بَرتَنتّا دخطّي

 

   

 

 

 

                                              

                                                   بدران امرايا

من موروثنا الشعبي   

 الحبوب كمادة اولية تدخل في كثير من صناعات المواد الغذائية الاخرى بعد ان تخضع الى مراحل التصنيع وخاصة الحنطة فهي غنية عن التعريف لانها مصدر الغذاء المهم للانسان والحيوان معا.

بَرتنتّا دخِطّي ( ܦܲܪܬܢܬܵܐ ܕܚܸܛܹܐ ) مصطلح سرياني مركب كسر الحنطة ازالة قشرها , وخطّي اسم سريانيّ معناهُ خَطا اي الخطوط لان سُنبلّة الحنطة تتكون من عدة خطوط عمودية مليئة بالحنطة , وكذلك سِمبيلي الشواب مشتقة من  شْبلّة اي السنبلَة لان للسنبلة شوارب كالرجال وغيرها من الاحياء .

وان المواد المستخرجة منها تكون سمراء اللون ان لم تخضع لعملية مهمة وهي التقشيرة بَرتَنتّا دخطّي اي ازالة النخالة او قشرة الحنطة السمراء عنها  قَلبّا ومن ثم تصبح بيضاء اللون . وهذه العملية كانت تتم بواسطة الايدي السواعد المفتولة لاهلنا قديما, اما حاليا فقد تتم من خلال الطاحونة او بالاجهزة الحديثة ..

ففي البداية كانت الحنطة تسلق في الماء حتى تنتفخ وتنفلق وعندئذ تسمى خَشّي , خَشيشي, وقد تطرقنا الى مجريات هذه العملية مسبقا في موضوع لذاته ,ثم تجلب الحنطة الى المدقة الحجرية خَشولّتا وتوضع حفنة حفنة في المدقة الحجرية  وتبليلها بعض الشيء ( ܡܲܪܝܲܣܬܵܐ ܒܡܲܝܵܐ) وتدق بواسطة مطرقتان خشبيتان تسميان دْنكَي , ميرقطي ثم يجلس شخصان في تقابل حول المدقة ,فيرفع الاول المطرقة ويضربها ثم الشخص المقابل اي يضربان بالتناوب على محتويات المدقة من الحنطة فان نتيجة الضرب المتتالي تتكسر قشرة الحنطة الخارجية بَرتّا ,بعدها تفرغ تلك الكمية من المدقة وتوضع كمية اخرى وهكذا تستمر العملية الى ان تنتهي الحنطة المراد تكسيرها ,بعدها تؤخذ هذه الكمية خارج المنزل وتذرى مدَريتّا في الهواء الطلق بوضعها في تنك ورفعها بمستوى قامة الرجل او المراة وتفرغ بتأني في الهواء فان تيار الهواء يقطع ويفصل الحنطة الثقيلة من النخالة الخفيفة ,فالحنطة كَوركَور لثقلها تسقط مباشرة وعموديا على الارض, اما النخالة يتلاعب الهواء بها لخفتها .

بعد ذلك تظهر الحنطة بيضاء اللون, فتحول عبر الطاحونة الى البرغل كَوركَور ,الجريش كَرسّا  ,الدقيق الطحين قَمخّا,طخونّا  الحبية بَقوتّا ,كشكا  ومواد اخرى .

اما النخالة فانها تستخدم لعلِف الحيوانات ,او لتعبئة دواشيك مهود الاطفال  دَركَوشياتّا او الوسادات بِرشياتا , سبَدياثا  لخفتها.

مار ريشا ددنكَا , اي رأسهُ كالدنكَ وغالبا تكون الدنكَ كبيرة الحجم ,يقال لذوي الروؤس الكبيرة من الناس .

ومن جملة ما قيل عن بَرتّا :

شَوا يالّي دخَلتّا مخيلّي لطينّا دبَرتّا لاّ مصلَي دَاريلي لخاصا دخمّرتا ، سبع اولاد خالة حاولوا وضع حِمل القشرة ( النخالة ) على ظهر الاتان فلم يقدروا . ما معناه ان اولاد الخالة لا يعتمد عليهم عندما تشتد المحن ويجور الزمان.

برونّا دخَلتّا مَخ طينّا دبَرتّا, اي ابن الخالة مثل حمل القشرة ,وهو نفس المثل اعلاهُ.

لوخما دبَرتا واورطيتّا دبولَد, اي الخبز من القشرة والضرطة من الفولاذ , اي من ياكل خبز القشرة فانهُ يكون جوعانا لان القشة او القشرة تكون فارغة من اللب ولا تسند البدن ومن يأكل ذلك الخبز تكون ضرطاتهِ خفيفة  , وهذا المثل الشعبي يضرب للذين هم  فقراء وجياع ويتظاهرون بالغنى والقوة والهيبة الفارغة اي تكون ضرطاتهم كالفولاذ القوي ,في حين ان الحقيقة ليست كذلك .

هذه كانت صفحة تقشيرة الحنطة عند شعبنا قديما , راجين ان نكون موفقين في توثيقها وحفظها من الضياع  واضافتها الى ذاكرة سفر موروثنا الشعبي .