شعبنا  يتعرض  للإبادة  منذ  عصور

 

 

 

                                                     

                                   

                                           

                                                  عابد عزيز ملاخا

  أليس من حقنا أن نعتبر ما تعرض له شعبنا(السورايا) الكلدوآشوري السرياني في العراق وأرض الجوار، إبادة جماعية؟؟  وإلا ماذا نسمي القتل العشوائي المتمثل بتفجير الكنائس، وجرائم القتل  على الهوية، والنهب والسلب والإبتزاز والإغتصاب والخطف، والتهديد بدفع الجزية أو إعتناق الإسلام، والتهجير القسري والتكفير وإباحة الدم، وقطع الأرزاق، وإستمرار التغيير الديمغرافي ومصادرة الأراضي والعقارات والإستحواذ عليها بدون أي وجه حق؟ ماذا أكثر ؟! أننتظر ضربه بالكيمياوي أم جمعه في ساحات الإعدام ليتم جز الرؤوس وبقر بطون الحوامل؟ أو سوقه كالقطيع في البراري بعد إعدام الرجال، ورمي الأطفال في الأنهر أو من على مرتفع جبل، كما حصل في طورعابدين وهكاري أبان الإبادة الجماعية للأرمن ولشعبنا الكلدوآشوري السرياني أثناء الحرب العالمية الأولى،حيث قُتل وفُقد منه زهاء نصف مليون نفس أبان الحكم العثماني التركي؟...أو ننتظر ماذا؟ سميل أخرى؟ليتجدد عليناعام 1933 المشؤوم، حيث وقع القتل الجماعي بعد جمع المغدور بهم من شُهدائنا في مكان محدد وإعطائهم الأمان كذباً ونفاقاً.

    قبل 79 سنة من الآن ، وقعت مذبحة سميل ، بأوامر من بغداد،  زمن رئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني، وبتنفيذ من قبل بكر صدقي قائد الجيش العراقي آنذاك وجيشه  مع بعض العشائر من السلابين والنهابين، حيث تجاوز عدد الشهداء 3000 نفس، علاوة على الإعتداء على النساء وبقر بطون الحوامل منهم، واغتصاب أخريات، لابل الإعتداء الجنسي على بعض الأطفال من تلاميذ المدرسة من قبل بعض مُعلميهم وقتل بعضاً منهم كما يذكر يوسف مالك التلكيفي في كتابه "الخيانة البريطانية للآشوريين"

   إن الهجوم على سميل وبعض القرى المسيحية الأخرى واستباحة حرماتها أمام الجيش وبعض أبناء العشائر الموالية للدولة ، أدى إلى تشريد آلاف الأشخاص، هائمين على وجوههم، فمنهم من نجا من المذبحة في الوديان والجبال أوبحماية بعض القرى الكردية لهم، وآخرين لجأوا إلى قرى مسيحية ومنها القوش التي ضربت مثلاً يُقتدى به في الشجاعة، ولكنها كادت أن تُضرب أيضاً بأهلها رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً لولا تدخل الخيرين من اهلها والبطريرك عمانوئيل الثاني تومكا، كما تم تشريد بعضاً منهم إلى الأراضي السورية، على مرأى من الطائرات البريطانية التي كانت تجوب المنطقة أثناء وقوع المذبحة. وبجريمة سميل يستطيع شعبنا أن يدين سلطة الدولة العراقية بجريمة الإبادة الجماعية لكون تلك العملية كانت تبغي إهلاكاً جماعياً لقومية عرقية على أرض آبائها الآشوريين...لاحظوا الظلم.

 و إذ نتطرق إلى أحداث من التاريخ الماضي والموقف المتفرج للإنكليز ، لابل الضالع (سرياً) في تلك الأحداث،هو من أجل المقارنة  مع موقف المتفرج الذي وقفته القوات الأمريكية من الأحداث التي كانت تحصل للمسيحيين على مرأى منهم دون أن يُحركوا ساكنا بعد دخولهم العراق عام 2003.

وامام هذه التجاوزات على القانون الدولي المبادئ الإنسانية المستمرة  أليس من الإنصاف، أن يتحرك المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، لإدانة مثل هذه الجرائم واعتبار مايحصل بحقنا إبادة جماعية؟!!.. ألا يتطلب الأمر تشكيل محكمة جنائية دولية للنظر بهذه الجرائم التي أُرتكبت وتُرتكب بحق المسيحيين في العراق أو سوريا؟ وإلا ماذا؟ هل أن دماء مسيحيي الشرق أصحاب الأرض الأصليين هي رخيصة، ويُعتبر اليوم  قلع جذور المسيحية من موطنها الأصلي، ومحو وجود اهلها عبارة عن أضرار  جانبية ليس إلا، كما يصرح  بعض المسؤولين السياسيينمن دول عُظمى؟!وما  فعلته تركيا في قبرص، وتدخلها اليوم في شؤون دول الجوار، ودعمها المباشر وغير المباشر للإسلاميين (حتى المتشددين منهم) وتسهيل أمور تحركاتهم، فليس من رادع لها، بل هي المدللة لعضويتها في حلف شمالي الأطلسي.

  إن الإبادة الجماعية للشعب الأرمني(وشعبنا) في تركيا أيدته برلمانات كثيرة، وكان آخرها مصر بعد سقوط الأخوان، ومن المعروف أن الإتفاقيات الدولية لاتعير إهتماماً لمبدأ التقادم بالنسبة للجرائم ضد الإنسانية، سواء أُرتكبت في الحرب أو في السلم. وهنا نتساءل: ألا يُعتبر عدم معاقبة تركيا إخلالاً بالقانون الدولي إذن؟ حتى  لو حصلت الإبادة ضد مواطنيها على أراضيها في تلك الحقبة.

  لقد إستطاع اليهود إدانة الدولة الألمانية بكسبهم إجماعاً دولياً، وإجبارها على حماية من تبقى منهم، واعتبارهم مواطنين من الدرجة الأولى، وإرغام السلطات الألمانية على تعويضهم بمئات المليارات من الدولارات ولازالت المانيا لحد الآن تدفع رواتب شهرية لآلاف اليهود من أبناء واحفاد ضحاياهم في مختلف انحاء العالم. وهكذا حصل اليهود على حقوقهم جراء ما أصابهم من اهوال في زمن المانيا النازية.

  وهناك الكثير من الشعوب  تعرضت إلى جرائم الإبادة الجماعية، واستعادت حقوقها وتم تعويضها مثل زنوج أميركا، وشعب جنوب أفريقيا وغيرها من الشعوب الأخرى.

قبل أكثر من 1300سنة، كان تعداد نفوس شعبنا في العراق يُشكل 90% من السكان، وكانت الأديرة والكنائس ترتفع قببها وأبراج نواقيسها في طول العراق وعرضه، في جنوبه وشماله ووسطه، واليوم لانجد منها سوى بلدات مبعثرة في سهل نينوى، وفي إقليم كوردستان، في حين إندرست مدناً وقرى بكاملها من منطقة الوسط والجنوب!! ولاوجود للمسيحيين الان إلا في المدن الكبيرة منها باعداد خجولة...أليس من حقنا ان نتساءل: ماذا حلَّ بأهلها؟.. أين اختفت كل تلك الأعداد؟ مانوع الظلم الذي مورس عليم لكي يندرسوا هم  بدينهم ولغتهم.؟! ماذا حل بأهل العراق الأصليين من حفدة سومر وبابل وآشور؟ .. مع العلم إذا حُفر أي شبر في العراق ستلقى آثارهم، ليس للفترة قبل المسيحية بل في الفترة السريانية بعد المسيحية، فتلك حفريات النجف  وتكريت شاهدة على مانقول.

  نعم .. كم من المذابح وقعت على شعبنا في زمن  لاإعلام فيه كاليوم، بحيث تقلّص عدده إلى 3 أو 2% ؟..وهواليوم في تناقص رهيب..  لابل يُخشى من إختفاء العراقيون الأصليون من البلد برمته، فيما إذا إستمر التهميش، والتهجير والقتل، والتغيير الديمغرافي.... يا للعجب .. كل هذا يحصل .. وليس من حملة عالمية لحد الآن لوقف نزيف الهجرة وإيجاد الوسائل الكفيلة للحفاظ على ما تبقّى من هذا الشعب الأصيل.

 إن خيرات العراق وما يحتويه من موارد وآثار وكنوز،نفط و معادن، مياه وأراضٍ زراعية شاسعة ، سهول وجبال ومناخات مختلفة.. كل ذلك لشعبنا الحق فيه كما لغيره من العراقيين، .. فعليه نرفع صوتاً عالياً ونطالب المجتمع الدولي والعراقي..للإلتفات إلى هذا الشعب الذي صنع أجداده الحرف والعجلة، وأعطى للبشرية النور والحضارة، لخلق المناخات التي تُشجع عل بقائه على أرض آبائه. لابل ملاحقة المتسببين في الأضرار التي ألمت به ومعاقبتهم على الجرائم التي تُرتكب بحق شعبنا من قِبل الهيئات الدولية والعراقية. وتعويضه تعويضاً عادلاً.