أموال داخله ... أموال خارجه .... أموال طائرة ..!

 

                                                   

                                                                         

                                                                       وسام يوسف

        بلغ حجم هدر الأموال في المعابر الحدودية العراقية خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي ( 200 ) مليون دولار, فيما أعلنت "هيئة الجمارك العراقية" في بياناتها الشهرية  أن حجم واردات التبادل التجاري عبر المنافذ الحدودية العراقية للأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بلغ ( 226  ) مليار دينار عراقي أي ما يعادل ( 188 ) مليون دولار . وهذا المبلغ يمثل المبالغ المستحصله حسب قانون "ضريبة أعمار العراق"  رقم (54) لسنة (2004)  والبالغة ( 5% )من قيمة البضاعة , فيما تؤكد الأرقام وحجم البضائع التي دخلت العراق خلال الفترة المذكورة أن المبلغ الذي كان من المفروض أن يتم استيفائه حسب قانون ضريبة أِعمار العراق هو ( 402  )

   و لو تكلمنا بلغه غير لغة الأرقام فان هذا المبلغ لو لم يدخل جيوب الفساد ودخل خزينة الدولة وتم استثماره في بناء البنية التحتية المدمرة للبلد فان المبلغ المذكور يكفي مثلا لبناء "   164 " مدرسة ذات "  12 " صف ومزوده بكافة المستلزمات , خاصة وأن هناك نقص كبير بعدد المدارس مما يضطر بعض المدارس إلى تقسيم طلبتها على ثلاثة وجبات  في اليوم الواحد. وأيضا فان نفس المبلغ يمكن أن ينشئ فيه "  85 " مستشفى مجهزة بأحدث الأجهزة الطبية المتطورة .

 وكانت تقارير لجان التفتيش وهيئة النزاهة العراقية قد سجلت الملاحظات والخروقات وعمليات فساد  تجري في مختلف المنافذ الحدودية العراقية ولكنها لم تتحرك ساكنة بل أنها توهم نفسها بأنها موجودة في بعض الخروقات البسيطة التي تحقق فيها,كما لم تخفي هيئة الجمارك أيضا وجود عمليات فساد في المنافذ الحدودية العراقية , هذه التقارير كانت مكمن بناء الفرضية التي قادتني إلى العمل على حصر حجم أموال الفساد في وهنا كانت البداية .

 وفي بلد مثل العراق ليس من السهولة على الصحفي أن يحصل على الأرقام والإحصائيات من الجهات الرسمية والحكومية خاصة إذا كان الأمر يتعلق بهدر أموال ,لهذا انطلقت في العمل لإثبات فرضيتي في حصر الأموال محاولا حصر حجم البضائع الداخلة إلى البلد من كل معبر رغم ما تحمله هذه المغامرة من مخاطر في بلد يسجل فيه أعلى معدلات انعدام الأمن ,وأعلى المعدلات في قتل الصحفيين, حيث كانت العملية صعبة لان  أنواع البضائع ألداخله والتي سجلتها بلغت ما يقارب "1300 " ماده  تنقسم إلى 38 فئة , وبعد ترتيب المعلومات حصلت على المعلومات الأولية لحجم ما يدخل العراق من بضائع عبر الدول المجاورة  خلال المعابر , وهنا  بدأت  أقارن ما وصلت إليه من معلومات مع ما أعلنته الدول المجاورة للعراق   من خلال إحصائياتها فكانت النتائج التي حصلت عليها مقاربة لما توصلت إليه  , فباشرت بالعمل على جمع المعلومات من خلال المواقع الرسمية لهيئات الكمارك في الدول المجاورة  للعراق والتي تدخل البضائع من خلالها , فكل معبر من الجهة العراقية هناك معبر أخر للدولة المجاورة يقابله , وما يدخل من خلاله لابد أن يمر إلى العراق , وبعد معرفة الميزان التجاري مع كل من الدول , وبعد تقدير حجم المواد المعفية من" ضريبة أعمار العراق" من خلال فئاتها وكذلك حساب المواد المستورة من قبل جهات حكومية والتي هي أيضا معفية من هذه الضريبة , فان حجم البضائع المتبقي هو ما يدخل إلى العراق بشكل فعلي , وهو ما تم حسابه حيث كانت المبالغ التي حصلت عليها تختلف عن ما تم نشرة من قبل هيئة الجمارك العراقية وبفارق كبير . حيث يمكن أن يلاحظ   هناك فارق بين حجم أموال الفساد بين معبر وأخر  , وحسب الأرقام والمعطيات فان معدلات الفساد تتناسب طرديا مع حجم البضائع ألداخله وهذا ما يؤشر إلى أن عمليات هدر وسرقة الأموال هي  عمليات منضمة وذات سياقات ثابتة.

خلال البحث والعمل الميداني الذي قمت به في بعض المعابر توصلت إلى بعض المعلومات من خلال احد الموظفين الكبار العاملين في إدارة المعابر والذي رفض الكشف عن اسمه ,حول الطرق التي يتم من خلالها ممارسة الفساد.

الحالة أو ألطريقه الأولى يتم من خلال اتفاق مسبق بين التاجر واحد الضباط في المعبر على إدخال البضاعة دون فرض أي رسوم عليها , وهذه ألطريقه  لا تمارس بشكل كبير  .

الحالة الثانية وهي أن يتم  حساب البضاعة بشكل غير صحيح أي لو فرضنا أن الشاحنة تحمل 30 طن من ألماده الفلانيه فان الموظف يقوم بتسجيل واستحال حمولة 5 طن  فقط وهذه ألطريقه هي الشائعة في عمليات الفساد على المعابر, والمنتشرة بشكل واسع .