ا                                     الجزء الثاني

 

مسيحيو العراق  والهجرة القسرية ..اسبابها ومعالجاتها وكيفية التصدي لها

 

 

                      

                      د. غازي رحـــــو

              في الجزء الاول تطرقنا الى اصالة العراقيين المسيحيين وادوراهم في محبة ارضهم ووطنهم العراق وما يعانوه اليوم من ماسي جعلتهم يندفعون نحو الهجرة القسرية وفي هذا الجزء سوف نتطرق الى ما تعانية بعض الاقليات الاخرى  في العراق ...بالاضافة الى  الاقلية الاصيلة من مسيحيي العراق  (الكلدان الاشوريين السريان و الارمن )اللذين هم  امتداد  لحضارات قديمة  بابلية وسومرية واكدية وكلدانية واشورية وارامية وسريانية.. معاناة مؤلمة اجبرتهم القوى الظلامية على هجرة هذه الارض...ارض اجدادهم..وصولا الى الاقليات العراقية الاخرى والتي عانت ايضا وتعاني اليوم مما خلفه المحتل من ماسي ضد جميع الاقليات والذي جاء وبالا على تلك الاقليات وشارك وبقوة في تهجيرها القسري من خلال عدم حمايته لتلك الاقليات وعدم تثبيته لحقوقها كما فعل مع الاخرين  .......

   ولو تفحصنا   المجموعة  الاولى من اقليات  المجتمع العراقي وهم مسيحي العراق   لوجدنا ان هذه المجموعة هم  من السكان الاصليين واللذين لايزالون يستخدمون لغتهم الارامية الفصحى في ممارسة شعائرهم الدينية  في الكنائس  وعلى اختلاف لهجاتها الشرقية والغربية  الى جانب حفاضهم على  لهجاتهم المحلية   في المدن التي يتواجدون فيها  ..... وكما هو معروف فان غالبية المسيحيين العراقيين يسكنون عبر التاريخ  في سهل نينوى وفي شمال العراق (كردستان) بالاضافة الى تمركزهم في بغداد والمحافظات الجنوبية البصرة والعمارة والحلة والكوت والديوانية حيث اتصف هؤلاء القوم الاصلاء  بالحفاظ على  التراث المسيحي  الثري والغني بالاصالة  وبنمط حضاري متميز في حياتهم الطبيعية والاجتماعية واليومية  مع اعتزازهم بوطنهم  وبقوميتهم الاثنية  سواء كانوا سريان او كلدان او اثوريين  او ارمن  وهؤلاء شعب واحد منذ عصور التاريخ  وبقوا على انهم شعب واحد ... الى ان  جائت  الهجمة الاحتلالية والهمجية  على شعب العراق فاصابتهم ايضا ...من خلال  تفرقهم  استنادا الى  اجندات منها داخلية ومنها خارجية  ومنها اقليمية  الى عدة  فرق  وطوائف  طالتها التعصب  بسبب العراك الطائفي الذي طغى على اهل العراق  وجعلت من هذا القوم فصائل واحزاب وانتمائات وولاءات متنوعة ومختلفة والتي اوصلتهم بسبب بعض الصراعات  الى  حد الاختلاف فيما بينهم ....لهذا فضل القسم منهم وبسبب هذه الصراعات الداخلية على الهجرة  القسرية وكأن  هذا التعصب اصبح صفة يجب المرور عليها  من قبل الجميع من ابناء العراق   ويجب تقليدها ؟؟؟؟هذا بالاضافة الى التاثير الخارجي والتخندق الحزبي والمناطقي والمصالح الفردية والذاتية التي اثرت عليهم ؟؟ والتي وصلت بهم حد التنافس والتقاتل من اجل المناصب والمواقع ؟؟   مع انه كان المطلوب من هذه الشريحة المهمة والاصيلة  اليوم  بان تتجمع وتتوحد  وتتالف  للوقوف بوجه العنف  والتهديد الذي تلاقيه من قبل الاخرين الذين لم يفرقوا في تحديد مهاجمة ومقاتلة المسيحيين كدين ؟؟؟وليس كطائفة ؟؟؟ والذي دفعها وخطط لهجرتها من خلال تفرقها وتعصبها  الاعمى هذا ... لهذا   اننا نجد ان  المطلوب اليوم ان تكون هنالك جهود  كبيرة ومظنية لتوحيد كلمة  هؤلاء الاصلاء   من الداخل في صوت واحد وكلمة واحدة ... لانهم تعرضوا منذ بداية الاحتلال عام 2003  الى قتل وتهجير  على الهوية المسيحية مما اضطر الالاف منهم للهجرة.... منها الداخلية... ومنها الخارجية .... بحيث لم يتبقى منهم من خلال احصاءات كنسية  ما لا يزيد عن 450 الف الى 550 الف نسمة علما ان اعداد هذه الشريحة الاصيلة  كانت لغاية عام 1947 عند الاحصاء السكاني  ما نسبته بحدود4.5الى 5 %  عندما كان نفوس العراق اربعة ونصف مليون نسمة ..وان كثافة تواجد شعبنا المسيحي  في بغداد العاصمة والموصل  وقرى سهل نينوى  بجميع قراها  بدأ من بغديدا وصولا الى  زاخو وكويسنجق والبصرة ومحافظات الجنوب  يشكل اهمية كبيرة في التاثير في تلك المناطق  .. هذا بالنسبة الى شعبنا العراقي المسيحي بالاضافة

الى وجود اقليات دينية وقومية واثنية اخرى مثل  الشبك  وهم  قوم  ينتمي الى اصول ارية  وايضا استوطنوا في سهل نينوى  بين نهري الخازر ودجلة  وهؤلاء القوم لهم لغتهم  الخاصة  وتعرضوا كما تعرض اخوتهم المسيحييون الى الاضطهاد والقتل  وراح ضحية منهم المئات ....

كما ان الصابئة المندائيين  وهم من اقدم الديانات  الموحدة  والمهددة الان بالانقراض  لانهم اصبحوا هدفا   للمد التكفيري والتيار المتشدد  والذي جعل البقية الباقية  تلجا الى الهجرة ايضا ..

اما  الكرد الفيليين وهم  من الاقليات التي لها عمق جغرافي وتاريخي سكنو بين دجلة والفرات وجانبي جبال زاكورس  ومناطق سكناهم هي المناطق الوسطى من العراقبين بين  بغداد والكوت  واحدى معالمهم  عكركوف  وهذه الشريحة ايضا عانت من القتل والتهجير ..

اما التركمان وهم القومية الثالثة في العراق  وهم يعودون الى العهد الهجري حيث زاد وجودهم وقوتهم  واهميتهم مع حكم الدولة العثمانية  ومناطق تواجدهم الكثيفة عبر التاريخ في كركوك التي تعد المعقل الرئيسي لهم  حيث يشكلون اكثر من  ثلث السكان  كذلك يتواجدون في منطقة تلعفر  في محافظة نينوى والقرى التابعة الى محافظتي ديالى واربيل  ويبلغ تعدادهم كما يقولون هم بحدود7% من سكان العراق ..

ان هذه المقدمة التي اعطيناها لكي نوضح من هم الاقلية  اليوم في العراق وماذا يعانون وكيف المعالجة في وقف نزيف الهجرة المستمر  لهذه الاقليات وفي مقدمتهم مسيحي العراق ..والذي يتصاعد ..وهكذا نصل الى نتيجة  المظلومية التي تعانيها الاقليات في العراق وخاصة الاقلية الاصيلة من مسيحيي العراق  تجعلهم يشدون الرحيل حيث الامان ...اذن لماذا الهجرة ؟؟؟؟؟القسرية ؟؟؟ وكيف معالجتها ...هذا ما سوف نتطرق اليه في الجزء الثالث والى ملتقى ....