الموقع الرسمي للحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا).. the official website of Assyrian Democratic Movement- Zowaa

                                       

 

تضامنًا مع كنيسة السريان الملنكار الكاثوليكية، وفد من الكنيسة السريانية الأنطاكية الكاثوليكية يزور ولاية كيرالا الهندية

 

 

 

زوعا اورغ - هند :4شباط 2012 /                    

       

في مبادرة تضامنية مع الكنيسة الملنكارية للسريان لكاثوليك في الهند، شارك وفد كبير من إبرشيات مختلفة للكنيسة االسريانيةالأنطاكية الكاثوليكية من كل من لبنان وسوريا والعراق، للفترة من 22- 29 كانون ثاني 2012. ترأس الوفد، غبطة البطريرك مار يوسف الثالث يونان، يرافقه عدد من السادة الأساقفة الأجلاء: مار باسيليوس جرجس القس موسى، المعاون البطريركي وجهاد بطاح مطران بيروت، ومار يوحنا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها للسريان الكاثوليك، ومار أفرام يوسف عبا، رئيس أساقفة بغداد للسريان الكاثوليك ومار بهنام هندو، رئيس أساقفة الجزيرة ونصيبين ومار رابولا أنطوان بيلوني، النائب البطريكي المتقاعد، مع عدد من الكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين. تضمن برنامج الزيارة، زيارة عدد من الكنائس السريانية الكاثوليكية للملنكار السريان في ولاية كيرالا الهندية ومعاهدها الإكليريكية ومؤسساتها التربوية والكنسية والصحية والاجتماعية، إضافة إلى زيارة عدد من الكنائس الأرثوذكسية  الشقيقة والملبار الكلدان الكاثوليك التابعين لسلطة روما مباشرة.أولى المحطات كانت في مدينة "ثيروفاناثابورام"، عاصمة ولاية كيرالا، حيث حطينا الرحال في مطارها "تريفاندروم". يوم 23 كانون ثاني بعد الإفطار، كانت زيارتنا الأولى لمقر الكاثوليكوس ما باسيليوس إقليميس في مركز الرعية الكبير الذي تديره الرهبنتان: بنات مريم وبيت عنيا. وبعد جولة في أروقة وقاعات المركز، أقام غبطة البطريرك يوسف يونان بمعية الأساقفة والكهنة، قداسًا احتفاليًا بالمناسبة، ظهرًا، أشار فيه إلى أهمية الحدث التاريخي باتحاد الكنيستين السريانية الأنطاكية والسريانية الملنكارية الكاثوليكيتين عام 1930، حيث أشار في معرض عظته بالقول: "أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح، المسيح قبلتم". بعدها كان اللقاء الحار معالكاثوليكوس باسيليوس إقليميس الذي أشاد بالزيارة التاريخية لوفد الكنيسة السريانية الأنطاكية وتضامنها مع توأمها الكنيسة السريانية الملنكارية في الهند. كما أشار إلى غنى الكنيستين بتراثهما السرياني، الذي هو في ذات الوقت غنى للكنيسة الجامعة، إلى جانب التراث الروماني والهندي. وعبر عن فخر كنيسته بالانتماء إلى التقليد السرياني الذي اعتبره إحدى رئات الكنيسة الجامعة.

وفي جولة في المركز الذي يضمّ 15 لجنة راعوية لإدارة مختلف الأنشطة الكنسية، اطلع الوفد الزائر على أنشطة هذه الكنيسةالعريقة الملتزمة بتراثها السرياني بإيمان متين. وبحسب ما أفاد به الكاثوليكوس باسيليوس الذي استضافنا على مأدبة غداء في مقر رئاسة الأسقفية، أن الكنيسة الملنكارية للسريان الكاثوليك ترحب بالزيارة الميمونة لغبطة البطريرك والوفد المرافق له، القادم من الشرق السرياني، مذكرًا بزيارات قام بها البطاركة مثلثو الرحمات، البطريرك رحماني والكاردينال تبوني والكاردينال موسى داود حينما كان الأخير على رأس الكنيسة السريانية الأنطاكية الكاثوليكية، ورئيسًا للمجمع الشرقي في الكنيسة الرومانية فيما بعد، والذي كان أيضًا رفيقًا في الدراسة مع الكاثوليكوس السابق. كما ثمن جهود الكاردينال موسى داود في ترقية الكنيسة الملنكارية للسريان الكاثوليك إلى مرتبة الكنيسة السينودسية عام 2005. وتثمينًا لهذه الدور فقد تسمّت إحدى قاعات المركز الرعوي باسم نيافته. كما أشادالكاثوليكوس، رئيس الكنيسة الملنكارية للسريان الكاثوليك في الهند، بالتراث الغني لهذه الكنيسة التي تمثل كنزًا تراثيًا مشرقيًا، حيث عدّ التقليد السرياني غنى للكنيسة الجامعة ورئته التي يتنفس منها، من خلال جمع هذه الكنيسة في طقوسها، اللغات الرومانية والهندية والسريانية. كما تتطرق الكاثوليكوس إلى وجود معهدين أساسيين للتراث السرياني، أحدهما في أوكسفورد (لندن) والآخر في مدينة كوتايان الهندية. كما ثمّن الزيارات الثلاث المتعاقبة التي تشرّف بها غبطة البطريرك يوسف الثالث يونان منذ تسنمه السدة البطريركية، وهو ما يدلّ على العلاقة الوثيقة مع الكنيسة الملنكارية الكاثوليكية... كما أشار الكاثوليكوس في معرض تقديمه، إلى أن الكنيسة الملنكارية الكاثوليكية كانت قد اتحدت بالشركة الكنسية مع سلطة البابا منذ عام 1932، بجهود الكاثوليكوس مار إيفانيوس الشهير (1953) الذي  أكمل مسيرته من بعده، كلٌ من الكاثوليكوس مار غريغوريوس (+ سنة 1994)  ومار ثيوفيلوس (2007) ثم الكاثوليكوس الحالي مار باسيليوس إقليميس، الذي يلتف حوله اليوم في الشركة الكنسية، 12 أسقفًا يديرون 132 رعية تعدّ حوالي نصف مليون مؤمن، ويخدمهم 127 كاهنًا، عدا الرهبان مع 700 راهبة. والمركز يضم قاعة باسم الكاردينال موسى داود، تقديرًا لجهوده في رفع هذه الكنيسة إلى كنيسة سينودسية عام 2005 عندما كان رئيسًا للمجمع الشرقي، إلى جانب قاعات أخرى وغرف للأساقفة والكهنة والضيوف. كما تدير هذه الكنيسة عددًا من الكليات والمعاهد الطبية (طب، صيدلة، طب أسنان وتمريض)، حيث يتخرج سنويًا 100 طبيب وطبيبة في اختصاصات مختلفة و50 طبيب أسنان و50 صيدلي وتمنح هذه المؤسسات 30 شهادة طبية عالية سنويًا. هذا إلى جانب إدارة المركز الرعوي لأكبر مدرسة متكاملة في العالم تضمّ 13 ألف طالب وطالبة يدرسون فيها، بدءًا من الحضانة إلى التعليم الجامعي وهي مجانية يقبل بها الطلاب بموجب ضوابط محددة، وتتولى الحكومة الهندية دفع معاشات المعلمين والأساتذة فقط.

بعدها، قام الوفد بزيارة المعهد الآكليريكي (السمنير) في مدينة "كوشين"، واطلع على طبيعة دراسة التلاميذ فيه.

في اليوم التالي 24 كانون ثاني 2012، وإصرارًا من إدارة السمنير، عاد الوفد الزائر إلى مدينة "كوشين" ثانية، لتناول الفطور على مائدة هذا المعهد الإكليريكي الرائع في موقعه وأبنيته وتفاصيل حياته،وهو يضم 150 طالبًا يستعدون للكهنوت. ثم انطلق الوفد إلى مدينة "تيلوفيلا" التي كانت لغاية عام 1932- وهو تاريح اتحاد الكنيسة الملنكارية الكاثوليكية-، تابعة لأبرشية تريفاندرم، حيث زار الوفد،الكاتدرائية التي وُضعت تحت شفاعة مار يوحنا المعمدانوالقديسة تيريزا الأسيزية، التي لها قصة عجائبية، حيث عندما امتنعت السلطات الهندية في وقتها عن السماح للكاثوليكيوسثيئوفيلوس ببناء هذه الكنيسة على أنقاض ثلاث كنائس قبلها بسبب تقادمها، ذهب للحج إلى مدينة أسيزي وطلب شفاعة هذه القديسة. وحالما عاد من الحج، كانت الأمور قد سهلت وحصل على رخصة بنائها، وهي اليوم تقف شامخة بجمالها وروعة بنائها. كما زار الوفد،  الكابيلاّ القائمة أسفل الكاتدرائية، وهي تحوي قبور رؤساء الأساقفة الثلاث السالفين، وقد أضحت مزارات يتبرك بها المؤمنون.وهذه الأبرشية، عمرها 80 سنة. وقد لاحظنا وجود تقليد هندي لإشعال الشموع في مدخل الكنائسالتي يرتادها الجميع حفاة، من إكليروس ومؤمنين على

السواء.كما توجد كثافة مسيحية في هذه المدينة،من البروتستانت والأرثوذكس والكاثوليك على التوالي حسب تسلسل كثافتهم. ثم زار الوفد المركز الطبي والمستشفى الذي تملكه الكنيسة السريانية الملنكارية الكاثوليكية، وهو اليوم يضمّ 1200 سريرًا، بعد بداية بسيطة لا تتجاوز 5 أسرّة فقط  قبل 50 عامًا. والمستشفى يعمل بأسلوب التمويل الذاتي ويقدم خدماته بأجور رمزية لجميع المواطنين الهنود دون استثناء، ويشرف عليه 240 طبيبًا باختصاصات مختلفة وتخدمه 700 ممرضة، وفيه كنيسة يقام فيها قداس يومي .

يوم 25كانون ثاني،انطلق الوفد لزيارة مدينة "موفاتوبوزو"، حيث المناسبة التي قدمنا من أجلها إلى الهند، تقديس كنيسة جديدة كبرى باسم كاتدرائية مار يوسف. كانت الاستعدادات منظمة وجميلة حيث الاستقبال الشعبي والكنسي للوفد الزائر على أصوات الطبول وأنغام الأبواق الهندية التقليدية. جرى احتفال مهيب، وسط حضور لافت من إكليروس ومؤمنين، إلى جانب الوفد الزائر المرافق لغبطة البطريرك السرياني الكاثوليكي الأنطاكي الذي ترأس الاحتفال إلى جانب كاثوليكوس الملنكار السريان الكاثوليك ما باسيليوس إقليميس وأساقفة الكنيسة المنكارية 12، ولفيف من كهنة الولاية والراهبات والرهبان والتلاميذ وحشود من المؤمنين الذين تلمسنا فيهم الإيمان وطيبة القلب والبساطة والانشراح لهذه الزيارة التضامنية من جانب إخوتهم في الكنيسة السريانية الأنطاكية الكاثوليكية في هذا الحدث المهم. وفي كلمة للبطريك الأنطاكي، مار يوسف الثالث يونان، أكد غبطته على افتخار الكنيسة الأنطاكية للسريان الكاثوليك بالشركة الكنسية التي تجمع الكنيستين الكاثوليكيتين ذات التراث السرياني. كما نوّه غبطته إلى الشركة التي تجمع الكنائس الكاثوليكية الثلاث ذات التراث السرياني مجتمعة، أي الكنيسة المارونية والسريانية ألأنطاكية والملنكارية. وتضمن الاحتفال تراتيل بالهندية والسريانية والعربية تعاقب عليها إكليروس الكنيستين. من الجدير التنويه، أنه جرى ضمن هذا الاحتفال، تكريم ذخائر القديس شربل القادمة من الكنيسة المارونية من لبنان في كابيلة تحت مبنى الكاتدرائية الجديدة.بعد الظهر، تضمن برنامج الوفد زيارة كنيسة لاتينية كاثوليكية قديمة، كان قد حولها الإنكليز بعد احتلالهم للهند إلى كنيسة انكليكانية، حيث تضم في ثناياها تابوت الرحالة المعروف "فاسكو دي غاما"، الذي نقل رفاته فيما بعد إلى بلده البرتغال. ثم زار الوفد معرضًا تاريخيًا لمهراجات الهند، ضم صورًا وأدوات كان يستخدمها المهراجات في حياتهم.

في يوم 26 كانون ثاني 2012، أقيم قداس احتفالي في كاتدرائية مار يوسف التي جرى تقديسها قبل يوم، وشارك فيه لفيف من الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين الذين تقاطروا ليشهدوا هذا الحدث ويعبروا عن حبهم وتقديرهم للوفد الزائر المتضامن مع كنيستهم الحية. ورغم إطالة الوقت في الكلمات الترحيبية لعدد من المشاركين والضيوف الكبار في الدولة الهندية وفي ولاية كيرالا، وعلى رأسهم وزير الأوقاف المسيحي، إلاّ أن ختام الاحتفال بتوزيع صكوك لمساكن مجانية على 15 عائلة فقيرة، قد أعطى للاحتفال نكهته وسط تصفيق حار بالمبادرة الكنسية الرائعة هذه. ثم جرى في نهاية الاحتفال تبادل الهدايا بين رؤساء الكنيستين. كما علّق البطريرك يونان بالسريانية بقوله: "ما أطيب على الإخوة أن يكونوا معًا"... وكانت مناسبة جميلة أن يزور الوفد الزائر، مقر كاثوليكوس السريان الارثوذكس التابعين للكرسي الأنطاكي الأرثوذكسي، برئاسة غبطة البطريرك ما زكا عيواص، وتضم هذه الكنيسة مليونان ونصف مليون مؤمن. وكان في استقبال الوفد الضيف الكاثوليكوس مار اغناطيوس بولص، الذي تحدث عن الشركة الكنسية مع الشقيقة السريانية الكاثوليكية، حينما قال: "أنتم قدمتم من أرض الإيمان"... يذكر أن هناك كنيسة أرثوذكسة مستقلة خارج سلطة الكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية، وتضم هذه الكنيسة أكثر من مليوني مؤمن هي الأخرى.وفي اليوم التالي 27 من كانون ثاني، زار غبطة البطربرك يوسف يونان ومعه الأساقفة والكهنة والراهبات، رئيس أساقفة الملبار الكلدان، الذي سيتشح بالقبعة الكاردينالية بعد أيام في روما، وهذه الكنيسة مستقلة عن الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، وترتبط بكرسي روما مباشرة. وهيتضم40 أسقفًا و7000 كاهنًا و 35000 راهبة. فيما ارتأى باقي الوفد من العلمانيين زيارة مدينة "كوتانادو"، حيث مركز تدريب الفيلة وحديقة حيوانات على ضفاف بحيرة جميلة.يوم 28 كانون ثاني، كان مخصصًا للنزهة على متن قارب وسط بحيرة مدينة "كوماراكام"، حيث مرسى الزوارق وتناولنا الغداء على متنه. بدت لنا البحيرة متشحة بنباتات خضراء ساطعة تعلوها أزهار، كأنها طبقة من أرض مزروعة. والبحيرة هذه تصب في البحر.

وهكذا توالت الأيام سريعة وانتهت رحلتنا الجميلة في بلاد الهند الشاسعة التي تركت ذكريات جميلة، قد لا تتكرّر للجميع. ولعلّ من جملة ما لاحظناه في هذه البلاد، أن لها شعبًا طيب الأخلاق، هادئ المعشر، فقير الحال، يعيش على قدر طاقته وكفاف يومه، رغم وجود عائلات غنية تعيش مستويات عالية من حياة مترفة. لكنّنا، لم نتحسس وجود فواصل بين المدن على امتداد الطرق التي سلكناها، وكأن هذه البلاد قطعة واحدة متصلة من مساكن وشوارع ومحلات... ليس فيها أرصفة، بل إنّ شوارع مدنها مفتوحة إلاّ ما ندر داخل المدن الكبيرة فقط. كما يستخدمون تاكسي محوّر على دراجات بخارية كثيرًا، ويتفنّنون في تقليعات الساري الجميل في اللون والتطريز واللبس. وليس غريبًا أن تشاهد عائلة كاملة من 3-5 أشخاص يستخدمون دراجة بخارية (ماطور) في تنقلاتهم اليومية، ولكن الجميع ملتزمون بإشارات المرور التي تخلو مواقعها من شرطةٍ لإدارة السير. وأشهد أني لم ألحظ إلاّ حادثة طفيفة عارضة طيلة الأسبوع الذي أمضيناه في هذه البلاد المترامية الأطراف التي سحرتنا، رغم رائحة الكاري والأكلات الحارة التي ملأت بطوننا، حيث تجنبنا تناول الأطعمة نهائيًا من خارج الفنادق والمراكز الدينية التي زرناها. وهكذا، كانت العودة إلى الديار، كل إلى أرضه في لبنان وسوريا والعراق..