رحلة الى دير الربان هرمزد في يوم الشيرا

 

                                                                                                                

 

 

                                                

                                                                     يوسف شكوانا                   

                                                                       

                                                      

                                                                                                          

                يعتبر دير الربان هرمزد من اشهر الاديرة في العراق لتاريخه العريق وموقعه الجميل ودوره في تاريخ كنيسة المشرق يقصده الزوار من مختلف انحاء العالم خاصة في موسمه (شيرا) الذي يعتبر من اكبر المهرجانات لا يضاهيه الا احتفالات راس السنة البابلية الاشورية التي تقام سنويا، فلنلق بعض الاضواء على هذا الدير بايجاز ما نشرته عن هذا الدير في مجلة (الشعاع الكلداني) العدد 1 عام 1984 مستندا الى مصادر عديدة

من هو الربان هرمزد

ابصر هرمزد النور في اواخر القرن السادس في مقاطعة عيلام (الاهواز) في بلاد فارس وكان من ذوي الحسب والنسب، تلقى دروسه في المواد التي كانت تدرس يومذاك في كنيسة المشرق، كان يرغب في حياة النسك والزهد، في سن العشرين قرر زيارة الاراضي المقدسة ومنها التوجه الى الصعيد المصري حيث السيرة الرهبانية على اوجها، بعد مسيرة عدة ايام وصل مدينة (حالا) الواقعة جنوب جبال حمرين وهناك التقى بثلاثة رهبان من دير برعيتا (ابن الكنيسة) الواقع في منطقة المرج فأقنعوه بالاقلاع عن عزمه ومرافقتهم الى ديرهم الذي كان يضم اكثر من مائتي راهب ويقوم بادارته الربان سبريشوع من نينوى

في دير الربان برعيتا اكمل فترة الابتداء (مدشناني) وطبق الانظمة الرهبانية بحذافيرها واصبح مثالا يحتذى به لشدة تدينه، بعد سبع سنوات قضاها في هذا الدير انفرد في كوخ جبلي مكرسا حياته للصلاة والزهد والتقشف لمدة 32 سنة، وكان يسكن في تلك الربوع راهب تقي اخر اسمه اوراهام اصله من دير بيث عابي في منطقة المرج جنوب قرية خرپا قرب عقرة، فأقنعه بزيارة ديره، مكثا في هذا الدير ثلاثة اشهر ذهبا بعدها الى دير الرأس (ديرا دريشا)، بعد سبع سنوات في هذا الدير وبسبب جفاف ينبوع الماء الذي كان يشرب منه الرهبان تفرق معظمهم الى اماكن شتى فقصد هرمزد واوراها جبل القوش وهناك اقاما بجوار كهف فيه مياه غزيرة لا زال باقيا الى هذا اليوم ويسمى عين القديس (اينا دقديشا)الا ان الراهب اوراها لم يمكث هناك سوى ثلاثة ايام قصد بعدها منطقة نينوى واسس بالقرب من بطنايا ديره الشهير والذي لا زال قائما وهو دير مار اوراها

تأسيس الدير

كان مار ميخا النوهدري قد تنبأ قبل اكثر من مائتي سنة بقدوم هذا القديس الى القوش (عتيد الله ان يرسل لكم ايها الالقوشيون نسرا عظيما لكي يصعد بمقامه فوق الملائكة ويعشعش في هذا الجبل بجانبكم.. اخرجوا ايها الالقوشيون للقائه بالفرح) فما ان سمع الالقوشيون به حتى خرجوا للقائه مستبشرين بقدومه مبدين لهم استعدادهم لمساعدته، ويذكر ان اهالي القوش فعلوا ذلك للاختلاف المذهبي بينهم وبين رهبان دير بسقين شمالي القوش الذين كانوا من اتباع الكنيسة الانطاكية للسريان الارثوذكس (اليعاقبة) بينما كان اهالي القوش وكذلك الربان هرمزد على المذهب المسمى(النسطوري). انتشر خبر وجود الربان هرمزد هناك تدريجيا في المنطقة واخذ اهالي القرى المجاورة يأتون لزيارته حاملين اليه مرضاهم طالبين الشفاء بشفاعته وانضم اليه العديد من الشباب واكبر مجموعة كانت من مدرسة ايثالاها في نوهدرا(دهوك) وكان عددهم خمسين شخصا وبعد ان قبلهم ابتنوا لهم كنيسة، وهكذا كانت نشأة الدير، لقد ساعد في تشييد الدير اهالي المنطقة والقرى المجاورة وخاصة شخص من اهالي باقوفا اسمه (خوداوي شوبحي) وكذلك امير الموصل عتبة بن فرقد السلمي 640-642 لان الربان هرمزد انقذ ابنه شيبين من مخالب الموت، لقد تأسس الدير في ايام الجاثليق ايشوعياب الثاني الجدالي 628- 645

بقي الربان هرمزد في ديره مدة 22 سنة توفي بعدها وقد قطع العقد الثامن من عمره قضى حياته بالبر والقداسة، يحتفل بذكراه يوم الاثنين الثالث بعد احد القيامة من كل عام وهو ما يعرف على نطاق واسع بموسم الربان هرمزد (شيرا دربن وَرمز)

النكبات والمآسي

لقد عانى الدير ما عانته كنيسة المشرق والمنطقة من الاضطهادات وحلت به نكبات عديدة عبر تاريخه المرير اذ كان هدفا للغزاة والطامعين ولقد مر بظروف قاسية اجتاحته غزوات متواصلة في فترات مختلفة فتم تدميره لمرات عديدة وفي كل مرة كانت تتلف جميع الكتب والمخطوطات التي تقع بأيدي الغزاة والتي كانت فلذات اكباد وعصارة افكار قديسين ومتصوفين نذروا انفسهم للصوم والصلاة والتقشف والكتابة والاستنساخ، والقليل الذي لم يقع بأيدي الغزاة سفاكي الدماء قام اجدادنا انفسهم باتلافه بعد اعتناقهم المذهب الكاثوليكي وبذلك طمسوا معظم معالم تاريخنا وحضارتنا وتراثنا الديني والادبي، وكان اجدادنا قبلها وعند اعتناقهم للديانة المسيحية في بدايتها قد اتلفوا دون تمييز كل اثر وثني يربطهم باجدادهم، ولهذا السبب فمسيرة الدير يسودها الغموض لفترات عديدة، اما اهم النكبات التي حلت بالدير فهي:

هجوم تيمورلنك على المنطقة في القرن 14 حيث تبدد الرهبان

هجوم رجال بارياق المغولي على القوش والمنطقة عام 1508 ادى الى تشتت الرهبان

حملة يونس اغا عام 1727 حيث ترك الرهبان الدير والتجأوا الى كنيسة مار ميخا في القوش

هجوم قوات نادر شاه (طهماسب) سنة 1743 حيث حطمه كليا وبقي مهجورا لمدة 65 سنة يتفقده بين فترة واخرى احد افراد بيت ابونا

هجوم امير راوندوز ميره كور (الامير الاعور) سنة 1832 على المنطقة حيث التجأ الرهبان الى كنيسة مار ميخا في القوش ومن جملة من قتلوا بهذا الهجوم الاب جبرائيل دنبو رئيس الدير وثلاثة من الرهبان

هجوم اسماعيل باشا والي العمادية على الدير حيث نكل بالرهبان ومزق رجاله كل الكتب والمخطوطات التي وقعت بأيديهم وأخذ رئيس الدير حنا جرا مع احد الكهنة واحد عشر راهبا الى سجن العمادية حيث توفي فيه رئيس الدير

وعن قساوة الهجمات نورد ما كتبه القس حبش سنة 1746 بالسريانية عربها بهنام دانيال ونشرها في مجلة بين النهرين عدد 37 و 38 (… ثم اجتازوها الى قرية تلكيف والقوش، الا ان اغلب الاهالي كان قد هرب والتجأ الى دير الربان هرمزد في الجبل. وهناك ادركتهم العساكر الفارسية فأحاطت بالدير واستولت عليه ثم هجموا عليه هجمة الذئاب المفترسة على الحملان الوديعة او البواشق على العصافير وتجاسروا بوقاحة لا توصف فمنهم من ذبح كالخراف ومنهم من اميت باقسى العذابات كما سبيت وهتكت النساء والصبايا وارتكبت معهن فضائع لا توصف ولا تذكر حيث يكل اللسان عن ذكر القسوة والافعال القبيحة التي وقعت وحدثت لنساء وفتيات مسيحيي هذه المنطقة)

وفي الخمسين سنة الاخيرة هوجم الدير عدة مرات من قبل الطائرات الحكومية بذريعة ايوائه للانصار والبيشمركة وكان معظم سنوات الاقتتال مهجورا من الرهبان الى عام 1991 حيث بداوا باعادة اعماره ليرجع اجمل مما كان

اعادة فتح الدير

كان الدير مهجورا بسبب حملة طهماسب عليه سنة 1743 لفترة 65 سنة عندما قدم الشاب المارديني جبرائيل شمعون دنبو وسعى جاهدا لاعادة فتح الدير، ورغم الصعوبات التي واجهها من مطران العمادية حنانيشوع من عائلة ابونا لكون الدير تابعا لابرشيته، الا ان جهود الاب دنبو تكللت بالنجاح عام 1808 وفي عام 1820 كان في الدير 50 راهبا، في عام 1927سافر الى روما ومكث فيها ثلاث سنوات لتثبيت قوانين الرهبانية وسماها (الرهبانية الانطونية الهرمزية الكلدانية) وهكذا عمل بجد ونجح في تجديد الحياة الرهبانية في هذا الدير والمستمرة الى يومنا هذا، وفي عام 1830 انفصل الدير عن ابرشية العمادية لكنيسة المشرق واصبح تابعا لابرشية الموصل للكنيسة الكلدانية، كان الانبا جبرائيل دنبو من بين الذين قتلوا في هجمة ميره كور على المنطقة سنة 1832، وفي عام 1858 تم تشييد دير آخر في السهل باسم دير السيدة حافظة الزروع ويسمى الدير الاسفل (ديرا ختايا) لموقعه جنوب دير الربان هرمزد الذي يسمى خاصة في القوش الدير الاعلى (ديرا علايا)

دور الدير في كنيسة المشرق

لعب دير الربان هرمزد دورا كبيرا في تاريخ كنيسة المشرق فلقد اصبح مقرا لكرسي بطريركية كنيسة المشرق لثلاثة قرون ابتداءا من بداية القرن السادس عشر، وفيه تمت مباحثات الاتحاد بين كنيسة المشرق وروما بعد اختيار رئيس هذا الدير يوحنا سولاقا سنة 1551 للبطريركية حيث ارسل البابا غريغوريوس الثالث عشر مبعوثه الخاص المطران ليونارد هابيل الى الدير لهذا الغرض، ورغم ان معظم الوثائق التي تعود الى الفترات السابقة لتجديده قد اتلفت الا انه بعد فترة التجديد تخرج منه الاف الرهبان ومئات الكهنة وعشرات المطارين اصبح احدهم بطريركا هو مار يوسف اودو، لقد كان الدير طوال تاريخه مركزا كبيرا للكتابة والاستنساخ الا ان معظم نتاجاتهم اتلفت بسبب الهجمات عليه وكذلك الفيضانات فكان الرهبان يذكرون انه قبل احدى الهجمات عليه تم نقل مكتبته واخفيت في مغارة يصعب دخولها في اسفل الوادي مقابل الكهف الاحمر الا ان سقوط الامطار الغزيرة في ذلك الموسم اتلفت معظمها حيث شوهدت المياه التي ملأت المغارة وقد تغير لونها الى الاسود

رحلة الى الدير

تخرج من الجهة الشرقية لالقوش لتعبر وادي الغدير لتستريح في ظل كهف يسمى (طلشا) أي تل الشاه يقال ان نادر شاه استراح فيه عند هجومه على القوش ثم تواصل السير بمحاذاة الجبل الى ان تصل الى ساحة اشبه بلوحة فنية ذات ارضية خضراء مكسوة بمختلف الالوان يغلب عليها اللون الاحمر اذا كانت رحلتك في شهر نيسان والى يسارك تجد مدخل الگلي ويسمى (طرءا دگليا) تدخل هذا المضيق بطريق صخري وفيه تجد الى يمينك في الوادي مجموعة من البرك تمتلئ بمياه الامطار شكلها يشبه المهود وتسمى (درگوشياثا) ثم تواصل السير فتجد الى يسارك واد كبير يمتد غربا يسمى (بَر سملي) اذا سلكته يوصلك الى بسقين، تستمر باتجاه الدير فتصل الى صهريج لخزن الماء يسمى (سارجتا) عندها تشعر بالعطش فتسحب الماء منه بواسطة (دولا) لتروي ظمأك، تواصل السير شمالا وتشاهد الى يسارك مغارة كبيرة تسمى المغارة السوداء (گوپا كوما) يسكنه الحمام البري لصعوبة الصعود اليه بعدها تصل الى كهف صخري ضخم لونه مائل الى الاحمرار يسمى الكهف الاحمر (كافا سموقا) بداخله مغارة تذكرك بما قرأته عن حياة الانسان القديم، وامام هذا الكهف لا بد من الاستراحة في ظله على (أرزَلتا) صخرية، بسبب تعب الطريق والتهيؤ للصعود الشاق الى الدير وكذلك للتمتع بجمال الطبيعة الساحر وانت ترى الدير كنسر باسط جناحيه معلق في صدر الوادي الملئ بالبقع السوداء كأنها خلية النحل، انها بقايا صوامع الرهبان نقروها في الصخور بعضها يصعب الوصول اليها، يقدر عددها باكثر من 500 صومعة الا ان معظمها قد تهدم. بعد هذه الاستراحة تواصل السير في طريق متعرج ياخذك يمينا وشمالا الى ان تصل الى كهف مظلم مدخله مرصوف بالحجارة تنزل اليه بدرجات لتجد بداخله عين ماء تسمى عين القديس (عينا دقديشا) والى الشرق من هذا الكهف توجد كتلة صخرية مرتفعة فيها عدة مغارات متهدمة يعتقد ان احداهما كانت اول مأوى للربان هرمزد، تستمر بعدها بالتسلق عبر طريق صخري مدرج شديد الانحدار الى ان تصل الى باب الدير تدخله ثم تنعطف نحو اليمين لتصل الى كنيسة الدير وهي بناية مربعة الشكل تلامس الصخور سطحها من الشمال والغرب اما من الجنوب والشرق فلقد اقيم سور كبير يصل ارتفاعه الى 15 متر وذلك لتعديل فناء الكنيسة المبنية على منحدر الوادي، في الفناء يوجد باب تدخله لتنزل بعدة درجات الى قاعة كبيرة كانت تعقد فيها المجامع البطريركية ولكنها قسمت مؤخرا الى غرف. الكنيسة الرسمية للدير فيها هيكل الثالوث الاقدس لا يعرف تاريخ بناؤه الا انه جدد سنة 1485 وسنة 1817 وفي الباب الشمالي للهيكل دهليز تجد فيه ضريح الربان هرمزد وهو على شكل مذبح حجري منقوش تتجه يمينا عبر الدهليز حيث يوجد هيكل مار انطونيوس فيه زخارف ونقوش يعتقد انه اول مصلى اقيم في الدير ويقع فوق قبو عميق ينحدر حتى قعر الوادي، ثم تسير عبر ممر ضيق ومظلم يسمى (بخشوكي) اي المحل المظلم ولقد فقد الكثير من هيبته بعد انارته بالكهرباء حيث كنت تدخله سابقا على ضوء الشموع، يتجه هذا الممر غربا الى ان يصل الى صومعة الربان هرمزد وهي عبارة عن مغارة نصفها منقور ونصفها مبني بالحجر والجص في وسط جدارها الغربي صليب منقور مكون من اربعة صلبان صغيرة والى الجنوب الشرقي منها قلاية صغيرة كان يختلي بها، وفي الجهة الاخرى للدهليز تشاهد في الممر تسعة الواح عليها اسماء وتواريخ وصور ايمان تسعة بطاركة وصبي نذر نفسه للبطريركية ولكنه توفي صغيرا وجميعهم من بيت ابونا، ثم تدخل الى هيكل الربان هرمزد وعلى جدرانه 14 صليبا حفر كل منها بشكل يختلف عن الاخر، وفي مذبح الهيكل توجد فتحة تتناول منها قليلا من التراب (حنانا) للتبرك به، وعلى يمين المذبح سلسلة حديدية معلقة في الحائط تنتهي بطوق حديدي يوضع بعنق المرضى والمصابين بالامراض العقلية والعصبية قسم منهم ينال الشفاء، والى الغرب من الهيكل غرفتان متداخلتان الاولى هي بيت الشهداء او القديسين والثانية بيت العماذ.

بعد ان زرت معظم اقسام الكنيسة تتوجه الى بناية الدير وتقع غرب الكنيسة تصعد عليها بدرجات واول ما تشاهد فيها قبة الناقوس المشرفة على الگلي وبالقرب منها غرفة كبيرة منقورة في الصخر هي غرفة الطعام (صفرا) وبجانبها غرفة اخرى تسمى غرفة السجن لان اسماعيل باشا كان قد سجن الرهبان فيها، من هناك تصعد الى الايوان الكبير المنقور في الصخر وكان لاستقبال الزوار من قبل رئيس الدير او الكاهن، وتحت هذا الايوان يوجد ايوان اخر اصغر منه تتصدره غرفة الاب جبرائيل دنبو.

هنالك اماكن اخرى لا بد من زيارتها كصومعة التي تصعد اليها باربعين درجا، وصهريج الدير الذي يقع خلف الكنيسة، الى الغرب من الدير منحدر الى الوادي فيه قبة صغيرة تسمى مصلى اهالي تل خش (صلوثا دتَلخشناي) وهذا الطريق يسمى طريق البقر، والى الشرق من الكنيسة طريق اخر يسمى (سبيل) تنحدر فيه من الباب الخلفي للكنيسة لتجد مغارة فيها عين ماء غني بالاملاح المعدنية (گوپا دبارود) يستعمل لمعالجة بعض الامراض الجلدية، والى الشرق منها تجد الطريق الذي يأخذك خلف قمة الجبل (برگارا) الى كرم الدير، اما اذا اتجهت جنوبا راجعا فتمر في طريق صخري ضيق يمر فوق الكهف الاحمر ويسمى هذا الطريق (اورخا دچوپا) وفيه تجد كهف ينقط منه الماء (نطوپا) كما هناك مجموعة من القبور تسمى (قوراثا د تَتَر) ويقال انها قبور بيت ابونا، يأخذ الطريق بالانحدار الشديد ليوصلك الى سارجتا وبطريق رجوعك لا بد ان تزور دير السيدة حافظة الزروع الذي يقع في السهل، ينفرد گلي الدير هذا بنمو بعض النباتات الطبيعية اذكر منها اشجار (الطاوكي) وازهار النرجس (مَرقوزي) برائحتها الزكية وكذلك نوع من النبات البري يشبه الفجل بطعم اوراقه يسمى(پيئلثا) اضافة الى نباتات اخرى تنمو في اماكن مختلفة. لقد كان گلي الدير تزينه الاشجار المختلفة الا انه بعد ان هجر بسبب احداث الشمال طالتها الاياديي وقطعتها لاستخدامها وقودا للتدفئة ايام الشتاء، ولكن بعد اعادة تعميره اخذت الاشجار تنمو فيها مرة اخرى

موسم الربان هرمزد (شيرا)

لا يمكن الحديث عن اشتياقنا لالقوش الا ونذكر هذا الدير ومن اجمل الايام هو (شيرا) حيث كنا نتسابق قبل يوم الى الدير املين ان يحالفنا الحظ بالحصول على احدى الصوامع للمبيت فيها والا فعليك البحث عن اي مكان وتفرش ما حملته من المنام الخفيف لتنام نوما هانئا مع الهواء العليل لتستيقظ على اصوات الطيور المختلفة، وعندما تسمع صوت الناقوس الذي كان صداه يرجع من الگلي تتوجه مسرعا الى الكنيسة مع القادمين منذ الصباح الباكر حيث كنت تشاهد من الاعلى طريق الدير المتعرج كشريط بشري يتسابقون في تسلقه، في الكنيسة كنت تجد القادمين من مختلف المناطق والعديد منهم يؤدون النذور الايمانية الخاصة بهم، وبعد الصلاة الخاصة بالمناسبة (زوياحا) تتوجه لتجد لك اي مكان في الگلي لتقضي يوما ممتعا مع الشرب واكلة الدولمة وخبز الجريش (تخراثا دگرسا) كما كان البعض يشاركون في الرمي على النيشان، ومن افضل الاماكن كانت قرب المغارات كاحتياط للالتجاء اليها في حالة سقوط المطر، الا ان الاحتفال الكبير يكون في السهل الواسع الممتد شمال وشرق دير السيدة حيث تحضره عشرات الالاف من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري القادمين من مختلف الاماكن داخل العراق وخارجه، ولكثرة المشاركين بهذه المناسبة يحتفل به الان في يومي الاحد والاثنين، كما يحضر هذه المناسبة في السنوات الاخيرة عدد من المطربين يحيون حفلات جميلة وعلى الهواء الطلق، ولا ننسى مشاركة عدد كبير من عازفي الطبل والزورنا في احياء هذه المناسبة التي تبقى ذكراها خالدة في القلوب مهما ابتعدما عنها جسما، وهكذا عندما نسمع من يقول انني مسافر الى القوش هذا العام او في العام