حسابات كهربائية

 

 

                                       

                      وسام يوسف

                 انشغلت خلال الأيام الماضية بجمع معلومات حول المبالغ التي  قامت بصرفها الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 على  الكهرباء في العراق , ومن المفروض أن عملية البحث عن هكذا معلومات في أي بلد أخر بالعالم عبر الانترنيت  لم تكن لتستغرق أكثر من" 30" دقيقه ,ولكن عدة أيام لم تكن كافية لي لا نجاز وحصر مجموع المبالغ , لسبب بسيط إن اغلب الوزارات والدوائر الحكومية العراقية لا زالت  تستعمل الورق بدلا من الحاسبات الالكترونية  والانترنيت في عمليات الارشفه , ربما لان المعلومات المخزونة بهذه التقنيات ألحديثه من الصعب أن تطالها حرائق "أل تماسات" الكهربائية التي تجتاح الوزارات العراقية مؤخرا  .

 

ما انتشلني وأنقذني من "الدوخة" التي وضعت نفسي بها هو  السيد وزير المالية " رافع العيساوي" ,وربما عملية توارد الخواطر والأفكار بيني وبينه جعلته يصرح إن مجموع ما أنفقه العراق على قطاع الكهرباء منذ عام 2003 ولحد ألان هو "107 " مليار دولار  أمريكي  , حيث وضح السيد الوزير  أن 80 مليار دولار هو ما أنفقه العراقيون بالإضافةِ إلى 27 مليار دولار أنفقتها الحكوماتُ المتعاقبة .

ولكي لا تسألني ابنتي كم يساوي المليار فان المليار هو "ألف مليون " أي تسعة أصفار إلى اليمين , وعمليا فان الطاقة التي وفرها هذا المبلغ الضخم للعراقيين خلال السنوات الثمانية الماضية هي تسعة أصفار أيضا ولكن إلى اليسار. وربما هذا ما دفع وزارة الكهرباء إلى طرح مناقصة لغرض تقديم نشرة خاصة بالكهرباء على إحدى الفضائيات العراقية توضح فيها كيف تقرأ الاصفار من اليسار  .

 وبمناسبة الاصفار فان ستة عشر دولة " بطرانه"  تمكنت بعد " جهد جهيد" من  إنفاق 100" مليون دولار فقط"  , لغرض بناء محطة الفضاء الدولية والتي اقترب 60 بالمائة منها من الاكتمال و ستكون محطة الفضاء الدولية مشتركة وتستعمل كمركز للأبحاث الفضائية في المستقبل , ولا اعلم لماذ لم تقم وزارة الكهرباء عندنا بعمل مشروع مماثل دون الحاجة إلى أي وزارة أو دولة أخرى مع فائض يقدر بسبعة مليارات دولار, لغرض توفير ملاذ يقي المواطن العراقي من حر الصيف عبر رحلات مكوكية تنقل العراقيين إلى المحطة الفضائية التابعة للوزارة .

كما كان بإمكان العراقيين أن يشيدوا في المبلغ المذكور 15 نسخة من برج دبي في مدينة" بغداد " وحدها وعشرة في مدينة" الموصل" وخمسة أبراج في كل من " النجف وكربلاء والناصرية والحلة والرمادي وديالى وتكريت والكوت" وستة أبراج في مدينة "البصرة" , أي ما مجموعة" واحد وسبعون" برجا بتكلفه" مليار ونصف المليار" دولار للبرج الواحد " بسعر المفرد"  .

حاجة العراق ألان من الكهرباء تقدر بحوالي" 14000" ميكا واط بينما جل ما يتم إنتاجه من الكهرباء هو ما يقارب أل" 6000 "ميكا واط . في حين كان ما ينتجه العراق بعد نيسان عام"  2003" هو" 2500" ميكا واط أي أن جل ما تم زيادته في الإنتاج خلال السنوات الماضية هو" 3500" ميكا واط , أي بحسابات الوقت فان العراق أضاف" 500"ميكا واط كل سنة وبهذا فإننا سنكون بحاجه الى" 18" سنة أخرى لكي نصل بالإنتاج إلى الكمية المطلوبة وهي" 14000" ميكا واط ,لو استمرت عملية التوسع في الإنتاج بسرعتها "الصاروخية " الحالية .

ولو عدنا إلى لغة الأرقام مرة أخرى فان" 3500" ميكا واط التي تم أضافتها إلى الشبكة العراقية كلفت العراق" 107" مليار دولار بما يعني أن كل" 1000" ميكا واط تم صرف" 30" مليار دولار لإضافتها إلى الشبكة , وهنا أصبح لزاما علي أن أبشركم إننا خلال السنوات الثمانية عشرة القادمة سنكون بحاجه الى" 270 "مليار دولا فقط لا غير , لكي نوفر الحاجة الفعلية من لاستهلاك الفرد العراقي من الطاقة وما تعنيه أل" 270" مليار دولار عمليا وعلى ارض الواقع ربما سيكون شيء مخيف جدا ومحبط أيضا ليس للمواطن فقط بل للحكومة الحالية والحكومات القادمة أيضا , 

وأبشركم إخواني أيضا أن ما قلناه سابقا يعني أننا سنبقى تحت رحمة "أبو المولدة" لسنوات طويلة قادمة لهذا ادعوكم إلى تحسين علاقاتكم وتطويرها مع أصحاب المولدات , لان المستقبل هو زاهر, خاصة لمن أراد أن يستثمر في هذا القطاع الواعد الذي سوف يشهد سنوات أخرى من النجاح ,ولا اخفي عليكم إعجابي بأحد الايميلات الإعلانية التي وصلتني قبل فترة لسيارة يعتزم إنتاجها عدد من المستثمرين ولكنها ليست سيارة عادية بل هي سيارة ومولد كهرباء في نفس الوقت حيث يمكنك استخدامها كسيارة عادية خلال النهار ثم تعود إلى المنزل لتتركها في الكراج وتوصل إليها قابلو الكهرباء وتشغل محركها كمولد كهربائي ,أعجبتني الفكرة كثيرا لأنها ربما ستكون فكرة تقود مستثمرين آخرين للتفكير ببدائل للكهرباء الباهظة التي تزودنا بها " وزارة الكهرباء " , وبما أن الحاجة أم الاختراع فلا تستغرب أبدا لو رأيت في الأسواق خلال السنوات القادمة بدائل أخرى أكثر جرأة  من" السيارة المولدة"