لمحة تاريخية مقتضبة

 

 

              

       

                                         

                                          يوسف زرا

ان نزعة البقاء في كل زمان ومكان عبر التاريخ تعتبر المكون والمحفز الرئيسي في جعل أي كائن حي لا اراديا يخوض مسيرة الحياة بكبواتها وصحواتها وبدون انقطاع او توقف كحركة ديناميكية ازلية .

وما الانسان الا سيد هذه الكائنات وتميزه حسا ووعيا وادراكا لبيئته ، أي الوسط الجغرافي والمناخي الذي يعيش فيه . متجديا تقلبات الزمن ومخلفاته دون ان تشل غريمته وتتوقف المسيرة .

واذا اخذنا نموذجا خاصا لتجمع بشري ذات جذور تاريخية شق طريقه منذ اللحظة الاولى للأستقرار النسبي اجتماعا في مسطحات ارضية ووديان هذه البقعة المميزة بمكوناتها الطوبغرافية تمثل ( سهل فسيح جنوبا وسلسلة جبلية شمالا دون ان تكون هناك نبع او جدول او نهير ماء يرغمه او يغريه في بدء حياة ما فيها ، يصارع الطبيعة ومتغيرات مناخها القاسي دون كلل او ملل جيل بعد جيل ، يقارع طبيعة الارض الجبلية ووديانها ، بدءا ليختار له ملجأ فيها يؤى اليه ليقيه من برد الشتاء القارس ، وحر الصيف اللاهب والذي يكوي الجلد ويحرقه . وثم تستمر الحياة وفق نسق سلبا او ايجابا .

هكذا بدأ الانسان في قريته البدائية الصغيرة القوش قبل قرون وقرون ، وكلما يمر جيل ، فلا بد ان تزداد الثقة بالذي يليه في متابعة مسيرة الحياة ومصارعة الطبيعة . نازعا اليات العيش وديمومتها من صعداتها الجبلية جني الثمار الطرية والجافة من الشجيرات التي كانت تكثر فيها . وجعل حطبها للوقود وجذوعها لسقوف مساكنه القديمة .

تحدى انسان هذه القرية منذ مطلع القرن السابع قبل الميلاد ، ليكون في طليعة التجمعات البشرية القريبة منه والبعيدة عنه . لا بل عبر المسيرة الطويلة ولقرون عديدة ، اصبح عونا وظهيرا لكثير منها ، دون ان يعير اهمية لمصائبه ومحنه ، والتي تحداها وما انفكت تلاحقه الاعتداءات التي التي تعاقبت عليه منذ اواخر القرن العاشر ، وحتى اوائل القرن الحادي والعشرين الميلادي ، وشملت اعتداءات وغزوات لا تحصى من بعض الاقوام الغريبة الغالبية قرى المنطقة ، وليس ذكرها بشكل عابر لغرض تهيج الروح العاطفية ضد اولئك المعتدين الذين ان قدر لهم العودة للحياة ثانية لندموا على افعالهم واعتذروا لكل من اعتدوا عليهم في هذه المنطقة وها هي القوش البلدة العامرة وما حولها من القرى الكبيرة والصغيرة بجميع مكوناتها الاجتماعية والعقائدية تهنا نوعا ما بالاستقرار والامن الجماعي نسبيا وانعرف اهلها الى بناء حياة جديدة وعلاقات متميزة مع بعضها وبدون استثناء فشتان بين الماضي المظلم والحاضر المزدهر . . . . حقا انها لمحة تاريخية مقتضبة