موسرديل ..ارث نهريني يزخر بقيم الأصالة

 

 

             

                          

                      بدران امرايا

                  موسرديل او نوسرديل كلمة سريانية مركبة تعني الله يزخ أو يرش ا لمياه ، وهو اسم لطقس احتفالي يعود لقدم التاريخ النهريني حيث استمد من الإرث الحضاري للإمبراطورية الآشورية - البابلية وتحديدا لدى إياب الجيش من المعارك منتصرا غانما على أعدائه

 

حيث كانت تمارس هذه الطقوس الاحتفالية الكبرى  ( نشوة النصر )  في  آشور ونينوى وبابل وفيها كانت الجماهير تصطف على جانبي شارع الموكب المؤدي لبوابة عشتار ببابل لاستقبال ارتال الجيش بصنوفه وتشكيلاته المتعددة للأبطال العائدين من ساحات الوغى حاملين أوسمة النصر والفخر يملا أنفسهم ، وعلى رأس المستقبلين كبار رجالات الحكم والكاهن الأعظم بما فيهم مساعديه وحاشية الملك وعائلته ( ورب شاقا )  رئيس السقاة والأطفال والشيوخ والنساء وكافة الشرائح الاجتماعية الأخرى ولدى مرور موكب القائد العام للجيش  (رب كيسا ) أو ربما في الكثير من الأحيان الملك بشخصه الذي كان يقود المعارك بضراوة لإضفاء روح المبادرة والإيثار في نفسية المقاتلين للدفاع من الوطن ولصد أي مصدر يهدد أمنهم وبلادهم يجرون ورائهم صفوفا جرارة من الأسرى وهم مقيدون بالأغلال يجرون أذيال الخيبة والخسران  . وحال وصول الملك وصفه الأمامي إلى مشارف الشارع تنهال عليهم عبارات التبجيل وزغاريد النساء وحبات من الأرز  وحبوب أخرى وأزهار وأصوات الأبواق والطبول والصنوج مرددين أغاني وأناشيد تضفي الحماسة الخاصة بالغلبة والنصر إلى جانب رش الجنود بزخات من المياه للدلالة على إن المياه عنصر مهم لديمومة الحياة البشرية والحيوانية والنباتية  وعنصر لخصب الطبيعة وللغسل والتطهر الجنود من الدماء العالقة بهم وبأسلحتهم  وتقديم المياه النظيفة والباردة لهم ليكسروا ضماهم حيث كانت هذه المهمة من اختصاص رئيس السقاة في الدولة الذي كان يقود فصيله إلى  مشارف الطرق لاستقبال طلائع الجيش  فضلا عن فصيل السقاة  المرافق للجيش  حيث كانت هذه المراسيم مماثلة لاحتفالات(اكيتو ) الأول من نيسان رأس السنة البابلية الآشورية . ولكن بعد انبلاج نور المسيحية في الشرق امتازت بأول طقس وهو المعمودية المقدسة  التي تتم مراسيمها بصلوات خاصة وغطس الطفل أو الشخص المعمد بالماء وتسميته باسم ما  تيمنا بمعمودية المسيح جل شانه على يد مار يوحنا المعمدان في نهر الأردن ... حيث إن كل شخص يدخل المسيحية كالتزام بأركانها المقدسة  وحال زيادة عدد المؤمنين لم يكن بالإمكان معمودية كل واحد على حد لذلك ذهب التلاميذ إلى جعل المؤمنين يبركون  وبدئوا برشهم بالمياه لإتمام هذا الطقس  المقدس ليستمر أدائه ويرى النور في صفحات تقاويم كنائس شعبنا الكلدوآشوري السرياني ليتواصل هذا السفر التاريخي الحضاري القومي الديني الوطني الخالد وأحياءا لهذا الموروث الزاخر والمبارك يقوم أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني صبيحة احد هذا اليوم التموزي الحار بشد الرحال إلى حيث شواطئ المياه العذبة الرقراقة وهذا طبعا بعد إتمام طقوس القداس الصباحي للكنائس وتناول القربان المقدس  ثم قصد مناطق المياه وشوطيها للسباحة ورش المياه على البعض بحيث لا يترك أحدا دون أن يتبلل وبروح مرحه  إلى جانب ممارستها في جو المدن وبطرق متفاوتة وحسب ما هو متاح ولا يسلم المرضى الراقدين في الفراش من زخات تلك المياه  ، اكتسب هذا العيد عبر التاريخ أسماء عديدة إلى جانب ( موسرديل  ونوسرديل -عيد الرشاش - يوم الله - احد نوسرديل - تذكار الاثنى عشر رسولا ... وغيرها ) لذا ومن هذا المنطلق الإنساني علينا نحن المسيحيين عامة والكلدوآشوريين السريان خاصة أن لا ندخر مشاعرنا الاحتفالية بهذا العيد وممارسة طقوسه الجميلة  لنجعله يوما جديدا لتمتين وشائج الاتحاد بين كنائسنا إلى جانب مطالبة السلطات الحكومية لجعله عطلة رسمية لشعبنا وتغطية فعالياته إعلاميا  ، للاستمتاع بطقوس هذا اليوم الصيفي الممتع وبين أبناء الأمة الواحدة التي خصها الرب بوحدة الأرض واللغة والتاريخ والمشاعر والطموحات والمصير المشترك وبمخلص واحد وهو السيد المسيح له المجد وبمياه معمودية واحدة وبكنيسة واحدة جامعة رسوليه مقدسة  ولاستنشاف عبرة الوحدة القومية الكلدوآشورية السريانية من روافد نهري وطننا العظيمان  ( الزاب الأعلى  والأسفل  والعظيم والخابور....الخ ) كيف يلتقون في دجلة والفرات ومن ثم المصير الواحد بكرمة علي و بشط العرب ، وهنا استذكر مقولة أبينا مثلث  الرحمة البطريك مار روفائيل الأول بيداود حيث قال بالحرف الواحد ( خلاص امتنا يكمن بوحدتها  ) إذا لا خلاص بدون الوحدة القومية علينا أن نستذكر هذه المقولة الخالدة ونسطرها بأحرف من الذهب على ضمائرنا ووجداننا وسفر وجودنا ونبتعد عن أسلوب التراشق وتبادل الاتهامات  بين أبناء الأمة الواحدة كما يحدث الآن على المواقع الالكترونية وتبادل الاتهامات الكلام البذي ونبش بطون الكتب  والاستشهاد بكل موقف مشين ودحض أسس حضارتنا وأسمائنا التاريخية وكيل التهم   يمينا وشمالا ودق الإسفين بين أبناء شعبنا بحجج التباكي على هذه التسمية أو تلك وكتابة مقالات محشوة وملئها السم الزعاف غير هيابين بأننا مهما حصل ومهما كتبوا في أوراقهم الصفراء والمسخمة بالسواد  كوجوههم   لن يغيروا من حقيقة إننا شعب واحد بشيء  وان المحطات الانتخابية الماضية أفرزت الرأي السديد والوحدوي من الزيوان المر كالعلقم  وان نستذكر المناقشات البيزنطية العقيمة التي كانت تدور بين حكام  قسطنطينية ومفادها (هل إن الملائكة ذكور أم إناث ؟ والى ما ذلك  حتى خسروا الجمل بما حمل وسحب البساط من تحت أقدامهم ) ..وان نستعد بكل وعي والتزام أنساني وأخلاقي لان نبين وحدتنا القومية العتيدة واصلنا النهريني المتجذر في التعداد السكاني المزمع إجرائه في المستقبل  بحيث أن نكون مصطفين متوحدين ونختار أو نكتب ما يوحي بجمع شملنا  كشعب واحد وأمة واحدة لا نقبل بواوات العطف الفاصلة والتي  ينشدها البعض  القليل من بيننا وممن يسبحون  بعكس التيار الوحدوي   ويتراقصون  على إيقاع أنغامها النشاز والذين يسعون بتوجههم التخريبي هذا لامحاء وطي صفحة وجود شعبنا  ولا نقبل بان نكون متشرذمين نضحك الآخرين علينا .. ونصب الزيت على النيران التي تحرقنا وتقضي علينا ..فإحصائية شعبنا الآخذة بالتناقص يوما بعد يوم في الوطن لا تقبل ولا تستحمل بان نكون مجزئين أكثر مما نحن عليه .. وان أوضاعهم المأساوية وتسلط الإرهاب عليهم  يدعونا بان نستنفر قوانا و نوحد الخطى والخطاب والتوجه والمبادرة بعمل شيء كتحريك الرأي العام العالمي لمناصرة قضية شعبنا والعمل بكل ما من شانه لا يجاد حل  لأبنائنا الذين يقتلون هنا وهناك ومناصرة وحشد الرأي لإقامة أو استحداث محافظة تجمع لم شمل شعبنا والقوميات المتآخية في سهل نينوى  ...لا أن  نحشو المواقع الالكترونية بالكتابات السواء ضد بعضنا وكأنه فخر ووسام العلى وشرف .. فصدقوني بان هذه الكتابان السوداء ستكون في المستقبل القريب  وصمة الخزي والعار مذيلة بشخوص كتابها وسيخجلون منها  على الرغم من أنهم  يتفاخرون بها الآن ... ونوسرديل مبارك عليكم يا أبناء أمتي الأحبة ..

Badran_0mraia@yahoo.com