النظام الانتخابي  وانتخابات 2014 في العراق

 

                                                   

           

                                                          

                                              

 

                                             سمير اسطيفو شبلا

        

   

   

     بتاريخ 3/10/2012 نشرنا مقال تحت عنوان "مفوضية الانتخابات والنظام الانتخابي 2014" وأكدنا بضرورة الجزء الثاني من الدراسة ألا وهي النظام الانتخابي والانتخابات التي ستجري في العراق أواسط 2014، سيتم عرقلتها في حالة معرفتهم المسبقة أنهم سيخسرون مقاعدهم في البرلمان العراقي لصالح التغيير الديمقراطي على يد قوى الخير والمحبة للسلام التي من واجبها ان تتكاتف في انتخابات 2014 وتذهب إلى صناديق الاقتراع بقوة، قاطعة الطريق أمام التلاعب والتزوير الذي حصل سابقاً وسيحصل لا حقاً ان لم نكن واعين وعيوننا مفتوحة من الآن! نكرر من الآن ونحن في تشرين/2012، لان الوقت سيقطعنا حتماً ان لم نستغله لصالح فكر ومبادئ وأهداف حقوق الإنسان والكفاءات بالتعاون والتنسيق مع كافة القوى الوطنية التي تجمعها حب الوطن وتؤمن بان سقف حقوق الشعب وكرامة المواطن هي أعلى من كل السقوف الطائفية والمذهبية وخاصة بعد ثبوت فشل قيادة التيار الديني لمدة دورتين كاملتين (أكثر من 8 سنوات) في قيادة المجتمع والبلاد نحو بر الأمان، بل العكس سنة بعد أخرى يزداد حجم الفساد وسرقة أموال الشعب والفقراء، حيث كنا نسمع في السنوات الأولى بعد سقوط النظام 2003 وتلاه سقوط الدولة أيضا التي هي من أهم الكوارث والأخطاء الذي تركها لنا الاحتلال،لذا من واجبنا اليوم تحرير أنفسنا بالتزامن مع بناء الدولة من جديد التي تحتاج إلى جهود خيرة ومراحل عدة، وما فشل ساسة اليوم إلا مرحلة وسنوات عجاف التي كنا نرى ونلمس فساد وسرقات بآلاف الدولارات، وبعد الدورة الأولى وبداية الأربع سنوات الأخيرة زاد المبالغ المسروقة وأصبحت ملايين بدل الألوفات! اما اليوم فلم يرضوا بذلك وصعدوا من سقف بطولاتهم إلى سرقة المليارات دون خوف او وجل، بل بالعكس إنهم يسرحون ويمرحون وكأن الشعب مجموعة من قطعان الماشية او كتيبة جنود، لذا لابد من التغيير.

 

الموضوع

النظام الانتخابي هو مفتاح الحل

 

     نعم من وضع النظام الانتخابي الحالي كان يقصد تفصيل فستان خاص لاحتكار السلطة على الأمد البعيد عملاً بنظام القاسم الانتخابي والتعويضية بحيث يصبح الذي حصل على 200 صوت عضو برلمان حصراً! ويُبْعَدْ من حصل على عشرات الآلاف من قائمة أخرى حسب النظام الانتخابي، وهذا ما حصل بالضبط عندما فازت قائمة الرافدين بثلاثة مقاعد من كوتا المسيحيين على حساب الكلدان.

    إذن مفتاح الحل هو بتغيير النظام الانتخابي ليشمل مشاركة جميع مكونات الشعب في صنع القرار، طبعاً الكلام سهل على الورق، فهل بمقدرة قوى التغيير نحو الديمقراطية القانونية ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني التي بدأت بخبرة قراءة الواقع كما هو ان تغير النظام الانتخابي؟.

    جوابنا بنعم ولاء! هل هي حزورة؟ نجاوب نعم تقدر لان الوقت لصالح قوى المحبة للسلام، بمعنى ان تحركت اليوم هذه القوى وليس غداً بتشكيل جبهة عريضة شعبية تشارك بها كل القوى الوطنية بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان والكفاءات لعمل لوبي وضغط شعبي كبير لتغيير النظام الانتخابي الحالي، عندها نقول : ألف نعم ونعم – هناك مئات الأحزاب والمنظمات لها نفس الشعارات والأهداف وكلها تدعي الوطنية! ولكنها مجزأة طائفياً وعشائرياً ومناطقياً لذا تفقد من وطنيتها او نعتبر ان وطنيتها ملثمة،عليه لا ترغب بالانضمام إلى مثل هذه الدعوات، ان كان السبب دينياً /مذهبياً او طائفياً، لا بل تحاول ان تعمل جبهات متعددة وتبقى رقم من الأرقام وبالتالي تكون النتيجة لصالح نظام الفساد لأنه تمكن من إبقاء وترسيخ التجزئة بيننا.

     اما إذا تم اختراق هذه الجبهة ولم نتنازل عن مصالحنا الذاتية ومصالح طائفتنا ومذهبنا وقوميتنا وان لم نعتبر مصالحة الوطن والشعب هي أعلى من جميع هذه المصالح عملياً وليس قولاً! فنقول عندها : لاء وألف لاء!!! عليه نبقى دورات ودورات أخرى على هذه الحالة إلا ان يأتي جيل جديد ويقول كلمته/ من أين آت بـ يوسف الصديق عراقي اليوم؟ الذي باعوه إخوته بحفنة من المال.

 

النظم الانتخابية

طبعاً لا يوجد بلد له نظام انتخابي محدد، بل كل قطر له نظام انتخابي حسب ظروفه الثقافية والاجتماعية والسياسية ومدى تطوره وتقدمه ثقافياً وعلمياً ونسبة الأمية والفقر فيه،،الخ بما معناه ان النظام الانتخابي الذي اعتمد للدورة او الدورات السابقة ليس بالضرورة ان يعتمد في الدورة اللاحقة، لذا مطالبتنا بتغيير النظام الانتخابي شرعة قانونية ودستورية أيضا، والآن إلى النظم الرئيسية الانتخابية لتكون أمام القارئ والباحث اللبيب ليعرف أي من النظم الانتخابية تفيده كشخص بحيث يقدر ان يحاسب لمن أعطى صوته له  مباشرة، وكوطن لصعود الأكفأ والأجدر ليمثل شعبه ويبدأ بخطوات ثابتة لتكريس التوجه الديمقراطي المنشود، عندها يكون الأمن والأمان والخدمات والكرامة.

ببساطة شديدة هناك ثلاثة نظم انتخابية رئيسية:

  أولا: نظام الأكثرية او ما يسمى النظام الفردي او الأغلبية النسبية

  ثانياً: نظام التمثيل النسبي او القائمة النسبية

  ثالثاً : النظام المختلط / يعني الخلط بين النظامين أعلاه

      أي من الأنظمة الانتخابية أصلح للعراق؟ هو النظام الذي يخرج بنتائج ايجابية لصالح الشعب وتمثيله واستقراره أكثر من ان تكون نتائجه لصالح فئة او حزب مذهبي او طائفة دون أخرى، أي النظام الانتخابي الأصلح هو ان تكون مزاياه أكثر بكثير من عيوبه، ونتيجة كلامنا هو انه لا يوجد نظام انتخابي صالح 100% لسبب التنوع والتعدد ألاثني والطبقي والديني والفروق الثقافية والاجتماعية والسياسية ومدى التطور الحضاري والحقوقي للمجتمع وللدولة.

 تعريف بكل نظام انتخابي

     نظام الأكثرية أو الأغلبية النسبية او الفردي: هو وجود دائرة انتخابية صغيرة يمثلها نائب واحد، بحيث يقوم الناخبون باختيار للمرشحين كأفراد من خلال التصويت، سواء كانوا مستقلين او يمثلون جماعات او أحزاب، وبمقتضى هذا النظام يفوز المرشح الذي يحصل على اكبر عدد من الأصوات مقارنة بباق المرشحين / وهذا يعني ان طبق هذا النظام في العراق في الدورة القادمة لعام 2014 – معناه يجب تقسيم العراق إلى 325 دائرة انتخابية.

    يمتاز هذا النظام بسهولة تطبيقه ببساطة – يولد تشكيلات كبيرة الحجم والوزن في البرلمان مما يؤدي إلى تشكيل حكومة قوية وفعالة.

   من عيوبه : انه لا يحقق التمثيل الأكمل، ماذنب مرشح الكفاءات  مثلاً الذي لم يفز بسبب طائفي او مناطقي او حزبي أو ديني، هذا ان لم يحث تزوير.

    نظام القائمة النسبية او التمثيل النسبي: لا يمكن تطبيقه الإ بوجود قائمة انتخابية، أي تقوم الأحزاب والهيئات والتحالفات بإعداد قوائم انتخابية تضم أسماء المرشحين التابعين لها، ويصوت الناخب على القائمة بأكملها التي تكون تحت رقم معين، وتحصل القائمة على عدد المقاعد تساوي نسبة الأصوات التي حصلت عليها، فان كانت قائمة "س" مثلاً قد حصلت على 25% من نسبة الأصوات فإنها تحصل على 25% من مقاعد البرلمان.

    انه أكثر دقة وصدقاً من النظام الأول – أكثر تعبيراً للإرادة الشعبية – لكن محتمل ان يخدع الناخبين بوضع رموز على رأس القائمة الانتخابية وبعدهم هناك أسماء غير كفاءة تصبح عضو برلمان على حساب القوائم الأخرى، وكانت تجربة انتخابات العراق الأخيرة بصعود مرشحين من قائمة لم يفوزوا بربع أصوات الناخبين في القوائم الأخرى المنافسة – كما تؤدي نظام القائمة إلى صعود مجموعة كبيرة من السياسيين تؤدي إلى تشكيل حكومة واسعة ومتعددة الأطراف مما تتصف بالضعف والنزاعات الداخلية !! وهذا ما يحصل فعلاً اليوم في العراق – ومن عيوب هذا النظام أيضا هو تشكيل أحزاب صغيرة وكثيرة، أكثر من لزوم كضرورة تاريخية مما يؤدي إلى تشتيت العمل المركزي باتجاهات جانبية وعرقلة القرار في الوقت المناسب.

   اما النظام المختلط: هو نظام مختلط أي مشترك بين الأغلبية النسبية والتمثيل النسبي، أي بين نظام الفردي والقائمة.

   الأكثر انتشاراً هو النظام الأول : الأكثرية النسبية حيث اعتمده 91 دولة من دول العالم – اما نظام التمثيل النسبي / القائمة فاعتمدته 72 دولة – و30 دولة اعتمدت النظام المختلط.

النتيجة

   أولا: لكل نظام انتخابي له حسناته وعيوبه، وليس شرط ان يتم تطبيق نظام انتخابي الذي تم تطبيقه في الدورات السابقة، بسبب اختلاف الوضع السياسي والاثني والديني والإقليمي والدولي، وبما ان العراق يمر بمرحلة خاصة وحرجة في تاريخه كدولة الديمقراطية فيه في طور النشوء، مع وجود عدد كبير من الأحزاب والمنظمات كأرقام ليس إلا، من الضرورة بمكان دمجها او اتحادها مع بعض البعض، نحن نرى ان النظام الأول / الأكثرية النسبية أي القائمة الفردية هو الأنجع في انتخابات 2014 القادمة حسب ما نراه كحقوقيين إلا ان كان للاختصاصيين رأي آخر حين تجدد ظروف خاصة قبيل الانتخابات.

   ثانياً:  وجوب الإحصاء الرسمي وان تعذر الإحصاء الشعبي، وبالنسبة لشعبنا ان الإحصاء واجب وضرورة تاريخية لتثبيت نسبة تمثيلنا بالبرلمان، لأنها حتماً سيكون تمثيلنا أعلى من الكوتا (5 أعضاء) ان تم حساب مرشح لكل 100 ألف نسمة، هنا يأتي دور الكنائس والمعابد بمساعدة رجال الدين ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في داخل العراق وخارجه وخاصة إحصاء شعبنا الأصيل المظلوم دائماً (الكلدان والسريان والأشوريين اليزيديين والصابئة المندائيين والعرب الاصلاء) لذا نقترح اعتبار مراكز الاتحاد الحقوقي الـ 43 المنتشرة في كافة أنحاء العالم مراكز إحصاء شعبنا العراقي الأصيل، المنشورة على صفحة محكمة حقوق الإنسان في الشرق على الفيس بوك وعلى موقع الهيئة والاتحاد الحقوقي.

   ثالثاً: نقترح تقليص عدد نواب البرلمان العراقي إلى 250 عضو في حالة بقاء الامتيازات الخاصة على حالها، على الأقل لتقليل ضررها على الفقراء، لنتساءل : هل هناك احد اقترح ان يوزع نصف راتبه على من انتخبوه وخاصة الفقراء منهم؟ نحن نقترح ذلك في الدورة القادمة، عندها نطالب بزيادة حجم التمثيل الشعبي إلى 350 برلماني.

   رابعاً: نحن في الهيئة العالمية واتحاد منظمات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط التي تضم اليوم أكثر من 40 منظمة مجتمع مدني وحقوق إنسان، قلبنا وأيادينا مفتوحة لجميع الشخصيات والمكونات الخيّرة والمُحِبة للسلام في التفاهم والتعاون من اجل إنقاذ العراق من المستنقع الذي هو فيه مرغماً، من جانب آخر نحن مُطالبين السير في منهاج وأهداف ومبادئ حقوق الإنسان / الصدق في العمل – دقة في المعلومات – عدم كيل الاتهامات الباطلة – التأكد من الحقائق – مراقبة أداء الحكومة – تقديم الوثائق والمستندات لحسم القضايا المتعلقة لدى محكمة حقوق الإنسان في الشرق، عندها نؤكد جهوزية القوى الوطنية الحقة لانتخابات 2014 من اجل ان يعم الخير في ربوع الوطن ويرفع الشعب رأسه إلى أعلى بإحقاق الحق والعيش بأمان وطمأنينة وسلام دائم.