نداءات البطريرك  لويس ساكو تذكــّرنا بمأثرة  البطريرك يوسف عمانوئيل

 

                             

             

                                   

                                             

                                         

                                                  شوكت توسا 

  

     لعقود بل لقرون , وشعبنا الكلدواشوري السرياني( المسيحي) في العراق يلاقي ما يلاقيه من نكبات وإضطهاد لما لتشرذمه الداخلي المذهبي من دور انهك وجوده  الوطني والقومي والديني , نكبات تركت أثارا مؤلمه ظلت تعيش معه ومع حلم  توحيد مؤسسات كنائسه المذهبيه وإعادة لحمتها إلى سابق اصولها  كي تمارس دورها  لكن ذلك لم يتحقق,  لذلك يحلو لنا اليوم أن نتسابق مع المتفائلين  في مخاطبة  جلّ رجال كنائسنا الاجلاء تحت مسمى الكنيسه العراقيه( كنيسة المشرق  الواحده),  مع علمنا  ان الهاجس السائد حول مطلب التوحيد  ما زال حلما ً تتراءى بوادره هنيهة ً ثم تتلاشى مع تصادم  المصالح , فلو تحقق  فهو بلاشك بمثابة المحرك الوجداني لجمود مسيرة شعبنا ومصيره على ارض الآباء, دعونا إذن نتفاءل مع  إطلالة بطريركنا  الجديد مار لويس  روفائيل الاول ساكو جزيل الاحترام, وهو رأس روحي محبوب لدى غالبية العراقيين  وقائد لكنيسه تضم غالبية مسيحيي العراق, إنه القائل بانه مستعد للتنازل عن منصبه من اجل هذه الوحده , كلام مسؤول  لا يقوله الا الذي يستقي من كلمات المسيح دستورا صالحا له في عمله الروحي والعلماني  .

     لقد تعاقبت على سدة  العراق حكومات وسلطات إستمدت نفوذها من اجندات دينيه / قوميه ثم حزبيه شموليه اقتضى تنفيذها  تذويب كل ماهو غير عروبي و غير اسلامي  في بودقة مشاريع واهداف ضيقه ثبت فشلها  ,و سيرا ًعلى نسق هذه الفلسفة المتخلفه كان هنالك من يحاول تجميد دور كنيسة العراق(بمختلف مذاهبها ) وإبعاد صوتها  المفترض عن هموم رعيتها  المنعوتة تارة باهل الذمه وتارة اخرى بالمسيحيين العرب الناطقين باللغه السريانيه  ثم بدانا  نسمع  مؤخرا بالمسيحيين الاكراد ولا ندري إن  كان التمييع داخل القوميات الاخرى تحت مسمى  الديانه المسيحيه هو قدرنا المرسوم  ثم اسلمتنا اخيرا , كل هذا واقع وربما يحتمل وقوع المزيد في حين نادرا ما كانت  الكنيسه الكاثوليكيه تحرك ساكنا أزاء هذا التهميش المبرمج بينما السلطات الحاكمه واحزابها تبذل مستطاعها بامعان في إختلاق معادلة ترضي اطرافا من مؤسسة الكنيسه  يتم خلالها تحييد  الحضور الروحي والشعبي وتسخيره لصالح شرعنة ديكتاتورية الانظمه .

    الذي حصل في خضم أحداث عشر سنوات خلت , هوأن شكل العلاقة والمعادله الروتينيه بشعاراتها المخادعه  ظلت كما هي  تتوارثها الانظمه دون ان يطرا عليها تغييرا محسوسا  يتناسب و شعارات التغيير المرفوعه على شاكلة ما تم رفعه  في العراق مؤخرا, لابل بقيت سلوكيات الأسلاف الحاكمين  هي النماذج المتبعة عينها  من قبل الانظمه واحزابها  ازاء ليونة ردات فعل رجالات ديننا بحجة عدم التدخل في الشؤون السياسيه , في وقت ٍ انحنى العديد من رجالات ديننا تحت تاثير الإغراءات  وطبطبات الظهور بحيث تم استغلال مكانتهم الروحيه  لصالح بقاء رموز السلطات الظالمه  التي عزلت  دورالكنيسة  عن مناصرة طموحات ابناء شعبها القوميه والوطنيه , والذي يحصل اليوم في حصر تسميتنا الوطنيه والقوميه  تحت المسمى الديني فقط هو  ليست سوى إحدى تلك الفعاليات التي يعمل على تمريرها والترويج لها اليوم  اكثر من جهه وطرف إما بقصد تاجيج الصراعات الدينيه  او بسبب ما يترتب على طرح تسميتنا القوميه من استحقاقات  إبتداءً من الاعتذار لنا وتعويضنا وصولا  الى تخوف اصحاب الاجندات اللاوطنيه من  تعطيل مشاريعهم  التوسعيه في الاستحواذ على اراضي  الغير  .

بالعوده الى مبعث تفاؤلنا  وآمال شعبنا في قيادة بطريركنا الجليل لويس ساكو  والحراك الذي بدا مع استلامه مهامه, نقول بان الكنيسة كمؤسسة روحيه فهي المسؤولة  عن تعداد بشري من المؤمنين  قابل للزيادة والنقصان في  الاحوال الطبيعيه  والغير الطبيعيه , لكن الذي يحصل  وهو مبحث كلامنا , هو انكماش هذا العدد في العراق  بشكل غير طبيعي وملفت خاصة  مدى نصف قرن مضى  والرقم يتنازل  بحسب الاحصائيات  الى نسبة  60الى 70% من تعداد نفوسنا , وهي حالة لابد ان تسترعي انتباه واهتمام القائمين على كنيستنا بدرجة لا تقل عن اهتمامات مؤسساستنا السياسيه والاجتماعيه والثقافيه ,لا نقول ذلك من باب المطالبه بزج الكنيسة في امور السياسه و دروبها ولا هي باشارة لالغاء دور سياسيينا , انما موضوع مغادرة المؤمنين لأرضهم وكنيستهم  يشكل ظاهرة تعاني من تبعاتها السلبيه المؤسسه الكنسيه بنفس القدر الذي تعاني منه  فعاليات احزابنا السياسيه على حد سواء, لان تناقص عدد المؤمنين والمصوتين  وهجرتهم الى ما عبر البحار هو خسارة كبيره لن تعوض  ناهيك عن المصير الذي ينتظرهم  .

  ان الحراك الذي بدت ملامحه  تستبان مع استلام بطريركنا الجديد مهامه ( المار لويس روفائيل  الاول ساكو), يذكــّرنا  بالدور التاريخي الذي أداه المرحوم  البطريرك مار يوسف عمانويئل الثاني (1901/ 1947  )  يوم وضعت الحرب الكونيه الاولى اوزارها, استطاع بحنكته ووطنيته أن يــُدخل  اسمه في صدر صفحات الارشيف العراقي الناصع عندما اطلق صرخته معلنا موقف مؤسسته الصريح وتمسكه الشديد بعراقية مدينة الموصل (نينوى) وبوحد ة اراضي العراق و شعبه بكل مكوناته , وهو الذي قاد في حينها حملة وطنيه تاريخيه  بدأها ابناء كنيسته في ارسال برقيات الاحتجاج الى الفاتيكان والى بريطانيا وبروكسيل وفيينا  احتجاجا ضد محاولات التغيير الديموغرافي  وضد مطالب الاتراك في سلب الموصل وضمها الى تركيا  والتي انتهت في الأخير الى قراردولي  بابقاء الموصل تابعه للعراق .

اليوم والعراق بغالبية مكوناته  خاصة الكلدواشوريين السريان المسيحيين كونهم ابناء تاريخ وجغرافية العراق بحق وحقيقه  , هم أحوج ما يكونوا الى خطاب عراقي تاريخي مسؤول  عجز ساسة عراق اليوم (سنة وشيعه /عربا واكراد)  عن تبنيه  كما يبدو بسبب تنازع العقليه الطائفيه والقوميه الضيقه  , إن كان ولا بد  من خطاب( ديني /قومي/وطني) يترتب على مؤسسستنا الكنسيه العراقيه  إطلاقه الآن , لا بد ان يحذو حذو خطاب البطريرك  مار يوسف عمانوئيل الثاني الذي تحدى فيه الانكليز والعثمانيين وتعكز في موقفه على محبي العراق وشعبه  , نعم العراق اليوم بحاجه الى خطاب  يخرج  موازيا  بالاتجاه والقوه لما يطلقه  محبي العراق من ضمنهم  ممثلينا ومثقفينا  الذي يحرصون على  تعزيز فكرة البقاء على الارض ومنع محاولات  إحداث التغيير الديموغرافي في اماكن تواجد ابناء شعبنا في العراق بشكل عام .

الوطن والشعب من وراء القصد