نافذة واسعة في حضارة ما بين النهرين

 

في شيكاغو... قاموس سرياني يضم28000 الف مفردة

 

 

             

                          

                     جون نوبل ولفورد / ت: الن البرت

                اكتمل اخيرا بواسطة العلماء في جامعة شيكاغو وبعد تسعين سنة من العمل.. قاموس بلغة ما بين النهرين القديمة ولهجاتها البابلية والاشورية، التي تمتد  لحوالي الفي سنة والمحفوظة في الواح طينية وفي نقوشات الصخر عبر القرنين الماضيين..

كانت اللغة التي تكلم بها سركون العظيم ملك اكد في القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد لقيادة اول امبراطورية في العالم، واستعملها حمورابي حوالي 1700 سنة قبل الميلاد ليعلن عن اول شريعة قوانين.. انها المفردات التي ضمتها ملحمة كلكامش، اول قطعة نادرة من الادب العالمي. في مؤتمر عقد حديثا، توصل التاريخيون والاثاريون والمختصون باللغات السامية الى اهمية وجود قاموس شامل، حيث قال "كيل ستين" مدير المعهد الشرقي للجامعة: "ان القاموس اداة بحث لا غنى عنها لاي عالم في اي مكان يريد اكتشاف السجل المكتوب لحضارة ما بين النهرين".

احد العلماء المُعتمَد عليه في مراحل مختلفة من هذا المشروع منذ سنة 1960 ، جيرولد كوبير، البروفيسور الفخري في اللغات السامية عن جامعة جون هوبكنس، قال ان اهمية القاموس كبيرة، فهو يفتح اغنى المديات للدراسة عن الكتابة المسمارية. قال هذا وهو يشير الى الخط المخترَع في الالفية الرابعة قبل الميلاد بواسطة السومريين في ما بين النهرين.

من المحتمل بانه كان اول نظام كتابة في كل مكان، وان دويلات المدن التي علت وديان نهري دجلة والفرات والتي تمثل اليوم بصورة رئيسية العراق واجزاء من سوريا، تعد اقدم حضارة مدنية ومثقفة. هذا القاموس، الذي يضم  28000 الف مفردة قد عرّف بمختلف ظلال المعاني، يغطي الفترة من 2500 قبل الميلاد. والغريب انه على عكس العمل مثل الابحاث الدقيقة، فان قاموس شيكاغو السرياني اخطأ في التسمية. فعندما تم البدء بالمشروع في سنة 1921 بيد "جيمس هنري" مؤسس المعهد الشرقي، بعض المكتوبات باليد نُسبت للقواعد السريانية.

وكذلك ، فان الاشارات التوراتية تركت انطباعا بان الكلمة "سرياني" كانت مرادفة لاغلب اللغات السامية في العصور القديمة، ولذلك فانه مازالت حتى الان تستخدم هذه الكلمة لوصف الحقل الاكاديمي من الدراسة. في الواقع، فان اللغة الاساسية هي الاكدية.

والقاموس هو اكثر من موسوعة وليس مجرد سرد قليل للكلمات والتعاريف. بعض الكلمات ذات المعاني المضاعفة تكون متبوعة بصفحة بعد اخرى من المعاني والشروحات التي تتراوح بين الادب والقانون والعقيدة والتجارة وكل جانب من الحياة. على سبيل المثال، توجد سبع عشرة صفحة مكرّسة لكلمة "umu" التي تعني "يوم".

والكلمة "ardu" للعبدْ ، تقدم مادة شاملة عن العبودية في الثقافة.

والفعل يعكس حالة المجتمع بحيث ان واحدا من الافعال كـ"kalu" متعدد الاستعمالات يشير في السياقات المختلفة الى الحجز والاعتقال والمقاطعة وهلم جرا،والكلمة "di nu" تقابل كلمة "case - الحالة" في اللغة الانكليزية ، فانها تشير الى حالة قانونية او دعوى او حكم ومحاكمة، اي بصورة عامة كل ما يدل على القانون.

"كل تعبير، كل كلمة تصبح نافذة للثقافة" هذا ما قالته "مارثا روث" عميد العلوم الانسانية في شيكاغو التي عملت في المشروع منذ 1979 واصبحت المحرر المسؤول منذ1996.

"اي لغة حتى ان كانت ميتة يمكنها اثارة نقاشات حية" كما كتب مرة "ماثيو و. ستولبير" البروفيسور من شيكاغو والمتبحر في المشروع. ولاحظ ان ترجمات القاموس تدير السلسلة بين الاستنتاجات المكتشفة الثابتة والمزاعم عن البيانات البسيطة.

وقالت روث ان القاموس باكمله يجهز الاسس التي ستبنى عليها الثقافة فيما بعد.