أزمة النظام السياسي..............ومستقبل الديمقراطية في العراق؟

 

                     

  

 

 

 

                                                     

 

                                                        رمزي أوراها

    

      

   

        يعيش النظام السياسي في العراق أزمة شاملة في كافة الميادين(السياسية والاجتماعية والاقتصادية)،افرزت سلسلة من الصراعات السياسية بين الاطراف القوى الساسية والاهتزازات الاجتماعية أثار سلبية جسيمة على المجتمع العراقي،بالاضافة الى حالة الانسداد السياسي التي يتميز بها نظامه السياسي، فمن الصعب جدا التكهن بمستقبل العراق والامكانات الملموسة لاقامة البديل الديمقراطي المنسجم مع تطلعات اوسع الطبقات والفئات الاجتماعية العراقية.

    تتجلى أزمة النظام السياسي في العراق في ازدياد تمركز السلطة بيد مجموعة، واستمرار تنامي الصراعات السياسية بين اطرافها والتناقضات داخل الحكم عموما.

   لا نأتي بجديد حينما نقول او نؤكد ان الفساد المالي والاداري المستشري في البلد واستخدام المال(الرشوة) قد جر ويجر العراق الى نفق مظلم، بالاضافة الى الديماغوجيا وخاصة على صعيد الاعلام...فالمقصود بالديماغوجيا(مجموعة الأساليب التي يتبعها السياسيون لخداع الشعب وإغراءه ظاهرياً للوصول للسلطة وخدمة مصالحهم) 

    من هذا المنطلق تصبح الدولة كابحة للديمقراطية وحامية للاستبداد والامر لا يعدو كونه محاولة لانتزاع الشرعية السياسية عبر ديماغوجيا الشعار.

    ان غياب علاقة التفاعل بين النظام السياسي والمجتمع المدني بفعل انعدام المشاركة السياسية يفتقد النظام لشرعيته السياسية والقانونية وينعدم الاستقرار في البلد، وهكذا نقف امام اشكالية تعكس ازمة النظام السياسي المتجسد في الفراغ الشاسع بين سياسة الحكم من جهة والمجتمع من جهة اخرى، مما يعني تعطيل وظائف النظام السياسي وادوار مؤسساته ومما يجعل من الدولة كيانا غربيا عن المجتمع مفتقرا لأية فاعلية ايجابية لصالحه، خاصة عندما أصبح النظام السياسي القائم مستندا الى احتكار السلطة والثروة، وها نحن شهود عيان على حالة القطيعة بين النظام السياسي والمجتمع.

    في ضوء ما سبق ذكره كيف يمكننا الخروج من الأزمة السياسية الراهنة او ان صح التعبير المأزق السياسي؟

    في نظري- هناك عدة صيغ ضمن هذا السياق.. أقف عند اهمها وهو المشروع الديمقراطي الذي أراه بديلا مناسبا ويجب العمل على تحقيقه على مستوى العراق، ولكن قبل الحديث عن هذا المشروع سأقف عند موضوعة الديمقراطية.

    من المعروف ان الديمقراطية ضرورة تأريخية اجتماعية وقيمة انسانية كونها (حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب) كما ان الديمقراطية مسيرة طويلة وليست نظاما يولد منذ البداية كاملا 

    ومن الجدير بالاشارة هنا ان الديمقراطية تواجه في مجتمعنا عقبات عديدة، ابرزها غياب التقاليد الديمقراطية في المجتمع من جهة ومستوى فهم وموقف القوى السياسية من الديمقراطية من جهة اخرى، مع هذا ان نظام الحكم المعيق لاعتماد وتطور الديمقراطية والذي اسفر عن تهميش اعداد متزايدة من المواطنين نتيجة انشغالهم بهموم العيش والحياة اليومية وبالتالي ضعف اهتمامهم بالديمقراطية.

    الا ان ذلك ليس مبررا للقبول بغياب الديمقراطية ويبقى من الضروري وجود حركات سياسية واجتماعية تعتمد الديمقراطية وتعمل على صيانتها من خلال تفعيل دور المجتمع المدني لان الديمقراطية الحقيقية يقترن بوجود مؤسسات المجتمع المدني، وأن يتحقق الفصل بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي .

    وخلاص القول ان الديمقراطية ضرورة لا غنى عنها لاخراج العراق من المأزق الذي يعيشه ليس فقط لكونها الاطار اللازم لتمكين افراد المجتمع من ممارسة المواطنة من جهة، وتمكين الحكام من الشرعية التي تبرر حكمهم من جهة اخرى ، بل ولكونها الاساس السليم الذي ينبني علية المشروع الديمقراطي، ينبغي النظر الى المشروع الديمقراطي والاليات الكفيلة لتحقيقه ويتمثل في:

1-    اقامة حكومة ديمقراطية تتكون من جميع القوى السياسية، وتقوم بجملة من الاجراءات في مقدمتها اجراء انتخابات حرة ونزيهة وفقا لقانون انتخاب ديمقراطي.

2-  تقوم الحكومة بتعديلات دستورية ملائمة لمصلحة الشعب، وتثبيت مبدأ التداول السلمي للسلطة، وضمان الغاء كل اشكال التمييزالقومي والديني والطائفي، وحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية والقومية.

3-  الاقرار بالحقوق القومية (الادارية والثقافية) لكافة المكونات الشعب العراقي، وخاصة الشعب الكلداني السرياني الاشوري والمهجور والمقتول، وازالة كل ما يعرقل احترام التنوع القومي والديني والطائفي والمذهبي واشاعة روح التسامح والتأخي بين القوميات والاديان.

    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا (موجه الى كافة السياسيين العراقيين): هل تشكل الديمقراطية أولوية من أولوياتكم في الوضع الراهن؟

   يمكنني القول في محاولة للبحث عن الاجابة، (لا) لان القادة السياسيين والاطراف السياسية العاملة على الساحة السياسية العراقية لم تطرح الديمقراطية كمحاولة لبناء قاعدة جديدة في التعامل بين الاطراف السياسية والاجتماعية في مواجهة التسلط والهيمنة واحتكار السلطة والرأي والقرار ومصادرة حقوق الاخرين.