ايضاحات للدكتور عبد الله رابي المحترم

 

                                                                                                                

 

                                                                                        

 

                                                                                    

                                                          

                                                           يوسف شكوانا

 

                                                                                                          

                لقد كتب الدكتور عبد الله رابي موضوعا بعنوان (من يقف وراء تهميش الكلدان وما هي الخيارات السياسية لشعبنا) ونشره في عدد من مواقع شعبنا، وفي الوقت الذي احيي اسلوبه واحترم اراءه رغم اختلافي مع الكثير مما جاء فيه، وهذا ما اتمناه من كتابنا ان يطرحوا اراءهم مهما كانت باسلوب حضاري مع الالتزام باخلاقية الكتابة كي تتم مناقشتها للتوصل الى افضل الصيغ التي تخدم شعبنا وقضيتنا القومية والوطنية، لذلك ساحاول ايضاح بعض الامور التي اراها ضرورية لما كتبه في موضوعه هذا متمنيا ان يتسع صدره لها

1- لقد اختار الدكتور موضوعا مهما وهو موضوع التهميش الذي هو حقيقة واقعة ولكنه ليس مقتصرا على الكلدان فقط لانه يشمل كل المكونات الصغيرة عدديا في المجتمع العراقي بسبب تسلط الاحزاب الطائفية على السلطة وابتعادها عن روح الديمقراطية، لننظر الى مكانة هذه المكونات في الدولة كالتركمان والايزيديين والشبك والصابئة المندائيين وكذالك شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، ان التهميش موجود في كافة دوائر الدولة وحتى في السفارات والقنصليات العراقية في الاماكن التي بها كثافة سكانية لشعبنا، انه يترك كل هذا التهميش ويلقي اللوم على اطراف من شعبنا يشملها التهميش، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى يختصر موضوع التهميش في المناصب القليلة لشعبنا ومن يشغلها تاركا الامور الاهم كتهميشه في الخدمات واقامة المشاريع في مناطقه وتوفير فرص العمل للشباب الخريجين من الجامعات والاهتمام بلغته من خلال المدارس وتوفير الامن وما الى ذلك من امور اساسية للذي يعيش على ارض الوطن، فلو كان الوزير بطرس او بولس لا اعتقد ان ذلك يعتبر قضية مصيرية لشعبنا، فحقوق شعبنا ليست بمن يشغل المنصب الحكومي.انني استغرب كيف يسكت على الوزارات والمديريات الخالية تماما من اي موظف من شعبنا (باستثناء عاملات التنظيف)ولا يرى الا المناصب النادرة التي يشغلها اشخاص مسيحيون ليقوم بفحص جيناتهم وتحليل افكارهم كي يتوصل الى وجود حالة يسميها تهميش الكلدان، انني ارى ان نوحد جهودنا ونعمل كصوت واحد لازالة حالة تهميش شعبنا (الكلداني السرياني الاشوري) المسيحي وذلك بالطلب من صانعي القرار لانها حالة لا تليق بالديمقراطية وفيها اجحاف واضح بحق شريحة عراقية عريقة ومسالمة معروفة باخلاصها للوطن عبر تاريخها

اطلب من الدكتور ان يقوم باجراء جرد واحصاء كل الذين تسنموا مناصب (مدير ناحية- قائممقام- مدير عام- وكيل وزير- وزير)من ابناء شعبنا منذ عام 2003 ويسجل اسم الشخص وقوميته او مذهبه وانتماءه السياسي ليتوصل الى ان نسبة الكلدان تشكل يحدود 80% منهم ومثل هذه النسبة هم من المستقلين، ولا يمكن ان يتوصل الى وجود اي تهميش للكلدان الا اذا حصر الكلدانية بالانقساميين، وحتى هؤلاء فالذين يهمشونهم ليسوا تنظيماتنا السياسية وانما شعبنا في الانتخابات

2- يقول ان الكلدان المنتسبين او الموالين لاحزاب غير كلدانية كالحركة الاشورية (كذا) والمجلس الشعبي ليسوا كلدانا!!انني استغرب من مثل هذا القول لانه اولا يجردهم من كلدانيتهم ولا نعلم باية صلاحية يقرر ذلك، وثانيا يغمض عينيه عن الكلدان الذين انتسبوا وانتموا الى احزاب اخرى اذكر منها حزب البعث العربي الاشتراكي ومنهم من لا يزال يفتخر بعروبته ويأمل بعودة البعث الى السلطة، ان حزب هؤلاء هدم قرى الكلدان ومنع تعليم لغة الكلدان وسيطر على كافة مؤسساتهم مشترطا عليها ان تعمل من اجل (امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) ولا بد انه يعلم بموضوع اعتبار الكلدان عربا في تعداد 1977 ولكن هذه كلها لا يعتبرها تهميشا ويصور المشكلة بالذي يؤمن بالوحدة وينتسب الى الحركة الاشورية او المجلس الشعبي رغم انه يحافظ على اسمه الكلداني اسوة بالاسماء الاخرى كما يعمل من اجل احياء لغة الكلدان ويعمل من اجل حقوق الانسان الكلداني، ان الخطر الذي واجهه شعبنا عبر التاريخ كان الانصهار في الاقوام الاخرى واما اليوم فهو خطر الهجرة والانصهار في المجتمعات الغربية الذي سيشمل بدون شك الجيل الثالث للمهاجرين، فالمشكلة ليست بالذي يحافظ على لغته وعاداته ويعتز بشعبه ويعمل من اجل حقوقه وانما بحفيده الذي سيجهل كل هذه الميزات ويكتفي بالقول وبلغة اجنبية (يقال ان اجدادي كانوا كلدانا)

3- يدور حول حقيقة عدم التمييز في دعم القرى وتقديم الخدمات ويضيف اليها عبارة (من قبل الدولة) وبهذه الاضافة يصبح طرحه صحيحا فالمفروض بالدولة ان لا تميز بين القرى في تقديم الخدمات وليس من حق احد ان ينسب اليه ما تقدمه الدولة للشعب، الا ان عدم التمييز الذي تجاهله الدكتور واضح في الامور التي خارج واجبات السلطة اذكر له بعض الامثلة، فدعم الفلاح والسواقي التي تم تبليطها من قبل الجمعية الخيرية الاشورية لم تميز بين قرية واخرى، ونفقات الاقسام الداخلية لتلاميذ المدارس السريانية لم تفرق بين طالب واخر وكذلك تقديم الخدمات الطبية وتوزيع الادوية ودفع اجور المحاضرين (وليس رواتب المعلمين) في المدارس السريانية وترجمة الكتب لكافة المراحل الدراسية ونقل الطلبة وما الى ذلك من الخدمات التي تقدمها مؤسسات شعبنا وليس الدولة

4- اغرب ما جاء في موضوع الدكتور انه ينتقد قناتي اشور وعشتار لعدم تقديمها الدعاية لمرشحي الكلدان اثناء الانتخابات ويعتبر ذلك قمة التهميش، ولكن الحقيقة هي انه ترشحت خمسة قوائم للفوز بالمقاعد الخمسة لشعبنا ومن حق كل طرف ان يسخر ما لديه من وسائل اعلامية لدعم حملته الانتخابية، واعتقد بان الدكتور يؤيدني بهذا الحق الشرعي والمنطقي، فقائمة لها قناة تلفزيونية في منطقة وقائمة اخرى لها اذاعة في منطقة اخرى، وهكذا عن الصحافة واقامة الندوات واستخدام الملصقات الجدارية والمواقع الالكترونية وغرف الدردشة وغيرها من وسائل الدعاية الانتخابية وكل منها تخدم قائمتها فقط، فقناة اشور مثلا لم تقم بالدعاية لاي من القوائم الاربعة المنافسة وهذا حقها الطبيعي، فكيف يؤخذ هذا على انه تهميش للكلدان؟ فهل قامت بالدعاية لقائمة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري او لقائمة عشتار للحزب الوطني الاشوري وحزب بيث نهرين الديمقراطي؟ ان موقفها كان واحدا من كل القوائم المنافسة ولا يمكن ادخاله في تهمة التهميش وانما كان من ضمن سياق الدعاية الانتخابية المعروف والمتبع في كل بلدان العالم، لاذكر بعض الامثلة: في الانتخابات الاولى تشكلت قائمة الرافدين من الحركة الديمقراطية الاشورية والمجلس القومي الكلداني، بدأنا الحملة الانتخابية في امريكا وكندا بالاشتراك مع ممثل المجلس لقد اقمنا الندوات المشتركة واجرينا لقاءات اذاعية معه الى ان انسحب المجلس من القائمة، ولم نقم باية دعاية لأي من القوائم الاخرى وكان من بينها القائمة الاشورية ولم يقل احد اننا قمنا بتهميش الاشوريين، مثال اخر: اجرت احدى الاذاعات لقاء مع ممثل قائمة منافسة لقائمة الرافدين وقام بالتهجم على الاستاذ يونادم كنا ممثل قائمة الرافدين، طلبت من الاخوة في الاذاعة اجراء لقاء مع الاستاذ كنا ولكنهم رفضوا، وبعد محاولات وافقوا بشرط ان لا يقوم بالدعاية لقائمة الرافدين وطبعا لم يتم اللقاء، انني لا اعتبر ذلك تهميشا وانما من حقهم ان يقوموا بالدعاية للقائمة التي يؤيدونها، مثال ثالث: في مدخل احدى الكنائس وضعت اعلانات لقوائم مختلفة فقام احد اعضاء تلك الكنيسة بوضع اعلان قائمة الرافدين اسوة بغيرها الا ان الكاهن منعه ولما اصر على وضعها خابر الشرطة كي تمنعه من ذلك، مثال رابع: اتمنى من الدكتور ان يذكر لي ولو كلمة واحدة نشرها الموقع الانقسامي عن اي من القوائم الوحدوية، اليس ذلك بحسب منطق الدكتور تهميشا للمؤمنين بالوحدة؟ ولكنه ليس كذلك لانه من غير المعقول ان يطلب احد التصويت لمنافسه، ان هذه الحالة لم تقتصر على قوائم شعبنا وانما شملت كل القوائم العراقية المتنافسة

5- انه يميز بصورة واضحة بين الكلدان والاشوريين ليخرج بادعاء التهميش ولكنه في كتابه (الكلدان المعاصرون والبحث عن الهوية القومية) الصادر عام 2001 وعلى الصفحات من 36 الى 42 يثبت انه من المستحيل التمييز بينهما فيقوم بدراسة محكات للتمييز بين الكلدان والاشوريين وهي

اولا المحك العرقي ويقول (ان فكرة الجنس الخالص ما هي الا خرافة لا وجود لها الا في الذهن وبالتالي هي فكرة غير اجتماعية لا وجود لها في الواقع الاجتماعي) ويخلص الى القول (ان تمييز العنصر عملية معقدة وصعبة جدا لمعيشة عدة اقوام مع بعضهم البعض)

ثانيا المحك الجغرافي ويقول (تبين من التحليل الجغرافي ان التنقل والهجرة سواء كانت اختيارية ام قسرية وجدت عند الاقوام القديمة لبلاد +-النهرين في كل الاتجاهات والعملية هذه ساعدت على الامتزاج الدموي بل واللغوي بينها الامر الذي يحول دون المقدرة على تمييزهم عن بعضهم من حيث مناطقهم الجغرافية)

ثالثا المحك اللغوي ويقول فيه (لا نستطيع التمييز لولا ميل اللغة التي يتحدث بها الاشوريون المعاصرون الى الارامية اكثر من التي يتحدث بها الكلدان المعاصرون، وقد يكون هذا مؤشرا يجعلني اقول -ما يثير الدهشة والعجب- ان الاشوريون المعاصرون هم اراميون والكلدان المعاصرون هم اشوريون، يا للعجب من يعلم ربما تكون هذه الفرضية صحيحة او تكون مجحفة بحق كل من الجماعتين القومية. اقصد هنا لا يمكننا الاعتماد على محك اللغة في تمييز من هو اشوري ومن هو كلداني مهما بلغنا من الدقة)

رابعا المحك الديني ويقول فيه (وهذه الظاهرة الانتمائية الموحدة للعقيدة فسحت المجال للامتزاج والتجانس في القيم والعادات بين الكلدانيين والاشوريين بحيث لا يمكننا التمييز بينهما وعندما شرع النساطرة بالاعتقاد بالمذهب الكاثوليكي واطلق عليهم – الكلدان- بدأت بوادر النزعة القومية تظهر لدى الطرفين) وهكذا يختم الفصل الاول بالتوصل الى ان اي من هذه المحكات لا تفرق بين الجماعتين ولا تميز بينهما

هذا ما قاله في دراسته السوسيوانثربولوجية قبل 11 سنة فكيف توصل الى هذا التمييز القطعي هذا اليوم لا فقط بين الكلدان والاشوريين وانما بين الكلدان انفسهم ليجرد من لا يتفق معه من الكلدان من كلدانيتهم ولا نعلم اي من محكاته الاربعة تنطبق عليهم ليحكم عليهم حكمه هذا؟ هل غيروا عرقهم ام ارضهم ام لغتهم ام دينهم ام جميعها

بعد كتابة هذه الايضاحات اطلعت على الجزء الثاني لموضوع الدكتور وفيه يحدد عوامل التهميش ويصنفها الى عوامل ذاتية وهي ستة عوامل لا علاقة بالاحزاب التي يسميها اشورية بها فيحددها ب (ضعف الروح القومية- ضعف الاهتمام باللغة-الهجرة من الريف الى المدينة- فقدان التواصل التراثي- ضعف دور رجال الدين- عدم الاتفاق بين الاحزاب الكلدانية) بعدها يذكر خمسة عوامل موضوعية اثنان منها تتعلق بتلكؤ وعدم ظهور احزاب كلدانية اما الثلاثة الاخرى فهي تعيين الاستاذ يونادم كنا عضوا في مجلس الحكم الانتقالي من قبل بريمر وظهور المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ووسائل اعلام ما يسميهم الاحزاب الاشورية، اما العوامل التاريخية فيحددها بعاملين هما النظام العثماني الطائفي والاضطهادات، فيكون المجموع 13 عاملا لا علاقة للاحزاب (الاشورية) بها لا من قريب ولا من بعيد باستثناء ثلاثة منها ظهرت بعد عام 2003 وهي موضوع بريمر وتشكيله لمجلس الحكم الانتقالي من اطراف المعارضة العراقية ولم يذكر الدكتور من كان الشخص المناسب لتلك العضوية بدلا من السيد كنا، ومما يثير العجب انه لا يرى في كل اعضاء مجلس الحكم الانتقالي الا السيد كنا، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فذلك المجلس كان مؤقتا وتم حله ليصبح في خبر كان ويُعتمد بعده على طريقة الانتخابات وبها قام الشعب بفرز جديد اخرج بعض الذين عينهم بريمر وادخل غيرهم كما اكد صواب اختياره في البعض الاخر عندما صوت لهم ومنهم الاستاذ يونادم كنا الذي يحصل على المرتبة الاولى باصوات شعبنا، فوجوده في البرلمان ليس بقرار بريمر وانما بارادة شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في كل الانتخابات التي جرت، فلو لم يكن اهلا لذلك المنصب لقام شعبنا باخراجه في اول انتخابات جرت في البلاد، اما ظهور المجلس الشعبي فلا اعلم لماذا يعتبر تهميشا للكلدان فقط دون غيرهم فاذا كان موضوع الاسم فالاسم الكلداني له الاولوية بكامل حروفه ولا اعتقد انه يفرق بين تسميات شعبنا وقرانا في تقديم الخدمات والمطالبة بالحقوق، والنقطة الثالثة وهي وسائل اعلام زوعا والمجلس الشعبي وامتلاك كل منهما لفضائية فلا اجد اي تهميش بذلك ففي العراق الان عشرات الفضائيات والقانون لا يمنع اي كان من امتلاكه وسائل اعلامية، اما اذا كان المقصود برامجهما فهاتين الفضائيتين في كل بيت يشاهدهما معظم ابناء شعبنا في كافة انحاء العالم والمشاهد يحكم اذا تتبع اي منهما سياسة تهميش الكلدان

من كل ما تقدم نتوصل الى حقيقة واحدة وهي ان التهميش المزعوم هو للانقساميين فقط ولكن الدكتور يحصر الكلدان بهم وهذا يظهر جليا في تجريد كل وحدوي من كلدانيته كما يدعو في توصياته الى الغاء اي مشترك وخلق حالة الانقسام باستحداث مناسبات وممارسات جديدة هدفها الوحيد هو القول اننا لسنا امة واحدة، كما هناك حقيقة اقولها وهي لو صوت شعبنا في الانتخابات القادمة للانقساميين فسيدخلون البرلمان ويمثلون شعبنا شئنا ام ابينا ويعينون الوزير ويحصلون على كل الاستحقاقات التي يفرزها الفوز بالانتخابات

اتمنى من الدكتور عبد الله رابي ومن غيره خاصة من اصحاب الشهادات ان يشخصوا الخطر الحقيقي الذي يواجه شعبنا ككل ويعملوا للم الشمل والعمل المشترك والمدروس لان حجم الخطر يتطلب كل الجهود، وبما يخص المناصب ارى علينا المطالبة بزيادتها من خمسة اعضاء في البرلمان الى عشرة ومن وزير واحد الى وزيرين وهذه تبقى ثابتة لشعبنا يشغلها اليوم بطرس وغدا بولس لانها امور وقتية وتتغير بالانتخابات كل اربعة اعوام اما اذا فرغ البلد من شعبنا فسوف لا تبقى لا مناصب ولا اسماء