في الذكرى 162 للصحافة السريانية

 

                     

                                                            

                                                                                        

                                                                              شاكر سيفو

            للثقافة والأدب والفنون والصحافة السريانية، مراتب مهمة في حياة امتنا وكانت لهذه الأجناس الإبداعية دورها الناشط في تجميل صورة التاريخ القومي والاجتماعي والسياسي والثقافي لشعبنا على مر العصور، ولعبت الصحافة السريانية دورها التاريخي البارز في احياء تراث وثقافة امتنا، و لقد أرخت أي- الصحافة للأحداث الجسام التي تعرض لها شعبنا، ومنها أحداث سميل عام 1933، وهكذا بدأت نشأة الصحافة في التذكير بما زرعت من بذورها القومية في نفوس ابناء شعبنا منذ بداياتها التي أفرزت نتائج نشاطها القومي:

من حركات سياسية وثقافية واجتماعية، فكانت تجود بإيقاظ الضمير القومي والعقل السياسي، لبناء نهضة ثقافية وسياسية، وذلك ببروز أعلام وكتاب ومثقفين وسياسيين ونشأة مؤسسات اعلامية وثقافية ، وإصدارات صحف وكتب بعد حقبة قصيرة من صدور اول صحيفة آشورية وهي (زهريرا دبهرا) وذلك في منتصف القرن التاسع عشر، والتي تعتبر بكر الصحافة السريانية التي كان لها الدور الكبير في إيقاظ الشعور القومي وبناء المؤسسات القومية الاجتماعية والثقافية والسياسية، رغم ان الطابع النصي لمنشورات الصحافة في بداياتها غلب عليه النمط الديني، حيث كان  للنشاطات الكتابية  آنذاك الدور البارز  من قبل البعثات التبشيرية التي اسست عددا من المراكز الثقافية التي عملت على   نشر القيم ا لروحية والكنسية التي أضفت بعدها –بفترة- مسحات قومية أفرزت حركات سياسية وثقافية واجتماعية وخاصة بعد الربع الأخير من القرن العشرين، وكانت الصحافة السريانية على الصعيد الوطني قد أخذت دورها في بناء علاقات وظيفية حساسة مع محيطها الداخلي والخارجي من اجل التعريف بهوية شعبنا وتاريخه وتراثه وثقافته ومنجزه الحضاري، وقد انيطت هذه المهمة بالمؤسسات الصحافية المنتشرة على مساحة الوطن..

اننا اليوم مدعوون للنهوض بصحافتنا بقوة الوعي السياسي والثقافي الجدلي والاجتماعي المتفتح وان ننأى بأنفسنا  عن التباهي والتبختر بالذاتي الضيق ، لأن الصحافة ليست من اجل خدمة الفرد وتمجيد ذاته  أو في خدمة مؤسسة ما او حزب معين، اننا يجب ان نطالب بحقوقنا الوطنية عبر صحافتنا والتي –للأسف- تفتقر اليوم الى القوة والعقل الثقافي الحداثي. علينا ان نسعى الى احداث ثورة ثقافية في بنيان مؤسساتنا الصحافية والثقافية والادبية بمعاونة العمل الصحفي المتعالق مع العمل الثقافي والسياسي المواكب لروح العصر في الثورة التكنولوجية والمعلوماتية ، وان نعمل بروح الجماعة من اجل ابراز كل قضايا شعبنا ومنها قضيته الوطنية والقومية وحقوقه في ارض الأجداد.

ان للثقافة والأدب والفنون السريانية والصحافة وأعلامها منجزاتهم منذ القرن الميلادي الاول وحتى نهايات القرن العشرين، تلك التي شعّت  على العالم بمنظومة من أصداراتها ومؤلفاتها ومنجزها الأبداعي بكل هذه الأجناس الأدبية والثقافية بالاف الكتب والمصنفات والمؤلفات والمخطوطات التي لا تزال تحتفظ بها الكنيسة الجامعة ، وبعض متاحف العالم، لقد سطرت الصحافة السريانية اروع صفحات الخلود من اجل الحقيقة والحق والجمال والحرية، ومن اجل اعلاء كلمة الصدق المطالبة بحقوق شعبنا الوطنية والقومية، وقدمت كوكبة من رموز واعلام الصحافة أرواحها قرابين على مذبح الحرية والكفاح والكلمة الصادقة ، فقد تجذرت الصحافة السريانية وسفرها الخالد بأعلام وأسماء تاريخية ظل شعاعها الخلاق  يشع على الإنسانية الى يومنا هذا ، ومن هذه الرموز والأعلام: آشور يوسب دخربوت ونعوم فائق وفريد نزها وفريدون اثورايا ويوسف مالك وادي الخص ومار اقليميس يوسف داود، والعشرات من الذين روت دماؤهم ارض النهرين...