|
الرها تحتفل بعيدها الثامن عشر |
||
|
زوعا اورغ - سوريا: 9 تموز 2012/ كميل شمعون
أهي عودة الرها . . أم محاولة لإعادة ذلك البريق الذي كان يحيط بهذا الاسم ، وحافظت عليه الرها كمؤسسة لسنوات عدة بإنجازات فنية لا يمكن تجاهلها على مستوى سوريا والمنطقة العربية والمتوسط .
أهي أو . . ؟ . . تساؤلات كانت تراود مخيلة وتفكير الجمهور السرياني الآشوري المتواجد في صالة مار كبرئيل بالقامشلي في مساء الأحد 24 / 6 / 2012 قبل بدء فعاليات المهرجان التأسيس الثامن عشر الذي أقامته لجنة الرها الفنية ، لكن صور الشاعر نينوس آحو المحيطة ببرج بابل على المسرح الرهاوي ، ربما أسعفت مخيلة وما كان يرنو إليه هذا الجمهور الوفي من أبناء شعبنا السرياني الآشوري المتابع لمسيرة الرها منذ ثمانية عشرة عاماً ، فهذا الشاعر الآشوري لطالما كان قريباً من الذاكرة الشعبية ، فقد طرح نفسه دوماً من خلال أدبه وشخصيته كضمير حي لشعب يبحث عن الوجود والهوية . . والحرية ، ففي أشعاره شمس النهرين ورائحة خبز التنور . . وسنابل الحقل . . وجدائل الحبيبة .
فمنذ أن أطلق قصيدته المشهورة ( حبثو دحيطو ) حبة القمح ، وهو يحصد حب كل المتعلقة قلوبهم في أرض بيث نهرين الوطن التاريخي ، فحبة القمح هذه هي مصدر الخير والحياة في كينونة الإنسان الآشوري . . منذ أن كان وكانت هذه الأرض ومدنها الأولى .
وقد استهلت فعاليات هذا المهرجان بكلمة ترحيبية للملفونيثو راميا آحي أشادت فيها بتاريخ الرها كلجنة ومؤسسة ، وبإنجازات ما زالت مستمرة وستبقى كذلك مع استمرار اسم الرها ، ومع وجود كادر يضحي ويعمل من أجل تطوير هذه المؤسسة الفنية ، ونوهت إلى أن لجنة الرها الفنية بالتعاون مع رابطة نصيبين للأدباء السريان ، قد أطلقت على 2012 سنة الشاعر نينوس آحو سفيراً للشعر الغنائي الشعبي ، لتقدم بعد ذلك مجموعة من فنانينا باقة من الأغاني السريانية من كلمات نينوس آحو ، حبثو دحيطو ، ليليانا ، زبني ودوري . . وغيرها ، ثم لوحة فلكلورية لصغار الرها ، وأوبريت ( آكورو ببلويو ) الفلاح البابلي وهي مستوحاة من التراث الكلدوآشوري السرياني .
وفي مناسبة كهذه لا بد أن يكون للشعر السرياني حضوراً يكون بمستوى الحدث ، فقد ألقى الشاعر السرياني عيسى رشيد "مشرف الرها " قصيدة مطرو ( المطر ) معلنا انه يهديها للشاعر نينوس آحو وأعضاء الرها ونصيبين وكل أبناء شعبنا ، وقد طرح في قصيدته قضية شعب , فلا قضية بدون ارض خصبة يرويها المطر كرمز للحياة ، فكانت كلماتها زخات تبشر بحرية شعب ووطن ، وفي وقفة قصيرة معه قال : إنه أرادها غيثاً لسنوات وعقود عجاف يترنح بها المشروع القومي الآشوري . . ولكنه بالتأكيد وبحدس الشاعر ، ربما أيضاً أرادها أن تمطر الآن في لهيب متنقل لا يبرد في صيف سوريا الحار جداً .
وبعد لوحة فلكلورية للرها ، كانت مراسيم تكريم الشاعر نينوس آحو بدرع الرها كسفير للشعر الغنائي الشعبي السرياني لسنة 2012 ، استلمه عنه السيد كبرئيل آحو ، وفي اتصال هاتفي مباشر مع المهرجان قال نينوس آحو : سلام لك يا قامشلي . . أبتعد . . أبتعد عنك . . ابتعد . . إني أعطي وعداً بأني إليك عائد ، وتضمنت كلمته شكراً للرها والحضور ، ومحطات من مسيرته . .
ولد نينوس آحو سنة 1945 في قرية كركي شامو 30 كم شمال شرق القامشلي بمحاذاة طور عبدين ، أكمل دراسته الابتدائية في القرية ثم انتقل ثم انتقل إلى مدينة القامشلي سنة 1958 ليكمل دراسته الإعدادية والثانوية ، في سنة 1965 دخل كلية العلوم في جامعة دمشق ، عاد إلى القامشلي سنة 1968 ليمارس مهنة التدريس حتى سنة 1970 في تلك السنة غادر مع رفاقه إلى ألمانيا ثم أمريكا ، وفي سنة 1991 قرر العودة إلى الوطن مع كافة أفراد عائلته ، وبقي في الوطن واستقر في مدينة حلب حتى سنة 2002 حيث اضطره مرضه لأن يعود إلى أمريكا ثانية . .
أحب الشاعر نينوس آحو لغته كحبه لأبناء شعبه وتاريخه وحضارته ، وناضل من أجل وحدة شعبه ، أغنى المكتبة السريانية الآشورية بالكثير من القصائد القومية والشعبية والعاطفية باللهجتين الشرقية والغربية .
وصف الكثير من المهتمين بالشأن القومي ( وهم المهتمين بالأدب والفن السرياني الآشوري ) شعر نينوس آحو بأنه شعر ينساب إلى أعماق الوجدان الإنساني ، ويوقظ الضمائر المخدرة . . ولكن هل يخوله كل ذلك الخوض في أحلام قومية آشورية وتحديد جداول زمنية لتحقيقها ، أم إنه يملك معطيات أخرى هي بعيدة عن الأحلام والنبوءات . . سنترك كل ذلك برسم شاعر وأديب وناشط آشوري .
واختتمت فعاليات هذا المهرجان بلوحة فلكلورية جميلة للرها ومجموعة من الأغاني السريانية . . وكان هذا المهرجان الثامن عشر للرها بكل مضامينه الفلكلورية والمسرحية والغنائية ، حدثاً مهماً لإعادة بناء هذه المؤسسة الفنية . . وكان خطوة نحو الأمام بكل تأكيد .
|