ألقوش التي صعبت على أنياب الفاشست لن تخدشها مخالب شراذمهم

 

                                                                                                                

                              

                                       

                              

                                      

                                شوكت توسا

        

 

 

        حلقه رقم واحد

 

الحلــــقه الرابعه  عشر

   في خاتمة الحلقه الثالثه عشر,  إعتذرنا عن تأخير  الحلقات  بسبب السفر وها قد عدنا  لإستكمال ما تسخى به علينا  الذاكره .

   بيان اذار و طلبة الجامعه

   كان يوم إعلان البيان يوما مميزا في تاريخ العراق المعاصر لما بعثه من بهجة وأمل في نفوس العراقيين , فقد دبت في النفوس  نشوة إطلاله الانفراج  والجميع يراقب بلهف مصداقية صائغيه  و الجديد الذي سيلد بعد عسر مخاض الجبل والسهل  والكل يتمنى  أن يتعض  الحاكمون والمتبارزون  ليلتفتوا  ولو لوهلة  الى هموم المواطن ومعاناته الطويله بعيدا عن الشعارات والإحترابات المفتعله .

  بالنسبة لطلبة جامعة الموصل ,التقدميون منهم بشكل خاص, سادتهم عين المشاعر إعتقادا منهم  او هكذا تمنوا أن في هذا البيان فاتحة خير باتجاه تحقيق ما ناضلوا من اجله  بعد طي صفحة القمع والملاحقات  و وضع خاتمه للإقتتال الذي أنهك البلاد والعباد , والا كيف  ومتى يشرع المسؤول في تحديث الجامعات والمدارس مع هذا الهدرفي الأرواح و الاموال .

   كان الوسط الطلابي التقدمي  المحاصر يتنـطـّر بلهف كبير تلك اللحظة التي تكف فيها أجهزة البعث القمعيه المجرمه عن ملاحقة كل ما هو غير بعثي ,فالسجون كانت تعج بمعارضي سياسة  النظام  البوليسيه,   لذا كان إصدار العفو وإطلاق سراح المسجونين من أولويات امنيات السجناء و ذويهم المعذبين ,  لكن ما كل ما يتمناه المرء مدركه  حيث المراوغات المتبادله  بسبب العقليه التي بنيت عليها مفاهيم البعث حالت دون جني اي ثمر , كما ان  أوضاع الشيوعيين ومؤازريهم لم تشهد اي تحسن , لا بل  إزداد تعسف أجهزة البعث وتطورت  بهلوانيات أساليبها  في إفتعال الازمات  وخلق الحجج لمطاردة  الطلبة الشيوعيين والمنتمين للإتحاد العام للطلبه و التضييق على تنظيمات الطلبه الأكراد الذين يفترض  التعامل معهم كحلفاء  حسب بنود بيان آذار.

  أغنيه ودبكه ألقوشيه في حدائق الجامعه:

    في أحتفال يوم جامعة الموصل الذي يصادف مطلع نيسان من كل عام, إعتاد  البعثيون  طيلة سنوات حكمهم على إحتكار فعاليات غالبية المناسبات الطلابيه و حصر برامجها فيما يقدمه تنظيم اتحادهم  الموصوف زورا بالوطني لانه يأتمر بتوجيهات حزبه  الواحد  مما كان يـُفقد المناسبة طعمها الوطني والطلابي  ويزيد من حنق جماهير الطلبه نتيجة هذه السلوكيات.

    بتزامن الاحتفال مع اعلان البيان كنا كطلبه نتوقع  سلوك إحتفالي وخطاب مغاير لما سبق , لذا كطلبة القوشيين  تجمّعنا من مختلف الكليات في صحن الجامعه للمشاركه لو تسنى لنا ذلك او  على الاقل مشاهدة  ما سيجري ,أثناء تجوالنا في أروقة الجامعه وحدائقها و بين الخيم  فوجئنا بمكبرات صوت تم نصبها  لبث أغاني داؤود القيسي ودلال شمالي التي عكست حالة من الضجر والتذمر .

    كان الأكبر سنا بيننا المرحوم (الطبيب) بهنام متي جهوري ,لذا تقدّم  المرحوم رهطنا  في تجوالنا , وبينما كنا نتجول  صادفتنا خيمه  يصدر من مكبراتها صوت المغنيه السوريه دلال شمالي وهي تغني  أغنيتها البعثيه من قاسيون أطل يا وطني , من شدة ضجرنا وقرفنا من الحاله  تقدم أحد الزملاء من مجموعتنا  وتسلل داخل  تلك الخيمة , وبحركه وديه مخادعه تمكن من إسكات الأغنيه  وخطف المايكرفون  ثم راح يغني _ ليلي  كني ليلي  مالخ مني واي واي, أغنيه تراثيه القوشيه, وما كان منا إلا ان تراصفنا وأمسكنا بأيدي بعضنا البعض للدبكة على صوت ولحن الأغنيه , وإذا بأجواء  الإحتفال  تنقلب الى حفلة  القوشيه  جذبت العشرات ممن إستطابهم هذا التغيير في الجو .

    شاط َ غيض البعثيين مما شاهدوه , ( على طريقة سي  أحمد وسيبويه ) , كيف لا وقد خمد صوت  دلال شمالي  بصدح أغنيتنا الالقوشيه السريانيه ودبكتنا الجميله التي جذبت طلبة الجنوب والشمال  للرقص معنا  وهم يرددوا أهزوجاتهم الجميله ,  أثناء ذلك أحسسنا ان هناك من البعثيين الحاقدين من دفعه حقده الى محاولة  قلب الجو  الى مشاجرات وعراك  ,و لكن نصيحة الأخيار لنا  بإتقاء شر البعثيين و رجال أمنهم الذين  ملأوا حرم الجامعه ارشدتنا الى تفادي مشكله  ربما كانت تنتهي  بنا الى قضاء ليله او ليلتين على الاقل  في ابو زعبل , فإضطررنا الى الانسحاب  بهدوء ومواصلة المسير بعد ان أطلقنا واحدة من الحسرات المكبوته في صدورنا , وعندما شعرنا  فعلا بان مجموعتنا الألقوشيه اصبحت مراقبه من قبل رجال الأمن بكل ما سنفعله , لذا إكتفينا بذلك القدر وتفرقنا بشكل هادئ .

    في غرفة القسم الداخلي , جلست أقص على زميلي متي  البازي بعضا مما حصل , فجأة  دخل علينا السيد دنخا البازي(ابن عم متي البازي)  حاملا بيده بدلة مكويه ملفوفه بجريده , وهو الملقب بابي باز, شيوعي رافق المرحوم ابو جوزيف معظم فترات نضاله الأنصاري المسلح , في حلقه سابقه كنا قد اشرنا الى ان فصائل الانصارالشيوعيه  لم تستفد من بيان آذار سوى حيازة هويه (بيشمركه) لضمان نزولهم الى قراهم  وحتى ذلك كان بحذر  وحيطه , وهذا ما أكده  طيب الذكر توما توماس في اوراق مذكراته  , لذاربما كان ابو باز  قد قدم من شيخان الى الموصل مستخدما تلك الهويه ,  مهما يكن ,جلسنا نحن الثلاثه نتبادل الأحاديث ومن خلالها أكملت  سرد ما حصل  معنا في الجامعه  ذلك اليوم , قبل ان يغادرنا ابو باز ألقى بتعليق فكاهي أذكـِرّه به كلما التقيته, حيث قال مازحا : انتم الالقوشيون تياريه أقحاح , دمكم حار وراسكم قوي  .

   حادثه طريفه في القسم الداخلي رقم 6 :

   في ليالي قسمنا الكائن في منطقة الفيصليه مقابل بانزينخانة النصر , إعتدنا كمجموعة اصدقاء من برطله وبخديدا  بعد  العشاء وإكمال الواجبات اليوميه  , إعتدنا  سماع صفارة الصديق صليوا( كنا نلقبه بالعمده) إيذانا لمجموعتنا التي تجاوز عددها العشرة  بالتجمع في  أحد الغرف لقضاء فتره ترفيهيه قصيره , من بين  المجموعه من كان محسوبا على البعثيين او منتميا للاتحاد الوطني  وآخرون مستقلون , لكني بصراحه كنت أحس بأن رابطا إثنيا /دينيا كان يجمعنا  كطلبه كلدواشوريين سريان  ويوطد من علاقاتنا, وللأمانة اقول بانني  لم اشهد يوما من هذه المجموعة عدا الطيبة والمحبه , لا ادري إن كان السبب في ذلك  هو عدم إهتمامهم  بالامور السياسيه   ..... كيف ؟

    في أحد الأماسي, خلاف المعتاد ومن دون صفاره , جاءني أحدهم  وأبلغني بأن تجمع الليله سيكون في غرفة فلان (المنتمي للإتحادالوطني) , لبيت الدعوه كما يجب ,و أثناء جلستنا التي غاب عنها أكثر من نصف مجموعتنا , تساءلت ان كان قد اصاب الصفارة اي مكروه !!, اجابني أحدهم مبتسما : كلا الصفاره بخيرلكن هناك امر فضلــّنا بحثه معك على إنفراد .

    مفاد الامرهو ان مسؤول الاتحاد الوطني في الكليه في لقائه بهم (كمنتسبين للاتحاد )طلب منهم ترشيح طالبا مسيحيا يمثلهم في الاتحاد الوطني(ضحك على الذقون) , فما كان من الإخوان الا وطلبوا منه اعطاءهم مهلة يوم او يومين لبحث الامر فيما بينهم , ولهذا السبب دعوني الى هذه الجلسه  الخاصه  بعد ان  حزموا امرهم فيما بينهم على ترشيحي  كممثل لهم في اللجنه الاتحاديه  ,  شرح احدهم لي الأمر ثم طلبوا مني بكل عفويه  قائلين : نريدك ممثلا لنا في الاتحاد الوطني ونرجو ان توافق!!! أصابتني الدهشه من شدة براءة طلبهم , مع ذلك شكرتهم على ثقتهم  بي  ثم اوضحت لهم بشكل جدي بان مقومات  مثل هذا التمثيل  غير موجوده عندي وعلللت  ذلك  مضيفا : لو إفترضنا موافقتي على طلبكم  فان ذلك سيحرجني او  ربما سيحرمني من الذهاب الى بلدتي القوش والسبب معروف . لذا رجوتهم ان ينسوا الموضوع  بالمره  كي لا أسبب وجع راس لهم  ثم  تخرب علينا جلسات امسياتنا  الليليه, اخيرا وافق الإخوه على رفضي وتم ترشيح آخر.

________________________

  الى الحلقه الخامسه عشر