مذكرات من نبض اليوم

 

 

 

 

                                                       

 

                                            

                                              

                                            

                                                   جميل الجميل

   اليوم يختلف او ربما لا يختلف الا قليلا عن باقي الايام بالتشاؤم والياس والاحباط والبؤس , حينما صحوت صباحا للذهاب الى اختبار التعين في مادة التربية المسيحية في الموصل في مدرسة قرطبة ومن ثم كالعادة الشرقية تجرى القرعة والفائز يكون عادة الذي من اقرباء ( حمار التعليم العالي) او ربما (حمير التربية).

     خرجت من البيت الساعة السابعة الاربع والبرد كان يكسر اضلعي وتعب البناء كان ينحر روحي البريئة المتسمة بالبراءة المسيحية، كالعادة حملت معي حبيبتي الجريدة التي اطالعها بشغف وتمشيت قليلا حتى وصلت الى فرن الصمون واخذت صمونة  حارة حيث هي تأكلك لا انت وانتظرت السائق حتى وصل الى نهاية الفرع كما تواعدنا مسبقا صعدت الى السيارة كالعادة (بريخ سفرو)ولم يجيبني احدا من الجالسين في السيارة فقط السائق لا ادري لماذا هل لانهم اصبحوا عرب ام اكراد ام اجانب!

   وصلنا الى بيت صديقي نور عولو وصعد وغدونا نتحدث عن الاختبار وهل سيكون نصيبنا التعين والتخلص من الاعمال الشاقة التي قتلت كل ابداعنا فقلت له الله يعرف شغله يا نور فقط قل يا الله، وانا اثناء الطريق الى الموصل بالرغم من اني جلبت الجرائد معي الا انني لم اقرئها لكنني قرأت الانجيل وتأملت المسيح بين يدي وحينما تعمقت في الانجيل ظهر لي انه حياة الروح ورح الحياة.

    كالعادة الشرقية الشرقيون لا يتعلمون النظام ابدا وحتى لو تعلموه لكنهم سيفسدونه دائما اينما ذهبوا اكتظاظ الشوارع بالسيارات والسيطرات العسكرية تجد بان بين سيطرة واخرى هناك سيطرة ويستمر الضوضاء حتى الموت يبقى الضوضاء هو السائد.

    بعد ان نزلنا قرب مستشفى اللسلام في الموصل تخطينا حتى وصلنا مدرسة قرطبة حيث كانت اصابع ايدينا تتهشم من قسوة البرد والاهل يصلون كي نتعين او نحصل على كرسي او راتب في الدولة العراقية كي نبقى عراقيين وصلنا المدرسة حيث القاعة رأيت القاعة مكتظة بالناس، كل هؤلاء سيختبرون انفسهم كان العدد ما يقارب 200خريج وخريجة تطايرت آمالي في النجاح وبالرغم من كل هذا استنشقت سيكاره كي اطمئن على ثقتي بنفسي ومعلوماتي .

   جاء المشرفون ودخلوا القاعة رويدا رويدا وقالوا بصوت متعالي الخريجون من الكليات كذا وكذا وكذا ليسوا مشمولين بالاختبار والمعاهد ايضا كما وان الخريجون لستة 2011/2012 ايضا ليسوا مشمولين بأداء الاختبار فخرجنا انا ونور للذهاب الى البيت كوننا قد تخرجنا مؤخرا فرأيت احد السواق وقلت له ان يوصلنا الى سيطرة دوميز فقلت له كم تأخذ قال 7000دينار قلت له حسنا وامضينا نسرع الى البيت بسبب سوء الامن في الموصل فحدثنا عن حالته الشخصية وهو ايضا خريج اللغة العربية وسجن سنتين وعذب ثم قال لي انا ساترك العراق كم حاولت اقناعه ان لا يترك بلده فلم  يقبل ونحن نمشي اوقفنا احد الجنود وقال لي انزل انت واعطني هويتك اعطيته اتهمني بعدها بالارهاب وانا لم اعرف في حياتي ان شتم حتى عصفورا وبقينا نتكلم الى ان جاء نور وقال هذا شاعر وخريج وله العديد من شهادات واعمال ادبية وهو معروف كما وانه مسيحي وبعدها استطعنا التخلص من قذارة الجيش العراقي الفاسد الغير المثقف .

     وبعدها صاحب السيارة خاننا وانزلنا في منطقة غير المنطقة التي اتفقنا عليها واصبحنا نمشي كأننا في صحراء ولم يقف لنا الا شاب يعكس صورة الحيوية والثقافة واوصلنا الى منطقة قريبة من بغديدى ولم يقبل ان يأخذ اجر النقل، وبعدها اصبحت امامنا 7 كيلومترات حتى نصل الى بغديدى الحبيبة المفعمة بالأمل والحياة وبعض الخونة حتى رانا صاحب التكسي الذي تعرفنا عليه مؤخرا الذي يسكن تل الرمان فقال لنا ان صديقه قد نسى هويته وسنوية سيارته في سيطرة بغديدى فرجى منا المساعدة وساعدناه وتعرفنا عليه ولكن صاحب الهوية كان قد اضاعها وبقينا انا ونور في السيطرة ننتظر سيارة تقلنا الى بغديدى فوجدنا احد المارة وقد اوصلنا واخيرا وصلنا بغديدى مرهقين وتركنا عملنا البناء والحلان ومن ثم خسرنا كل هذا الوقت ولم نستفيد شيئا فقلت لصديقي سأكتب هذه القصة كي تبقى ونضحك عندما نتذكرها.

   هذا حال الانسان العراقي الذي يعيش بين ناس همجيون وبين ساسة فاسدون لا بل ساسة الكلاب افقه منهم في امور السياسة بين شعب عانى وسيعاني حتى موت الساعة وقلت لصديقي الحيوانات تعيش احسن من عيشة المواطن العراقي فطعامها متوفر دون ان تعمل في البناء او دون ان تتعين في الدولة وزواجها مجانا لا يحتاج لمال او حفلة ما ولكن الكلاب ايضا اصبحت ضحية الارهاب.

   ويبقى الساسة والسادة فقط هم المستفيدون من العراق في بناء قصورا لهم في السماء وفي الغرب وفي الفضاء فليموت العراق ويعيش السادة.