سَرتّا دختنّا

 

   

 

 

 

                                              

                                                   بدران امرايا

من موروثنا الشعبي   

قديما ونتيجة الامية المتفشية بين الناس الى جانب عدم توفر الاعلام بمختلف اشكالهِ وخاصة في القرى النائية , كانت الخرافات والمعتقدات والخزعبلات تاخذ حيزا كبيرا من افكار الناس لا وبل يكونون لها اسرى في حياتهم الاجتماعية , من شدة التفكير بها وبتداعاتها الخطيرة في حياتهم كانوا يقعون في شباك تلك المعتقدات الغير منطقية واللاعقلانية .

وهنا ساتطرق الى احدى هذه الظواهر وهي ( اُسَرَا دحِةْنَا ) اسرتّا دختنّا وهو مصطلح سرياني مركب اسرتا بمعنى ربط او العقد وختنّا بمعنى المختون الذي قطعت قلفة عضوهُ الذكري وهو اسم العريس عند شعبنا , والمعنى الكلي هو عقد العريس عن ممارسة الجنس.

وهي ظاهرة تحدث للعريس عند الزواج, وتحديدا خلال البوراخ في الكنيسة حيث يقوم بعض الناس الشريرين ممن لا يحبون عقد هذا الزواج  واتمامهِ لاسباب كثيرة لانخوض غمارها الان ,وخلال البوراخ في الكنيسة يقوم الشخص الذي ينوي عقد العريس بعقد خيط او الحبل بعدة عقدات واعلى حد لها هي سبع عقدات . بعدها وخلال ليلة الدخلة فان العريس لا يستطيع المجامعة مع العروسة جنسيا ويشعر وكانهُ معقد.وكانت العادة عند شعبنا الكلدو اشوري السرياني ان العريس لا يقترب من العروسة الا بعد عدة ايام وتحديدا بعد طقس قطرتّا دكَنونّي عندها يدخل عليها واذا كان معقد يشعر وكانه ليس ذكرا لا يستطيع المجامعة دماخّا مناه, وبذلك كانت ام او والد العريس يقصدان الشماس او المُلا او ممن يجيدون قراءة الطالع وفك العقد ومعرفة العاقد ,ويحاول ذلك الشخص حل العقد بطرق غير منطقية وبعيدة عن الواقع عبر طقوس خرافية وخزعبلات اقل ما نقول عنها انها مضحكة او الضحك على الذقول كَخَكتّا لدقنّا , كَخَكتّا لشِرما الضحك على المؤخرة او الشرج,وكم من الشبان اصبحوا ضحايا لها .

وتلافيا لعدم حدوث ذلك العقد كان يعمل بواسطة الابر او الدبابيس صلبان على ملابس العريس بمعنى مَنْ يحسده تفقأ عيناهُ بالابر او الدبابيس او يقوم احد اقرباء العريس بحراسة منطقة او اطراف الكنيسة لعدم السماح لاحد بعقد العريس او يقوم شخص بالوقوف وراء العريس حاملا المقص ويحاول فتحهِ وغلقهِ وكأنهُ يقص العقد التي تعقد او هناك من يقوم بوخز الدبوس في مؤخرة العريس كي لا يشرد بالهُ من شدة التفكير بليلة الدخلة والخوف من عقدهِ , ويفشل في مسعاهُ الزوجي وان المسالة مرتبطة باللوم والعار ان لَم يقم بواجبهِ ليلة الدخلة وازالة غشاء بكارة العروسة واظهار العلامة نيشَن ورفع الراس كما كال مشاعا قديما . .

وان لَمّ يقم بذلك ويظهر العلامة فانهُ لِيلي كَورّا اي ليس رجلا وما احرج هذا الموقف وان الموت اهون منهِ بالف مرة , فان والد العروسة سوف يوبخهُ وياخذ العروسة وان الزواج يعتبر باطلا وينتهي كل شيء هناك.  لذا كل هذه الافكار كانت تعشعش في تفكير العريس المسكين وتعقدهُ نفسيا وذلك بسبب عدم اشاعة الثقافة الجنسية بين المقبلين على الزواج والخجل من جانب كلا العرسان تجاه بعضهما وخاصة  لكونها لم يتعرفا على البعض من قبل وربما كانا يلتقيان لاول مرةعلى الفراش الزوجي , الى جانب كان القريبان يُعلمان العرسان على كيفية المجامعة وما الى ذلك ,فالقريبة تتحدث الى العروسة والقريب مع العريس حول تلك المسائل والتي كانت تسمى شولا دلَيلي اي العمل الليلي وكان الناس يقولون للعريس خلُص كَانوخ,  قِمط كَانوخ اي شد نفسك اي مَخور باتّا بَيض الوجه,لا مَكمتا باتَن لا تُسَود وجهنا , وغيرها من العبارات ,كل هذا التركيز والضغط الغير المبَرر على شاب ربما  لم يجتاز السن العشرين من العمر, وليس لهُ اية دراية بشؤون وشجون الحياة الزوجية  وشراكة العمر وكان يصور وكأنه ذاهب لساحة الوغى فاما هو قاتل او مقتول كل هذه الهواجس النفسية  كانت تتعشعش في فكره فتعقدهُ نفسيا ,وتولد عنده فكرة  الخوف من الزوجة وبالتالي يكرهها ولا يأكل ولا يشرب فتسيء حالتهِ ربما الى حد درجة الجنون فكان يصطلح عليهِ هولِي سيرا وويدا مَخ بَختا اي هو مُعَقد مثل المرأة وكأن كل النساء معَقَدات ,اي ان المسالة كانت  نفسية بحتة لكنها كانت تفسر في اطار تلك الاشاعات والخرافات والمعتقدات البالية الخاطئة والمتخلفة والتي تنم عن جهل تام.وان بعض الناس كانوا يتاجرون ويرتزقون من ورائها بعمل كثوتّا خَرزة او حجاب ويحملها العريس معهُ لفترة معينة..وبعد مرور فترة على الزواج كان يتعود ويصادق الزوجة ويتأقلَم معها فترجع عافيتهِ النفسية والجنسية تدريجيا.

وعلى ذكر الزواج كان لرجل ولدا وحيدا لم يكن عقلهِ ناضجا بما فيهِ الكفاية لمرحلة الزوج فالح على والديهِ مصرا على الزواج فزوجوه نزولا عند رغبتهِ الجنسية الجامحة,ونتيجة كثرة المجامعة الجنسية تمرض وبدأ جسمهُ بالنحول والضعف فخاف والديهِ على ان يخسروا ولدهم الوحيد, لذلك قررا ان يبعدوه من الزوجة لفترة معينة ليستعيد صحتهِ البدنية فارسل لعند خالهِ في قرية مجاورة , وبعد ان تحسنت صحتهِ عادَ مثل الحصان مَخ سوسا , وذات يوم صاحب ابوه الى حظيرة الماعز فلاحظوا ان صحة الكبش متدهورة جدا فسال الولد سبب تدهور صحة الكبش ونحولهِ, فرد الوالد انهُ مثلك تماما من كثرة المجامعة مع هذا القطيع من الماعز فرد والولد الفهيم على الحال  مشادره ِ لبَيتّا دخالّو مَخ دييّ ارسلهُ ايضا لبيت خالهِ مثلي !! .وحاليا لم يعد هناك اي شيء من هذا القبيل ,اللهم في مناطق نائية . بسبب انتشار مراكز التوعية الاجتماعية والتأهيلية للمقبلين على الزواج  والطب العلاجي النفسي والعضوي ايضا.

وتفاصيل هذه الظاهرة ممكن ان تختلف بعض الشيء من منطقة لاخرى , لكن الظاهرة هي نفسها, لكنها بسلبياتها وايجابياتها ستظل صفحة من موروثنا الشعبي ,راجين ان نكون موفقين في مسعانا لتوثيقها للتاريخ