العــراق : تعداد ابناءؤه الأصلاء يتضاءل وقوائمهم الانتخابيه تتناسل

 

 

 

                                                     

                                   

                                           

                                                  شوكت توسا

  في ظرف مضطرب كالذي يمر به العراقيون,ليس عيبا ان يخفق الناخب متوهما في اختيارمن يمثله , مع انه يتحمل قسطه من المسؤوليه , لكن أن يُلدغ  مرتين او ثلاث من نفس الجحر فتلك مدعاة التوقف عندها إن كان هدف الترشيح او الانتخاب هو التغيير وإصلاح الوضع.

بين رغبة التصحيح و معاودة اللدغة, يتوجس مُحبوا الديمقراطيه خشية إنقلاب هذا الإخفاق الى احباط يصل بالناخب الى التفكير بمقاطعة ركنا  مهما (الانتخابات)من اركان البناء الديمقراطي حتى وان لم نعتبره دليلا لتزكية ديمقراطية النظام والمجتمع , ونظام حكم عراق ما بعد 2003  الموصوف بالديمقراطيه والوطنيه زورا خير دليل على كلامنا سيما وكلمة الفصل مازالت تتحكم فيها مرجعيات المذهب والقوميه بعيدا عن  منتديات الديمقراطيين ومؤيديهم , حيث وبشتى الوسائل المرفوضه ديمقراطيا تمرر هذه المرجعيات ما يطيب لها في ظل برلمان انتج لنا حكومه فاشله وقضاء مسيس.

  الخوف ليس من دعوة مقاطعتنا الانتخابات, فهي في حضاريتها وسلميتها يمكنها ان تحقق شيئا  أفضل شريطة أن يـُتفق عليها  شعبيا  بالتنسيق بين أحزابنا كي يُضمَن صداها الوطني والدولي, ولكن آواه من التنسيق وما ادرانا كيف سيتحقق وذروة  تفشي المنفعه الشخصيه في أشدها ليس في أحزابنا  فحسب ,انما جرفت معها قطاعا حسبناه على النخبه لكنه زاد مَعلماً آخر من معالم التدهور على هيبة مكوننا  .

من هنا نقول ان التشكيك بما سنجنيه من مقاطعة الانتخابات للاسباب التي سنتطرق اليها لا يعني: رفضها أو دفاع غيرمباشرعن الكوته المخترقه او تغطيه على تقصير ممثلينا, غير ان السؤال الحيوي هوكيف نضمن لها صدىً دوليا والدولي هذا هو الذي خطط لهذه الفوضى وسلم البلاد بيد المذهبي المتحزب والقومي المتشدد فألقت بنا في غياهب صراعاتهم ومصالحهم .

 قبل ان نقترح او ننادي بدعوه ولتكن دعوة مقاطعة الانتخابات, جدير بنا كمثقفين ان نستجوب انفسنا اولا كي لا نلقي جل اللائمة على غيرنا , هل أدينا ما علينا سواء في نقدنا او دعواتنا بالوجه الذي لا يدع مقترحنا الاخير ينقلب الى مقاطعة انفسنا فيما بيننا, والا نقاطع مَن ونطالب مَن ؟ هل نطالب الراي الدولي (المطنش) ام برلمان وحكومه منغمسه في الفساد, هل نتكل على وضعنا الداخلي( المنهك) مثلا, ان تجاوز حقائق وتساؤلات مهمه يعني تسويف المتوخى من فكرة المقاطعه , ما الضير لو طالبنا انفسنا باعادة النظر في طرائق تفكيرنا كمثقفين او ناخبين لنصنع  خطابا موحدا  نفرضه على مرشحينا قبل ذهابنا الى مقترح غير معلومة نتائجه, اليس افضل من ارتكاب غلطة أخرى نتمم فيها تشتيت  المتبقي من شملنا وجعلنا حصصا  تتقاسمها الحيتان رسميا.

  اما لو تناولنا فكرة المقاطعه من جوانبها الأخرى , سنجد ان في عجالة إطلاق المقترح تجاهل واضح لثوابت نهوض الشعوب وبناء انظمة حياتها المتطوره , حيث أننا في عجالتنا ومن دون دراسه سنتعمد تجريد شعبنا من عناصر المثابره وقدرة فرض ارادته على تنظيماته ,في وقت باتت شعوب الارض بمختلف مستويات ثقافاتها, تدرك بأن الانتخابات ليست بغايه انما وسيله واداة لتفعيل مبادئ وثقافة  تطبيق القانون والديمقراطيه ,على هذا الأساس خاضت وتخوض الشعوب صراعاتها  ومن خلال تكرار تجربة الانتخابات نهض انسانها وطوروعيه وثقافته  لدرجة إعتماد المعايير المجرده في انتخاب ممثليه .

 و في العجاله ذاتها كما هو ملاحظ , تفوتنا في أحكامنا اهمية التمييز بين اجواء الانتخابات في انظمه ديمقراطيه متقدمه وبين  حكمنا عليها(الانتخابات) عندما تكون الديمقراطيه مصطلحا يُتداول شكليا لترقيع الشقوق وتمرير حالات الفساد, إذ بدون العمل على  تأسيس علاقه  بين ثقافة ورغبة الانسان مع مدى تاثيرها في اصلاح اعوجاجات السياسيين  ونخب التغيير(المرشحين) سنبقى نراوح  في اماكننا , بالطبع ليس سهلا تحقيق مثل هذه العلاقه الحيويه بمجرد الكلام عنها,  فهي  بدورها تتطلب  إصدار قوانين وضوابط  يتم تثبيتها  اولا في أدبيات أنظمة الاحزاب نفسها لتطبيقها داخليا ثم يكون الأنطلاق الجماعي  الى بلورة  قرار مجتمعي يتم تشريعه كقانون يلزم البلاد  ويرغم المرشح في خوض منافسة شريفه  لطرح برنامج يستطيع الالتزام به ويجذب الناخب اليه .

 بمناسبة ذكرالنقطه أعلاه واهميتها, انا اشك في مصداقية السياسي والمثقف الذي  يطلب من الرأي الدولي صدىً ومن الحكومه واحزابها موقفا ديمقراطيا في حين هو نفسه يـتافأف من الالتزام بها وتطبيقها مع انه مكثار التكلم عنها في العلن  او داخل تنظيمه الحزبي .
انه قدرنا وليس جلدا لذاتنا عندما نقر بان إحقاق التغيير يبدا من مقاطعة (الأنا) التي في داخلنا كل من موقعه  كي نتجرأ التحدث حول تعاقد منتج  بين ارادة الناخب و برنامج المرشح , اذ لا يعقل غضنا الطرف عن واقعنا الذي يستحيل فيه انتاج ما نتمناه , والا كيف نفسر اسباب منحنا الكوته؟ هل من اجل سواد عيوننا وخوفهم منا  ام ترضيات تبادلها الكبار فيما بينهم وارتضاها ممثلونا مضطرون و خائفون على مصيرها  الذي لم يختلف عن مصير تلك الغيمة التي خاطبها الخليفه قائلا اذهبي حيثما تشائين  فخراجك هنا , في حين ممطالاتهم في اقرار قوانين مهمه  كانت واضحه ازاء كل ما من شأنه تحسين وضع الناخب ومساعدته في ازاحة المفسدين و الفاشلين امام الأكفأ والانزه.اذن عدم تشريع  القوانين الحيويه لم يكن سببه عدم قدرتهم انما منافعهم  الضيقه هي التي دعتهم الى هذا التماطل والتسويف .

كعراقيين, فرض علينا خوض صراع  داخلي لا احد يعرف مداه  ونتائجه, واجهنا فيه  خيبة تلو اخرى في اكثر من دوره انتخابيه ولاسباب تطرقنا الى القليل منها , لكن يبقى الأمر المعول عليه هو إدراكنا لحجم المسؤوليه التي يتحملها الناخب  وعلى اساسها يكون البحث عن الحل  الممكن  وليس الافضل ,هذا يعيدنا الى موضوعة عنواننا وسالفة الكوته, التي يشفي البعض غليله حين يصفها بالمسيحيه نكدا بالذين يريدونها قوميه لغرض في نفس يعقوب, لكن الصحيح  في نظري ان كلتا الوصفتين اصبحتا بلا قيمه ومن السذاجة تفضيل احداها على الاخرى ما دام تمثيلها اصبح من جانبنا وسيله للتنافس على اقتناص المكاسب , والجانب الاخر ينظرالى كوتتنا اللادينيه واللاقوميه ملعبة بيده يمطها ويضغطها متى ما شاء نتيجة  ضعف ثقافتنا السياسيه التي أرهقت مكوننا القومي وطنيا .

مثل هذه المتعرجات السياسيه , مفروضا على سياسيينا ومثقفينا العمل على تسويتها قبل ان يصاب شعبنا بالعقم  إلا من تفريخ وتفقيس  قوائم, تتنافس على ماذا؟  انها مهزلة ام المهازل يا اخوان .

   هل فينا من احد يصعد المنبر ويقول اني أخطات و فشلت يا ناس, أعتذر واترك الساحه لمن يرى نفسه بحجمها  كما فعلها الكثيرون من محبي شعوبهم واوطانهم.

شعبنا ينتظر بلهف عساه وعله  يحظى بكلمة اعتذار من احد اعضاء القوائم الثلاث عشر عن خطأ وليكن في زلة لسان نطقها بحق اخيه ورفيقه ؟

هل يعقل ان الجميع أنبياء معصومون؟

 

 

الشعب والكوته من وراء القصد