نحن شعب لا يتقن لعبة البقاء

 

 

                                       

                      وسام يوسف

                كتب "كاليوني"  ,أن مشكلة أولادي أنهم "يتكلمون حين يجب أن ينصتوا , وينصتون حين يجب أن يتكلموا " مشكله " عويصة " يخسر من لا يعلم قواعدها جزءاً كبيرا من مبررات بقائه على قيد الوجود , أو البقاء في الساحة سواء أكانت هذه الساحة لبيع الخضار"علوّة", أم  ساحة السياسة والمزايدات التي تتم فيها صفقات ومزايدات بيع القضايا والمواقف و تستعمل معظم الأحيان هذه الساحات لإلقاء الخطابات المعلبة الحاوية على مواد حافظة ,فتأتينا المواقف والخطابات من "البيوت البلاستيكية" دائما في غير موعدها . نحن شعب مأساتنا فينا ومنّا , أسماؤنا كثيرة وخطاباتنا أكثر , أحزابنا كثيرة وشعاراتنا أكثر ,تاريخنا قديم ومشاكلنا أقدم ,قادتنا كثيرون وفوضانا أكثر ,ما يجمعنا الكثير ولكن ما يشتتنا أكثر .

 نحن شعب نعيش على نفس الأرض , ونؤمن بنفس الدين , ونتكلم بنفس اللغة ,ولدينا عين العادات والتقاليد ,ولكننا شعوب كثيرة بعدد شعرات رؤوسنا , نحن متشابهون بأحلامنا وهمومنا وأحزاننا وأفراحنا , نقتات على نفس الطعام , ونتناسل بنفس ألطريقه ,ونتبادل نفس النكات , ومع هذا فنحن لسنا شعب واحد ,  نحن شعب فريد ووحيد في نظرياته وأهوائه لا ينطبق علينا ما اكتشفه غيرنا من نظريات ولا يهمنا ما يقوله علماء الاجتماع والآثار ,أنا وأخي ومختلفان وهذا هو الأهم ,أما المهم فهو نحن شعبان وثلاثة وأربعة وخمسة وستة .... لأنه حسب النظرية التي اخترعناها واكتشفناها بأنفسنا دون أن يساعدنا احد أو يشاركنا بها احد   "كلما ازدادت "شعوب شعبنا" نحن على الطريق الصحيح لهدم دارنا " , هذه النظرية أصبحت سمة حياتنا وعلامة جنسنا , لأن العالم اجمع يتجه إلى الاندماج فقط نحن من ينشطر.

نحن شعب ندرك قيمة الديمقراطية كما لا يدركها احد غيرنا حتى الذي اخترعها , والدليل أننا ننشئ مؤسسات متشابه بأسماء مختلفة ,فالأسماء عندنا لا تعني شيئا وهذه هي العبقرية بحد ذاتها , شعراؤنا الثلاثة يجمعهم أربعة اتحادات , ومثقفينا الثلاثة تجمعهم ثلاث جمعيات "ثقافية طبعا" ,وسياسينا الثلاثة يعملون في سبعة أحزاب ,وكذا فنانينا وحلاقينا وفلاحينا وحمالينا وأطبائنا ومرضانا ومهندسينا ومعلمينا ومدرسينا وممثلينا وكتابنا وعاطلينا ومعوقينا ونازحينا , وجميع مؤسساتنا تشترك بنفس دورة الحياة فهي تتكاثر عن طريق الانقسام مثل " البرامسيوم , واليوغلينا " .

نحن شعب من الصعب  أن يثنينا احد عن الهجرة ,واتجاهاتنا لا تحتويها الجهات الأربع ,  وميولنا بعدد نفوسنا , ونحن أكثر شعب ينجب قادة , فكل منا يقود نفسه فقط ,ولو كانت النفس الواحدة والشخص الواحد  قابل للانقسام لقمنا بذلك أيضا لنمارس ولعنا في القيادة , لهذا فكرنا أن نستورد أناس من أماكن أخرى لكي نمارس عليها ألقياده , وقسم أخر فضل الهجرة لعله يجد هناك خلف البحار من يمارس عليه القيادة, القيادة في دمنا ورثناها عن أجدادنا فأجدادنا قادوا العالم من قبل , وهذه كانت اللعنة التي ورثناها عنهم ,لهذا من الصعب أن يقود احدنا الأخر,هكذا خلقنا شعب من القادة, من  المستحيل أن نقتنع بفكرة واحده , ومن المستحيل أن نتفق على رأي واحد حتى لو كانت القضية مصيرية , وتهدد وجودنا وبقائنا على ارض أجدادنا ,فليس المهم عندنا الأرض المهم أن نمارس القيادة مثل أجدادنا !.  

نحن شعب نحب الأسماء , ولدينا الكثير منها ,استعملنا ثلاثة منها  فأصبح لدينا أطول اسم في التاريخ ودخلنا موسوعة غينس , ولكي  لا يحاول شعب أخر مجاراتنا بطول الاسم فلدينا أسماء أخرى احتياط " سبير", أن حاول احدهم مجاراتنا فإننا سوف  نستعملها , أسماؤنا جميعها مقدسة وخطوط حمراء , لهذا  من المستحيل أن نتهاون أو نتنازل  أو نتكاسل أو نتخاذل في الدفاع عن احدها مهما بلغت التضحيات , والى أن يفسر لنا المختصون " ألبيضه من الدجاجة أم الدجاجة من ألبيضه" سنبقى  ننتظر ونحافظ على جميع أسمائنا المقدسة وذلك بعزلها عن بعضها ووضع الفواصل والواوات بينها حتى لو أتينا بالواوات من جزر ألواق واق , خاصة وان لديهم فائض في الواوات .