وردتي البيضاء

 

 

                                     

                      عادل كولان

                 فتحت عيني على الدنيا وأنا جزء من قافلة أسافر بين البلدان شاقاً صعوبات الطريق من جوع وعطش وتعب وأشعة شمس حارقة وبرد قارص ، حلت عليّ ليالي اشتهيت فيها الخبز اليابس فلم أجده بالإضافة إلى الظلم الذي يُنبت المشيب بالرأس فما أصعب ان تكون غريباً في أرضك من اجل أشخاص قدمت لهم التضحيات فنكروا ذلك ، مشيت في وديان وجبال وصحاري تمتلئ بأنواع المفترسات ولولا رعاية الرب وحمايته لكنت انا وأسرتي فريسة لهم ورغم كل هذا اتكلت على الله الحنان الذي ينصف أبناءه ، في الطريق رأيت كثير من الناس بمختلف ألوانهم ولغاتهم وأفكارهم وتقاليدهم وكيف يبنون حضارتهم رغم مرارة الأيام وطول أحزانها وقساوتها

تعلمت الكثير مما رأيته وكبرت أفكاري وطموحاتي قبل الأوان لما ذقته من مرارة الحياة يرأني الناس ابتسم في كل وقت ولكنهم لا يدركوا ما في قلبي من جراح يعجز أطباء الكون عن شفائها ،ولكن ذات يوم رأيت وردة بيضاء جميلة جداً في وقت أحوجني الى ضحكة تخرج من أعماق صدري ولست ادري لماذا تجيبني الدمعة وتستعصي عليّ الضحكة فانتظرت طويلاً جالساً أراقب و اتامل هذه الوردة تاركاً روعة وجمال هذه  اللحظة  تتخللني لتقوم بتأثيرها الكامل فاقتربت منها لشم عطرها الفواح الزكي حتى أدركت الوردة ما أفكر به فرسمت الابتسامة على وجهها الجميل ترددتُ في قطفها خوفاً من ان تذبل في رحاب صدري المليء بالهموم فتركتها تتمايل بهبوب نسيم الهواء ما أجملها وما أروعها بنظرة واحدة أنستني كل همومي حتى خلت انها نصفي الثاني في الحياة ولكن القافلة تنتظرني للرحيل في افق مجهول ليتني قائد هذه القافلة لأمرها بالرجوع الى ارضي والاستقرار فيها رغم سيطرة الأشواك الغليضة عليها فقد تعبت وتعب قلبي من هموم السفر وما يرفقه من عذاب فكل هذا مرهون بكلمة واحدة من الوردة البيضاء تفكر بها ولكن لا ادري ما الذي يؤخرها  في نطقها ربما يجب ان انطقها انا بصوتي الباكي الحزين ، لهذا خفت عليها ان تدمع عيونها وانقل حزني اليها ثم سقيتها الماء وهي تضحك بوجهي مطمئنا ولكني أكملت طريقي وانا اذرف الدموع دماً عليها وأيقنت أنها تفهم ما يحدث بداخلي ، سرنا وسرنا وفي طريق القافلة اكتشفت امراً غريباً  ان اعز  إنسان على قلبي كان السبب لما تمطره الحياة من أهات على قافلتنا....آه  ليتني لم اشاهد ما حدث... كشفت افكاره السوداء التي جعلت القافلة في أسوء حالاتها وأدركت بتلك اللحظة لماذا كانت تتناقص افراد القافلة  لأنهم أدركوا أنانيته وعجرفته لهذا تركونا في وسط الظلام معه و اكماوا مسيرهم لوحدهم ونالوا الاستقرار والأمان  ونحن نلنا التعاسة والحرمان ، نعم قد يكون السبب فينا لاننا علمناه على بطشنا وايذائنا لاننا مليئون بالمحبة والتسامح مثلك يا وردتي البيضاء أعطيناه بلا مقابل خلنا ان الناس كلهم مثلنا ولكن انظروا اعز الناس طعننا بالظهر ليست طعنته الأولى ولكنها هي التي أفاقتنا من نومنا لقد دمر حياتنا واذلنا وجعلنا نخسر كل شيء كل شيء حتى كرامتنا داسها تحت اقدامه وهو لحد هذه اللحظة رافع رايات الانتصار ويلوح سيفه بوجهنا على انه تهديد لنا ونحن لازلنا صامتين نشبه صحن فاكهة يأخذ ما يشتهي منه دون رادع أهكذا يكون قائد القافلة ممتلئ بالعجرفة والتكبر و قساوة القلب؟؟؟.