سهل نينوى يتسع للجميع

 

                                            

                                                      

                                    

 

                           

                                                         حازم زوري

        

               برزت الى واجهة الاحداث مؤخرا وبقوة مسألة توزيع الاراضي السكنية لفئات وشرائح مجتمعية في اقضية تلكيف والحمدانية وقراها ونواحيها المعروفة بهويتها المسيحية منذ الاف السنين وبالتزامن معها تصاعدت وتيرة السجال والخلاف بين مكونات واطياف الاقضية والنواحي المشار اليها ما ينذر بزيادة الاحتقان وينسف عوامل العيش المشترك الذي جمعها لقرون خلت ما لم تسارع الجهات المعنية الى احتواء الموقف وتدارك الخطر قبل استفحاله وتطوره .

 

وابتداء نقول ان حق المواطن في التملك او في الحصول على قطعة ارض لسكناه قد كفله الدستور العراقي ولا جدال في ذلك ولكن والى جانب هذا الحق فان الدستور قد حظر التملك لاغراض التغيير الديمغرافي ، وبما ان سهل نينوى يضم اثنيات واعراق عديدة ونظرا للخصوصية التي يتمتع بها كل لون وعرق من النواحي الدينية والاجتماعية فغالبا ما تثور حساسية مفرطة ويحتدم الجدل بين هذه المكونات والاعراق كلما اثير موضوع توزيع الاراضي ليبدء سيل من الاتهامات المتبادلة فيما بينها بين طرف متمسك بحق التملك على اساس الدستور وبين طرف رافض ومتمسك بحقه الذي كفله الدستور ايضا في الحفاظ على خصوصيته القومية والدينية ، والخشية كل الخشية ان يتصاعد الموقف ويشتد الخلاف ليصل الى الاحتكاك ومن ثم الصدام ما لم يتم تداركه قبل فوات الاوان باجراءات سريعة وخطوات عملية من قبل الدولة لضمان حقوق جميع الاطراف وانصافها والحفاظ على خصوصياتها وعلى مقومات التعايش والتواصل الانساني فيما بينها ولا تحتاج المشكلة الى قدرات خارقة او معجزات لمعالجتها وتجاوز عواقب انفجارها بل هي قابلة للحل من خلال معالجات تشريعية بسيطة وفي الاطر الدستورية ايضا وذلك باللجوء الى استحداث وحدات  ادارية واقسام بلدية جديدة في المناطق التي تخلو منها والتي تتواجد فيها هذه المكونات لحل اشكالية توزيع الاراضي السكنية لكي يتمكن ابناء كل مكون من التملك في المنطقة التي يشكل فيها كثافة سكانية وبما يحفظ له خصوصيته وهويته الاثنية والدينية وموروثه الحضاري ، وأن استمرار الامور معلقة على هذا النحو وتواصل احالة المشكلة الى لجان تعقبها لجان وبلا فعل منتج او ملموس سيؤدي الى تأزيم الموقف المتأزم اصلا وقد يبلغ حد الانفجار اذا لم يتم التدخل من قبل العقلاء ومن قبل اولي الامر في الحكومة المركزية في بغداد والحكومة المحلية في نينوى من خلال الاقدام والتعجيل بأستحداث الوحدات الادارية والاقسام البلدية الجديدة في المناطق التي تحتاجها لحل المشكلة وتلافي ما هو اسوء خاصة وان الايام الماضية شهدت العديد من حالات الاعتداء على ابناء المكون المسيحي في بلدة برطلة وهي عقر دارهم وموطن اسلافهم من ابناء المكونات الاخرى الذين حلوا فيها بالامس القريب.

 

ان سهل نينوى الذي تعايشت على ارضه الاقوام والشعوب المختلفة عبر التاريخ بمحبة ووئام يتسع للجميع وليس مقبولا ان يؤدي موضوع تملك الاراضي لابناء هذا السهل الى نشوب الخلاف واستحكام العداء فيما  بينهم فأرضه تتسع للجميع وخيراته تكفي الجميع ولا يحتاج الامر الا لبعض الحكمة وحسن النية لحل العقدة وقطع دابر الفتنة التي يريد البعض اشعالها انسياقا لهوى متعصب او استجابة لارادة او تنفيذا لاجندة لا تريد الخير لجميع ابناء هذا السهل من خلال اتهام المكون المسيحي في المنطقة بتسببه في حرمان المكونات الاخرى من تملك الاراضي، فهذا تزوير للحقيقة وتلاعب بعقول البسطاء يراد منه خلق التذمر والاستياء من المسيحيين وتأليب المكونات الاخرى عليهم وادخال المنطقة في صراع ديني واثني مقيت لن ينجو منه احد وليس بصالح أي من هذه المكونات التي عانت الامرين وطالها الارهاب والترهيب والتهجير المنظم منذ العام 2003 وحتى اليوم ، والمكون المسيحي لا يسمح لنفسه وبحكم موروثه الحضاري والانساني الثر وبحكم اخلاقه ومبادئه الدينية السامية ان يكون سببا في حرمان الاخرين من حقوقهم وهو يطمح فقط لحماية ارثه وهويته من الانصهار والذوبان في الهويات الاخرى .

 

ان من يطالب بحق عليه ان يحترم حقوق الاخرين وخصوصياتهم ،اما الاصرار على انتهاك هذه الخصوصيات من خلال الاصرار على التملك في البلدات ذات الهوية المسيحية  فأنه امر مرفوض ومستهجن ومثير الريبة والشك ويضع اكثر من علامة استفهام عن اهداف ومرامي هذا التشبث والاصرار على التملك فيها ،ماذا يراد منه ومن هي الجهة التي تدعمه وما هي الاجندة الخطيرة التي يراد لها ان تتحقق اليوم من خلاله ؟