مذبحة الأرمن العظمى

 

 

                                          

 

                                                                        

 

                                                                                                     اعداد: ليدا سيمون

 

                                                             

           قام العثمانيون عام 1915 بالتذرع بان الأرمن تحالفوا مع الروس للإستقلال بدولتهم فقاموا بما يسمى بـمذابح الأرمن (أرمنية  تركية: التي راح ضحيتها أعداداً كبيرة من الأرمن و بعضاً من الطوائف المسيحية الأخرى كالسريان الكلدان الآشوريين و غيرهم. تعتبر مذبحة الأرمن ثاني أكبر قضية عن المذابح بعد الهولوكست. الى الان يوجد العديد من المنشآت التذكارية التي تضم بعض رفات ضحايا المذابح و يذهب اليها الارمن كل سنة للتذكار.

 

نبذة تاريخية

عاش الأرمن قرونا عديدة في سلام في ظل الحكم العثماني، وكانوا يتمتعون بحرية العقيدة ويعاملون كأهل الذمة (حسب الشريعة الإسلامية). ولذلك كانت هناك قوانين تحكمهم وغيرهم من الذميين تختلف عن القوانين التي تحكم المسلمين ووضعت الدولة العثمانية محاكم خاصة لمشاكل الذميين ولكن إذا كان هناك خلاف بين أرمني ومسلم، كانت المحكمة حسب الشريعة الإسلامية. وكانوا معفوون عن الخدمة العسكرية ولكن مجبرون مقابل ذلك على دفع الجزية (الضرائب) والتي يقابلها دفع الزكاة للمسلمين للحكومة العثمانية حسب الشريعة الإسلامية. انصرفوا إلى التجارة والصيرفة والصياغة والزراعة. وخلا تاريخهم حتى أواخر القرن التاسع عشر من أي حركة عصيان مسلحة، حتى أن الأتراك أطلقوا عليهم لقب "الأمة المخلصة".

وكانت أعلى الوظائف الحكومية مفتوحة أمامهم فكان منهم الوزراء والأعيان والنواب والمدراء العامون والمستشارون. وفي احصائية أجريت عام 1912 م تبين أن عدد التجار المسجلين في الغرفة التجارية والصناعية في استنبول يبلغ ثلاثين ألف تاجر 25% منهم من الأرمن، و45% من الروم، و15% فقط من الأتراك والباقي من قوميات أخرى.

 

 

 

   بداية الأزمة

بدأت القضية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، إذ إدعت الدولة العثمانية أن روسيا قامت بإثارة الأرمن الروس القاطنين قرب الحدود الروسية العثمانية، فبدأت بتحريضهم وإمدادهم بالمال والسلاح والقيام بتدريبهم في أراضيها وتشكيل الجمعيات المسلحة من أمثال خنجاق و طشناق. وقدمت بريطانيا دعماً قوياً لتلك المنظمات كذلك لأنها كانت تريد تفتيت الدولة العثمانية . حتى أن الزعيم المصري مصطفى كامل يقول في كتابه المسألة الشرقية: "فالذين ماتوا من الأرمن في الحوادث الأرمنية إنما ماتوا فريسة الدسائس الإنكليزية .

وكان قبول الدولة العثمانية إقامة دولة أرمنية في مركزها (في الولايات الستة في شرقي الأناضول) وفي مناطق يشكل المسلمون فيها الأكثرية بمثابة عملية انتحارية للدولة العثمانية. إذ كان عدد الأرمن – حسب الإحصائيات العثمانية والأجنبية كذلك – يتراوح بين مليون ومئتي ألف إلى مليون ونصف مليون في جميع أراضي الدولة العثمانية. لذا لم يعبأ السلطان بالضغوطات الخارجية ولا بتهديد انكلترة وقيامها بإرسال أسطولها إلى جنق قلعة. وحاولت تلك المنظمات المسلحة اغتيال السلطان عام 1905 بتفجير عربة عند خروجه من المسجد. ولكن السلطان نجا، وألقي القبض على الجاني، ولكن السلطان عفا عنه.

التهجير والإبادة

يقول الباحث الجامعي الأرمني آرا سركيس آشجيان: "وتتفق مصادر عديدة على أن يهود تركيا ومحافلها الماسونية كانت عاملاً مساعداً كبيراً على ارتكاب حزب الاتحاد والترقي -غالبية أعضائه من يهود الدونمة والماسون المتنفذون في محفل سالونيكا الماسوني- والسلطات التركية لهذه المجازر. وللذلك ازداد الوضع تأزماً في عهد حكومة الاتحاد والترقي الماسونية، خاصة بعد دخولها في الحرب العالمية الأولى. فاخترقت الجيوش الروسية الحدود الشرقية للدولة العثمانية لتفوقها في العَدد والعُدد بنسبة ثلاثة أضعاف في الأقل. وقامت بمذابح وحشية في القرى الحدودية والمناطق التي استولت عليها. كما قام الجيش الروسي بتشكيل ميليشيات مسلحة من الأرمن لتكون طابورا خامسا. ثم بدأ الأهالي المسلمون يتسلحون أيضا للدفاع عن أنفسهم، ويقابلون هجوم الأرمن بهجوم مثله. يقول المؤرخ التركي البرفسور أنور كونوكجو: "يندر وجود قرية في شرقي الأناضول لم تتعرض لمذبحة أرمنية" .

يدعي الأتراك أن الحكومة العثمانية لم تتمكن آنذاك من حل هذه المشكلة إلا بالقيام بتهجير الأرمن من تلك المناطق الحدودية لتقطع الصلة بين الأرمن وبين الجيوش الروسية. فقامت بعملية تهجير واسعة وكبيرة إلى سوريا ولبنان والموصل. وكان عدد المهجرين كبيرا. ونظرا لضخامة عدد المهاجرين -600 ألف- وعدم توفر الإمكانيات لدى الدولة العثمانية لتنفيذ هذه العملية في ظل فقر الدولة وأهوال الحرب العالمية ، تم هذا التهجير بطرق بدائية جدا، فمات من هؤلاء أعداد كبيرة من البرد والجوع والمرض إضافة لتعرضهم لهجومات مستمرة من السكان المحليين. ويقدر البعض هذا العدد بحوالي نصف المهاجرين أي 300 ألف. على أن هذا العدد هو محل خلاف واسع كما سيأتي.

 

 

 

أعداد الموتى وأسباب موتهم

يتفق معظم المؤرخين على أن عدد القتلى من الأرمن تجاوز المليون. غير أن الحكومة التركية وبعض المؤرخين الأتراك يشيرون إلى مقتل 300,000 آلاف أرمني فقط، بينما تشير مصادر ارمنية إلى سقوط أكثر من مليون ونصف أرمني بالإضافة إلى مئات الآلاف من الآشوريين السريان الكلدان واليونان البنطيين.

 

 

 

ما بعد التهجير

عندما دخل الإنجليز إلى اسطنبول محتلين في 13 تشرين الثاني من عام 1919،أثاروا المسألة الأرمنية، وقبضوا على عدد من المفكرين الأتراك لمحاكمتهم. لكن الحكومة التركية طالبت أن تتم المحاكمة أمام محكمة دولية يكون حكامها من الدول المحايدة مثل اسبانيا وسويسرة. رفضت بريطانيا هذا الطلب، وشكلت محكمة عسكرية بريطانية إلا أنها لم تستطع إصدار أي حكم لعدم وجود أي دليل أو وثيقة تدينهم. ثم قامت البطريركية الأرمنية بتقديم تقرير لهذه المحكمة، لكن تبين أنه لا يحوي على أي دليل. وبحث الانكليز في الأرشيف العثماني وفي الوثائق البريطانية ثم في الوثائق الأميركية، لكن لم يعثر على أي أدلة ضد الأتراك. فقبلت بريطانيا مقابل إطلاق سراحهم مقابل سراح بعض الأسرى البريطانيين .

جاء في دائرة المعارف الكبيرة للاتحاد السوفيتي ( 1926): "إذا نظرنا للمشكلة الأرمنية من المنظور الخارجي رأينا أنها ليست سوى محاولة القوى الكبرى إضعاف تركيا وذلك بمعاونة ومساعدة القوى الانفصالية فيها لكي تتيسر لها سبل استغلالها وامتصاص خيراتها. هذه القوى الكبرى كانت عبارة عن الدول الأوروبية الكبرى وروسيا القيصرية. ولم تكن الحوادث التي جرت عبارة عن وقوع مذبحة، بل مجرد وقوع قتال بين الطرفين" .

وفي 15 مارس آذار قام رجب طيب أردوغان بتشكيل لجنة من المؤرخين لجرد كل الأرشيف العثماني، ثم دعا الحكومة الأرمنية إلى تشكيل لجنة مؤرخين كذلك لبحث المسألة، لكن تم رفض الطلب من قبل الرئيس الأرمني روبرت كوتشاريان.

بسبب هذه المذابح هاجر الأرمن إلى العديد من دول العالم من ضمنهم سوريا، لبنان، العراق. ولا يزال الأرمن يحيون تلك الذكرى في 24 نيسان من كل عام وحتى الآن لا تعترف تركيا بهذه المذبحة.

إلى الآن توجد العديد من المنشآت التذكارية التي تضم بعض رفات ضحايا المذابح ويذهب إليها الأرمن كل سنة للتذكار.