الموقع الرسمي للحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا).. the official website of Assyrian Democratic Movement- Zowaa

                                       

 

البيان الصادر من مجلس الاقليات العراقية حول مخاوف من محاولات التغيير الديمغرافي في سهل نينوى

 

 

 

زوعا اورغ - بغداد: 27 حزيران 2012/

                

                في ضوء الشدّ العصبي العارم بين مكونات سهل نينوى المختلفة، ولاسيّما بين المكوّنين المسيحي والشبكي، المتعايشين تاريخيًا وأخويًا، واختلاف الآراء والرؤى بينهما في مسألة هامة وحساسة جدًا، وهي مسألة خوف  أبناء المكوّن المسيحي من التغيير الديمغرافي المثار حاليًا، والذي ازدادت وتيرته في الفترة الأخيرة، كان لابدّ لمجلس الأقليات العراقية أن يكون له رايه، سيّما وأن الطرفين عضوان مؤسسان وحيويان في هذه المنظمة التي دافعت عن جميع المكوّنات العراقية دون تمييز، ومنها بصورة خاصة، تلك القليلة العدد التي استغلّت وقودًا محترقًا في كلّ أزمة جديدة بين القوى المتصارعة على السلطة والجاه والمال. إن مجلس الأقليات العراقية، قد أبدى حرصًا شديدًا منذ تأسيسه بالمطالبة بإنصاف المكّونات التي طالها التهميش والإقصاء والإهمال منذ الأحداث المأساوية في 2003 ولغاية الساعة، كما أوصل صوتها بوسائل متعددة إلى أصحاب الشأن في الداخل والخارج، يدعمه في هذا المسعى شركاؤه من منظمات مجتمع مدني محلية ودولية.

إننا نعتقد، أن هناك أيادٍ خفية تسعى، كلّما سنحت لها الفرصة وساءت العلاقة بين القوى السياسية  على الساحة العراقية الساخنة، أن تثير مثل هذه الحساسيات بين الأطراف المتعايشة والمتآخية والمتفهمة لأوضاعها، مجتمعةً أو على انفرادٍ معًا. من هذا المنبر، ندعو كل الفرقاء، للعودة إلى سلوك الحكمة واتزان العقل في العمل على إيجاد الحلول المقبولة والمتزنة لهذه المشكلة، من خلال العودة لبنود الدستور، الذي يبقى هو الحكم الراجح في الرجوع إليه لدى نشوء أي خلاف، رغم ما في هذا الدستور من ثغرات عديدة، تُعدّ قنابل موقوتة يخشى تفجيرها في أية لحظة.

إننا نقدّر ما ذهب إليه الدستور العراقي المعتمد بعد 2005، أن من حق أي مواطن عراقي أن يتملّك أرضًا في أي شبر من أرض العراق. كما نقرّ في الوقت ذاته، بخصوصيات بعض المناطق الإثنية والدينية منها بخاصة، والتي تخشى على نفسها من زوال وانقراض مثل هذه الخصوصيات والتقاليد والأعراف التي تأبى انقراضها أو تركها، لأنها أمانة في أعماقهم، ولاسيّما تلك التي ماتزال تحافظ عليها في قراها وبلداتها وتسعى جاهدة في الوقت ذاته، لتكون منارًا وسراجًا وقدوة لغيرها في الوطنية والإخلاص والتطور وفي نشر السلام والمحبة التي تتميز بها المجتمعات المسيحية بصورة خاصة. وربما تكون هذه الميزات مصدر جذب أو حافزٍ لغيرها من أبناء الطوائف والمكوّنات الأخرى كي تسعى للعيش فيها، طلبًا للاستقرار وراحة البال والنظافة والهدوء، والتي كانت حتى الأمس القريب شبه مغلقة، لو لم يرتكب النظام البائد حملته الإيمانية المسعورة آنذاك، والتي في جزءٍ منها، كان يقصد تدمير النسيج الديني والاجتماعي والجغرافي والتاريخي والتراثي للبلدات المسيحية في سهل نينوى بالذات. ومن الواضح أن المادة 23 من الدستور العراقي، في الوقت الذي تنصف فيه جميع الأطراف، إلاّ أن هذا الدستور أيضًا في النهاية، وفي فقرته  الثالثة/ ب من ذات المادة، ينص صراحة على عدم جواز التملّك لأغراض التغيير الديمغرافي بإشارته إلى ما يلي: (يحظر التملّك لأغراض التغيير الديمغرافي)، ما يجعل الفرصة متاحة لإيجاد بدائل حضارية وإدارية وتنموية قابلة التطبيق والقبول لدى الأطراف جميعًا.

إنا نعتقد، ومن منطلق ما ورد في مجمل هذه المادة، بضرورة عمل المكوّنين المتآخيين والمتعايشين والمسالمين معًا، من أجل البحث عن مخارج دستورية ووطنية وأخوية لهذه الأزمة بدل تأجيج الأوضاع بتصريحات وردود أفعال متشنجة، غير مسؤولة وغير متزنة في الكثير من الأحيان. ولعلّ اللجوء إلى اللجنة 54، المكلّفة بشؤون احتياجات المسيحيين التي تشكلت بأمر دولة رئيس الوزراء في الجلسة المنعقدة في محافطة نينوى، وبرئاسة وزير البيئة، من شأنه أن يغيث ويسعف ويساهم في راب الصدع بين المكوّنين، حيث تأكيدها على مقترحات عملية رفعتها إلى الجهات الحكومية لإقرارها، من أجل نزع فتيل الأزمة في قرى وبلدات السهل المذكور. ولعلّ من بين المقترحات المرفوعة من جانب اللجنة المذكورة، حثها الجهات الحكومية المعنية باستحداث وحدات بلدية وإدارية جديدة في القصبات والقرى التي يسكنها أبناء القومية الشبكية في المنطقة والمحرومين منذ زمن، من أبسط أنواع التطور والتنمية في قراهم، لغاية الساعة، ما أدى إلى تشكيل لجنة ثانية بالقرار 166 الصادر من رئاسة الوزراء للنظر في إمكانية استحداث وحدات إدارية وبلدية جديدة في عدد من مناطق سهل نينوى. إننا نعتقد، أن من شأن هذا المقترح، في حالة مؤازرته ودعمه من قبل جميع الأطراف، وإقراره وصدور قانون ينظم شؤون المنطقة إداريًا وبلديًا، من شأنه حتمًا أن يساهم في امتصاص طلبات الحصول على أراضٍ سكنية لمستحقيها من أبناء القومية الشبكية في المناطق التي تعود لمكوّنهم. إن تطوير قرى سهل نينوى، العائدة لمكوّنات الأقليات، ومنها القرى الشبكية والآيزيدية المتخلفة والمحرومة من أبسط أنواع الخدمات الآدمية، حق وطني يكفله الدستور والقانون وهو حق لهم تفرضه المواطنة المتساوية والعادلة للجميع، بل إنه واجب يترتب على الحكومة المحلية والفيدرالية الإسراع بتنفيذه.

في ضوء هذا الجدل القائم حاليًا، يدعو مجلس الأقليات العراقية لتشكيل لجنة من ممثلي الأقليات المنضوية تحت خيمة منظمته، للقاء اللجنة المكلفة بشؤون احتياجات المسيحيين بأسرع وقت ممكن، لتنسيق الجهود وتكثيفها واللقاء مع أصحاب الشأن في الحكومة العراقية والكتل السياسية المتنفذة في المنطقة، لتسهيل استصدار قانون مستعجل ينظم تطبيق المقترحات التي توصلت إليها، كي تأخذ طريقها للتطبيق فورًا، وإمكانية إشراك ممثل للمكوّن الشبكي في اللجنة المذكورة لأغراض التنسيق المشترك. وبذلك يتمّ وأد الفتنة ليعيش الجميع سعداء مرتاحي البال، كلّ في عقر داره وبين أهله، دون أن تنكسر مودة المواطنة أو تتصدع جسور التعايش بين مكونات المنطقة بسبب هذه المخاوف المحتملة، سيّما وأنها قابلة للحل والتراضي.

 

مجلس الأٌقليات العراقية

بغداد، في 23 حزيران