اضواء على صحافتنا السريانية

 

                     

  

                                  

 

 

 

                                                                             

                                

                                                                           روند بولص

    

 

     نحتفي هذه الايام  بيوم الصحافة السريانية تمجيدا للذكرى الـ( 163) لصدور صحيفة ( زهريرا دبهرا ) "اشعة النور"، وهي أول صحيفة سريانية صدرت في اورميا بايران بتاريخ    1 /11 /1849، على يد نخبة من المثقفين والمخلصين الغيارى لامتهم من ابناء شعبنا، من الكتاب والادباء والمفكرين، وبالتعاون مع الارسالية الامريكية.

         هذه الصحيفة التي استمرت بالصدور لمدة 69 عاما، تخللتها فترات توقف محدودة في عامي 1893 و 1915 لظروف قاهرة،  ولكنها عاودت الصدور، الا انها في 1918 توقفت تماما بسبب اندلاع الحرب العالمية الاولى واثارها وانعكاساتها السلبية على المنطقة. وهي صحيفة رائدة في المنطقة كونها سبقت شقيقتيها ( الزوراء ) الصحيفة العراقية الاولى الصادرة في بغداد عام 1869 ، والجريدة الكوردية الاولى ( كوردستان ) الصادرة في القاهرة عام 1898. وبهذه المناسبة الجليلة نستذكر وفاء رئيس تحريرها  د. بنيامين لاباري و مساعده ميرزا شموئيل، وهي صحيفة معتبرة ومتنوعة  المواضيع، اضافة الى بعض الاخبار الهامة. و دورها فعال في التثقيف العام والتنوير الفكري واذكاء روح الانتماء والوفاء للوطن و الامة. 

      وقوفاً على دور الصحافة السريانية اليوم و واقعها  نقول: ان من الملفت للنظر، هنالك حراك في الوسط الاعلامي والصحافي السرياني، متمثلا بصدور العشرات من الدوريات والصحف والمجلات وخاصة في اقليم كوردستان و سهل نينوى، وهذا الحراك بالرغم من كل نواقصه و سلبياته، يعتبر مؤشراً ايجابياً في واقع صحافتنا اليوم، ولكن التجربة لم تنضج بعد و لم تكتمل ملامحها بعد لتصبح  تجربة متميزة ذات خصوصية. لانجاز ذلك لابد من بذل الكثير من الجهود المخلصة والعمل المضني و وجود رؤية رصينة  و خطة استراتيجية مستقبلية طويلة الامد ، تساهم فيها مؤسساتنا المهنية والاكاديمية والدينية من اجل انضاج هذا الحراك في الوسط الصحافي، ورفع شأن الصحافة السريانية وادائها بما يليق بتاريخها العريق و تضحيات روادها. من اهم هذه المعالجات، توسيع المساحة السريانية في دورياتنا و صحفنا واصداراتنا ، وتوسيع قاعدة قرائها ومطالعيها، من خلال اطلاق حملة شاملة ومكثفة لتعليم اللغة السريانية واصولها بين ابناء شعبنا،  هذه اللغة التي تعرضت عبر الاجيال من قبل السلطات المتعاقبة الى التهميش المتعمد والاهمال المقصود، والتوعية بضرورة تعلم هذه اللغة الثرية العريقة من قبل كافة ابناء شعبنا وفي مختلف الاعمار كون لغتنا هي هويتنا الثقافية والحضارية، والعمل على اصدار صحف يومية وخبرية ، والعمل على تأسيس صحافة اهلية مستقلة.

    وان يكون لصحافتنا وجه اخر ذو طابع جماهيري، يهتم بالحياة والمعاناة اليومية لابناء شعبنا، اي ان تكون صحافتنا المرآة العاكسة لواقع شعبنا بكل تفاصيله وبلا رتوش، صحافة تتبني القضايا و التطلعات المشروعة لشعبنا في العراق الجديد، وان يتسموا العاملين في هذا الحقل الحيوي، بالمهنية والجرأة و الشجاعة في عكس الواقع القائم، وقول الحقيقة والاصرار على الكلمة الصادقة بعيدا عن التزلف والتملق للاخرين مهما كان الثمن، لتمارس الصحافة  رسالتها السامية في تسليط الاضواء على نواقص المجتمع وتشخيص الاحتياجات و الحقوق المشروعة للمواطن ، لتصبح بحق سلطة رابعة في المجتمع، ولتستحق بجدارة (لقب صاحبة الجلالة) . في الختام لابد من كلمة وفاء و اجلال لرواد صحافتنا السريانية وتضحياتهم من امثال: ( نعوم فائق، بنيامين ارسانيس، فريد نزها ، فريدون اثورايا ، اشور يوسف خربوت ، يوسف مالك، المطران توما .. )، مجددين لهم ولابناء شعبنا عهد الوفاء بان نجعل من صحافتنا السريانية انموذجا صادقا في خدمة شعبنا، و بث روح الانتماء للارض والوفاء للوطن والانسان من خلال صفحاتها.