قصة قصيرة

 

في الامتحان يكرم المرء او يهان

 

                                            

                              

 

                  

 

 

                  

 

                                                             حازم زوري

                                  

                            

 

 

                 اعتدنا من اغلب قوافل احزاب ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني لشعبنا التنابز والتسابق والتنافس الى حد التصارع فيما بينها على ادعاء خدمة شعبنا والحرص على مصيره ومصالحه منذ سنوات لدرجة انها لا تدع فرصة ولا توفر مناسبة الاٌ واصٌمت اذاننا بهذا الخطاب الرطن والمكرر والمتهافت الذي اثبتت التجارب والمحن انه خطاب عليل هزيل لا يصمد امام العواصف ولا يساوي حتى قيمة الحبر الذي يكتب به لدى بعضهم الى حد انهم ارهقوا شعبنا وجعلوه يتخبط تائها بين عناوينهم وشعاراتهم ، وكما هو واضح في هذه الايام فان الاصوات العالية والشعارات الكبيرة والمزايدات العقيمة لبعض احزاب ومؤسسات وكتَاب شعبنا قد غابت وان البعض قد انعقد لسانه وخفت صوته وانكفأ متقوقعا متراجعا ومؤثرا الاقتداء بالنعامة والانسحاب الى المواقع الخلفية الآمنة في واحدة من المحن الكبيرة لشعبنا وواحدة من الاختبارات الجدية لهم والتي تضع الرجال واصحاب المسؤولية على المحك وامام مفترق طرق كبير في ان يكونوا او لا يكونوا الا وهو موضوع الابراج الاربعة المزمع انشاؤها في بلدة عنكاوة تاركين هذه البلدة وشعبنا فيها ليواجه مصيره لوحده في مشهد رث وموقف غير مكترث وكأن الامر لا يتعلق بمصير شعب اتخذوا من انفسهم اوصياء عليه وقادة له لدرجة ان بعضهم شَح حتى بموقف تعاطف او بيان ادانة لما يمارس بحق عنكاوة منذ سنوات من تجاوزات بمختلف الصور وامتهان ممنهج تحت مسوغات وذرائع التطوير والعمران والذي  لن يكون اخرها مشروع الابراج الاربعة .المهم في الامر هنا هو التفاوت والتباين الواضح في مواقف احزاب ومؤسسات شعبنا من هذه القضية سواء المنضوي منها تحت خيمة تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا او ما هو خارجها تبعا للعوامل والمنطلقات والخلفية التي تتحكم بنهج وتوجه كل منها ، وعموما يمكننا القول ان هذه المواقف في مجملها لم تكن مرضية ومقنعة للكثير من ابناء شعبنا  لانها لم تكن بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتق اطرافها ولا تتناسب وحجم الآمال المعقودة عليهم وهي جاءت دون مستوى طموح وتطلعات شعبنا، لكن الادهى والاقسى من كل ذلك والمثير للسخرية ان يعلل البعض ضعفه  وعجزه وتقاعسه عن نجدة اهله بالقول انه يفعل ذلك حبا بهم وحرصا عليهم ،وان يحاول البعض الاخرتسفيه الامر وتبسيطه وافراغه من خطورته مبررا تهاونه في نصرة اهله ببريق امل واه وذريعة وعد مهلهل خال من أي ضمان مؤداه ومفاده ان يتم توزيع شقق هذه الابراج مستقبلا على اهل البلدة حصرا.

وايا كانت مبررات هؤلاء وحججهم واسانيدهم في تسويغ وتسويق موقفهم من هذا الموضوع ومن الحيف الذي يحيق باهلهم في عنكاوة  وسواء اكان ذلك نابعا من الخشية على مصالحهم وامتيازاتهم ونفوذهم من التضرر او كان نابعا من الرهبة والخوف من رد فعل السلطة  وتفضيل الحرص على ديمومة العلاقة الطيبة مع اركانها على حساب المصالح العليا لاهلنا في عنكاوة فأن الامر يستوي والنتائج تتماثل والضحية واحدة لا تتغير وهي بلدتنا عنكاوة واهلها المرابطين الصامدين على ثراها الطاهر.وبالمحصلة سنجد انفسنا وجها لوجه امام الحقيقة المَرة الكبيرة وهي ان عنكاوة قد خذلت بعد ان آثر العديد من عناوين وقيادات شعبنا السياسية والمؤسساتية وبعض حملة الاقلام فيه الاختباء والتواري عن الميدان وبهذا يكون هؤلاء قد فشلوا في الاختبار من جديد واثبتوا بالبرهان العملي والتجربة الحية عدم اهليتهم لقيادة شعبنا وحمل شرف تمثيله والتحدث باسمه والدفاع عن حقوقه كما يزعمون ويروجون منذ سنوات وينطبق عليهم القول المأثور(في الامتحان يكرم المرء او .....)

ان الاصرار على اقامة مشروع الابراج الاربعة على ارض عنكاوة من قبل الشركة المنفذة رغم معارضة واحتجاج اهلها هو الاختبار الحقيقي لصدق الخطاب ومصداقية الطروحات التي يبشر بها كل من تسلل الى الساحة القومية في غفلة من الزمن وفي ظروف شاذة وغير طبيعية او دفع به بارادة من خارج البيت القومي ليجعل من نفسه رمزا او سيدا او عنوانا وفارسا على شعبه في الاوقات المخملية ثم يتوارى عند الشدائد ويؤثر الصمت او التفرج مستكثرا على اهله وقفة عز وموقف تضامن وذلك لعمري هو اضعف الايمان.

اجل...لقد سقطت الكثير من العناوين والرايات والرموز في شعبنا في هذا الامتحان وفي غيره بعد ان خذلوه في اكثر من محنة مغلبين مصالحهم الشخصية او الحزبية على مصلحة شعبهم ولذلك فاننا ننصح هؤلاء وبمنتهى المحبة وخالص النية بالتقاعد عن قيادة شعبنا والتخلي عن دورهم الذي لم يتجاوز حدود التخدير واحيانا التضليل برفع شعارات اكبر من حجمهم واخلاء الساحة لمن هو اجدر منهم بها واكثر حرصا وتفانيا واستعدادا للتضحية وليعلنوها جهارا نهارا وبصراحة وجرأة انهم عاجزين عن خدمة شعبنا وعن تلبية الحد الادنى من طموحاته بعد ان خاب الرجاء فيهم في اكثر من موقعة ومعضلة وسيكون قرارهم الشجاع هذا محل تقدير واحترام شعبنا ودليل وعيهم ونضجهم  واحساسهم العالي بالمسؤولية لان الامر يتعلق بحياة شعب وبمصيره .

واخيرا من حقنا ان نتساءل : لـمَ هذا الاصرار العجيب على اقامة هذا المشروع المثير للجدل على ارض عنكاوة واي ارادة عتية تقف خلفه وتريد له ان ينهض ويقوم بأي ثمن رغم ارادة اهلها ؟ الم يكن بالامكان حل هذه المعضلة بقرار جريء وتدخل مباشر من حكومة الاقليم قبل ان تستفحل وتولد كل هذا الاحتقان والتوتر الذي من شأنه ان ينعكس سلبا على حالة التعايش والوفاق المجتمعي بين اطياف ومكونات المنطقة عاجلا ام آجلا شئنا ام ابينا ؟كان يصار مثلا الى تغيير موقعه الى مكان اخر او حتى الغائه ، ام ان الامر لم يبلغ حتى الان اسماعها وانظارها ؟ ام ان صراخ واستغاثات ابناء عنكاوة لم تصلها او لا تعنيها او ربما يكون ما يبَيت لهم اكبر وابعد من آفاق وحدود تصورنا البسيط وخارج متناول خيالنا المتواضع المحدود ؟

اسعفونا ايها السادة اصحاب الامر والنهي واسياد القرارهناك بأجابات شافية تنهي ارقنا وقلقنا على مستقبل شعبنا لديكم وتضع حدا لهذيان محموم ينتابنا منذ زمن لا زال هو اليقين الاوحد والحقيقة الابلغ والاسطع الماثلة للعين والمعانقة للضمير حتى الان  ألا وهي ان رأي وموقف شعب عنكاوة الرافض لاقامة هذا المشروع لا قيمة  ولا اعتبار له حتى الان لدى الجهات المعنية . اغيثونا اغاثكم الله فقد بلغ مَنا الاعياء ووصل باهلنا وشعبنا البلاء حدًا لا ينفع معه أي دواء الاَ موقفا مسؤولا وانسانيا ينصف هذه البلدة واهلها ويضع ارادة اهلها وكرامتهم في المقام الاول ، فهل من مصٍغ وهل من مجيب ؟