زوعا تخسر مقعد نينوى للكوتا المسيحية .............لماذا ؟

 

 

              

       

                                         

                                          حازم زوري

 

على ضوء النتائج الاولية المتحصلة لانتخابات مجلس محافظة نينوى التي جرت في 20 حزيران الجاري وما تعلق منها بالمقعد المسيحي اليتيم المخصص لشعبنا وارجحية ايلولته الى مرشح تجمع السريان المستقل المدعوم من المجلس الشعبي ومؤسساته وأذرعه، وبالظر لتباين التأويلات والتحليلات في مسألة اخفاق مرشح الحركة لهذه الانتخابات واللغط الحاصل المقصود او غير المقصود في تناول الموضوع عبر المقالات والمداخلات التي نشرت في اكثر من موقع حتى الان ، وسعيا منا لكشف الحقيقة بتجرد وموضوعية ولتسليط الضوء على الزوايا الخفية التي لم تتضح للبعض ارتأينا الخروج بهذا المقال الراصد والميداني الذي ينقل الحقائق عبر المشاهدة العيانية من ارض الميدان لقناعتنا بان من يعش ويعايش الحالة او التجربة بنفسه يوميا وميدانيا على الارض ويعرف الحقائق بجزئياتها وتفاصيلها الكبيرة والصغيرة ليس كمن يكتب بناء على ما يتم تداوله او نقله اليه عبر الاف الاميال او استنادا الى تصوراته واستنتاجاته الخاصة ، وليس ايضا كمن يكتب من برجه العاجي ومكانه الاثير متحاملا او شامتا او مأخوذا بنشوة الفرح لخسارة مرشح زوعا في الانتخابات ليقوم بتسويق الاضاليل وترويج البهتان عبر مقالات اقل ما يقال عنها انها تفتقر الى المهنية والتجرد والحصافة والمصداقية  لنقول :

ليس تنامي الوعي القومي ( مع الاعتزاز به لو تنامى بأتجاه استنهاض طاقاتنا وحشد جهودنا وقوانا واستجماعها وليس بعثرتها وتبديدها على نحو ما هو حاصل الان ) لدى ابناء شعبنا من الكلدان والسريان في منطقة سهل نينوى ،ولا تراجع شعبية زوعا حسب ما يحلو للبعض ان يردد بسبب اوضاعها الداخلية وقيام بعض اعضائها السابقين بتسريب ما هو متعلق بشأنها الداخلي والتشهير بقيادتها علانية في الوسائل الاعلامية وانعكاس ذلك حسب تحليلاتهم على النتائج المتواضعة  لمرشحها لهذا المقعد ،ولا عظمة او عراقة التأريخ السياسي الشخصي للمرشح  المنافس المرتقب والمنتظر فوزه في هذه الانتخابات – مع جل الاحترام والتقدير له – ولا جهة انتماؤه الحزبي والكنسي  والمناطقي هي سبب الخسارة ، فهذه جميعا لا تمثل اسبابا جوهرية تدعو لتعليق اخفاقة زوعا ومرشحها في هذه الانتخابات على شماعتها للاسباب الاتية :

1-لان تنامي الوعي القومي لا يقتصر على منطقة دون اخرى فاذا صح هذه الامر في نينوى وسهلها فلماذا لا ينسحب الامر على بغداد ويصح فيها ؟ لماذا يفوز مرشح الكوتا المسيحية عن الحركة الديمقراطية الاشورية في بغداد ويخسر في نينوى ؟ اليست نفس الجماهير قد صوتت لمقعدي بغداد ونينوى وغالبيتهم من ابناء شعبنا من الكلدان والسريان لانهم يشكلون ثقل شعبنا في المحافظتين ؟

2-لان البعد الطائفي والمناطقي والاعتبارات الشخصية المتعلقة بمؤهلات المرشح وجماهيريته ووزنه الاجتماعي وتأريخه النضالي وقوة شخصيته تكاد تتماثل لدى المرشحين او تتقارب الى حد كبير ولا يوجد بينهما افضلية  يعتد بها ويمكنها ان  ترجح  كفة احدهما على الاخر كما نعتقد .

3- اذا سلمنا جدلا بفرضية تنامي الوعي القومي لدى ابناء شعبنا من المكونين الكلداني والسرياني كما يروج البعض ويتشدق وربطنا به مباشرة مسألة اخفاقة زوعا في الانتخابات الاخيرة وعزوف اغلبية ناخبي شعبنا عن التصويت لمرشحها فكيف يفسّر لنا اصحاب هذه النظرية قيام اغلبية الناخبين من ابناء شعبنا بالتصويت لقوائم  ومرشحين من خارج بيتنا القومي الى درجة ان تلك القوائم ومرشحيها قد نالت واستحوذت على الغالبية العظمى من اصوات ناخبينا في الوقت الذي يشهد فيه العراق ومنذ العام 2003 وحتى اليوم مدا واستقطابا قوميا ومذهبيا واثنيا متناميا ومن النادر ان تجد في أي من المكونات العراقية كبيرها وصغيرها من يمنح صوته لقوائم او مرشحين لا ينتمون اليه قوميا او دينيا او مذهبيا ، فهل هذا هو الوعي القومي الذي يبشرنا به هؤلاء ( ان نبدد قدراتنا ونشتت اصواتنا بين القوائم الوطنية التي لا تكترث في غالبيتها لهموم والام شعبنا ) ؟ وبالعودة الى النتئج والارقام الاولية المعلنة من مفوضية الانتخابات حتى الان ولاحقا النهائية وفيما يخص بلداتنا ومناطق تواجد شعبنا تتأكد له هذه الحقيقة المرة وكيف ضاعت اغلبية اصواتنا بين القوائم الاخرى .

4 اما حديث البعض عن تراجع شعبية زوعا في اوساط شعبنا الى حد تبشيرهم لنا بقرب افول نجمها وغروب شمسها ، فأنها اضغاث احلام وامنيات خائبة لاصحاب النفوس المريضة وتندرج في اطار الشماتة التي يحلو للبعض ان يفصح عنها بلا تردد او استحياء بسبب تضاؤلهم وتقزمهم امام زوعا وتأريخها وتضحياتها وسجلها المرصع بدماء الشهداء ، لان زوعا ما زالت لها نفس المكانة والاحترام في قلوب الجماهير المؤمنة بها وبنهجها كطليعة امة تتقدم الصفوف في المعتركات والشدائد وصاحبة الارث القومي والنضالي الغزير والتي لا تتوانى عن المجاهرة بالحق وتقديم التضحيات لبلوغ الاهداف مدافعة باستماتة عن حقوق وكرامة شعبنا مهما كلفها ذلك من ثمن . هذا هو الواقع وهذه مكانة زوعا في قلوب ونفوس احرار امتنا رغم ضيق اليد التي يعيشها شعبنا ورغم الاغلال والقيود التي تكبله ورغم الظلم والظلمات التي تحيق به وتلاحقه ، ولن تنال من هذه الحقيقة او تحجبها تضليلات المضللين وشماتة الشامتين وتشكيكات المشككين ..

بأختصار شديد وبلا مواربة او تردد وبوضوح  نقولها : ان سبب اخفاق او خسارة زوعا ومرشحها لمقعد الكوتا المخصص لشعبنا في مجلس محافظة نينوى وللدورة الثانية على التوالي هو المال السياسي الذي تحوز عليه بعض الجهات في شعبنا وما عداه يعد امورا ثانوية لا تؤثر على النتائج بشكل جوهري ، اجل انه المال السياسي الذي يضخ ويتدفق منذ سنوات تحت اغطية وعناوين وذرائع شتى ومن مصادر وعبر قنوات معروفة لكل فرد في شعبنا ، يضخ الى مؤسسات وفعاليات وأنشطة معروفة الهدف والولاء لها علاقة مباشرة بحياة ومعيشة طيف واسع من شرائح شعبنا في منطقة سهل نينوى ،وهذه الاموال يتم استغلالها والتلويح برونقها وبريقها في كل محطة او استحقاق انتخابي أي يتم ابتزاز شعبنا بها في معيشته وحياته اليومية  للتأثير على موقفه وقراره الانتخابي ودفعه بأتجاه مرشح دون اخر لضمان تسخير ذلك الصوت او المرشح لمصالح اطراف بعينها في صراعاتها مع اطراف اخرى داخل مجلس المحافظة على خلفية نزاعات واصطفافات وتقاطعات قومية وسياسية ومصلحية لا ناقة لشعبنا فيها ولا جمل ولا يصح ان يكون طرفا فيها ، وتجربة ممثل شعبنا في مجلس محافظة نينوى المنتهية ولايته ومقاطعته لمجلس المحافظة لثلاث سنوات من عمر المجلس دليلنا على ذلك .

وفي جميع الاحوال فأننا نبارك للفائز من مرشحينا وندعو له بالتوفيق فيما ينتظره من مهام جسام في مجلس المحافظة ، وسيكون عليه التصدي الشجاع لهذه المهام والمسؤوليات لأنه سيكون ممثلا لشعب ومؤتمنا على حقوق ومصير امة تتشبث بالمستحيل للبقاء ومواصلة المسير رغم المأسي وعاتيات الدهر ، وسنكون جميعا عونا وسندا وظهيرا له في مهمته الشاقة لحصاد النتائج والثمار الافضل لاهلنا ، عليه ان يكون قريبا من شعبه لصيقا بهمومه معبرا عن الامه واماله  ، وعليه قبل كل هذا ان يمحي ويزيل الصورة السلبية المترسخة في اذهان وضمائر شعبنا عن اداء ممثل شعبنا للدورة المنتهية الذي كان عقيما وعبثيا وغير مجد ، واخيرا عليه ان يكون دافع قربه او بعده من هذه الجهة او تلك منوطا ومحكوما ومرتبطا بمصالح شعبنا العليا ومدى حرص واستعداد تلك الجهات والاطراف لدعم ومناصرة  قضية وحقوق شعبنا المظلوم والمستباح والمستعبد وكفانا ذلا وهوانا .

وفي الختام وبعيدا عن موضوع الانتخابات ولكن قريبا من هموم ومأسي شعبنا نناشد ونتمنى على من يصفوا انفسهم بنخب امتنا ومثقفيها من الاعلاميين والكتاب والناشطين القوميين ، نناشدهم قول الحقيقة كاملة في كل المظالم والانتهاكات والتجاوزات التي تطال وتلحق بشعبنا في كل مكان ومن أي طرف كان وليس التواري والانكفاء والاقتداء بالنعامة عند الشدائد والمخاطر او تقديم التبريرات والدوران حول الحقيقة وهي واضحة جلية او قول نصفها مداهنة وتملقا او خوفا وحرصا على علاقة شخصية هنا او لاستجداء موقف ذليل هناك طمعا في جاه او منصب او رغبة في تحقيق مأرب .

وليعذرنا القراء الكرام والمتداخلين الافاضل عن عدم الرد على اية مداخلة تأتي على مقالاتنا ، على اننا نشكرهم سلفا على الايجابي من ردودهم ونحترم ونقيم عاليا المنتقد منها الذي يسعى للاصلاح والبناء وتعزيز الحال وتقويم المسيرة وهدفه النهائي خير الامة ورفعتها وليس التخريب والتنكيل والتشفي والتجريح ، ونعتذر ومن باب اولى عن الرد على السباب والشتائم التي الفناها من البعض الذي اعتاد اشهار سيفه وشحذ قلمه ولسانه على زوعا وابنائها على الدوام (نتمنى من القلب صادقين ان يكون ظننا في غير محله ) ، نعتذر عن الرد على هؤلاء ليس عجزا او ضعفا وانما ترفعا وتساميا وتجنبا للانحدار الى غث العبارة وبذئ القول ، فنحن لسنا من هواة المساجلات والمماحكات والسفسطات العقيمة ولا ننحدر الى المنزلقات النتنة ، لأننا قد تربينا في مدرسة زوعا الكريمة ونهلنا القيم والاخلاق من معينها وتراثها الثر ، وهذه التربية تأبى علينا الانحدار الى سوقيات التعبير ورث الكلام وركيك النعوت والاوصاف الذي يحفل به قاموس البعض من اصحاب النفوس الضعيفة .

وليارك الرب بجميع الباذلين والمضحين والساعين الى خير امتنا الذين يواصلون الليل بالنهار عملا دؤوبا بصمت وهدوء ونكران ذات لا ترتقي الى حدوده الدنيا جعجعات الكثير على المواقع الالكترونية رغم وعورة الطريق وظلامه  ورغم عثراته واهواله .

 

الحقيقة ومصلحة شعبنا من وراء القصد