رَشمَخ خناني  

 

   

 

                                              

                                                   بدران امرايا

من موروثنا الشعبي

         لشعبنا الكثير من الطقوس والفعاليات الاحتفالية الاجتماعية المحلية ,  تنفرد بها منطقة عن الأخرى  وهي موزعة على مدار أيام السنة ,منها ما هو قومي صرف يخص بنا ككلدو اشوريين سريان أو ديني استنبط من إيماننا المسيحي .  وهي بالأساس مستوحاة من امتدادنا الحضاري التاريخي الطويل , وقد حفرت مكانتها في ذاكرة شعبنا الفلكلورية, وغدت سمة جمالية  إضافية على سفر موروثنا الشعبي الزاخر, وهنا سأتطرق إلى صفحة مشرقة من صفحات موروثنا الشعبي البهي وهي :

 

    رَشمَخ خناني اسم سرياني مركب معناه رسم , تأشير أو رسامة الحنين,أو رسم علامة الصليب لعلى الرب يحن عليهم ويمطر عليهم بشابيب الرحمة والبركة ,وهو اسم لطقس تراثي  شعبي كان أهلنا يمارسونه في أجواء بعض القرى,  ومحور هذه الصفحة الفلكلورية الناصعة هو الشهر الثاني من السنة شباط شوَط شبَط وهو اسم سرياني معناه السبات أو السكون , فكان لهذا الشهر وقع سلبي في أذهان ومخيلة الناس فرغم قصره وكما يقول المثل السرياني  اشوَط يومي كويي  أي الشباط أيامه مستجدية, ومصدر خوفهم منه لكونه ملعون حسب المعتقدات الشعبية السائدة قديما, لأنه يعيق في مجيء وإطلالة فصل الزهور والبهاء الربيع حلة الأرض الخضراء ,وان مونّه أو القوت الشتوي للناس والحيوانات على وشك أن ينتهي, وهذه من أصعب المشاكل بل كارثة للناس في القرى قديما، وبمجرد إزاحة الشباط يحل آذار مطلع الربيع بيث نيساني , رويعا  فتستبشر الناس خيرا وتتنفس الصعداء ،وانقشع الخوف من الجوع مع شباط وتلبس الأرض حلة بهية خضراء ترمز لديمومة الحياة بتزاوج تموز مع انانا - عشتار لينجبا ثمرة التزوج بقدوم شهر نيسان- نيشَن أي  الرمز الأغر لرأس السنة البابلية الآشورية( اكيتو ) والأرض سوف تمدهم  بالخضار الفواكه ويمكن للناس التعويل عليها في الارتزاق فيما بعد أي يبدأ فصل الانفراج  دونيي صوب روخانا ، وهذا الخوف كان يدفعهم إلى جلب كمية من الرماد قُطما وخلطه بالماء وجعله مثل الحبر بديوثا ومن ثم البدا باستخدامه لرسم علامات الصلبان على الكثير المواد المنزلية المختلفة بطمس الإبهام في الرماد المحلل ورسم الصلبان عليها مثل  مزيدا آنية جلدية لحفظ الحبوب و كوذا , مَشكا  إناء جلدي لرئب اللبن إلى الدهن الحر و تَرقولتا دتَرعا عتبة الدار أكياس المواد الغذائية وأجران الدهن الحر كرعا , كرا  وغيرها ) لجعلها مباركة بقدرة الرب,  وليدوم خير وعطاء و بركة  بُركثا  تلك المواد أو الأدوات إلى حيث بر الأمان مجي الربيع حيث منبع الخضروات كَلالي يروقي والصيف  الذي كان يوصف قَيطا بابا دفَقيري ومسكيني, أي الصيف هو أبو الفقراء والمساكين ، وكان اشوَط شيطا وادَر ليطا ,أي الشباط  مبعثر وآذار ملعون, اشوَط شرمه كويثا أي الشباط مؤخرته مكوية بمعنى انه شهر قصير. اشوَط شيطا وليمي وبابي ليطا أي الشباط مبعثر وملعون من والديه, اشوَط متوالي بختا دبابي شَوَا كَاهي لخيابا  ولا شوقلي دخَيبا أي الشباط جعل زوجه ابيه تحاول سبع مرات أن تستحم  ولَم يدعها تفعل , أي لكثرة تقلبات الجو خلال هذا الشهر. وهناك مثل كردي يقول بفرا سباطى تيتا ودجيت وكو طرا فاتي ,أي ثلج الشباط يأتي ويذهب مثل ظرطة فاتي( مصغر فاطمة ), فحتى ثلجه لا يدوم بالبقاءعلى الارض بل يذوب بسرعة.

 

     وان دلت هذه الممارسات الرمزية على شيء, إنما تدل على روح البساطة والإيمان المسيحي المتجذر والراسخ في وجدان وضمير شعبنا الطيب بكل مسمياته ومذاهبه. 

     ولكن مع تطور مناحي الحياة وعلى جميع الأصعدة وتوفر المواد الغذائية المختلفة , أدت إلى تلاشي وقبوع هذه الممارسة الفلكلورية الإيمانية الجميلة, إلى صفحة النسيان في ذاكرتنا الشعبية , لكن علامة رسم الصليب باليد موجودة في الكثير من الممارسات وخاصة عند بداية أي عمل ....لكن بجمعها وتدوينها وتوثيقها ونشرها بلغات عدة , سيكتب لها ديمومة الحياة . وهذه مهمة كل غيور من أبناء شعبنا.