاف بأهلنا و تسويق  المفردات الواطئه بحقهم , يصبح إدعاء دفاعنا عن مستقبل أهلنا وحقوقهم في الوطن كلام مبتذل على ورق ليس إلا , الذي  ينبغي علينا إثباته هو اولا توثيق إدعاءنا  بحسن تعاملنا مع ما تعكسه المرآة الناصعه  لواقع حال ابناء شعبنا  عبر صراحتهم  في  الفصح عن تطلعاتهم  و طريقة تفكيرهم حسبما تتطلبه تعقيدات حياتهم دون رتوش. 

    وبسبب بعض الأقلام اللامسؤوله,  يكاد البعض منا يستسلم لمقولة  بأن نعيم  البلدان التي إستقبلتنا هي السبب في تعالي بعضنا على البعض , أو أن هذا النعيم المترف  قد يفضي بعد عقد او عقدين الى إعلان فصلنا وأجيالنا عن جذورنا وتاريخنا  . حكم مطلق كهذا تنقصه الدقه فيما لو أخضعناه  لعامل  دور مثقفينا و حسن تبادل نشاطات جمعياتنا ونوادينا في المهجر والوطن  من منطلق أن الحنين والتحسرللوطن والاهل حاجه غريزيه تلازم المتغرب مع كل ما يطرأ  من متغيرات  في حياته, ولكن ليس بإستطاعة أحد نفي  وجود ما يدغدغ هذه الحاجةالغريزيه او ينغصها من خليط  مشاعر وأحاسيس متناقضه تتباين  من شخص لأخر, كأن يكون التكبّرالغير المبرر في بعض حالات تفاقم ظاهرة الغرورهو أحد هذه المنغصات , أو الإحساس بالذنب والتقصير تجاه أهلنا الذين أدرنا عليهم ظهورنا, كما فينا من تأخذ اللامبلاة منه مأخذا كنتيجة ليأسه ووحدانيته , وفينا من أبعده تسابق إقتناء المال حتى عن شقيقه الذي يعيش في نفس مدينته ,ولكن يجب ان نتذكر بأن بين هذه الأصناف هناك  صنف المحب والمنتمي لتاريخه وبلدته  الذي بلغ حبه لأهله وبلدته الحد الذي يجعله يغار ويحسد في أهله  صبرهم على مكاره سنوات عجاف  قضاهاهو وغيره متربعين في بلدان النعيم و الرفاه  , وتزداد غيرته ومحبته لاهله عندما يقرأ في  سطور كلام زملاء له من القوش  بأنهم ليسوا نادمين  في بقائهم على أرض الأباء رغم متاعب الحياة , بل ما زالوا  يتباهون في تفضيلهم  العيش في القوش مع كل تبعاتها, هنا يكمن زبد الكلام  وقيمة طرحهم  النوعي المرتجى  واللامزاجي  الذي يخدم بقاءهم حيث هم  معززين وهذا من حقهم , فهل يا ترى  سيحسدنا أهلنا في الوطن عندما ننبش فيما يكتبونه ويقولونه  بحثا عما يشبع رغباتنا و يرضي ميولنا التي فرعنتها حياة الإغتراب؟ بالتأكيد كلا نحن لسنا محسودون  في سلوكنا هذا  لأننا في عدم مراعاتنا لهذه الحقائق نكون  قد أهملنا جانبا مهما في ممارسة حق النقد الذي ينقلب الى إجحاف وتقصير بحقهم.

 

 ربما سيتوهم أحدٌ ويفسر كلامي سلبا متهما إياي باني أستهين  بهموم المغتربين وبإمكانياتهم او ان ما ابتغيه من كلامي هو كسب ود أناس عرفناهم عن كثب  قبل ان نغادرهم  وهم في غنى عن مديحنا  وإطرائنا لهم , تفسير كهذاهوفعلا اقرب الى الوهم منه الى الصحه لأن الأمانة تقتضي قول الحقيقة رغم مرارتها , فالكلمات  التي تخطها الأصابع المكتويه بسعير النار لا تنطق بالقال والقيل الممل والمقرف الذي اصبح ديدن من لا قضية له ولا يرى سوى بالشتيمة والمفردة المتعجرفه متنفسا لدائه , انما هي كلمات تطلق آهات آلام تلك الحرقة وعذابها إشاراتا  لنا نحن المغتربين كي نشعر بهمومهم ونتعض من كلامهم لو أردنا معرفة  ما يتوجب علينا عمله تجاههم, فان لم نستطع عمل شئ علام القذف والتنكيل بكل من يخالفنا؟ , ان في ثنايا سطور رسائل أهلنا في الوطن ما يزيح  الغطاء عن العورهويكشف علة تطاول البعض , وفي معاني كلمات المعذبين سنجد  الترشيد والتصحيح  المفيد لمثيري الهلوسه والكلام المزاجي من المتنعمين بالفلل المكيفه والبلاجات البحريه ووجبات الماكدونالد السريعه  غير مكترثين لمقولة أهل مكة أدرى بشعابها .

 

و إذ  ما زلنا نحوم حول ما ينقله المجال الأثيري الانترنيتي لنا من داخل الوطن  وخارجه , ليس بوسعنا إلا التذكير بأسماء ألقوشيه نتـنـّطر بشغف  ما تمنه علينا اقلامهم  وما تشدوه لنا حناجرهم ,  إنهم الموقرات والموقرون:  الأستاذ القدير يوسف زرا , و الأنصاري المبدع في رحلاته السرديه الاستاذ  سمير قس يونان, الست الشاعره منال أبونا , الاستاذ  صبري اسطيفانا, والاستاذ جميل حيدو,  الاستاذ أدمون لاسو,  والكاتب والشاعر الاستاذ فائق بللو,  و الشيوعي الفلاح فلاح قس يونان,والشاعره جنينه حيدو , والحارث  في كنوز القوش وفنون تراثها وآدابها  الاستاذ لطيف بولا , والاستاذ الزراعي والكاتب  منذر حبيب كلله وشقيقه  الاخ شوكت كلله,  والاستاذ جورج بابانا وشاعرنا المتألق زاهر دودا , والكاتبه  العنيده كافي قس يونان التي ننتظر عودة صدح صوتها من القوش , أسماء  رزنه  تضفي على رونقها  جمالا نتحسسه فيما تقوله , وأخرون  نعتذر عن  سهو  ذكر أسماءهم  ,  لكننا نقول  بكل صدق بأن الآمال ستبقى  معلقه على زيادة الاقلام ونتاجاتها من داخل القوش لانها تبعث في انفس المتغربين المزيد من الحوافز والتواصل.

 

 بقي لي ان أختم كلامي بدبوس ألقوشي :

""  في موسم الحصاد , تغدو السنابل الفارغه علفا سهلا ,و إن إستطاعت  فعل شيئ فليس افضل من  شد نفسها بحزمة بعد تزيين  نهايات سيقانها العليا بحبات الزؤان التي طفت بجانبها  , فهناك في منحدر الحي حاوية ألكترونيه , مشكور ذلك اللاهوتي  الذي صنعها خصيصة لعزل  البذور الغير الصالحه عساها تتحسن , ففي  وقاية  المحاصيل المواسم المقبله من الأدغال الطفيليه ضروره اقتصاديه  "".

 

الوطـــــــــــــــــــن  والشعـــب  من وراء القصد