المستقطعه والمتنازع عليها  أم  المختلطه والمتعايش فيها ؟

 

 

 

 

                                                       

 

                                       

                                                

                            

                                                  شوكت توسا 

       تكاد صيغة العنوان توحي بان المقصود  في كلامنا هو الماده 140 وصلاحية مفعولها او نفاذه ,بيد ان هدف مقالنا أشْمَل من أن يَختزل( مكرمات) ساستنا في تناول مادة  ضمن مواد أخرى لا تقل خرابا  لما سيجنيه منها العراقيون من ازمات وخيبات  بعد ان توهموا مستبشرين خيرا في الجدد فانتخبوهم لأسباب يطول الحديث عنها,وما ان صحى الناخب على الطامة التي  حلت  به توالت بوجهه شظايا فرقعات الدستورالذي لم يقدم  لحد هذه اللحظة عدا الفوضى والخذلان .

       وإذ ما يعنينا هو معاناة شعب ٍ بالدرجة الاساس, بعيدا عن مناكفة طرف بدافع الكره او مهادنة آخر من باب التملق له لاننا لسنا من جوقة المهرجين  , نقول لساستنا  باستثناءٍ أشح من شحة المطر في يوم مشمس, نقول وبالفم المليان  بأنكم صفقتم وهلهلتم وقبلتم بدستورتزخرمواده بألغام ومفخخات مكبسله رغم يقينكم بانها قابله للانفجار بأخف لمسه ,ليس هذا فقط بل عززتم قبولكم الميمون به في مخادعة عقول بسطاء الشعب وإستغلال عواطفهم طائفيا وقوميا ليبصموا ديمقراطيا على صلاحية تمريرهذا الدستور .

        مربط الفرس يقودنا للحديث عن مآل ِ بلدٍ  سَجلّ في أسفارالخليقة سبقاً تاريخيا بسن القوانين وهندسة الري والاصرح التي تفتخر بها الشعوب , بل بلدٌ قدم أفواجا من الضحايا وأنهرا من الدماء قرابينا  في سوح ومنابرالنضال لنراه اليوم بحال يرثيه فيه الخصم قبل الصديق في ظل المسماة بحكومة شراكة وطنيه منتخبه  وبميزانيه ملياريه طافحه جلبت عليه نكبات لم يشهدها اي شعب تحكمه ديكتاتوريه او سلطة عائله ملكيه بالكاد تديرامور بلدها بمعونات الدول .

       يوما بعد آخر يتكشف للعراقين بهاء الثلاثي المتمثل بالبرلمان والحكومة والقضاء   الذي يفترض ان يكمل بعضه الاخر تشريعيا وتنفيذيا وقانونيا لتنظيم حياة المواطنين, لكن ما انتجه لنا هذا المثلث في سابقة لم يبتلى بها اي شعب إنتخب حاكميه بأصواته , مثلثٌ والعياذ بلله اشبه  بمثلث فرمودا المميت لكل ما يحيط به او يقترب منه , لا نقول ذلك تجريحا باحد أو إعتباطا, انما معاناة الشعب تحت حكم هذا الثلاثي تحكي لناغرائبا وعجائبا  يشيب لها الراس قبل اوانه  في حين يتزامط القائمون مطبلين بديمقراطيتهم التي رفعت ذروة فسادهم  لتبلغ حدودا غير مسبوقه ,ولوطـُلِبَ  منا استثناء من يستحق التبرئة, فهم اقل من عدد اصابع اليد الواحده  ان لم ينطبق عليهم قول شاعرنا مظفر النواب بعد المعذره :  " ... لا أستثني منكم احدا ".

      الكلام عن الشخوص والمقامات عدا كونه نهج غير مهذب فهو لن يجدينا نفعا في كل الاحوال, يكفينا الاستعانة بخطاباتهم المذيلة بعبارات الوطنيه وحقوق الانسان نماذجا يتعض منها الناخب  مستقبلا و لكي نذكرّ المعنيين بان شذ ممارساتهم عن إنسانية شعاراتهم  قد سببّ صداعا ودوارا في رؤوس محبي العراق المنحنيه خجلا  ورعبا  فرض عليهم قناعة قلما أبتليت ببشاعتها حكومات وشعوب المنطقه , قناعة اوصلت المواطن الى تبريرقبول الذل و رضوان التعايش مع الحرمان .

      ان ممارسات حاكمينا و فساد أركان حكومتهم المتقع قد طفح كيلها في خذل هذا الشعب أكثر من مره فأنسته حقوقه وأنست  فقهاءه ما معنى ان تغتصب النساء في السجون مثلما أنست مسؤوليه اهمية المدرسه والمشفى والمسرح ورياض الأطفال ونظافة الشوارع ومنظومة المجاري , شعبٌ  يعلم جيدا بان ميزانية دولته الأفلاطونيه تضاهي ميزانية اربع دول مجتمعة  ,و يدرك ايضا أي صنف من السياسيين  يتحكم في مقدرات البلاد  وأموالها ,  لكن المصيبة الكبرى هي ان هذا الشعب هو الذي إنتخبهم ولأكثر من مره !!!.

       امام صورة كالتي نتحدث عنها , ليسمح لنا إختصاصيو علم الاجتماع وهكذا مثقفونا من محبي العراق وشعبه بتوجيه السؤال التالي :  ما بالكم يا سادتي لو إدعى قائل ٌ بان لغز مصيبة هذا الشعب قبل ان يكون سببها سياسييه(الطائفيين والعنصريين), فهي نتاج عقليه قبليه متوارثه تحتم على الذين أدوا القسم اليمين مساعدة هذا الشعب في خلاصه ونبذه  لهذه العقلية وليس استغلالها لمصالحهم و تركها تتفاقم لتصبح حاله إشمئزازيه طارده لكل ما له علاقه  بالديمقراطيه ؟.

      ولو تحدثنا عن الكيفيه التي تم فيها إنتشال هذا الشعب من قوقعة النظام السابق , كلنا يعلم كونها تحققت بجهد فاعل أجنبي  مصلحته هي التي دعته الى ذلك  وليس حبا بنا ولا ببث الديمقراطية في ربوعنا  كما يطبل البعض ويزمر متوهما , ومثقفونا يدركون جيدا قبل ساستنا بان آمالهم  وأحلام شعبهم إن وجدت و مهما تواضعت  لن يحققها لهم الاجنبي ولن يتحقق منها شيئا ما دام تكاسل فكر انساننا  قد جعله يستسلم مقتنعا بعقيده تقليديه  إختزلت كل تفكيره وجهده  في ايجاد قوقعة بديله لتلك التي اُنتشل منها كي يستر فيها قامته ويقضي ايام حياته ذليلا بانتظار رحمة الحاكم   والفقيه .

        ما يؤسف قوله, هو ان المرئي والمسموع يؤكد بما لا يقبل الشك  بان نمط  التفكير المُقاد الذي نحن بصدده هوالاكثر رواجا اليوم في عقلية الوسط العراقي كما اسلفنا وهو بلا شك وكما أكدنا نتاج تراكمات عجاف السنين العمياء  ومساعي رجالاتها الحمقى التي روضت عقلية العامه  وأدلجتها على التبعيه الروحيه وإطاعة مشيخة العشيره ثم تبعتها حشود المثقفين و الثوريين لتكتمل صورتنا الحقيقيه التي اصبحنا فيها  ورشة تتناوب طواقمها على تدوير صراع المذهبية تارة و تأجيج النزاعات القومية تارة اخرى بمجرد فتوة من مرجع  قابع هناك اوباشارة مشيخة قوميه وجدت ان مصلحتها في تاجيج وطيس الصراع بين أبناء البلد الواحد , هكذا غدونا جميعا نطحن بذواتنا ونستخف بدماء شهدائنا  تنفيذا لأجنده رسمها الاجنبي لساستنا الأكارم. والسؤال هنا ايضا: لو كان أرباب ساستنا بالدفوف ناقرين من سيحذرهذا الشعب من الرقص النشاز؟  .

       نعم  سؤال مهم, الى متى سيظل هذا الشعب يدفع فواتير مصالح الغرباء ومنتفعيهم  الداخلييين, ومن  سينقذه من عادة اللجوء الى قوقعه أخرى بديله بعد خروجه من سابقتها, هل ننتظرنبيا ترسله السماء  لياخذ بايدينا ويعلمنا استنشاق هواء الوطنيه والمواطنه , ام ان امرالتصحيح بات ضربا من سابع المستحيلات ,اليس من عجب العجاب ان يكون قدر ضحايا الامس (معارضي نظام صدام) دق طبول الحرب على حدود قرية  اوعلى  مذهب وقومية ساكنيها ؟ ماالذي اختلف إذن عن زمن الديكتاتور الذي عارضتموه؟ولـِمَ  حررتم هذا الدستور؟ هل بهذه السهولة تناسيتم وأخفيتم مصطلحات الوطنيه والديمقراطيه التي كانت أحزابكم ترفعها شعاراتا بوجه النظام الديكتاتوري ؟

      أرجو ان لا يساء فهمي وأتهم بدعوة ان شعبا على وجه البسيطة يختار بملئ ارادته  الإذلال والخنوع  نمطا وأسلوبا لحياته, انما عقدة هذا الشعب المراد ايجاد حلا جذريا لها تكمن كما اسلفنا  فيما ورثناه من رواسب عهود القهر والاحتلالات وإنتهازية الانظمه التي تناوبت على تحجيم عقولنا الى ان صنعت منا قوما ً لا يهدأ لساسته ونخبه بال ٌ الا عندما يبرمج نظامهم السياسي عقلٌ اجنبي يحتله لفترة ,و لو إضطرت مصلحة هذا المحتل اللعين  فك أسرنا  ينصب ديكتاتورا يحكمنا بالحديد والنارلكذا عقود,ولو اقتضت مصالحه ان يؤتى لنا بحكاية دَعْ الشعب ينتخب حاكميه بالطريقه التي أتت بها امريكا والسائرين بركبها(الديمقراطيه الكاذبه) , فالذي نشهده من فوضى الصراعات القوميه والمذهبيه ومن قتل وسرقات وسوء خدمات على مدى عقد مضى خير شواهد على حجم الكوارث التي سببتها هذه المسماة بالديمقراطيه زيفا وما خفي هو اعظم لا سامح الله .

      مناشده واستفسار نتوجه بهما  الى أنظار ومسامع ساستنا العراقيين المحترمين: حسب اية مسوغات وطنيه ودستوريه تحشدون انتم (وليس الشعب المغلوب على امره) عساكركم  ومعداتكم الخاكيه من اجل  تحديد هوية وطائفة  قرية اوبلده  ليس لأي ذنب أقترفه اهاليها سوى انهم  متعايشون متآخون  لكذا قرون من الزمن هم اليوم بامس الحاجة الى الامن والى تطوير احوالهم للعيش الكريم !!! .

       اختتم كلامي بالقول بان أفكارا كمقترح تشكيل قوات من اهالي المناطق  المسماة بالمتنازع عليها او بالمختلطه من اجل حماية ساكنيها كحل للازمات المفتعلة والمزعومه , فهي كلمة العاجز عن حل مشاكل شعبه ولن تجدي نفعا بل ستزيدها تعقيدا , انها دليل دامغ وقاطع على  عدم احترامهم لدستورهم وسلطة قانونهم  اولا  وعجزهم و فشلهم في فرضها على الجميع ثانيا , والايام بيننا وما علينا سوى ترقب انتشار البيريات الزرقاء بين الطرفين وهذا ما يخطط له الاجنبي وليس الشعب الذي بلغ به الكسل  الى أن يصنع من ابناء السراديب المعتمه قادة وديكتاتوريات معاقه روحيا ووطنيا , و بات هذا الكسل يمنعه حتى من ان يغار من تجارب الشعوب المجاوره وحماس انتفاضاتهم من اجل استعادة  الوعي والصحوه  لقضايانا المصيريه .

 

الوطن والشعب من وراء القصد