يوسف، يوبرت، يوخنا: سمفونية الحياة

 

 

 

 

                                                    

                                                                         

                                                           شليمون داود اوراهم

    يوسف، يوبرت، يوخنا.. ما أشبه نطق هذه الأسماء معا.. بمطلع معزوفة، بل سمفونية وضعها موسيقار كبير قبل نحو ثمانية وعشرين سنة خلت، أسماها (سمفونية الحياة) مقطعها الأول نضال، والثاني تضحية، والثالث شهادة.. لتبقى خالدة أبد الدهر.

يوسف.. يوبرت.. يوخنا.. سمفونية لم توضع بلغة النوطات الموسيقية ولا عُزفت على الآلات التقليدية، إنما صيغت بحسب نضال ومباديء حركة قومية وطنية "زوعا".. وعُزفت بأعواد المشانق، وكان أول عزف لها يوم الثالث من شباط عام 1985 في سجن أبو غريب بعاصمة الحضارة بغداد!!.

    ثلاثة قناديل وهاجة.. أرادت قوى الطغيان والدكتاتورية إطفاءها.. فزادت توهجا وألقا وأضاءت الدرب للسائرين عليه.

    ثلاث قامات عالية ظن المجرمون أنهم دفنوها.. وما عرفوا أنها ازدادت في القامة أضعافا مضاعفة. وفاتهم إن البذرة الطيبة ما لم تُدفن في الأرض.. لا تُزهر شموخا وظلالا وافرة.

    ثلاث زهرات نضرة.. أراد الظالمون قلعها من جذورها.. فتناثرت أوراقها بذورا في أرض خصبة أثمرت ثلاثين وستين ومئة.. وانتشر أريجها عطرا وبخورا يملأ الأرجاء إيذانا بحياة أبدية للرسالة.

    ثلاثة شهداء لم تبكِهم الأمهات والزوجات والأخوات والرفيقات دموعا ونحيبا وعويلا وضربا على الرؤوس والصدور.. إنما أطلقن لهم الزغاريد ونثرن الزهور لاحقا وبحضور الملائكة.. على مواضع ذكراهم الأرضية. ولم يؤبنهم الآباء والأخوة والأبناء والرفاق.. كموتى زائلون، إنما تهادوا لهم إجلالا وإكبارا.. أحياء في الفكر.. خالدون في التاريخ.. رمز في الإيمان بالقضية.

    يوسف.. يوبرت.. يوخنا: ظنوا أنهم أعدموكم بحبل على خشبة، وما علموا أنكم ستحيون في ضمير أمة لا تموت.. وشعب لا يفنى.

   تحية لأرواحكم الحاضرة بيننا.. لتضحياتكم المنقوشة في أمسنا ويومنا وغدنا، تحية لنصركم.. في الذكرى الثامنة والعشرين لنيلكم المجد.