الموقع الرسمي للحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا).. the official website of Assyrian Democratic Movement- Zowaa

                                       

 

توصيات يخرج بها المشاركون في ندوة "المسيحية في الشرق: إلى أين؟"

 

 

 

 

 

زوعا اورغ -بغداد:18  اذار 2012 /    

     

      خرج المشاركون في الندوة المخصصة حول "المسيحية في الشرق: الى أين؟" بعدد من التوصيات، منها"تشكيل لجنة متابعة والسعي الى عقد ندوة يدعى اليها كبار العلماء ورجال الدين المسيحيين والمسليمين وتأييد ما ورد في وثيقة الازهر بشأن دعم الحريات الاساسية واحترام حقوق الانسان وتأييد اقتراح الامير الحسن بن طلال، لأعتماد ميثاق اجتماعي عربي، ينظم مسألة الحريات العامة والحقوق وترسيخ مفهوم الديمقراطية واخرى".
 وكانت الندوة قد اقيمت برعاية من الأمير الحسن بن طلال، رئيس مجلس أمناء المعهد الملكي للدراسات الدينية في المملكة الأردنية الهاشمية، وبدعوة من المعهد  المذكور آنفاً وبالتعاون مع مطرانية السريان الأرثوذكس في حلب وجمعية المانونايت المركزية، عُقدت على مدار يومي الإثنين والثلاثاء 12و13 آذار 2012 في عمان – الأردن ندوة متخصصة بعنوان "المسيحية في الشرق: إلى أين؟". شارك فيها المطران لويس ساكو.
 وتركزت مداخلات المشاركين على أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط، في ظل المتغيرات المستجدة فيما يسمى الربيع العربي. وشارك فيها عدد من الأساقفة ورجال الدين والباحثين والمتخصصين المسيحيين والمسلمين من الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق ومصر والسودان وإيران.
 وقال المطران لويس ساكو في مداخلته ان " المسيحيين لم يكونوا يوماً خارج  قضايا العالم العربي  ولا خارج الربيع العربي  الذي  في البدء حمل لهم بعض الامل، لكنه ما لبت ان انقلب الى خيبة امل، بسبب استلاء الاسلاميين على السلطة وخطابهم الاحادّي، وتجذر الطائفية والمحاصصة التي تلغي المواطن والمواطنة، وخصوصًا غياب ارادة جادة لايجاد حاضنة حقيقية للعيش المشترك، لذلك راحوا يبحثون بمرارة عن اوطان  بديلة  تضمن لهم  العيش الآمن والكريم، وتمكنهم من الارتقاء والتطور الروحي والنفسي والاجتماعي".
 واضاف في كلمته " ان " المسيحيين لا يتحملون الظلم والتمييز الديني  والتهميش بسبب تنشئتهم الانسانيّة والروحيّة والثقافيّة. واذا استمر الوضع على ما هو فلا مستقبل مؤكد لهم، فالهجرة قائمة و تزداد حتى من الاماكن الامنة!
 وبينّ المطران ساكو ان " اسباب هجرة المسيحيين العراقيين عديدة، لكن بأمكاننا اجمالها  في ثلاثة: التطرف الديني الذي يحصر الله في فكر واحد واخلاقية واحدة وممارسة ضيقة، تسييس الدين من قبل السياسيين من اجل السلطة، ودور عصابات اللصوص المستفيدة من الفراغ الامني من اجل المال".
 وكان الدكتو كامل أبو جابر مدير المعهد الملكي للدراسات الدينية، افتتح الجلسة الاولى، مرحباً بالحضور، وشاكراً الأمير الحسن بن طلال على رعايته لهذه الندوة، موضحا أهميتها في ظل الظروف الراهنة. 
 وبدوره بيّن نيافة المطران مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس، أن هاجس هجرة المسيحيين من الشرق كان وما يزال الأكثر أهمية، وبخاصة في خضم حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة، وإحساسهم بهضم حقوقهم في المواطنة والمساواة في بعض البلدان العربية.
 وتحدث الأمير الحسن بن طلال في كلمته قائلاً: "إن العرب المسيحيين هم عرب وروّاد الفكر والنهضة العربية، وهم أصيلون وأصلاء في أوطانهم". كما شدّد سمو الأمير على أهمية العمل الجماعي بين المسلمين والمسيحيين من أجل نهضة بلدانهم.
 وانعقدت الجلسات وفقاً للبرنامج، حيث قدّم المشاركون أوراق بحث، تناولت أوضاع المسيحيين وتحدثت عن همومهم وآمالهم بحسب البلدان المشاركة. وقد عبّرت معظم الأوراق عن أهمية الحفاظ على التعددية الدينية والفكرية والاجتماعية، وقبول الآخر على قاعدة المساواة في المواطنة، وتحقيق العدالة السياسية والاجتماعية، وأهمية حماية وبناء البلدان، وإطلاق حرية المعتقد والرأي، والتشديد على الحضور المسيحي الواعي والفاعل والشاهد، والعمل والتعاون مع القيادات الإسلامية ووسائل الإعلام لزيادة الوعي بأهمية الوجود المسيحي في المجتمعات العربية، لما في ذلك من إسهام في النهضة، وتعزيز أسس العيش معاً.
 نص كلمة المطران لويس ساكو رئيس اساقفة كركوك للكلدان الكاثوليك ( العراق) ...
مستقبل مسيحيي العراق:  الى اين؟
دخلت المسيحيّة الى  بلاد ما بين النهرين (العراق)  منذ نهاية القرن الاول، وانتشرت شيئاً فشيئاً في معظم مدنه وقراه، وترعرعت وتكونت بنى كنسية منتظمة، وبمؤسسات مهمة كالمدارس والمستشفيات والديورة. وعندما جاء العرب المسلمون في القرن السابع كان المسيحيون يُشَّكلون غالبيةَ السكان. وبانتقال الخلافة الاسلاميّة الى العباسيين الذين شيدوا بغداد عاصمة لهم، حافظ المسيحيُّون على دورهم  ومناصبهم.  واستفاد العربُ من مهاراتهم ومعارفهم. وهم اول من ادار بيت الحكمة، هذه المؤسسة العلميّة التي لعبت دوراً رائدًا في نشر الثقافة والمعرفة. وظلوا يمارسون دورهم  هذا في ظل الحكومة الوطنيّة في القرن العشرين، لانهم جزء لا يتجزأ من العراق.
اما اليوم وفي ظلِّ الحروب المتكررة، وسنيّ الحصار العجاف الطويلة، وخصوصا  بعد احتلال القوات الامريكية للعراق عام 2003،  تقلص عددُهم بشكل ملحوظ. وتشير إحصائياّت  منظمة الهجرة العالمية  الى  تزايد حركة هجرتهم.  الارقام مخيفة حقاً. وأزدادت معاناتهم بسبب تعرضهم اليومي   للتهديد والتهجير،  والخطف والتضييق والقتل، ولا يزال الاعتداء على كنيسة سيدة النجاة عام 2010  حيا في ذاكرتهم، حيث راح ضحيته 58 شهيدًا. 
غادر اكثر من 55 % منهم  البلاد.  كانوا قبل السقوط  نحو مليون نسمة، اما اليوم فهم اقل من نصف مليون. وبحسب  الاحصائيات قتل (936) ميسيحيّاً، بينهم خمسة قسس واسقف، واستهدفت 57 كنيسة ودير.
 المسيحيون  لم يكونوا يوماً خارج  قضايا العالم العربي  ولا خارج الربيع العربي  الذي  في البدء حمل لهم بعض الامل، لكنه ما لبت ان انقلب الى خيبة امل، بسبب استلاء الاسلاميين على السلطة وخطابهم الاحادّي، وتجذر الطائفية والمحاصصة التي تلغي المواطن والمواطنة، وخصوصًا غياب ارادة جادة  لايجاد حاضنة حقيقية للعيش المشترك، لذلك راحوا يبحثون بمرارة عن اوطان  بديلة  تضمن لهم  العيش الآمن والكريم، وتمكنهم من الارتقاء والتطور  الروحي والنفسي والاجتماعي. المسيحيون لا يتحملون الظلم والتمييز الديني  والتهميش بسبب تنشئتهم الانسانيّة والروحيّة والثقافيّة. واذا استمر الوضع على ما هو فلا مستقبل مؤكد لهم، فالهجرة قائمة و تزداد حتى من الاماكن الامنة!
الاسباب  الحقيقية لهذا التناقص المستمر 
عديدة هي اسباب هجرة المسيحيين العراقيين، لكن بامكاننا اجمالها  في ثلاثة أسباب:  التطرف الديني الذي يحصر الله في فكر واحد واخلاقية واحدة وممارسة ضيقة، تسييس الدين من قبل السياسيين من اجل السلطة، ودور عصابات اللصوص المستفيدة من الفراغ الامني من اجل المال. هذا الاسباب متشعبة ايضا،  ونود  توضيحها.
1. دمج المسيحيين  بسبب دينهم وانفتاحهم بثقافة الغرب وسياسته  ( العولمة و يُعدّ الكيان الصهيوني جزاءً من هذه السياسة)، وتصور الغرب   ( الكافر) عدّوا للشرق المسلم ( المؤمن).  هذا الدمج الخاطيء أثار ولا يزال ردات فعل عنيفة ضدّ المسيحيين العراقيين والشرقيين عامة! 
2 . البلدان العربية خليطٌٌ من شعوبٍ وقومياتٍ ولغاتٍ ودياناتٍ ومذاهبٍ.   من المؤسف القول ان هذه الدول  لم تقم حتى اليوم  بدمج مواطنيها  في مشروع المواطنة الواحدة، يساوي بين الافراد على قاعدة  الحقوق والواجبات، ويحفظ حرية وخصوصيات  كل فرد  وجماعة. ولقد اسهم  فشل هذا المشروع الاساسي  في اضعاف  الشعور القومي لدى المواطنين، ودفع هذه البلدان ولا يزال  الى التفكك والتقسيم،  وجعل الاصوليين يرفعون شعار ان الاسلام (الحكم بالكتاب والسنة )هو الحل!  
هذا ما نسمعه يوميا  في خطابات العديد من الناشطين الاسلاميين الذين يقسمون العالم الى اثنين: معي او ضدي من دون تمييزويخربون هذا المزيج الجميل من الديانات والثقافات والقوميات.. هذا الفكر يصدمنا ويقلقنا ويخلق  مسافة بين البشر الذين خلقهم الله  إخوة، و افرز حالةً من الحذر! اذكر فقط  على سبيل المثال لا الحصر،  اقتراح النائب الكويتي أسامة المناور الاخير  بهدم الكنائس الموجودة فى الكويت وعدم السماح ببناء أى دور عبادة غير المساجد!  
3. معظم الدساتير العربية تعتم على  التاريخ المسيحي  ومعالم المسيحيين،  كأنهم  ليس اهل البلاد الاصليين وليس لهم تاريخ ومعالم، وكأن تراثهم  ليس جزاء من التراث الوطني، وقلما يكون لهم ولتراثهم ذكر في برامج التعليم.  هذا  عمَّقَ شعورهم بالغبن وكأن هناك سياستين: واحدة  تجاه المسلمين  مطلقة، وأخرى  تجاه المسيحيين، تابعة، في حين ان العدالة واحدة. 
من الملاحظ  ان هناك  تعارضا  بين ما يقره الدستور من «حرية » للاعتقاد الديني وبين  الواقع المعاش، فلابد  من سياسات حكومية فاعلة  لاحتضان الجميع من دون مفاضلة او استثناء. نحن بحتجة الى ادارة حكيمة ومتجددة ومنفتحة للتعددية الدينية والقومية وعدم الاستخفاف بها او السعي لمسحها!
4.  انتشار ظاهرة الخطاب الديني  المتشنج عند  البعض، وبنظرة استعلائية. هذا الخطاب الفيئوي يلغي  التنوع والتعددية والعيش المشترك.  نذكر بعض ما نسمعه: يتعيين على المسلمين الا يعملوا في بناء الكنائس ولا يشتروا من محلات المسيحيين، وعلى اصحاب سيارات الاجرة الا يركبوا مسيحيين، واصحاب المطابع الا يطبعوا موادا دينية مسيحية. اللهم انصرنا على النصارى .. وو !! هذه المواقف لا تليق. فالله تعالى لا يمتكله احد، ويحتكره. الله هو يمتلكنا والايمان به موقف اخلاقي، اي الخير الذي  نفعله معا  خصوصا تجاه المحرومين.
حلول مقترحة لبناء الثقة وتعزيز العيش المشترك 
1.  السعي لصياغة  الخطاب الديني باعتماد الوسطية والاعتدال  وتحريم  اراقة دم اي انسان بريء  مهما كان انتماؤه، وليس فقط دم المسلمين،  مما يُعطي المسيحيين وغيرهم احساساً بالامان والسلام.  من الملاحظ  ان الخطاب  الديني( وهذا يشمل ايضا بعض  المسيحيين)  ينطلق  اليوم من النص او من التاريخ  وليس من الواقع الحالي  للناس، ولا يأخذ بعين الاعتبار ان  العالم  اختلف، وكذلك  ثقافة الناس وعقليتهم وتحسسهم.  ان رجال الدين وعلماءَه يجب ان يتحملوا مسؤولياتهم  في البحث عن المعاني الحقيقية  في النصّ، فينفذوا الى روحه   في سبيل اهتداء  الانسان المعاصر برجاء وفرح، وليس عن التفاصيل الدقيقة.  علينا ان نفرق بين منطق الله ومنطقنا كبشر وعدم حصر الله في فكر واحد ومنطق واحد واقحام تصوراتنا البسيطة والنسبية في حكم  الله. عموما نحمل الكثير من المفاهيم المغلوطة عن بعضنا البعض. دورنا يقوم على  مساعدة الافراد على اختيار الخير من دون اكراه   ( لا اكراه في الدين)!. فالدين شأن بيني وبين ربي.  والشخص البشري ليس روبوتا، بل قيمته في حريته.. لا مكانة للتطرف في الدين،  ولا ان يتحول الى ظاهرة   سياسية عنيفة ومخيفة. على المسلمين ان يقراوا ما عاشته المسيحية في القرون الوسطى ويتعلمو العبر من محاكم التفتيش كي لا يقعوا في سلبيات التزمت الاعمى.  الخطاب الديني  يهدف  الى ترسيخ الايمان   واشاعة المحبة والالفة بين الناس وليس الفرقة والكراهية والتناحر. هذه العناوين وحدها قادرة ان  تؤسس قاعدة لبناء علاقة  سليمة مع الاخرين، توطد الثقة وتعززالسلام والامان!
2. نحن بحاجة الى دولة مدنية ( علمانية ايجابية تقبل القيم الدينية وليس علمانية سلبية رافضة للدين كما في الغرب) تحمي الكل وتحترم كافة  القوميات والثقافات والديانات.  دولة  تبقى على مسافة واحدة  من الجميع  فيُرفع حاجز الخوف، وحاجز الاغلبية والاقلية!!  انا ابن البلد، انا  في بلدي مواطن ولست اقليّة ولا اقبل ان يسمح لي الاخر بالوجود بالمعنى الذميّ! ارفض ذلك قطعا. انا شريك في هذا الوطن ولست ضيفا ولا مهاجرا ولا وافدا. عليه  ينبغي مراجعة الدساتير وبرامج التعليم الديني والتربية الوطنية، واتخاذ موقف ايجابي في تعريف الديانات بطريقة علمية صحيحة ومنفتحة. لكل دين خصوصيته وكذلك لكل فرقة أو مذهب، ينبغي مراعاة هذه الخصوصية والحفاظ على حرمة اصحابها وضمان حقهم في التعبير المشروع عنه. لا بأس ان تكون الثقافة الاسلامية هي الاطارbackground""، لكن مع تفعيل القيم المشتركة: الحرية، المواطنة، الكرامة الانسانية،  المساواة، العدالة الاجتماعية. اننا  جميعا على متن  نفس القارب! الديمقراطية تعترف بالاخر وتقبله كشريك ولا تعمل من اجل اقصائه أو الغائه! لذا يتعين اعادة صياغة الدساتير في معظم بلداننا حتى يكفل حقوق الجميع في المواطنة والعدالة على حدٍّ سواء.
3. ينبغي على المسيحيين مراجعة نظرتهم  الى أنفسهم والى هويتهم، ورفع حاجز الخوف عنهم،  والاسهام في تعزيز المواطنة؟  المسيحيون يفتقرون الى رؤية  واضحة، والى استراتيجية ممنهجة ومجدولة لتوحيد صفوفهم  وتعميق انتمائهم ومشاركتهم  في نهضة اوطانهم. عليهم ان  يقرأوا الزمن الحاضر قراءة مُعمقة،  ويفهوا جيدا  معنى حضورهم وشهادتهم.

واليكم مايلي: