الموقع الرسمي للحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا).. the official website of Assyrian Democratic Movement- Zowaa

 

 

ماذا يروي الصامدون من المسيحيين في العراق؟
و"نستهدَف لأننا الأضعف ولتوجيه الرسائل"

 

 

 زوعا اورغ - بغداد:4 كانون الاول 2011 / 

         ربما كانت المرة الاولى في التاريخ الحديث التي تشهد العلاقات بين الجماعتين المسيحيتين في لبنان والعراق تطوراً او نمواً، من خلال تبادل الزيارات واللقاءات ومناقشة الهموم والهواجس المشتركة التي تواجهها المجتمعات المتنوعة والاقليات الدينية، سواء في العراق ولبنان أو لاحقاً في سوريا. وحين يزور الناشطون السياسيون المسيحيون في العراق اقرانهم في لبنان، سرعان ما يتبين ان الصورة الشائعة عن ان جميع مسيحيي العراق قد حزموا حقائبهم وينتظرون دورهم للحصول على سمة الهجرة وبطاقة السفر الى اقصى الدنيا هرباً مما يتعرضون له، ليست صحيحة بالكامل، بل الاصح ان هناك من هاجروا طلباً للامان اسوة باقرانهم من الطوائف الاخرى في حين لا يزال قسم لا بأس به منهم "يأمل خيراً" بمستقبل العراق وعدم ترك ارض الآباء والاجداد والتخلي عن الارض والتراث.
المسؤول في الحركة الديموقراطية الاشورية كلدو اوغنا، زار وايلين كيوركيس المسؤولة في منطقة داهوك في الحركة عينها، لبنان مع وفد من رفاقهما بدعوة من حزب "القوات اللبنانية"، وهم زاروا لبنان سابقاً والتقوا قياديين في حزب الكتائب وغيره وباتوا يعرفون احوال لبنان جيداً، ويصفون وضع المسيحيين في العراق اليوم بأنه افضل في فترات سابقة وخصوصاً في اقليم كردستان حيث تزدهر احوال قراهم وبلداتهم هناك في ظل الرعاية التي يوفرها الاكراد الخارجون من اضطهاد البعث وقمعه الوحشي الى بناء مجتمعهم وتقديمه نموذجاً للعراقيين الغارقين في صراعاتهم.
يختصر اوغنا وكيوركيس احوال من تبقى من المسيحيين في العراق بكلمة "الصمود" ويروون انطلاقاً من حركتهم ومعلوماتهم ان حركة الصمود والبقاء في العراق تشمل 150 الفاً من المسيحيين في بغداد، وهم من تبقى من اصل 700 الف كانوا مقيمين فيها قبل اندلاع الاحداث، وقد هاجر قسم منهم الى خارج البلاد ونزح قسم آخر الى شمال العراق في سهل نينوى حيث التجمع المسيحي الاكبر، او الى مناطق كردستان وخصوصاً آربيل ودهوك حيث يعيشون حياتهم ويطالبون بإنشاء اقليم لهم يحفظ خصوصيتهم اسوة بالمحافظات الاخرى. 
تكاد رواية ما يتعرض له مسيحيو العراق لا تختلف عن قصة مسيحيي لبنان. فهناك من هاجر طلباً للامان وهناك من قرر الصمود مهما يكن الثمن. ويروي اوغنا ان ثمة مؤسسات دولية تعمل على تسهيل هجرة المسيحيين العراقيين وتقديم المعاملات اللازمة لذلك، مما ادى الى نزوح مئات الآلاف منهم. كما ان بين مسيحيي العراق من يبيع املاكه ومقتنياته ويسافر، وهناك ايضاً من يسعى الى التأقلم مع الوضع على قاعدة ان ما تتعرض له الجماعات المسيحية في العراق من اعتداءات يصيب كل مواطن عراقي لجهة عدم توفر الامان والفلتان الامني والتسيب، "والادهى ان استهداف المسيحيين في غالب الاحيان لا يتم لانهم مسيحيون بل لانهم يشكلون الحلقة الاضعف في العراق، اذ يسقط قتلى كثر في العراق من السنة والشيعة، لكن مقتل المسيحيين يثير ضجة اعلامية اكبر ويوجه رسائل في اتجاهات عدة وخصوصاً الى الدولة، التي يريد الارهابيون افهامها احياناً انها فشلت في حفظ الامن وانها غير قادرة على الامساك بالوضع". 
ينقل الناشطون العراقيون ان زيارة بطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الراعي الى بغداد تشكل سنداً معنوياً كبيراً لهم، واشعرتهم بأنهم ليسوا متروكين لقدرهم وبأن هناك من يشعر معهم ويتألم لمصابهم ويتضامن معهم عن قرب، وفي رأيهم ان هذه الزيارات تعزز ارادة البقاء والتشبث بالارض. ويقول اوغنا وكيوركيس عن كلام البطريرك الماروني عن الخشية على مصير المسيحيين في الشرق، أن لكل دولة ومجتمع خصوصياته ولا يمكن مقارنة ما جرى في العراق بأي منطقة اخرى.  وعلى خلاف الاعتقاد الشائع أن نظام البعث السابق كان يشمل المسيحيين بعطفه، يحمل المسيحيون العراقيون في "الحركة الديموقراطية الاشورية" ذكريات سيئة عن تلك المرحلة، ويروون ان النظام السابق اعدم قادتهم عام 1984 مما اضطر قسماً منهم للجوء الى المناطق الكردية والقتال معهم الى حين سقوط بغداد. ويقولون: "تعرضنا خلال نظام البعث لعمليات تعريب متكررة وبالقوة، ومنعت لغاتنا القومية وهمشت اللغة السريانية وانحصر استعمالها وحفظها داخل العائلات وبين الجدران المغلقة. اما اليوم فنعلم اولادنا اللغة السريانية – الاشورية ونحن متفائلون بالمستقبل الذي يحتاج الى عمل وجهد". 
 يروي الناشطون ان المدن والبلدات والقرى المسيحية المحرومة في كردستان تعيش نسبياً افضل ايامها مقارنة مع العنف والنزوح الكبير الذي جرى في مناطق الوسط والجنوب، "لكن ذلك لا يعني نهاية المطاف للصامدين من المسيحيين، فهم يقولون انهم يريدون العيش كمواطنين ولا يريدون الشعور بأنهم مواطنون درجة ثانية".