أحكام وليدة أنظمة مبادة .....  وإلا ماذا؟

 

                                                                          يوسف زرا                                                                       

اعتادت قيادات بعض الدول في العالم الثالث ومنها الإفريقية والشرق أوسطية بصورة خاصة، والتي تتسلم الحكم عبر انقلابات عسكرية بتسمية عملية السطو على السلطة بالثورات التاريخية متباهية بها، ومنها ثورة قدميه أو شعبية، وقد تأتي بتسميات معاصرة كديمقراطية وتحررية، وبعبارات تشد السامع إليها، بتعداد جداول بالطموحات الشرعية لشعوبها بكذا و كذا مكاسب. وكانت تسرع بإذاعة البيان الأول، معلنة الفرحة الكبرى كما اعتادت على تسميتها وكأنها مفاجأ آت لشعوبها واهبة لها حقوق تاريخية لا مثيل لها بعد تغيير القيادات السابقة والإطاحة بها، وتسمية فترة حكم الأنظمة السابقة ب (المبادة). وكان هذه العملية جأت بكل ما هو جديد لحياة شعوبها الطموحة إلى التغيير والتطوير والعيش الرغيد، وبموجب كذا دستور معاصر لم تتمكن أية قيادة وحكومة في المنطقة سابقا تحقيق الازدهار الاقتصادي والأمني الاجتماعي وحرية الفرد في التظاهر السلمي وابدأ الرأي وبدون إكراه ومحاسبة أو تضييق من أجهزة الدولة الأمنية المتخصصة وغيرها. وفي طفولتنا وللمذاكرة، كنا قد سمعنا الكثير في فصلي الشتاء والربيع بهطول أمطار غزيرة وسقوط بلورات ثلجية (الحالوب) وسببت إبادة جميع حمولة أشجار الفاكهة في البساتين والكروم. وان فيضانات مدمرة اجتاحت مزارع وحقول خضراء وهلكتها مع قطعان من الماشية والحيوانات البرية والدواجن إلى جانب غرق العديد من القرى الصغيرة مع فقدان الكثير من سكانها.

وان حروب نشبت بين عدة دول ودارة بينهما معارك طاحنة وأبيد الكثير من أهالي مدن وقصبات وقرى عديدة. ولم ينج منها غير القليل من الآباء والأمهات العجز وأطفال رضع.

بمعنى إن (الإبادة) بمفهومها اللغوي والعملي هو القضاء على جميع مكونات أحياء الأرض بما فيها من النباتات والحيوانات والإنسان معا.

لو تمعنا جيدا إلى ما يحدث حاليا على ارض الواقع في كثير من دول المنطقة التي انطلقت فيها ثورات شعبية واستمرت أيام وأشهر وقدمت الكثير من الضحايا من الشباب والرجال وحتى من الأطفال، وتم إسقاط غالبية الحكومات التي كانت قائمة فيها ومنذ عدة عقود، ومنها ....تونس، مصر، ليبيا ولازالت ثورات مشعلة في كل من اليمن بشقيه الشمالي والجنوبي وسوريا والبحرين وقد تندلع ثورات في دول أخرى في المنطقة أجلا أو عاجلا.

وان ما تبثه الفضائيات المتعددة في نشراتها الإخبارية العادية والعاجلة معلنة فرار رأس النظام المباد ومقتل دكتاتور النظام المباد وإحالة رئيس النظام المباد إلى المحاكم المختصة لكذا دولة وغيرها. وكان الأمر انقلاب الأرض وبما فيها رأسا على عقب، وجيء بقيادات جديدة لا صلة لها بسابقاتها ولا من مجتمعاتها التي كانت قائمة.وتم نصب فلان من الفئة الفلانية كرئيس للدولة وأخر من الكتلة السياسية الفلانية كرئيس للوزراء، وأخر من الحزب الفلاني قائدا للجيش .... وهكذا يتم إعادة بناء هيكلية الدولة والمؤسسات الأساسية وفروعها من صلب المجتمع نفسه، وتستمر بإصدار القرارات الإدارية والتعليمات الأخرى وفق مضمون نفس الدساتير والقوانين السائدة في الأنظمة (المبادة)، والتي كثيرا منها شرعت وسنت قبل عقود وعقود من السنين ولم يطالها أي تعديل تماشيا مع روح العصر وحاجات المجتمع المتغيرة. لان ذلك لا يخدم الزمر الحاكمة السابقة ولا تقبل التخلي عن كرسي الحكم.