شواهد آشورية تحت طيات تراب كرملش بإنتظار من ينقبها

 

 

 

                                                       

 

       

                                                           ثائر خضر بهنام

 

    كرمليس أو كرملش كما يحلو لأهلها أن يسموها بلهجتهم السريانية الدارجة هي قرية من قرى سهل نينوى تقع جنوب شرق مدينة الموصل على مسافة 28 كم منها مروراً بطريق الموصل - أربيل وتبعد عن ناحية برطلة بنحو 5 كم وعن مركز قضاء الحمدانية "بغديدا" بـ 4 كم وعن نمرود "الكالح" بـ 22 كم تقريباً.

 

    تجثم كرملش فوق هضبة تاريخية آشورية موغلة في القدم مساحتها حوالي 3 كم مربع تحيط بها مواقع أثرية عديدة شاخصة للعيان بعضها أصبح أثراً بعد عين ومنها:

 

·   تل غنم: إلى الشمال من بلدة كرملش وهو الذي تؤكد المصادر التاريخية بأنه قصر الملك الآشوري سرجون الثاني (722 - 705 ق.م) إذ يعتقد البعض إستناداً إلى ما أكتشف في قرية بلاوات أن سرجون الثاني أتخذ من كرمليس عاصمة له ما بين (717 - 22 تشرين الثاني 706 ق.م) تاريخ جلوسه في عاصمته الجديدة خورسباد (دور شروكين).

 

·   تل بربارة: يقع غرب القرية ويراه الناظر من بعيد وهو عبارة عن معبد آشوري قديم كان مخصصاً لعبادة الإله بانو ومن المؤكد بأنه عبارة عن زقورة إصطناعية بناها سكان كرمليس القدامى لتكون معبداً لهم.

 

·   تلول ربان يوخانا ، بسيدي ، وبرشير: إلى الجنوب من كرملش وهذه الآثار أندثرت ولم يعد لها أثراً ، إضافةً إلى مرتفعات خربة عيسى وخاتون خمرة في شرقها.

 

   ما يهمنا من الأمر هو أن هذه الآثار والتي تدل دلالة واضحة على قدم المنطقة التي تمتد جذورها إلى عصور ما قبل التاريخ لا بل أن البعض أعتبرها من أوائل المستعمرات البشرية ، نقول أن هذه الآثار قد أصابها الإهمال وعدم الإهتمام من قبل الحكومات المتعاقبة على الرغم من أنه كانت هناك محاولات للتنقيب فيها ومنها البعثة البريطانية برئاسة هنري أوستن لايرد ومساعداه هرمز رسام وهنري روس وكذلك قارئ المسماريات رولينصون ، حيث أجرت البعثة حفرياتها في تل غنم أوائل عام 1846م.

 

    كما أجرى فكتور بلاس الذي كان يشغل منصب قنصل فرنسا في الموصل منذ عام 1851م تنقيبات في الفترة من 1852 - 1854م يساعده في ذلك هنري كريزويك رولينصون في كل من تل غنم وتل بربارة وذلك لأهميتهما الكبيرة.

 

    نتمنى من الحكومة الحالية متمثلة بمديرية الآثار العامة ودائرة آثار المنطقة الشمالية أن تولي هذا الأمر إهتماماً أكثر لما له من معاني كبيرة ومدلولات عميقة حيث سيظهر الوجه المشرق والهوية التاريخية والحضارية الآشورية للمنطقة بما يقطع الشك باليقين حول هوية المنطقة في خضم الصراعات التي تشهدها هذه المناطق حالياً ، إضافةً إلى أنها ستكون محطة جذب للسياح والمستشرقين والمهتمين بهذه الأمور من كافة أنحاء العالم الذي بدوره سوف يبرز العمق الحضاري والتاريخي للبلد أمام العالم وليس هنا فقط في البلد هناك المئات لا بل الآلاف من المواقع الأثرية التي لم توليها الدولة إهتماماً يليق بتاريخها.

 

 

المصدر التاريخي:

حبيب حنونا ، تاريخ كرمليس

 

 

صورة مأخوذة من كتاب تاريخ كرمليس للمهندس حبيب حنونا