النادي الثقافي الآشوري في بغداد بين الأمس واليوم

(مسيرة تحديات وإنجازات)

 

 

             

 

                                               

                                                  أبرم شبيرا

                                                                                                                      

              من المؤكد بأن عنوان هذا الموضوع سيثير جداً إهتمام الذين كانوا أعضاء في هذا النادي لأنه حتماً سيشرع بفتح شريط ذكرياتهم الحلوة والمرة والجميلة والمثيرة التي عاشوها في تلك الفترة، ومن المحتمل أيضا سيثير إهتمام الذين سمعوا عن النادي وعن دوره القومي الفعال في المجتمع الآشوري خلال العقد الممتد من 1970 إلى 1980، خاصة والكل يعرف بأن مصير هذا النادي كان قد تقرر بالسياسات الإستبدادية لحزب البعث العراقي ولم تقم له قيامة فيما بعد وأصبح بحكم المنتهي في السنوات الأولى للعقد التاسع من القرن الماضي. إذا كان من المنطق أن نتحدث عن النادي بزمن الماضي ونسجل عنه ذكرياتنا فما الذي يجعلنا أن نتحث عنه في هذا اليوم وهو كيان زائل لا وجود واقعي له؟ وهذا ما سنتناوله، أي النادي في الأمس وفي اليوم. ولكن قبل هذا وذاك، أود أن أنبه القراء الأفاضل بأن التركيز في هذا الموضوع على التسمية الآشورية، سواء كقومية أو لغة ليس له أية مقاصد إنفرادية بهذه التسمية بل لأنها كانت التسمية القومية السائدة في تلك الفترة ولم يكن مقبولا لا رسمياً ولا شعبيا تضمين التسميات الأخرى: الكلدانية والسريانية خاصة في تلك المرحلة التي كانت لها دلالات دينية وكنسية فلم يكن مقبولا، لا بلا كان مرفوضاً أن يتم تضمينها او "توريطها" في السياسة والمسائل القومية كما كان الحال مع التسمية الآشورية "المتورطة" في السياسة والمسائل القومية حتى العنق وما ترتب على ذلك من ردود فعل سلبية وإستبدادية من قبل الأنظمة التي تعاقبت على السطلة وخاصة نظام حزب البعث العراقي في تلك الفترة تجاه الآشوريين وتطلعاتهم القومية. ولكن مع كل هذا فالنادي لم يكن مغلقاً ومتقوقعاً على نفسه وعلى تسميته الآشورية بل كان مفتوحاً على كل توجهات وتقسيمات مجتمعنا وبالأخص من الكلدان حيث كان في عضوية النادي عدد كبير من أبناء شعبنا الكلداني ومنهم كبار الشعراء والأدباء والإعلاميين والفنانين أمثال د. سعدي المالح(حالياً المدير العام لمديرية الثقافة والفنون السريانية في الإقليم) والصحافي المعروف والمرحوم الدكتور جميل روفائيل والأديب موفق ساوا والفنان زهير عبد المسيح والشهيد المرحوم هوريا آدم وغيرهم كثر بحيث لا تساعدني ذاكرتي على ذكر أسماء جميعهم، كما كان النادي مركزاً لنشاط غيرهم من غير الأعضاء الذين لم تكن تنطبق عليه شروط العضوية، حيث كان يشترط شهادة الدراسة الثانوية على الأقل لإكتساب العضوية،  إضافة إلى كبار شعراء العراق من العرب والكرد وحتى التركمان في تلك الفترة ومن مختلف الإتجاهات السياسية. هذا هو السبب الذي أحتل النادي في تلك الفترة مركزاً ثقافيا مرموقاً على مستوى العراق قاطبة.    

النادي الثقافي الآشوري – الأمس الماضي

لي فخر لا منتاهي في كوني من أعضاء هذا النادي الأوائل وكنت أحمل رقم عضوية (68) من 1242 عضواً في النادي، ولا أحسب غيري من أعضاء هذا النادي لهم شعور يختلف عن شعوري هذا، وهو الشعور الذي أحس به والمسه بشكل واضح وصريح عندما ألتقي بالكثير منهم سواء الصامدين منهم في أرض الوطن أم المهاجرين إلى أقاصي العالم. فالحديث بيننا

ذكريات النادي وإشتياقنا إلى تلك الأيام يجعلنا أن نحول الأحداث المحرجة والمقلقة إلى ذكريات جميلة وحلوة لا يضاهيها حلاوة أية مناسبة أخرى إيجابية ومفرحة. فالنادي كان فعلاً وحقيقة مدرسة للحياة بحلاوتها ومرها.

 وإفاءاً لهذه المدرسة التي علمتنا كثير الكثير كنت قد عزمت أن أكتب كتابنا عنه، خاصة بعد أن لاحظت في السنوات الأولى من ثمانينيات القرن الماضي وهو يحتضر وينتظر الموت بعد أن تم طعنه بالفكر الإستبدادي لحزب البعث العراقي ليبقى ذلك دليلا مادياً على خلود هذا النادي في عقول أعضاءه.  وفعلا أوفيت ولو بالقليل عن هذا الإلتزام فصدر لي وأنا في المهجر كتاب بعنوان (النادي الثقافي الآشوري – مسيرة تحديات وإنجازات – 1970 – 1980 – طبع في مطبعة ألفا غراف – شيكاغو – الولايات المتحدة الأمريكية – تاريخ بلا .... أعتقد كان في منتصف تسعينيات القرن الماضي). ويأتي الكتاب رغم نواقصه الكثيرة كمختصر للتاريخ السياسي المعاصر التوثيقي للأشورين في العراق أعتمدت في كتابته على الوثائق الخاصة بالنادي من كتب وقرارات ومطبوعات وذكريات ولقاءات مع بعض الأعضاء الذين لعبوا دوراً كبيرا في نشاطات النادي وإدارته. من المؤسف القول بأن مجتمعنا يفتقر إفتقاراً كبيراً إلى الدراسات الوثائقية التي تدون ذاكرة الأمة وحياتها الفعلية من جوانب مختلفة ساسية وجتماعية وثقافية وفنية وحتى ديموغرافية... فلم أقراْ في هذا السياق إلا كتاب أو كتابين عن بلداتنا الجميلة كألقوش وتكليف وغيرهما. وبسبب طبع كتابي المنوه أعلاه عن النادي في الولايات المتحدة ومحدودية توزيعه فلم ينشر بشكل واسع ولم يقرأ من قبل الكثير من أبناء أمتنا لذلك سأسرد بعض النقاط عن هذا الكتاب وأمل أن يفي بالغرض المراد في بيان أهمية النادي في المجتمع الآشوري في تلك الفترة والدور الذي لعبه وعلى مختلف الأصعدة.

 الكتاب يقع في 155 صفحة مع 16 صفحة للصور عن نشاطات النادي ومن القطع المتوسط، وبتواضع وخشوع لدماء شهداء أمتنا تصدر الكتاب أهداء إلى:

شهداء الأمة الذين روًوا الحركة القومية الآشورية بدماءهم الزكية ... إلى أعضاء النادي الشهداء:

يوسف توما

يوبرت بنيامين

يوخنا إيشوا

الذين أناروا مسيرة النضال القومي الآشوري بأرواحم الطاهرة...

 

 

وتعمياً للفائدة وتقديراً لوقت القراء الأفاضل سوف أحاول بقدر الإمكان ذكر محتويات الكتاب بشكل مختصر. تكوًن الكتاب من مقدمة ثم الفصل الأول تحت عنوان (التطور السياسي في العراق وتأسيس النادي الثقافي الآشوري) شاملاً على المباحث التالية: أولاً (المحاولة الأولى لتأسيس النادي عام 1962) حيث قام بعض من القوميين الآشوريين والمثقفين بتقديم طلب إلى السلطات الرسمية للحصول على موافقتها لتأسيس النادي في عام 1962 غير أن طلبهم رفض بحجة وجود نوايا مخفية من وراء تأسيس النادي ثم لم تمضي بضعة سنوات وتحديداً بعد الإنقلاب البعثي الفاشي في الثامن من شباط عام 1963 وما تلاه من إرهاصات سياسية أعتقل بعض من هؤلاء القوميين الآشوريين ودخلوا سجون النظام وعانوا ما عانوا من تعذيب جسدي ونفسي، وللأمانة التاريخية نذكر رابي يوسف نمرود كانون أول سكرتير عام للنادي الجديد وإيشو دنخا يقيرا الذي كان رئيسا للنادي الجديد (1975 – 1976) ومن ثم بعد فترة وجيزه رقن قيده من سجل النادي وعزل من منصب رئاسة النادي من قبل الجهات الأمنية بسبب خلفتيه القومية ومواقفه الصلدة تجاه حقوق أمتنا القومية. ثم تلا ذلك المبحث الثاني (المرحلة التأسيسية) والذي يبين المراسلات والمجادلات التي تمت بين طالبي تأسيس النادي ودائرة الجمعيات في محافظة بغداد والتي أنتهت أخيراً بصدور قرار وزير الداخلية بتأسيس النادي والذي دخل حيز التنفيذ في 1970.08.27. ثم يأتي المبحث الثالث (الهيئة المؤسسة – الهيئة الإدارية المؤقتة) والتي كانت جلهم من أساتذة الجامعات وحاملي الشهادات العليا وكان الأستاذ سركون إيشو سابر (مدرس في كلية الهندسة بجامعة بغداد) رئيساً للهيئة الإدارية المؤقتة ثم أنتخب رئيساً لأول هيئة إدارية للنادي.

أما الفصل الثاني (ألأسلوب الديمقراطي لإنتخاب الهيئات الإدارية) فخلال الفترة من 1970 – 1980 تناوب عشر هيئات إدارية على إدارة النادي. وموضوع إنتخاب الهيئات الإدارية كان من أكثر المواضيع أثارة للإهتمام حيث كانت الديمقراطية تمارس بأوجه شكلها التنافسي الشريف ولم يكن هناك إنتخابات بالتزكية إلا ما ندر وبإتفاق ورضا الجميع وهذا ما كان يثير هيجان السلطات الأمنية للنظام البعثي في العراق حينذاك حيث كان يعجز في كل مرة من فرض أزلامه على الهيئة الإدارية فيفشلون عند ترشيح أنفسهم فشلاً ذريعاً. فكان الأسلوب الديموقراطي في الإنتخابات مثار إعجاب ودهشة الكثير من غير أعضاء النادي وحتى من خارج المجتمع الآشوري في العراق. فعلى سبيل المثال جميع الحكام (القضاة) الذين كانوا يحضرون إنتخابات الهيئة الإدارية للأشراف عليها وتسجيلها رسمياً يصابون بالذهول والإندهاش لا بل وحتى الإنزعاج من كثر المناقشات والتنافس بين المرشحين وإستغراقها فترة طويلة حيث كانوا يؤكدون بأنهم لم يشاهدوا إنتخابات مثل ما كان يجري في النادي، فجميع إنتخابات الأندية والجمعيات الأخرى التي حضروها كانت لا تستغرق أكثر من نصف ساعة أو أقل حيث تكون قوائم المرشحين معدة سلفا ولا يستوجبها إلا التصديق عليها في حين كانت إنتخابات النادي تستغرق من 4 – 5 ساعات. وأتذكر بهذه المناسبة إنتخابات أحدى الهيئات الإدارية حيث كان إندفاع وحماس أعضاء الهيئة العامة للنادي في قمته ومناقشاتهم حامية حول ترشيح وإنتخاب رئيس النادي، حيث كان ثلاثة أعضاء مرشحين للرئاسة، وعدد كبير لأعضاء الهيئة الإدارية فأستغرب الحاكم المشرف على الإنتخابات وأتذكر سأل الحاضرين مندهشاً قائلاً "ألستم جميعاً أثوريين..؟ ألستم أصدقاء وأقارب ..؟ فلماذا هذا النقاش الحاد والتنافس... أتفقوا قبل مجيئي إلى هنا على قائمة واحدة وأنا أصادق عليها كما هو الحال مع بقية الإندية والجمعيات الأخرى... فلماذا أنتم مختلفون عنهم؟؟؟" والأغرب من هذا والذي كان له جانب محدد من الطرافة عندما قال الحاكم "جئت وتركت ضيوفي في البيت وقلت لهم بأنني ذاهب إلى تسجيل إنتخابات في نادي وسأرجع بعد نصف ساعة... والآن الساعة تشير إلى أكثر من الثانية عشر بعد منتصف الليل (كانت الإنتخابات عادة تجري يوم الجمعة مساءاً تقريباً الساعة السابعة أو الثامنة) وضيوفي تركوا منزلي وأنا الآن محرج أمامهم". والحال لم يكن يختلف إطلاقاً في الإنتخابات التي كانت تجري في فرع النادي في مدينة السليمانية وشخصياً حضرت أحدى هذه الإنتخابات فأكد لي الحاكم المشرف عليها على عمق الممارسات الديمقراطية في فرع النادي التي لا تماثلها غيرها من الأندية والجمعيات الأخرى في محافظة السليمانية.

لقد حاولت السلطات الرسمية، الأمنية والحزبية، وبكل الوسائق والطرق التأثير لتغيير أسلوب الإنتخابات في النادي غير أنها لم تفلح لأنه كان يستوجب تغيير النظام الداخلي للنادي وبموافقة ثلثي أعضاء الهيئة العامة وهذا لم يكن ممكناً إطلاقاً بسب أمتلاك معظم أعضاء النادي للوعي القومي والسياسي السليم وقوة الحجة والشجاعة في المناقشة والدفاع عن رأيهم. هذه النوعية الراقية في أسلوب إنتخابات النادي والمناقشات الحامية التي كانت تجري بين الأعضاء شكلت نمطاً وأسلوباً للحياة بشكل عام لا بل وظلت في ذاكرتهم إينما كانوا يستذكرونها ويتشوقون إليها معتبرينها الروح التي كانت تسير النادي وتربطهم من خلالها بعضهم بالبعض، فلا يمر حديث بين من كانوا أعضاء في النادي إلا وتذكروا وتشوقوا إلى تلك الأيام... أيام أصبحت منيرة لدرب الكثير منهم لتحقيق طموحات قومية وسياسية أسمى مما كانوا يسعون إلى تحقيقها في إطار النادي الثقافي الآشوري.  

أما الفصل الثالث فهو يتحدث عن مجلة المثقف الآشوري التي كان يصدرها النادي، فكانت مجلة أدبية ثقافية فصلية. تناولت في المبحث الأول مرحلة ولادة المجلة حيث كان تاريخ 1971.06.23 يوم ولادة هذه المجلة بعد مخاض طويل وشاق مع وزارة الإعلام للحصول على رخصة إصدار المجلة بأسم النادي ثم بينت في المبحث الثاني رئيس تحرير المجلة وهيئة التحرير فكان السيد ولسن ملهم نرسي أول رئيس لهيئة التحرير والسيد عوديشو آدم ميخائيل آخر رئيس تحرير لها حتى عام 1979. أما هيئة التحرير فكانت تشمل كبار الكتاب والمثقفين والأدباء والشعراء شكلوا نبراساً للثقافة الآشورية في تلك الفترة والسنوات اللاحقة وسطع أسم الكثير منهم على الساحة الثقافية والفكرية والسياسية لمجتمعنا. أما المبحث الثالث المعنون: (رحلة المثقف الآشوري الشاقة) حيث كانت رحلة أكثر من شاقة وتعجز الكتابة عن التعبير عن معاناة وشقاء هذه الرحلة والتي لايدرك مغزاها إلا الذين واكبوا مسيرة هذه الرحلة وتفاعلوا مع شقائها. فالذي يدرك مغزى صدرو مجلة عن نادي بسيط وفقير ماديا وسلطوياً ولأقلية قومية تعتز بتراثها ولغتها وفي ظل نظام سياسي سمته الأساسية الإستبداد والقمع هو وحده يشعر بأهمية وعظمة الدور الذي لعبه النادي في المجتمع. فإذا كان شقاء هذه الرحلة نابعاً من بيئة وطبيعة النظام السياسي الإستبدادي فأنه في نفس الوقت كانت هناك جملة عوامل ساهمة بشكل كبير في شقاء هذه الرحلة ونذكر منها الموارد المالية الشحيحة المتوفرة والمخصصة لإصدار المجلة، حيث كان النادي يقيم حفلة رأس السنة الجديدة ويربح منها وقتذاك ألف دينار فيخصصها كلها لإصدار المجلة. والكوادر الصحفية شكلت مشكلة عامة لجميع مطبوعاتنا في تلك الفترة ساهمت في شقاء رحلة المثقف الآشوري إذ جميع الذين ساهموا في تحرير المجلة أو الذين كتبوا فيها هم غير متفرغين لهذه المهمة ولم تكن لهم صفة كادر صحفي بل كانوا أناس عاديين يشقون ليل نهار من أجل نيل لقمة عيش لعوائلهم وكان الوقت المخصص لخدمة المجلة طوعية وقليلة وبالكاد تكفي لدفع مسيرة المجلة نحو الأمام وإستمرارية صدورها.... فألف تحية وتحية لكل الذين ساهموا في هذه المهمة النبيل.

 

 

أعلاه غلاف لمجلة المثقف الآشوري عدد 13 و 14 لسنة 1977 وعليه شعار مهرجان الشعر الآشوري السادس (1977) الذي خططه الفنان المبدع آرم أوراها

 

رقابة المطبوعات: يكفي هذا العنوان ليدرك القارئ الكريم العوائق والمعانات التي كانت تنتظر المجلة وهي تحت مقصلة رقيب المطبوعات في وزارة الإعلام ... فالموضوع طويل وشائك وله قصص وروايات يعجر العقل عن تصديق  قدرة وجدارة كوادر المثقف الآشوري من تجاوز مقصلة رقيب المطبوعات وخروجها إلى الحياة. فالضغوط والتهديدات والإهانات أساليب أستعملتها دائرة رقابة المطبوعات للحد من حدود مجلة المثقف الآشوري في أضيق مجالاتها والحد من قوة تأثيرها على المجتمع الآشوري فالعديد من المرات تم إستدعاء رئيس تحرير المجلة أو أعضاء هيئة التحرير أو بعض كتابها إلى الدوائر الأمنية ودائرة رقابة المطبوعات للتوبيخ وتوجيه الإنذارات وشخصياً تم إستداعي العديد من المرات بسبب كتاباتي السياسية والقومية غير "المقبولة والناشزة" عن خط حزب البعث العراقي. ثم كانت طباعة المجلة وتوزيعها مشكلة عويصة أخرى ساهمت في شقاء رحلة "المثقف الآشوري" خاصة طباعة قسم اللغة الآشورية (السريانية) إذ كان المرحومان الشماس يؤارش القس متي والأب دنخا راعي كنيسة مار عوديشوا في تل محمد في بغداد يبدعيان وبقلم جميل جداً في كتابة المواضع بيدهما ثم تصويرها على الزنكغراف وطبعها في المطابع الأهلية. وفي السنوات الأخير من عمر المجلة كان يتم تنضيد الحروف في مطبعة المطرانية التابعة لكنيسة المشرق التي كانت حينذاك في الدورة في بغداد ثم إرسالها للطبع النهائي في المطابع الأهلية. كل هذه العملية كان يتطلبها الإنتقال بين عدة جهات ومطابع وما صاحب ذلك من مشاكل ومضيعة للوقت والجهد. وهنا يجب أن لا أنسى قصة الصديق الأديب ميخائيل مروكل ممو الذي كان اللولب المحرك لإصدار المجلة كتابةً وتحريراً وإدارةً وطباعةً فخلال سنوات طويلة تولى مهمة كتابة وإخراج المجلة والإشراف على طباعتها وحتى توزيعها فله قصص كثيرة في هذا السياق ولعل أكثرها تشوقاً وإثارة هي قصة تورطه مع أحد رجال الأمن العراقيين. فبعد كتابة القسم الآشوري للمجلة كان يستوجب نقله بالسيارة إلى شارع الرشيد في بغداد حيث معظم المطابع كانت هناك في الأزقة الضيقة لهذا الشارع والذي لم يكن بالإمكان دخول السيارة إليها مما كان يتم نقل محتويات المجلة بالعربانه (وهي عربة خشبية ذات عجلات صغيرة) لإيصالها إلى المطبعة. وذات يوم وبينما كان ميخائيل يدفع العربانة في شارع الرشيد نحو مدخل زقاق المطبعة وإذ بهواء قوي يطيًر جميع أوراق القسم الآشوري وتتناثر في شارع الرشيد وبين أقدام المارة فما كان من ميخائيل إلا أن يركض وراء الأوراق المتطاير ويلمل ما يستطيع لملمته وإذ برجل أمن يقف على رأس ميخائيل ويتهياً للإمساك به وكأنما يقبض على لص يحاول الهرب. وعندما أخذ رجل الأمن ورقة من أوراق القسم الآشوري للمجلة التي جمعها ميخائيل  تعجب وأندهش بشكل مثير  فما كان منه إلا أن يتصل بدائرة الأمن من تلفون الدكان القريب ويقول لمسؤوله بأنه قبض على شخص في شارع الرشيد وهو يوزع مناشير باللغة اليهودية.!!! الله يكون في عون ميخائيل ... فكيف يستطيع إقناع هذا الرجل بأن هذه اللغة ليست يهودية بل آشورية/سريانية وهي ليست مناشير يهودية بل محتويات لمجلة مجازة رسمياً. فبعد مناقشات طويلة مقرونة بإتصالات عديدة لإثبات حقيقة الأوراق تمكن ميخائيل من الإفلات منه وإيصال الأوراق إلى المطبعة... أن دخول في نقاش مع رجل أمن في العراق في تلك الفترة لإقناعه برأي مخالف لرأيه هو أمر بحد ذاته مخاض مأساوي ونهايته غير مضمومة للتخلص منه بسلام من دون أن يكون ذلك مقروناً بالهلع والخشية من مصير يكون نهايته في دهاليز النظام المظلمة. حقاً أقول بأن هذه السطور قليلة جداً في تقييم عظمة المجلة ومن وقف وراءها لإستمرارها لعقد من الزمن فلهم جميعاً ننحني أمامهم إكراماً وتقديراً ولكل الذين واكبوا رحلة "المثقف الآشوري" الشاقة إلى نهايتها وهي الرحلة التي لم تنتهي إلا في قلوب جميع عشاق النادي والغيوريين على لغتهم وتراثم إينما كانوا في زوايا هذا العالم الواسع. ولم يبقى بخصوص المجلة إلا أن أذكر بعض الإحصائيات عنها حيث صدر منها عشرون عددا من حزيران 1973 إلى العدد الأخير  الذي صدر في أذار 1979 وكان عدد صفحات العشرين عدداً (960) صفحة من القطع الكبير أي بمعدل (46) صفحة لكل عدد وكانت محتويات العدد (21) تحت الطبع في عام 1980 وصدر في السنوات اللاحقة.

 

 

 

في أعلاه صورة لصفحة من صفحات مجلة المثقف الآشوري مكتوبة بخط يد المرحوم الشماس يؤارش القس متي.

 

الفصل الرابع من الكتاب يتحدث عن (فروع النادي الثقافي الآشوري) حيث كان للنادي فرع في محافظة السليمانية وكان مؤسسه كل من الدكتور سركون يواش خانا (طبيب) رئيساً و عوديشو آدم (طالب جامعي) نائب الرئيس و جورج عبد الغني جرجيس (مهندس) أمين السر و يونادم يوسف كنا (طالب جامعي) أمين الصندوق وكان أعضاء الهيئة الإدارية كل من الشهيد يوسف توما هرمز (طالب جامعي) و ألبرت الله وردي (مساعد طبيب) و فلورنس داود أوراهم (مدرسة) و هرمز سرسنك (طالب جامعي) ولازار خوشو يوسف (معاون مهنس) وكان قد ذيل طلب تأسيس النادي بتوقيع خمسين شاباً وشابة معظمهم من خريجي وطلاب الجامعات. وفي كانون الأول عام 1973 أجيز فرع النادي وأخذ يمارس نشاطاً ملحوضاً على مستوى مدينة السليمانية وينمي الوعي القومي بين أعضاءه ولعب المرحوم الإستاذ أبرم عما الألقوشي (مدرس) دوراً كبيراً في هذا المجال والذي زرع في أعضاء النادي فكرة إقامة تنظيم قومي سياسي فكانت البادرة الأولى للأساس الذي قامت عليه الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) لذلك يعتبر المرحوم أبرم عما الأب الروحي لزوعا وللفكر الوحدوي الذي زرعه بين أعضاء التنظيم. إضافة إلى هذا الفرع كان مثقفو أمتنا في محافظتي نينوى (الموصل) والتأميم (كركوك) قد قدموا طلباً إلى السلطات الرسمية في هاتين المحافظتين لتأسيس فرع للنادي إلا أن طلبهما رفض ولم يستطيعوا تأسيس النادي.

الفصل الخامس مخصص لأشهر وأنشط أدباء النادي وذكرنا منهم المرحوم الأب إيشو القسم عوديشو إستاذ اللغة وعضو مجمع اللغة السريانية و المرحوم الشماس منصور روئيل زكريا (عضو فخري) والمرحوم الإستاذ إختيار بنيامين موشي (عضو فخري) و المرحوم الإستاذ أبرم بيت بنيامين (عضو فخري) والمرحوم رابي زيا نمرود كانون، عضو فعال جداً في النادي وصاحب مقالات وكتب عديدة، والأديب واللغوي المعروف الإستاذ عوديشو ملكو مؤلف عددة كتب وصاحب قصائد مشهورة وحالياً رئيس إتحاد الكتاب الآشوريين في دهوك، والإستاذ رابي يوسف نمرود كانون عضو نشيط في تحرير مجلة المثقف الآشوري ومعد وكاتب العديد من المسرحيان وأمين سر النادي لأول هيئة إدارية، والإستاذ ميخائيل مروكل ممو الأديب واللغوي المعروف والعنصر المركزي في مجلة المثقف الآشوري، والإستاذ كوريل شمعون زيانو الروائي والكاتب المسرحي الذي كتب العديد من المسرحيات وأخرجها للنادي، و الأستاذ أوراهم يلدا أوراهم الكاتب واللغوي المعروف، و الإستاذ نينوس يوسف نيراري الشاعر المعروف بقصائده القومية ومؤلف كتاب أغا بطرس سنحاريب القرن العشرين، و الإستاذ جورج أويا أرخيوم، شاعر الشباب القومي، وغيرهم كثر. أما الفصل السادس فيشمل على بيلوغرافيا العديد من فناني النادي المشهورين على مختلف أصعد الفن فذكرت منهم الفنان المبدع سامي ياقو الذي أعتقله النظام البعثي في العراق بسبب أغانيه القومية، والفنان الملهم شليمون بيت شموئيل صاحب الأغاني الرائعة ذات النغمات التراثية، والفنان المطرب داود إيشا المعروف بأغانيه القومية الذي أعتقله النظام البعثي في العراق بسبب ذلك، والمسرحييون المعروفين يوسف نمرود (أندريه) و رمزية نيقاديموس وياقو جماني و إيبي عمانوئيل الذين بإبدعاتهم الفنية بنوا مسرحاً آشورياً راقياً في النادي. ومن الفنانيين التشكليين ذكرنا أرم أورها عوديشو الذي زين بلوحاته التعبيرية الجميلة جدران النادي وخطط العديد من الشعارات لنشاطات النادي وساهم كثيراً في تخطيط ورسم أغلفة مجلة المثقف الآشوري وشقيقه أمير أوراها الذي سار على نفس المنوال ولكن مواقفه القومية لم ترضي النظام البعثي في العراق فآل مصيره إلى السجن مع غيره من رفاقه في تنظيم زوعا. أن نجوم الأدب والفن في سماء النادي لم تكن قاصرة على هؤلاء فقط إذ ليس بالإمكان حصر كلهم في هذه الصفحات القليلة فحجم النشاطات وعدد المبدعين في النادي أكثر مما تستوعبها أية ذاكرة إنسانية ولكن للأمانة وإكراماً لكل الذين ساهموا وأبدعوا في نشاطات النادي أذكر المرحوم أوشانا جنو الملحن المبدع وزهير عبد المسيح ويوسيفوس عمانوئيل وشارليت إليات ومورين يوسف وداود بولص وبول عيسى وعمانوئيل يوسف وأمير وبنيامين عوديشو وبرناديت يوئيل و المرحوم يؤارش القس متي وكيًا يوخنا وإشعيا يوخنا ومارلين عمانوئيل ونينوس شموئيل وأنطون لاجن وولسن كمليل وأسحق زومايا وغيرهم الكثير ممن كانوا نجموم متلئلئة أضاءت طريق النادي الثقافي الآشوري فيستحقون كل الإعجاب والتقدير.  

 

 

دور النادي الثقافي الآشوري في المجتمع:

وهو الموضوع الذي بحثته في الفصل السابع من الكتاب والذي يعتبر من أهم المواضيع في تلك الفترة والفترات اللاحقة لأن النادي فعلاً رسخ الوعي القومي في الشباب الآشوري ووضع اللبنة الأولى لنشوء حركات وأحزاب قومية وإنخراط الكثير من أعضاء النادي في مثل هذه الحركات والأحزاب الآشورية والبعض منهم وصل إلى مواقع قيادية. وكانت هناك جملة عوامل لعبت دورها في تمكين النادي من إداء دوره الفعال في المجتمع الآشوري، نذكر منها وبإختصار:

1)- إفتقار المجتمع الآشوري في العراق في تلك الفترة إلى مؤسسة ثقافية، فالحاجة كانت ملحة عند الشباب الآشوري المثقف لإيجاد مثل هذه المؤسسة لذلك عندما تأسس النادي في عام 1970 أستقبله الآشوريون إستقبالاً كبيرا وأنظم إليه عدد ضخم من المثقفين الآشوريين وبالأخص الناشطين منهم في الحقل الأدبي والثقافي والفني فأرسوا أساساً قوياً لنشاطات النادي. (2) – التركيبة الثقافية والفكرية لإعضاء النادي كان عاملاً مهماً لكي يعلب النادي دوراً فعالاً في المجتمع إذ كانوا جميعاً يمثلون الصفوة المثقفة من الآشوريين المؤمنين بضرورة إحياء الثقافة الآشورية والأدب الآشوري. (3) – كان النادي بالنسبة للأعضاءه البيت العائلي الثاني لهم. فعلى الرغم من التنافس الشديد والحامي الذي كان يحصل بينهم عند إنتخاب رئيس النادي وأعضاء الهيئة الإدارية إلا أنه في مواجهة التحديات كانوا يعملون كجبهة واحدة متخذين من النادي كأيديولوجيه لهم في مواجهة التحديات التي فرضها عليهم النظام السياسي الإستبدادي. فمن الطبيعي كانت نتيجة دفاعهم عن النادي والإخلاص له والعمل الدؤوب عوامل وضعت النادي في دور ريادي في قيادة النشاطات الثقافية والفكرية والأدبية في المجتمع الآشوري أن لم نقل المجتمع العراقي ككل. والنادي لعب دوراً مهماً وفاعلاً على مختلف الأصعدة ونذكر منهم وبإختصار أيضا:

أولاً: اللغة الآشورية:

أهتم النادي إهتماماً كبيراً ومنقطع النظير باللغة الآشورية وتدريسها وتطوير مناهجها فكان النادي يؤمن بأن اللغة روح الأمة وحياتها، فلا حياة لقومية بدون لغة فهي أس الأساس في تحديد هويتها وشخصيتها المتميزة عن بقية القوميات الأخرى. والنادي لجأ إلى عدة أساليب في هذا المجال منها (1) - دورات لتعليم اللغة وعلى مختلف المستويات حيث كانت الصفوف تعج بالطلاب ومن مختلف الأعمار ولم تقتصر هذه الدورات على الأعضاء فقط بل لغير الأعضاء أيضاً، وفي دورة من دورات تدريس اللغة كان عدد الطلاب يقارب 300 طالب وعلى مراحل ومستويات مختلفة من الإبتدائي حتى المتقدم ومنها اللغة القديمة المعروفة بالأرامية وكان يدرس فيها أساتذة أكفاء في اللغة وتخرج من هذه الدورات طلاب أصبحوا فيما بعد من المختصين في اللغة ونذكر منهم، على سبيل الذكر لا الحصر، الأديب واللغوي المعروف روبين تيدي بيت شموئيل وبعضهم أختار سلك الكهنوتية وخدمة كنيستهم، منهم على سبيل الذكر لا الحصر، الأبوين الفاضلين عمانوئيل بيتو يوخنا وأنطون لاجن في حين أختار آخرون الإنخراط في الشؤون السياسية كالسكرتير العام السابق للحركة الديمقراطية الآشورية السيد نينوس بتيو. (2) – مناهج تدريس اللغة: كان حجم وكثقافة دورات تعليم لغة الأم قد فرض نفسه لإيجاد وتأليف مناهج علمية للتدريس تفي بمتطلبات هذه الدورات وعلى مختلف الأصعدة والمستويات التعليمية إذ تمكن النادي بفعل أعضاءه المتمرسين في شؤون التعليم والأدب واللغة من وضع مناهج تدريسية عصرية متطورة تتفق مع تطلعات النادي في تعميم وتعليم اللغة بالشكل السليم وتأتي أهمية هذه المناهج التعليمية والكراريس التوضيحية ليس في كونها قاصرة على النادي فحسب بل أصبحت مناهج تعليمية لبعض المؤسسات الآشورية والكنائس التي قامت أيضا بفتح دورات لتعليم لغة الأم. (3) – كوادر تعليمية: بفعل إستمرار دورات تعليم اللغة ونجاحها تخرج منها المئات من الشباب الواعي بأهمية اللغة وضرورة صيانتها وتعميمها بين أبناء المجتمع الآشوري فإستطاع النادي أن يخلق من بعضهم كوادر تدريسية أهلتهم قدرتهم اللغوية التي إكتسبوها من هذه الدورات ومن المدرسين الأكفاء على القيام بتدريس لغة الأم في بعض المؤسسات الآشورية الأخرى أو في الكنائس. لم يكتفي النادي بهذا القدر فحسب بل قام أيضاً بتنظيم دورات خاصة لتدريس لغة الأم للمعلمين والمدرسين الآشوريين ومن غير الأعضاء بقصد خلق منهم كوادر تدريسية قادرة على تطبيق القانون الخاص الذي كان قد صدر في تلك الفترة بتدريس اللغة (السريانية) في المدارس التي أكثريتها من أبناء هذه اللغة وكان فتح مثل هذه الدورات بناء على طلب الجهات الرسمية (وزارة التربية) لتوفير المدرسين الأكفاء لتطبيق القانون وهذا يدل على مدى أهمية النادي ودوره الكبير في تلك الفترة. (4) – الندوات والحلقات الدراسية: كانت من الأساليب الفعالة التي أتبعها النادي في تطوير لغة الأم ومواكبة التطورات العصرية المؤثرة على اللغة. فأول ندوة ثقافية أقامها النادي كان في 1973.04.10 لدراسة قرار مجمع اللغة السريانية حول تدريس لغة الأدب الكلاسيكي (القديمة) وبالأحرف الإسطرنجيلي في المدارس التي أكثريتها من أبناء هذه اللغة. وبعد أسبوع تقريباً طلبت وزارة التربية من النادي عقد ندوة أخرى نظراً لأهمية مثل هذه الندوات وفيها تم رفع توصيات باللغة واللهجة السليمة والأحرف التي يمكن الإعتماد عليها في تدريس اللغة. وتعتبر الحلقة الدراسية عن اللغة التي عقدت في النادي من 3 أيلول إلى 8 منه في عام 1976 من أهم المناسبات التي يجب ذكرها هنا إذ شارك فيها عدد كبير من اللغويين والأدباء والتدريسيين سواء من أعضاء النادي أو غيرهم وسواء من الآشوريين أو غيرهم والتي أستمرت ستة أيام ومن ثم تم طبع ونشر البحوث المقدمة للحلقة لتعميم فائدتها للجميع. ولا يسعني في الأخير إلا أن أذكر بأنه منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي ونظراً لإزدياد طلبات الإنتماء إلى النادي بشكل كبير جداً ولغرض تعميم اللغة وفرضها على طالبي الإنتساب للنادي فقد لجأ النادي إلى وضع إتقان اللغة الآشورية كشرط لإكتساب عضوية النادي وبعكسه كان يستوجب على طالب الإنتماء للنادي دخول دورة تعليم اللغة الآشورية في النادي وإجتيازها بنجاح كشرط لإكتساب العضوية، فساهم هذا مساهمة كبيرة في إتقان الكثير من أبناء أمتنا للغتهم القومية.

 

 

 

(5) – التحرير والنشر: لجأ النادي أيضا إلى هذا الأسلوب لتطوير لغة الأم وتعميمها بين أبناءها. فصفحات مجلة المثقف الآشوري كان زاخرة بدراسات ومقالات حول هذا الموضوع إضافة إلى النشرات الجدارية وبعض الكراريس والكتيبات الأخرى الخاصة باللغة وبتراث الأمة وتاريخها.

 

ثانياً: الأدب والتراث:

إذا كانت اللغة روح الأمة وحياتها فإن التاريخ هو وعي الأمة وشعورها، فالأمة التي تفقد وعيها وشعورها تكون قد فقدت ذاكرتها ومن ثم فقدت إدراكها الذاتي لوجودها القومي. وتاريخ كل أمة هو موروثها المكتسب من جيل إلى آخر فهو حصيلة تجارب وممارسات ومعتقدات أجيال متعاقبة في الحقول الثقافية والأدبية والفنية والدينية والأخلاقية والتربوية تعكس من خلالها سمات الأمة وهويتها القومية. والنادي طيلة فترة حياته لم يتوانى ولم ينسى ممارسة النشاطات التراثية وأحياء ذكرى المناسبات القومية فكان هو الوحيد في تلك الفترة ومن الممكن أن يكون كذلك حتى يومنا هذه يمارس ويستذكر مثل تلك المناسبات ونذكر منها عيد كالو سولاقا (عيد الصعود) وما لهذا العيد من دلالات قومية أضافة إلى دينية وأيضا عيد الأول من نيسان رأس السنة البابلية الآشورية الذي كان يستقطب أعداداً كبيراً في إحتفالات ثقافية وفكرية تقام في النادي ولم ينسى النادي إحتفالات بعوثا دنينوايه (صوم نينوى) ويوم الشهيد الآشوري والذي كان له وقعاً كبيراً على نفوس الجميع وهم يمارسونه بطريقة تراثية وثقافية بحيث لا يثير إستفزاز أزلام النظام البعثي في العراق. كما أحتفل النادي دوماً وفي كل سنة بعيد الأم ويوم البنات وسوميكا (بداية الصوم) وحتى أنه أحتفل بعيد المعلم والأباء أيضا. وكان النادي يهتم إهتماماً كبيراً بالمورث الغنائي والموسيقي وبالحان تراثية كراوه وليليانه وغيرهما. وهنا يجب أن لا أنسى زيارة الآخوين الرحباني عاصي ومنصور إلى النادي في بداية السبعينيات من القرن الماضي وبيان إعجابهما الشديد بالنادي وبمثقفيه وبالتراث الآشوري الغنائي ومن ثم إهداء لهم شريط مسجل للغناء الثراثي والحديث، كما يجب أن نذكر المرحوم الموسيقار الكبير جميل بشير الذي حاضر في النادي أكثر من مرة عن الموسيقى والغناء التراثي الآشوري والأب الفاضل فيليب هيلاي الذي حاضر عن الموسيقى والتراتيل الكنسية.

 أما على المستوى الأدب فللنادي جولات وصولات في هذا المجال حيث من السنة الأولى لتأسيسه تشكل أصدقاء الأدب الآشوري والذي كان يضم كبار المثقفين والأدباء من أبناء أمتنا وقاموا بعدد كبير من النشاطات الأدبية والثقافية والشعرية. ومهرجان الشعري الآشوري الذي كان يقيمه النادي في كل سنة كان وبحق تظاهرة ثقافية شعرية ليس على مستوى المجتمع الآشوري فحسب بل على مستوى العراق قاطبة حيث كان يحضرها كبار شعراء العراق ويلقون قصائدهم فيها. إضافة إلى ذلك كان النادي يقيم بين فترة وأخرى أمسيات شعرية لشعراء معروفين وللشباب أيضا. وهنا يجب أن لا أنسى مهجرجان الشعر الشعبي العراقي الذي أقيم في النادي وحضره أكثر من 1500 شخص عجت حدائق النادي بهم وتسلق الكثير منهم جدران النادي وأشجاره مما ظهر كانه تجمعاً جماهيرياً أو مظاهرة وكان للشيوعيين العراقيين من شعراء وجمهور حضوراً متميزاً ومؤثراً فأثار ذلك هيجان أزلام النظام البعثي مما نتج عن ذلك إستدعاء الهيئة الإدارية للنادي في اليوم التالي إلى دائرة الأمن للمسائلة والإستجواب عن سبب حضور هذا العدد الكبير من الشيوعيين. ليس هذا فحسب فقد كان للنادي مهرجاناً سنوياً للكتاب الآشوري حيث يعرض فيه مختلف الأنواع من الكتب خاصة التي تتناول تاريخ أمتنا وتراثها ولغتها.

 

 

ثالثا: الفن الآشوري:

لعب النادي دورا كبيراً في ترويج وتطوير الفن الآشوري وعلى مختلف الأصعدة منها المسرح حيث كان النادي رائداً في بناء مسرح آشوري متكامل الجوانب سواء من خلال عرض العشرات من المسرحيات التي مثلت وأخرجت من قبل أعضاء أكفاء في هذا المجال أو من خلال إكتشاف وصقل مواهب فنية ومسرحية جديدة إضافة إلى خلق وعي مسرحي في الجمهور الآشوري الذي أجتذب بكل قوة إلى تلك المسرحيات التي عرضها النادي. فالمسرح الآشوري في تلك الفترة كان مضاءاً بأسماء أمثال رابي يوسف نمرود كانون وسامي ياقو وشمعون كوريال وأندريه يوسف وإيبي عمانوئيل وغيرهما كثر. أما بالنسبة للفنون الموسيقية والغناء فقد كان للنادي دوراً كبيراً في تطوير مواهب الكثير من الشباب الآشوري في هذا المجال خاصة من خلال إقامة المهرجان السنوى للغناء والموسيقى الآشورية الذي كان يشارك فيه نخبة متميزة من المطربين البارزين إضافة إلى المطربين الشباب. زد على ذلك كان للنادي فرقة للقنون الشعبية وأخرى فرقة الأطفال للأناشيد التراثية فأحيوا معظم المناسبات والأعياد والإحتفالات في النادي بعروضهم الشقية وأصواتهم الشجية. ويجب أن لا يفوتني أن أذكر بأن المطربين سامي ياقو وداود إيشا اللذين كانا مشهوران أكثر من نار على علم ومعروفان بأغانيهما القومية والذي "كافئهما" النظام البعثي الجائر على ذلك بإعتقالها وزجها في دهاليز سجونه وتعرضهما للتعذيب الجسدي والنفسي. والفنون التشكيلية كانت لها مكانة خاصة في النادي وبين فنانيه التشكليين في ممارستهم للرسم والنحت وأعمال يدوية وصناعات تراثية حيث كانت تقام المعارض سنوياً للوحات الفنية والمنحوتات والملصقات والبوسترات السياسية.. كانت نشاطات النادي زاخرة بالكثير من الممارسات الفنية المختلفة فلم تقتصر على الحقول المار ذكرها، فتدريس النوته الموسيقية وإعداد الأطفال وتعليمهم المبادئ الأولية في الفنون التشكيلية وتدريب الناشئين في حقلي الموسيقى والغناء والإحتفالات بالمناسبات التراثية وبأسلوب فني رائع كلها كانت أضواء في مسيرة النادي الذي أوصلته إلى قلوب جميع أبناء المجتمع الآشوري.

 

رابعاً: الثقافة العامة:

لم يكن النادي الثقافي الآشوري متقوقعاً على نفسه في مجال الثقافة العامة ولم يكن محصوراً ضمن نطاق الثقافة الآشورية فحسب أو بين أعضاءه بل تجاوز ذلك نحو عموم العراق وساهم الكثير في إنماء الثقافة العامة للأعضاء وغير الأعضاء. فمكتبة النادي التي كانت تضمن ألاف الكتب والمجلات والمخطوطات كانت صورة للواقع الثقافي المزدهر للنادي. الحديث في هذا الموضوع طويل جداً أكثر بكثير من طول قائمة أسماء كبار المثقفين والأدباء والشعراء الذين ساهموا في هذا المجال سواء بإلقائهم محاضرات أو مشاركتهم في مهرجانات أو حلقات دراسية... وأذكر منهم العلامة المرحوم الدكتور علي الوردي الذي حاضر مرتين في النادي والدكتور كامل الدباغ المعروف ببرنامجه التلفزيوني المشهور (العلم للجميع) والمؤرخ سالم الألوسي والدكتور وليد سعيد خيوكه والأستاذ علي الكاظمي والقاص المعروف غانم الدباغ والسياسي المخضرم بيتر يوسف وهذا عدد يسير من مجموعة كبيرة من المثقفين العراقيين الذين حاضروا في النادي. أما من أبناء أمتنا فالعدد كان أكبر بكثير حيث حاضر في النادي لوقا زودو و إبراهيم نورو (كلاهما من لبنان) والبروفسور أدور يوخنا والشماس كوركيس بنيامين أشيتا والمرحوم رابي أبرم بيت بنيامين والأديب المعروف عوديشو ملكو والدكتور عوديشو بريمو وغيرهم كثر وكانت محاضرة الشماس والأديب المعروف المرحوم كوركيس بنيامين أشيتا أول محاضرة تلقى في النادي مساء يوم الأحد المصادف 1970.11.22 عن تاريخ الأدب الآشوري ويعتبر الأديب الكبير المرحوم الشماس منصور روئيل أكثر من حاضر في النادي حيث كان له بحدود ثمانية محاضرات ومشاركات أخرى في الحلقات الدراسية لللغة والأدب.

 

وهنا أود أن أشير إلى حدثين مهمين يظهر من خلالهما مدى أهمية دور النادي وموقعه في الثقافة بشكل عام. في عام 1972 طلبت الأكاديمية الملكية السويدية (وهي المنظمة العالمية التي تمنح جوائز نوبل المشهورة) طلبت بكتاب رسمي موجه إلى وزارة الثقافة العراقية بتزويدها بمعلومات ومصادر عن تاريخ العراق وحضاراته القديمة فما كان من وزارة الإعلام إلا وأحالت الكتاب إلى النادي الثقافي الآشوري لتلبية طلبات الأكاديمية أعلاه وفعلا تم تلبية الطلب بالقدر المتوفر من بعض الكتب أو إستنساخها وإرسالها إليها. وفي أعقاب تأميم شركة نفط العراق عام 1972 كان النادي كمؤسس عراقية ثقافية يعني بالشؤون العامة للوطن وبكل المجريات التي تخص عموم الناس فكان النادي أول مؤسسة عراقية على مستوى القطر يقوم بتنظيم محاضرة ألقاها رئيس جمعية الإقتصاديين العراقيين عن هذا الحدث الهام والذي تم بثه تلزيونياً إلى كافة أنحاء العراق وإلى وكالات الأنباء المحلية والعالمية. هذه الأمثلة وغيرها كثيرة تعكس بكل وضوح وجلاء أهمية النادي ودوره في مجمل الحياة الثقافية والعلمية ليس على مستوى الأعضاء أو على مستوى المجتمع الآشوري فحسب بل على المستوى العراقي أيضا.

 

خامساً: الوعي القومي والسياسي:

كانت المادة الخامسة من النظام الداخلي للنادي تنص على أنه ليس للنادي أي صفة دينية أو سياسية غير أن الحقيقة كانت عكس ذلك، فالظروف والسياسات التي فرضها النظام البعثي أنذاك على كل المجتمع العراقي وتحديداً على الأقليات وبالأخص الآشوريين منهم جعلت من النادي أن يكون في قلب السياسة وأن يكتسب صفة سياسية عكست بشكل مباشر أو غير مباشر المطامح القومية المشروع للأشوريين في العراق. هناك أحداث ومناسبات كثيرة ومفصلة بشكل مطول في كتابي السالف الذكر ولا أريد الغوض فيها لكونها كثيرة وطويلة جداً، وإختصاراً أريد التأكيد مرة أخرى بأن النادي كان مدرسة فكرية وقومية وسياسية تخرج منها الكثير من القوميين الآشوريين المعرفيين وكانوا من المؤسسين للحركات السياسية والقومية والمنظمات الآشورية الفكرية والثقافية سواء في أرض الوطن أم في بلدان المهجر ... ويكفي للنادي فخراً وإعتزازاً الوقفة البطولية التي وقفها الشاب الآشوري المناضل عندما أعتقلهم النظام البعثي في العراق في شهر تموز من عام 1984 ومعظمهم كانوا أعضاء في النادي وتنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتى الموت على ثلاثة منهم في بداية شهر شباط من عام 1985 وعلى سبعة عشر منهم بالسجن المؤبد ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة وذلك بسبب إنتمائهم إلى الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) فهم جميعاً يستحقون بكل إجلال وعظمة أن تسجل أسماؤهم بماء من الذهب في السجل القومي الآشوري لتبقى نبراساً منيراً للأجيال الحاضرة والقادمة وشوكة في عيون المتخاذلين والأفاقين والعاثرين في تقدم مسيرة الأمة الآشورية نحو تحقيق ذاتها القومي بشكل يليق بكرامة وسمعة الأجداد العظام الذين وضعوا اللبنة الأولى للحضارة الإنسانية المعاصرة.

فإذا كان النادي الرحم الذين حمل فكر زوعا وتولد منه وترعرع بين جدرانه حتى بلوغه المستوى الذي بلغه الآن فأنه من الضروري أن نذكر بأن السياسي النشيط والسكرتير العام لزوعا السيد يونادم كنا كان عضواً نشيطاً في النادي وأحد مؤسسي فرعه في السليمانية. والأمر لم يكن محصوراً بزوعا فقط بل الحال أيضا  كان نفسه مع تنظيمات وأحزاب سياسية أخرى كالحزب الوطني الآشوري الذي كان معظم مؤسسيه أعضاء في النادي لا بل كان السيد نمرود بيتو السكرتير العام السابق للحزب رئيساً للنادي في أحدى دوراته كما كان الدكتور عمانوئيل قمبر السكرتير العام السابق للإتحاد الآشوري العالمي عضواً في الهيئة الإدارية ولدورات عديدة وكان من أنشط أعضاءه، والقائمة تطول بالنسبة لبعض أعضاء حزب بيث نهرين الديمقراطي والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وغيرها من التنظيمات القومية والثقافية المنتشرة في بلدان المهجر. هنا أيضا يجب أن لا يفوتني أن أذكر التطلعات الوحدوية التي كان يضعها النادي في مقدمة نشاطاتها التي لم تكن تميز بين آشوري أو كلداني أو سرياني ليس من حيث العدد الكبير، وبالأخص المثقفين والأدباء والكتاب والفنانين الكلدان المنتمين إلى النادي بل إلى النشاطات التي كانت تنظم لهم أيضا. وأذكر بهذا الخصوص حفلات تعارف للطلاب الكلدان الجامعيين حيثوا كانوا يمارسون نشاطهم الترفيهي والثقافي في النادي وبكل حرية وتسهيلات وفرها النادي لهم بعد أن منعتهم بقية الأندية من إقامة مثل هذه النشاطات خوفاً من أزلام النظام البعثي في العراق لأن مثل هذه النشاطات كانت حصراً بالإتحاد الوطني لطلبة العراق التابع للنظام وإن معظم هؤلاء الطلاب كانوا ذو أفكار قومية وحدوية يؤمونون بوحدة أمتنا "الكلدانية السريانية الآشورية" لا بل بعضهم كانوا من الماركسيين واليساريين المؤمنين بمشروعية حقوقنا القومية في العراق. على الرغم من إنقطاع الإتصال بهؤلاء الطلاب بعد ما يزيد على أربعة عقود من الزمن وصعوبة تذكر أسماؤهم ( أتذكر فقط الأسم الأول لبعض الناشطين منهم مثل أسحق و مازن وكلاهما من ألقوش) إلا أنه من المؤكد شكلوا اللبنة الأولى لوحدة أمتنا "الكلدانية السريانية الأشورية" ومن المؤمل أن يكونوا قد وصلوا إلى مراحل متطورة سياسياً وقومياً وتنظيمياً للفكر الوحدوي لأمتنا. 

 

النادي الثقافي الآشوري – اليوم الحاضر

 

1 - النادي فكراً ووعياً:

أنتهى النادي في الماضي كمؤسسة ثقافية وبنية تنظيمية ولكن بقى وظل وأستمر كبنية فكرية خلقت وعياً قومياً نموذجيا فترعرع وتنامي ونضج في النادي الثقافي الآشوري والذي جعل أن يستمر النادي وينتشر في قلوب وعقول وممارسات أعضاءه رغم إنتهاء النادي رسمياً وإغلاقه. فإذا كانت السلطات الأمنية والحزبية في ظل النظام البعثي المقبور قد وفقت في القضاء على النادي كبنية تنظيمية ثقافية فأن النادي ظل كفكر وروح يسري في عروق وعقول أعضاءه الخيريين إينما كانوا وتفرز بذورها في الوعي القومي في كل زاوية من زوايا المجتمع لتخصب مسيرتهم النضالية بثمار وتجارب وعبر تزيد من صلابة الحركة القومية نحو تحقيق أهدافها المشروعة في البقاء كقومية تعتز بمجدها وتاريخها العظيم.

 

واليوم لو أمعنا النظر على الساحة القومية والسياسية والثقافية والإجتماعية وحتى الكنسية لمجتمعنا نجد بأن الريادة والإبداع والتضحية هي من لدن من كانوا أعضاء في النادي.... فالحركة الديمقراطية الآشورية من قمة قيادتها وحتى أصغر قاعدة يسري فيها الفكر القومي الوحدوي الذي نشأن وترعرع في النادي والحال لا يختلف بالنسبة لبقية الأحزاب السياسية والتنظيمات القومية فالنادي كان ولا يزال يشكل نبراساً في طريق عملهم القومي السياسي والثقافي... فحديثنا لا يقتصر على يونادم كنا أو نمرود بيتو أو عمانوئيل قمبر أو نينوس بتيو وغيرهم من السياسيين بل يشمل أيضا رابي يوسف نمرود كانون ويؤارش هيدو وميخائيل ممو وأدور يوخنا وخوشابا سولاقا وعوديشو بريمو و إيشو سنحاريب و توما روئيل و سامي ياقو و داود إيشا وتيري بطرس وغيرهم بالمئات الذين يملئون الدنيا بنشاطات سواء بالكتابة أو المشاركة في تنظيماتنا القومية المختلفة ... ليس هذا فحسب بل على المستوى الكنسي أيضا إذ تخرج من النادي من كان لهم إيماناً قومياً وإستعداداً لخدمة الأمة بجانبها الروحي فأختاروا سلك الكهنوتية طريقاً لخدمة أمتهم نذكر منهم الأب المرحوم إيشو القس عوديشوا راعي كنيسة سرسنك السابق، والأب الفاضل شليمون إيشو راعي كنيسة سرسنك في شمال العراق و الأب عمانوئيل بيتو مدبر أبرشية لبنان والأب الفاضل أنطون لاجن مدبر قلاية البطريركية في شيكاغو إضافة إلى العشرات من الشمامسة..   فهؤلاء جميعهم  يشكلون في اليوم الحاضر النادي الثقافي الآشوري بشكله الفكري الجديد وعلى مختلف الأصعدة.

 

2 – النادي الثقافي الآشوري في عنكاوه – أربيل

  تناقلت الأنباء هذه الأيام عن ترخيص السلطات الإقليمية في كردستان العراق لمجموعة من شبابنا في بلدة عنكاوة لتأسيس نادي ثقافي تحت أسم "النادي الثقافي الآشوري" والأكثر من هذا تذكر الأنباء بأن تسهيلات كبيرة من توفير الأرض وتخصيصات مالية لبناء مركز للنادي قد وفرت لهم... أنه أمر مبهج لهذا الخبر ولكن سيكون بالتأكيد أكثر مبهجاً عندما يبدأ بـ "تقليد" النادي الثقافي الآشوري الذي كان قائماً في بغداد في القرن الماضي لا سيما هناك عدد كبير ممن كانوا أعضاء في النادي في بغداد يعيش في بلدة عنكاوه أو البلدات القريبة منها يمكن أن يساهموا بخبراتهم في هذا المجال لوضع النادي المزمع تأسيسه على مساره القومي الوحدوي لأبناء أمتنا جميعاً من دون أن تكون هذه التسمية أو تلك عائقاً لتحقيق الهدف. إذا كان النادي الثقافي الآشوري في بغداد قد حقق إنجازات كبيرة في المجال القومي رغم السياسات الإستبدادية التي مورست ضده من قبل النظام البعثي في العراق ورغم قلة موارده المالية فأنه مطلوب من النادي الثقافي الآشوري في عنكاوه أن يحقق مثل ما حققه الأول في بغداد خاصة ونحن نعلم بأن الهامش الديمقراطي والحرية التي توفرها السلطات الإقليمية و "كرمها" في تمويل كذا مؤسسات ثقافية سيكونان عوامل مهمة في تحقيق النادي طموحات أمتنا الثقافية والإجتماعية التي تصب في تحليلها الأخير في وحدة أمتنا "الكلدانية السريانية الآشورية"، نتمنى لهم كل الموفقية والنجاح.

وأخيرا أطلب المعذرة من القراء الأفاضل بسبب إطالة هذا الموضوع ولكن بحق وحقيقة يستحق الكثير الكثير.