(لا مناصب وزارية لإعضاء الأحزاب والمنظمات الكلدانية السريانية الآشورية)

 

                                                                                                                

 

                                                                                        

 

                                                                                    

                                                                                                                ابرم شبيرا  

       صديقي "الكلداني" عزيز جداً على فكري وقلبي لا لأننا نتفق على الكثير من القضايا خاصة القومية والسياسية منها ولا لأنه يقربني من ناحية جدتي بل لأنه الجليس المحبب لي دوما والذي يسع صدره لكل المناقشات والإنتقادات، وبالمقابل تعلمت منه الكثير حتى تمكنت من منافسته في إنفتاح صدري وعقلي له وقبول وبرحابة الصدر لكل ما يقوله ويؤمن به وينتقد كل ما أكتبه أو أفكر به. فلا يجامل ولا يخجل ولا يضع "الصداقة ألإجتماعية" بنظر الإعتبار عند دخولنا في مناقشات خاصة الحادة والجادة منها والمتعلقة بالقضايا السياسية والقومية، بل يعتمد كلياً على "الصداقة الفكرية" التي تكون هي الطاغية والرابطة بيننا في طرح كل ما يجول في قلبنا وفكرنا. وبالمقابل يستوجب مني أن أسلك نفس السلوك الفكري والحضاري حتى أحتفظ بصداقته لي وأجد عيوب في ما أكتبه وأفكر به ومن ثم أطوره.

حقاً أنه صديق بكل معنى الكلمة، لأنه صادق في مواقفه وأفكاره وبما يؤمن به وما يقوله. فإعتزازي بصديقي "الكلداني" بالأساس مستمد من إعتزازه بكلدانيته، فهو ولد كلدانياً وكذلك أبوه وجده وجد جده ... وسلسلة النسب أطول من هذا...  فكلهم كلدان عرفوا بهذا الأسم وعاشوا معه طيلة قرون طويلة وغيرهم عرفوهم بهذا الأسم وأنه من الإستحالة تركه وتغييره بقرار أو برأي أوبسياسة معينة فللحضارة عمر مديد لا تتغير بجرة قلم أو بقرار سياسي. هذا الأعتزاز والتمسك بكلدانية صديقي وضعته في معضلة، فهو من جانب لا يستطيع أن يتنازل أو ينكر كلدانيته لأنها أصله وتاريخه وحضارته، وهذا جانب من الحقيقة المطلقة التي يؤمن بها صديقي "الكلداني"  ولكن الجانب الآخر منها هي أن كل مقومات وجود كلدانيته موجودة في جاره الآشوري الساكن على يمينه وفي جاره السرياني الساكن على شماله، فهو يرى فيهما صورته ووجوده الماضي والحاضر، فما يملكه من لغة وتقاليد وعادات وتاريخ وحضارة يملكها أيضا صاحبه الآشوري والسرياني وهؤلاء أيضاً كل واحد منهما يعتز بأشوريته وسريانيته كما يعتز صاحبي "الكلداني" بكلدانيته ويجدون فيه صورتهم ووجودهم الماضي والحاضر. فكلا الجانبين يشكلون بالنسبة لهم وجها العملة، والعملة التي يكون أحدى وجوهها ممحياً أو غير موجود فلا تكون لها أية قيمة ولا تصرف في أي مكان من العالم، فقيمتها موجودة في وجود الوجهين معاً حتى تكون مقبولة من قبل الغير ومعترف بها في كل مكان ويقبل الناس على إقتناءها وإستعمالها للحصول على المكاسب والمنافع.

 يعجبني كثيراً في صديقي "الكلداني" سمة عمق تفكيره وسعته خاصة عندما يضرب أمثالاً وقصص في تعزيز فكره وإيمانه.. أتذكر من بين هذه الأمثال والقصص ما يتعلق بموضوع حل معضلته فيقول: أنا "الكلداني" وأصحابي الآشوري والسرياني نسكن في نفس الدار منذ زمن طويل وكل واحد له غرفة في هذه الدار التي لها حديقة جميلة وساحرة وفيها أشكال وألوان من الزهور والنباتات النادرة والثمينة والتي ورثناها عن أجدادنا، وللدار مدخل واحد فقط نستعمله جمعياً وسور يحيط بها يحمينا من المؤثرات الخارجية التي بعضها تسعى إلى إحتلال دارنا وطردنا منها والسكن فيها أو تدميرها كلياً وتحويلها إلى خراب. إذن أليس من المنطق والعقل السليم أن نتكاتف أنا الكلداني والسرياني والآشوري بعضنا بالبعض ونربط أيدينا ببعضها ونشكل سلسلة قوية لكي نحمي دارنا. فمن الجنون أن ينزل الكلداني وحده في الساحة لمحاربة المعتدي ويضل السرياني والآشوري نائماً في غرفته، لأنه من المؤكد أن الكلداني لا يستطيع مقاومة المعتدي وحده وإن خسر المعركة فالدور لا محال منه سيأتي على السرياني والآشوري ويقضي المعتدي عليهم واحداً تلو الآخر. والحال أيضاً ينطبق على السرياني والآشوري أيضا فلا يجوز أن يترك أي واحد منهم وحده في الساحة لمقاومة المعتدي لأن مصير السرياني مرتبط بالكلداني وهكذا بالنسبة لمصير الآشوري فالكل يربطهم مصير مشترك محال من تفريقه وفصله وإلا الهلاك يكون مصيرهم جميعاً دون إستثناء. إذن لا سبيل لمواجهة التحدي الخارجي إلا أن نكون مجتمعين متوحدين نحن الكلداني والسرياني والآشوري فهذا التوحد هو الذي يجعل المعتدي أن يفكر أكثر من مرتين قبل أن يعتدي على حقوقنا ويحاول أجهاضها ولكن عندما يواجه أو يحاول مواجهة الكلداني أو السرياني أو الآشوري وحده وكل على حده  فإن هذا الأمر سيظهر كعامل ضعف يدركه المعتدي ويشجعه أكثر لتحطيم السور وغزو الدار وتحويل الغرف الثلاثة إلى دمار وخراب وحينذاك لا ينجو منها لا الكلداني ولا السرياني ولا الآشوري... فإما أن نعيش معززين مكرمين أو نموت موت الشرفاء.

 ويعجبني أكثر في صديقي "الكلداني" عندما يواصل إستخدام الدار التي على بوابتها الرئيسية لافتة تشير إلى مالكها الوحيد (الكلداني السرياني الآشوري) كمثال في فهم واقع وحقيقة أمتنا عندما يشرح لي حديقة الدار والأزهار والورود والنباتات الثمينة الموجودة فيها فيقول من حقنا نحن أصحاب الدار أن نستمتع بالنظر إلى حديقتنا الجملية وبأزهارها المبهجة ونباتاتها الثمينة ولا يمكن لي إطلاقاً أن أمنع الآشوري أو السرياني من هذه المتعة ولا من قطع إنفاسه ومنعه من شم رائحة أزهار وورود الحقيقة طالما يسكن معي في نفس الدار، فالمنفعة التي تعطيعها لنا الحديقة تسري في أورقة دارنا وتدخل غرفنا وينتعش بها أفراد عائتنا وأطفالنا ونشرح لهم فائدتها وضرورة المحافظة عليها. من هذه المنفعة الجماعية تظهر المسؤولية الجماعية للكل في المحافظة على الحديقة وحراثتها وسقيها وحراستها من الآفات والأمراض المعدية التي قد تظهر من بيننا وننقلها إليها أو تأتي إلينا من خارج الدار... لهذا الحد أوقفت صديقي "الكلداني" من الإفاضة في أمثاله وقصصه وتحولت إلى شأني الخاصة في طرح هذا الموضوع.

 أخيراً أود التوضيح وأقول بأنني أعطيت لصديق صفة "الكلداني" ووضعت هذه الصفة بين هلالين لكي يفهمها القارئ اللبيب بأن لها معنى غير المعنى الذي يستخدمها البعض في تمزيق هذه الأمة العريقة التي ننتمي أنا وهو إليها ونعتز بهذا الإنتماء، هذا البعض الذي يحاول محاولة اليائسين قطع السلسلة الحضارية العريقة التي تربط أكد وسومر وبابل وآشور وأربائيلو ونصيبين وأورهي بألقوش وعنكاوه وتلكيف وتلسقف و بتغديدا وبرطلة و مانكيش و بيتبيده و ديره وكومانه و.... سلسلة طويلة أنجبتها حضارة أباؤنا وأجدادنا العظام، يحاولون قطعها بـ (واو) حقيرة حتى يفرقوا بيني وبين صديقي "الكداني" ويدمروا وحدة أساس وجودنا الذي نبني أفكارنا وطموحاتنا عليه. لهذا من الآن فصاعدا سأذكر الصفة الكلدانية لصديقي بدون هلالين. والحال ينطبق أيضا على الآشوري الذي يحاول بجرة قلم أو خطاب أو مقالة إمحاء الوجود الكلداني من الواقع، ولنا لهذا الجانب من المشكلة لقاء في مناسبة أخرى... فأرجو المعذرة من القارئ الكريم من الإفاضة في أعجابي ومحبتي بصديقي الكلداني ولكن أقول للحق والحقيقة أنه يستحق أكثر مما ذكرته بكثير.

 جاءني صديقي الكلداني وكعادته ليدخل معي في دردشة حول المواضيع التي أكتبها وهذه المرة كان الموضوع الذي كتبته بعنوان (لا مناصب وزارية لأعضاء الأحزاب والمظمات الكلدانية السريانية الآشورية) الذي نشر في الموقع الألكتروني لعنكاوه دوت كوم محور دردشتنا... فجاء إليً وهو مبالغاً في ضحكته وقهقهته التي كان يتسرب منها نوع من السخرية والفكاهة فقال لي: يا صديقي العزيز كم من المرات ذكرت لك المثل القائل " لمن تتلو مزاميرك يا داود"... فما الفائدة من تضيع وقتك في الكتابة وأنا أعرف بأن وقتك ضيق ومكرس ساعات طويلة منه لإقتناء خبزك وخبر عائلتك اليومي... أنظر ما الذي حدث بعد كتابتك للموضوع... فقد أستخدم المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري (المجلس) حقه في الإستحقاق السياسي فرشح نائب رئيس المجلس لتولي منصب وزير في وزارة إقليم كردستان وتم فعلاً تعينه بمنصب وزير للمواصلات والحال كان قد سبقه فيما يخص منصب الوزير في وزارة الحكومة المركزية في بغداد حيث كان قد عين في هذا المنصب عضو المكتب السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) مستخدمة أيضا حقها في الإستحقاق السياسي... فالأمر هو أكثر مما طرحته أنت في عدم تعيين أعضاء في الأحزاب والمنظمات الكلدانية السريانية الآشورية بل أنحصر هذا التعيين في أعضاء في قمة القيادة وأقتصر عليهم ولم يشمل أعضاء أقل منهم على المستوى التنظيمي؟؟؟.

 أحرجني قول صاحبي وجعلني أن أفكر ملياً قبل الإيجابة فقلت له: قبل كل شيء يجب أن نؤكد تأكيداً قاطعاً باننا عندما نتحدث عن مثل هذه الحالات فالمقصود ليس الشخص نفسه بل المنصب والمركز، فالشخص زائل ويتغير والمنصب باقي. والحال أيضا نفسه عندما نتكلم عن حزب أو تنظيم فليس القصد أسم الحزب بذاته أو التنظيم، فنحن نأخذه كمنظمة سياسية مجتمعية قائمة في المجتمع وناشطة بين أبناءه ولا يهم هذا الأسم أو ذاك. فنحن لا نشك إطلاقاً في إمكانية أبناء أمتنا سواء الذين تولوا مسؤوليات وزارية أو غيرهم في تولي مثل هذه المناصب وأيضا لنا ثقة بأحزابنا وتنظيماتنا السياسية والقومية في أن تكون بمستوى المسؤولية عندما تكون في المحك وعلى الساحة السياسية في الوطن... ولكن المشكلة هي يا صديقي في فهم هؤلاء موضوع الإستحقاق السياسي لهذا الحزب وذاك التنظيم وكيفية إستخدامه من جهة وطبيعة عملها وأهدافها من جهة أخرى. فقبل كل شيء أن مصدر هذا الإستحقاق هو أبناء أمتنا نفسهم والناجم عن طريق التصويت للمثلي أحزابنا وتنظيماتنا ومن ثم الفوز بعضوية برلمانية وأن هذا الإستحقاق أعطي من قبلهم إلى زوعا والمجلس وعليه يجب أن يكون هذان التنظيمان أوفياء لأبناء أمتنا بالرد الإيجابي لهذا الإستحقاق الممنوح لهم ورد المعروف لهم وعدم حصره في قمة قيادتهما، أي فتح الطريق لأي واحد متمكن ومخلص من أبناء أمتنا للوصول إلى منصب الوزارة أو المناصب الأدنى منه. هنا نأتي إلى موضوع كيفية فهم الإستحقاق السياسي، فهؤلاء يفهمون الإستحقاق السياسي بأن لهم الحق المطلق في إختيار المرشح لمثل هذا المنصب من بين قيادتها فحسب في حين نحن نقول بأننا لا نحرم هذه التنظيمات إطلاقاً من حقها في إستخدام إستحقاقها السياسي ولكن هذا الإستحقاق يجب أن ينحصر في حقها ترشيح أحد أبناء أمتنا المتمكنين والمخلصين لمثل هذه المناصب وليس من بين قيادتها فقط.. فهم يحصرون الإستحقاق السياسي في أضيق حدوده (أعضاء القيادة) في حين أنا أحاول أن أوسعه في أوسع حدوده (أبناء الأمة).

 ركن صديقي إلى السكون والتفكير العميق فأعقبه بسؤال ليقول: طالما بالنتيجة يرجع الحق في إستخدام الإستحقاق السياسي لهذه الأحزاب والتنظيمات سواء بترشيح أحد أعضاء قادتها أو أحد أبناء أمتنا من خارج تنظيماتهم فإن القرار يبقى في يدها في كلا الحالتين فما الضرر في ذلك؟ فقلت لصديقي: الضرر الكبير يأتي بالدرجة الأولى على هذه الأحزاب والتنظيمات ومن ثم على أبناء أمتنا. فالخشية الكبيرة والمتوقعة هي أن ممارسة السياسة بهذا الشكل وتحقيق بعض المنافع من وراءها قد يؤدي بمرور الزمن إلى تحول هذه الأحزاب والتنظيمات إلى مكاتب بيروقراطية يتحكم فيها نفر قليل أن لم يكن شخص واحد يلتف حوله المنتفعين منه. كان أرسطو في قديم الزمان قد قال بأن السلطة قد تفسد نفوس الحكام وفي عراق اليوم لنا تجارب كبيرة وفاضحة في إفساد السلطة لنفوس المتحكمين على مقدرات الوطن وحصدهم منافع بالمليارات الدولارات والتلاعب بمصير بسطاء الناس، إذن فما المانع من "ممثلي" أمتنا في الهيئات الحكومية من تقليدهم وتحقيق بعض من هذه المنافع كغيرهم من زملاءهم في السلطة؟؟؟ هذا التحول من أحزاب وتنظيمات جماهيرية إلى مكاتب بيروقراطية يجعل البعض أغنياء من حيث الجاه والسلطة والمال ولكن من جانب آخر يصبحون فقراء جداً من حيث الشعبية والجماهيرية، أي بهذا المعنى يفقدون مصداقيتهم عند أبناء الأمة وبالتالي يكون الخاسر الآخر هم أبناء الأمة نفسهم وذلك بخسران ممثليهم الذين أعطوهم ثقتهم وصوتهم ووصلوهم إلى مثل هذه المراكز لا بل أيضا يفقدون أحترامهم لدى غيرهم وأعطاء إنطباع بأن هذه الأمة لا تستطيع أن تنجب غير المنتفعين والمستغلين لمراكزهم الرسمية.

 

يظهر بأن هذا الموضوع أربك صديقي بعض الشيء لأنه يعرف جيداً كما أعرف أنا بأن مثل هذه المواضيع الإنتقادية لا يرضي أعضاء هذه الأحزاب والتنظيمات خاصة قيادتها وقد تسبب بعض الزعل ونحن غير مستعدين لزعلهم وفقدان صداقتهم لا سيما ونحن في صداقة طويلة وعميقة معهم، فأضاف وبنوع من التردد لكي يكمل موضوعي هذا فقال: أريد أن أضيف نقطة أخرى إلى النقاط التي ذكرتها بخصوص المنافع الشخصية الناجمة من الوصول إلى المراكز الرسمية العليا فقال: لنا وزير بمنصب وزير البيئة في الحكومة المركزية في بغداد وآخر بمنصب وزير المواصلات في حكومة إقليم كردستان فما هي الفائدة التي يجنيها أبناء أمتنا من هذه المناصب وتحديدا من هذه الوزارات... أفهل هناك بيئة خاصة أو مواصلات خاصة بأبناء أمتنا لكي يستطيعوا من خلالها خدمتهم ... أفهل يستطيع وزير البيئة الأعتناء ببيئة ونظافة وتلوث الجو في عنكاوه أو في ألقوش أو في ديره وكومانه؟؟؟ أفهل يستطيع وزير المواصلات تحسين المواصلات بين القرى والقصبات الكلدانية السريانية الآشورية وينتفع منها أبناء شعبنا؟؟؟ إنني أستغرب جداً من الأهتمام الكبير الذي يعطيه هؤلاء للمناصب الوزارية والبرلمانية التي لا ناقة فيها ولا جمل لأبناء أمتنا منها في حين يهملون أو يقللون الأهتمام بمناصب أخرى أكثر أهمية لأبناء أمتنا منها المجالس البلدية في قرى وقصبات أبناء شعبنا التي من خلالها يلتصقون بأبناء الأمة ويعملون معهم ولهم وبشكل مباشر؟؟؟ أمر غريب لا يقف وراء غرابته إلا الإكثار من المنافع الشخصية والمراكز السياسية للتباهي والتفاخر. فقلت لصديقي مصححاً رأيه: أن مثل هذه المناصب هي لخدمة جميع أبناء الشعب العراقي وليس حصرا لخدمة أبناء الأمة الكلدانية السريانية الآشورية... فرد وبنوع من العصبية فقال: إذن لماذا نتعب حالنا ونذهب إلى صناديق الإقتراع ونعطي لهم الإستحقاق السياسي لكي يصلوا إلى هذه المراكز؟؟؟  ولماذا يدعون بأنهم يمثلون الأمة الكلدانية السريانية الآشورية وهم لا يعملون من أجلها؟؟؟ ... أغلقت هذا الموضوع الحساس وخففت من عصبية صديقي فلجأت إلى السكوت والصمت فما كان منه إلى أن يثير موضوع آخر أكثر أثارة على ساحتنا القومية فقال: رغم إنني لا أتفق إطلاقاً مع بعض من أخوتي الكلدان في القول بأن الكلدان مهمشين سواء من الحكومة المركزية أو الإقليمية أو من الآشوريين الذين أزاحوهم من الساحة السياسية وأنفردوا بها ومن خلال أحزابهم الآشورية فهنا أقول لا دخان من دون نار فلابد من وجود ظواهر وممارسة تعطي لهؤلاء مثل هذا الفهم... فقلت لصديقي: أنا أيضا لا أتفق مع هؤلاء في مثل هذا الطرح ولكن من الضروري جداً أن نفهم وقائع وليس أقاويل فقط... فأولى هذه الوقائع هو أن الآشوريين كانوا منذ قرن وأكثر هم رواد الحركة القومية وقادوا هذه الحركة لسنوات عجاف وصعبة ومميتة وقدموا الشهداء من أجلها وبالتالي فإن التسمية الآشورية كانت قد طغت على هذه الحركة من دون أن يكون للتسمية الكلدانية أو السريانية دوراً في هذه الحركة. كما هناك واقع حالي مبين فإن الحركة الديموقراطية الآشورية هي الرائدة في تبني الأسم المركب لأمتنا (الكلدانية السريانية الآشورية) كمخرج سياسي واقعي للحال السائد في أمتنا كما أن للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري يكفي من تسميته أن يهتم بالتسمية الكلدانية ويضعها في مقدمة التسمية المركبة إضافة إلى ذلك هناك عدد كبير من أبناؤنا الكلدان في البرلمان أو كان فيه أو في الوزارات السابقة والمناصب الإدارية الأخرى فإذن أين التهميش للكلدان وأين هيمنة الأحزاب الآشورية خاصة وأن الكثير من الأحزاب والتنظيمات الكلدانية وبالأخص المنظوية تحت مظلة تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الاشورية تتبنى التسمية المركبة وتعمل للجميع دون إستثناء أحد... فما كان من صديقي إلا أن يقاطعني وبحدة ويقول: كفى يا صديقي "الآشوري" أرى بأنك وإن ألتصقدت بالحقيقة والواقع ولكن أرى أيضا بأنك أقتربت أكثر من المجاملة وتلطيف الأجواء لإقناع الكلدان بقولك... وأضافة قائلاً أنا أبن هذا اليوم والساعة وما أريد الإشارة إليه بخصوص هذا الموضوع رغم حساسيته وجوانبه المثيرة للهواجس والأفكار هو الموضوع الراكن على جمر من النار خاصة في هذه الأيام التي تزداد فيها حدة الخلافات بين مكونات أمتنا والذي يفرض التساؤل التالي: أليس المعينان بمنصب وزير البيئة في الحكومة المركزية وبمنصب وزير المواصلات في حكومة إقليم كردستان محسوبين على "الآشوريين" وتحديداً وبحصر المعنى من أتباع كنيسة المشرق الآشورية، ألم يراعي القائمون على ترشيح هاذين الشخصين لهذين المنصبين مشاعر الكلدان وهم يملكون طاقات هائلة وبنية إجتماعية وإقتصادية وديموغرافية قوية وكبيرة لكي على الأقل يهدؤون من النيران التي تأكل جوانب من حقولنا الخضراء. فهؤلاء سياسيون بارعون كان يستوجب أن يفهموا هذا الواقع ويخففوا من نزعته المهلكة أم الأمر له جوانب أخرى مختلفة؟؟؟. هذا الواقع الحالي لمثل هذين المثالين يزيد من مشاعر الكلدان في كونهم مهمشين ومبتلين بالمطامح السياسية للآشوريين.. أفهل لديك جواب يا كاتب "آشوري". حقاً أقول لقد وضعني صديقي في موقف محرج وربط اللسان من الكلام فما كان من إلا أن أتحجج وأقول: أنا مجرد إنسان عادي لا أسعى إلا خيراً لهذه الأمة وما عليك يا صاحبي إلا أن تسأل المسؤولين عن هذه المسائل أو أن تكتب إليهم فلعل يشفوك بجواب يفيدك في فهم الحقيقة التي نحن ربما لا ندركها... وأنا مستمر في حديثي أشكر الرب لإنقاذي من هذا الموقف المحرج عندما سمعنا طرقات قوية على الباب وإذ بصديقنا "السرياني" يدخل علينا غاضباً ثائراً قائلاً: ألم نكن على موعد للذهاب وتناول كأس أو كأسين من الخمر معاً في النادي فلما التأخير هذا؟ ثم عدت وشكرت ربي مرة أخرى لأن حديثنا القومي والسياسي سبق تناول كأس الخمر مخالفين بهذا عادتنا السيئة في إثارة المواضيع المهمة والحساسة بعد إحتساء كأس أو كاسين من الخمر، فالكثير منَا لا يعيد أمجاد الإمبراطورية الآشورية ولا بناء بابل إلا عندما يكون الكأس جليساً عزيزاً علينا. فما كان مني ومن صديق العزيز الكلداني إلا أن نتكاتف مع صديقنا الحبيب "السرياني" ونسرع إلى الكأس الذي سيروي عطشنا ويريح حسرتنا وحزننا على المصائب التي أبتلت بها أمتنا وفي نفس القوت متواعداً مع صديقي "السرياني" على دردشة أخرى في مناسبة لاحقة لعل قد تساعدني على رفع الهلالين من صفته السريانية... والله يكون في عوننا جميعاً.