ما بعد رسالة نينوس بتيو

 

                     

       

                

                                                   

 

                                                        هرمز طيرو

               

    

     لم تمض دقائق على نشر مقال رابي نينوس بتيو السكرتير العام السابق للحركة الديمقراطية الأشورية " زوعا " في منتديات Ankawa . com تحت عنوان ( اقتراح ودعوة ) حتى عمت بين أوساط الحزبية والسياسية والثقافية والأجتماعية داخل العراق وخارجه ، موجه من الحراك خصوصاً وأن هذه الأوساط وكل النخب المعنية بالشان القومي كانوا ينتظرون ومنذ اعوام كثيره لمثل هذا المقال ، كيف لا ، حيث أن رابي نينوس بتيو له تجربة ومسيرة نضالية طويلة في العمل القومي الوطني لأكثر من أثنتين واربعين سنة ، متنقلاً بين مراحل كثيره من التنظيم السري إلى مرحلة تأسيس الحركة الديمقراطية الأشورية حيث كان ضمن الرعيل المؤسس عام 1979 بعدها إلى قيادة مرحلة الكفاح المسلح عام 1982 وقد إنتخب كأول سكرتير عام للحركة وأعيد أنتخابه لعدة دورات حتى أنعقاد المؤتمر الثالث عام 2001 حيث انتخب السيد يونادم كنا سكرتيراً عاماً للحركة .

 

    من هنا ، وقبل كل شيء أقول للقارىء العزيز وكافة المعنيين بهذ الشأن بأن موضوع هذا المقال لم ولن يكتب على خلفية أو من منطلق حزبي أو تحييز لهذه الجهة ضد الجهة الأخرى ، بل إنها أراء شخصية لمضمون المقال رابي نينوس وتحليل موضوعي لواقع موضوعي الذي اصبح ظاهرة ثم تحولت هذه الظاهرة شيئاً فشيئاً إلى حقيقة واقعية ( أمر واقع ) حسب تعبيره .

 

    وأستقرءً لسيرة رابي نينوس بتيو وانطلاقاً من مواقفه المبدائية والفكرية اللامشروطة مع الحركة الديمقراطية الأشورية ( نضال وشرعية ) وتوخياً لقول الحقيقة بموضوعية وشفافية وأمانة بعد متابعته للأوضاع الداخلية للحركة – زوعا منذ المؤتمر الثالث عام 2005 ولحد الأن ، فقد أرتأ  نينوس بتيو أن يوجه ثلاث رسائل من النقاط النقدية إلى كافة المعنيين وكما يلي :

 

    الرسالة الأولى : وقد كانت موجه إلى كافة المهتمين بمسيرة العمل القومي والوطني لشعبنا الكلدوأشوري والحريصين كل الحرص على تقدم هذه المسيرة وتطورها وذلك عندما قال

( من خلال متابعتي للأوضاع الداخلية للحركة الديمقراطية الأشورية " زوعا " والتي أراها لا تسير بأنسيابية وتطورية ، ، رأيت أن أتقدم بهذا الاقتراح / دعوة ) .

 

    الرسالة الثانية : حيث كانت في دعوة الحركة الديمقراطية الأشورية ( اعضاء وكوادر وكوادر متقدمة وأعضاء القيادة ) بعدم التقوقع في إطار الشرعية الرقمية ، والعمل على العودة إلى تاريخ ومسيرة زوعا في الشرعية النضالية والجماهيرية وشرعية تحقيق المكتسبات لشعبنا وقضيتنا العادلة

 

    الرسالة الثالثة : وقد كان المقصود بها الاعضاء السابقين غير المتواصلين ( تنظيمياً وعملياً ) مع الحركة –زوعا لأسباب مختلفة سواء من المستقيلين أو المفصولين أو المنقطعين ( ولو إن رابي نينوس يعول ويراهن على تواصلهم فكرياً ومبدئياً مع زوعا ) ومضمون الرسالة كانت ، دعوة هؤلاء القياديين السابقين للعمل على انبثاق تنظيم سياسي والاعلان عنه رسمياً .

 

      الدارس والمتتبع الموضوعي بتاريخ الحركة الديمقراطية الأشورية " زوعا " يلحظ بوضوح بإن الحركة قد تعرضت عبرمسيرتها النضالة الطويلة إلى عدة أزمات خطيرة وذلك بعد سنوات قليله من تأسيسها ، فقد حصل في عام 1986 صراع مزمز ومعقد مما أدى إلى انشقاق ثلاثي القيادة ، وفي العقد التاسع من القرن المنصرم ظهر بوضوح عند بعض القياديين مواقف متذبذة بين الثابت والمتحول خاصة فيما يتعلق الأمر بأليات العمل وأدواتها ، ومع ذلك لم ينل أحد من الحركة الديمقراطية الأشورية ، وبقيت الحركة رائدة وأكثر تأهيلاً من النواحي الفكرية والتنظيمية في المطالبة بحقوق شعبنا وأمتنا .

 

    من هنا فإن رابي نينوس بتيو كمناضل قيادي في الحركة – زوعا ومفكر قومي ، كان ينشد ( في المقالة وأنا اطلقت عليها ( الرسالة التاريخية ) الحقيقة وذلك من خلال رمي الحجر في البركة الراكدة في أجزاء معينة من جسم الحركة ، مما أثار خلال الايام الماضية وبشكل مستمر حراكاً فكرياً وزوبعة هائلة مما أدى إلى فتح الباب لهز المسلمات وبعث الحياة في الساكن . وحسب اعتقادي فإن رابي نينوس بتيو واثق جيداً من إن اعضاء القيادة السابقين لا ينون العمل على انبثاق تنظيم جديد لإنهم متواصلين فكرياً ومبدئياً مع زوعا ( ولا هم راغبون بذلك ) ، وما رسالته إلا من أجل تحريك الساكن ، وما عبر عنه تجاوز مرحلة المشاحنات والتوجه إلى العمل البناء ، مع خلق مجموعة الاضداد داخل المكون الواحد من أجل تكوين حراك ديالكتيكي ، لأن رسالة نينوس بتيو كانت صعقة كهربائية أصابت الجميع وورأها فرصة ثمينة لفرز الاصتفافات وتداول الأفكار الجديدة ، بعيداً عن الطروحات الجامدة والثابتة ، لأن الثابت في هذا الكون هو المتحرك فقط ، وإن الحركات التي تبزغ من اعماق الأمة  والافكار الحية تتغيران وتتبدلان تبعاً للظروف القائمة ، لكن المبادىء العامة ستبقى هي الصحية دائماً . وأنا واثق من إن هذا الحرك الفكري والجدليات التنظيمية سوف تثمر عن نتائج إيجابية وستنعكس على مسيرة حركتنا وشعبنا ، لأن للكتابة أهداف متعددة ونبيلة .  

 

    أما بخصوص بعض الردود التشويهية التي نشرتها بعض وسائل الاعلام فإن العقل الفكري والسياسي لهؤلاء ما زال مولع بأرث السنوات الماضية من نظرية التأمر إلى نظرية الشك في كل الأشياء . وأخيرأ ادعو إلى ضرورة قراءة هؤلاء المقال الذي نشرته سابقاً بعنوان ( تسأولات فكرية .. حول أهمية الكتابة ) .

 

    وفي الوقت ذاته ، ادعو أعضاء الحركة الديمقراطية الأشورية " زوعا " المتواصلين وغير المتواصلين بالإضافة إلى مؤازريها وأصدقاءها ، إلى العمل من الأن وصاعداً والحديث عن الشأنين الداخلي والعام وعن الحراك الفكري والتنظيمي ( ما بعد الرسالة ) لأن ما قبل الرسالة أصبح جزء من الماضي ، أي أن المعطيات ما قبل الرسالة ليست هي ما بعد الرسالة والمياه قد تحركت لصالح الشرعية النضالية والجماهيرية حسب مفهوم الحركة –زوعا الفكري والفلسفي .

 

 وأختم هذا المقال بقولين للفيلسوف الفرنسي التنويوي ( فولتير 1694 – 1778 م ) :

     القول الأول : قد أختلف معك في الرأي ، ولكنني على استعداد أن أموت دفاعاً عن رأيك .

    القول الثاني : كن شديد التسامح مع من يخالفك الرأي ، فإن لم يكن رأيه كل الصواب فلا تكن أنت كل الخطأ بتشبثك برأيك .