القوش ماض ديني وقومي مشرق ... مواقع تاريخية تعود الى الحقبة الاشورية

 

 

                                                                                         

 

           

 ساناي منصور كادو            

          

           

                                                                                                                                                       

             القوش التي تبعد حوالي 45 كلم شمالي مدينة الموصل "مركز محافظة نينوى" تقع على جبل يعرف باسمها، وهي منطقة قديمة يعود تاريخها الـى العصر الاشوري القديم واسمها التاريخي القديم الذي اختلف الباحثون في اصله اكبر برهان على ذلك حيث توجد  اراء عديدة في اصل تسمية القوش منها ان اسم القوش ماخوذ من الكلمة الارامية ايل- قوشتي بمعنى اله القوس ويعتقد بعض الباحثين انها سميت على اسم والد النبي ناحوم "القون" والبعض الاخر يقول بان اسمها مأخوذ من الكلمة الاشورية "ايل - قوشتو" اله الحق وتوجد اراء اخرى حول تسميتها لم يتوصل الباحثون الـى رأي موحد حول هذا الموضوع.

يوجد في القوش عدة مناطق اثرية يعود بناؤها الى العصورالقديمة ومن تلك المناطق نذكر ..        

 

 دير الربان هرمز

كما يحتضن جبل القوش دير الربان هرمز الذي يقع مسافة تبعد حوالي 3 كلم شمال شرق القوش ويعود تاريخ بنائه الى سنة 640م، تم بناؤه من قبل الربان هرمز نفسه الى جانب الرهبان بمساعدة اهالي القوش، يعتبر الدير من اشهر الاديرة في العراق والشرق الاوسط حيث احتل مكانة مرموقة لدى كنيسة المشرق وخاصة في القرنين العاشر والحادي عشر عندما اصبح مركز الكنيسة، وتعرض الدير لعدة هجمات شرسة منها هجمة تيمور لنك سنة 1393 وتعرض بعض الرهبان في هذه الهجمة الى القتل والبعض الاخر اجبروهم على الفرار، كما هاجمه الاتراك وتعرض الدير ايضا لهجمات على يد امراء اكراد ادت الى انتقال بطريرك كنيسة المشرق مار شمعون التاسع الى تلكيف، بعد هذه الفترة ايضا قام نادر شاه بفرض حصار على الدير، وفي السنوات الاخيرة بدأت اعمال ترميم لهذا الدير الاثري والصرح الحضاري العريق ولازالت هذه الاعمال مستمرة الى يومنا هذا. 

 

 

 

 

 

 

معبد الاله سين

يقع معبد الاله سين في الجبل فوق حي سينا غربي القوش حيث تم الكشف عن مذبح عليه 30 ثقباً رمز الإله سين وصهريج التطهير وحوض الغسل، وبنيت هذه في زمن الملك سنحاريب " 705 ـ 681 " ق. م وعثر أيضاً في موقع" شويثا دكناوي" معناها في السورث الدارجة "فراش اللصوص" الذي يقع على تل مرتفع بالقرب من معبد الاله سين على بقايا رماد بشري مع أربع قطع ذهبية ومثلها فضية كل منها يعود الى الفترة الآشورية الحديثة ويقول بعض الباحثين ان هذا الموقع له تسمية غير التسمية التي ذكرتها اعلاه وهي "شفيثا دكلاي" اي سجن المسبيين كان الاشوريون يضعون المسبيين في هذا السجن.

 

 

 

 

 

شيرو ملكثا

ومن المناطق الاثرية في القوش ايضا منطقة شيرو ملكثا، شير تعني الملك في الاشورية وملكثا الملكة اي الملك والملكة وهي تقع في صدر الوادي الجبلي لقرية بندوايا التي تبعد 7 كم غرب القوش ويوجد في هذه المنطقة منحوتة على شكل رجل تمثل الملك الاشوري سنحاريب وقد خلف هذا الملك مثل هذه المنحوتة في كل من معلثايا في دهوك وخنس في عين سفني "شيخان"،وهناك عدة اساطير عن هذا الاثر المنحوت، منقولة عبر الاجيال، منها مايقال ان هناك كنز يعود لملكة اشورية من الذهب واحجار كريمة مدفونة فيه، كما ان هناك رواية اخرى، منقولة عبر الاجيال ايضا، تقول، ان هذا الاثر هو عبارة عن مصيف للملكة الاشورية شميرام، كانت تقضي فصل الصيف الحار فيه، وكانت تنصب فوق باحته خيمة كبيرة.كما ان هناك نفق محفور تحت هذه المنحوتة، يقال ان الملكة شميرام كانت قد استخدمته لرفع منسوب مياه النهر الذي يجري في الوادي الى مستوى سهول القوش شرقا لسقيها.

وكانت الدولة الاشورية ذات الاهتمام المتزايد في اقامة سدود وترع لمسافات بعيدة لسقي اراضي زراعية في المنطقة، وقرب نينوى تعتمد بالاصل على مياه الامطار، ومثال ذلك مشروع سنحاريب الاروائي العظيم الذي يبدا من خنس على نهر الكومل.

 

 

 

مرقد النبي ناحوم الالقوشي

من قرية بندوايا نعود الى القوش ومرقد النبي ناحوم الالقوشي الذي تم ذكره في العهد القديم من الكتاب المقدس، يقع في حي قاشا شمال غرب القوش وهو احد الانبياء الاثني عشر الصغار واسمه بالعبرية معناه معزّ وهو ابن القون الذي كان احد السبايا الذين سباهم الاشوريون فبنى في القوش بيت كبير حينها حيث دفن النبي ناحوم داخل البيت و اخته سارة في الباحة الخلفية للبيت اذ يعتبر مرقده مزار تزوره الطائفة اليهودية من كل بقاع العالم الى يومنا هذا.

 

 

 

 

 مدرسة مار ميخا النوهدري 

وفي نفس الحي على بعد 100 متر تقريبا من مرقد النبي ناحوم توجد كنيسة ومدرسة مار ميخا النوهدري التي بنيت في بداية القرن الخامس الميلادي حيث ان هذه المدرسة كانت منذ تاسيسها مركزا للعلوم والمعرفة ولغاية الربع الاول من القرن العشرين تحولت الى مدرسة ابتدائية للبنين درست فيها مختلف الدروس الى جانب التعليم المسيحي والسرياني والخوري يوسف كادو كان اول مدير لهذه المدرسة ساهم في تسجيلها رسميا ضمن مدارس الدولة انذاك وقد رممت المدرسة عدة مرات اخرها كانت في سنة 1998، وقد تخرج من هذه المدرسة القديمة عمالقة في اللغة والادب السرياني الى جانب كبار رجال الدين للكنيسة الشرقية سابقا والكنيسة الغربية لاحقا، وهناك من ترك ثروة ادبية وخطية من هذه المدرسة امثال القس اسرائيل شكوانا "رابي رابا" رابا والقس دميانوس كونديرا  والمطران طيماثيوس مقدسي الاول وكوركيس الالقوشي الذي عاش في القرن السابع عشر والمطران توما اودو وغيرهم ممن تضلع في اللغة والأدب والفلسفة، الى جانب كبار الخطاطين للغة السريانية والذين تركوا ثروة كبيرة من المخطوطات المنتشرة في جميع القارات ومنهم الشماس بولس قاشا والتي بلغت ثروته الخطية "241 مخطوطة" منها "92" مخطوطة كبيرة لم تسجل، ومن قبله عطايا الالقوشي وهومو وشكوانا.