الموقع الرسمي للحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا).. the official website of Assyrian Democratic Movement- Zowaa

 

 

 أكاديمي آثاري يدعو الحكومة العراقية للاحتفال برأس السنة البابلية الآشورية (اكيتو)  احتفالات تبرز على شكل مسيرات فرح وسلام تتزامن مع حلول الربيع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سامر الياس سعيد-زوعا اورغ- الموصل : فيما عده الغربيون يوما للكذب فان الأول من نيسان يحمل خصوصية مهمة للعراقيين القدماء  من خلال  اعتبارها مطلعا للسنة  التي تحمل هذا العام  الرقم 6762 ليستقبل العراقيون والمسيحيون بوجه الخصوص  العام الاشوري 6763 بمسيرات فرح تنضوي فيها أحزاب التنظيمات المسيحية بمسيرة موحدة للعام الثاني على التوالي حيث من المؤمل ان تشهد محافظة دهوك انطلاق المسيرة التي يتم خلالها  رفع الأعلام القومية بالإضافة للأعلام العراقية فيما تحرص بعض المدارس على تنظيم كراديس موحدة لطلابها للسير  بدلالات ورموز تؤشر الاحتفالات التي كانت تقام في الإمبراطورية الاشورية احتفاءا بقدوم الربيع وانتصار الخير ونجاح الالهة عشتار بإنقاذ الالهة دموزي من غياهب العالم السفلي ..

    وقد أطلق عدد من الأكاديميين المهتمين بعلم الاثار ودراسة الحضارة العراقية القديمة  مبادرة للاحتفال بهذا العيد واعتباره يوما وطنيا خالصا تتشارك فيه كل الطوائف والأديان لما يمثله من فرصة للتسامح والتعايش الأخوي ..

     ودعا الدكتور نبيل نور الدين حسين الحكومة العراقية  للاحتفال برأس السنة الاشورية البابلية (اكيتو) من خلال اعتبار يوم الأول من نيسان يوما وطنيا ..وأضاف الأكاديمي في كلية الآثار بجامعة الموصل أن على الحكومة العراقية  الاحتفال بهذا العيد نظرا لما يمثله  من ارث حضاري أسوة بدول العالم التي تفتخر بإرثها الحضاري وتاريخها القديم والحديث ..

    مضيفا في تصريح خاص بان ما يعوق قلة معرفة العراقيين بقيمة عيد (اكيتو) نابع من قلة الثقافة المعرفية  وجهل المواطن العراقي  بتاريخ بلده وحتى بعض أسماء المدن التي تستمد من التاريخ مدلولاتها مشيرا بان (اكيتو) هو راس السنة في العراق القديم  وكان العراقيون القدماء يحتفلون به كبداية للخير وقدوم فصل الربيع ويعتمد على أسطورة قديمة مفادها  نزول الاله عشتار  الى العالم السفلي لإنقاذ الاله تموز ونجحت بذلك ليعم الخير وينشر الربيع أزهاره على الربوع ..

     وأوضح الدكتور نبيل نور الدين  أن الموصليون كانوا يحتفلون بهذه المناسبة  من خلال فعاليات مهرجان الربيع التي كانت تقام في نيسان من كل عام  إلا ان ارتباطها بالنظام السابق أدى الى إلغاء تلك الفعاليات والمهرجان  فلذلك ندعو بان تبادر الحكومة  عموما ووزارة السياحة على وجه الخصوص بإعادة الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية المهمة  لانها تمثل ارثنا الحضاري وهو واجب وطني عراقي .. وعن نشأة المعتقدات الدينية في العراق القديم يقول  الباحث الاثاري حكمت بشير الاسود أن العامل الديني احتل المكان الأول  في حضارة وادي الرافدين  حيث صاغ هذا العامل  المرتكزات الأساسية  لتلك الحضارة من كل جوانبها  ويتابع الاسود بان  أقدم ردود فعل الناس إزاء الأشياء  والظواهر غير الطبيعية تم تشخيصها في وثائق عثر عليها وهي تعود إلى مطلع الألف الثالث قبل الميلاد ..

     ويضيف الباحث الاثاري حكمت بشير الاسود بان المصادر الموجودة والتي تدل على المعتقدات الدينية  كانت تعتمد بالأساس على  المخلفات المادية  التي تركها الإنسان ومنها  النقوش التي زينت  الأواني الفخارية ودمى الطين والتماثيل والمشاهد الدينية  المنقوشة  على بعض المسلات والأختام والمنحوتات كما تضم القبور  وأساليب الدفن فيها  وما عثر  من مواد مدفونة مع الموتى  كالحلي  والأواني الفخارية والأسلحة ..

    أما عيد رأس السنة الاشورية البابلية(اكيتو) فيرتبط بالإلهة انانا (عشتار ) وهي الهة  الحب والحرب والجمال ابنة ننار سين  اله القمر والذي يدعى بسيد الشهر  لانه ينظم أيام الشهر والسنة في حضارة العراق القديم كما لقب هذا الإله بعدة ألقاب منها ( المنير )والضوء اللامع للقمر والعجل والتاج البراق وسفينة السماء  وعدت مدينة أور  مركز لعبادة هذا الاله الذي اعتبر الها حاميا للمدينة وقد شيد له معبد كما شيدت له معابد أخرى في حران وبابل ونفر وغيرها ويمثل الاله القمر بهلال مع صورة على هيئة  البشر وقد زين رأسه تاج ذو أربعة قرون يعلوها هلال وقد مسكت بيده اليمنى بالصولجان رمز الملوكية  أما اليد اليسرى فمسكت بالفأس ووضعها على صدره وحيوانه هو التنين الخرافي وشعاره قرص الشمس اما  الإلهة عشتار فقد اسماها السومريين بانانا  ومعناها سيدة السماء  وعرفها الجزيرون باسم (عشتار) اما الفينيقيون فأطلقوا عليها (عشتروت) فيما الإغريق عرفوها باسم( فينوس) أي الزهرة  وانتشرت عبادتها في معظم إنحاء الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط ويرتبط بالجانب المهم من هذه العبادة بالإله دموزي(تموز) الذي يعتبر زوجها  وكان الأسد حيوانها المقدس بصفتها الهة الحرب كما نعتوها باللبوة  ومن أسلحتها القوس والكنانة  التي تبرز من كتفيها .. وقد حرص العراقيون القدماء على المحافظة على شعائرهم الدينية من خلال الاستمرارية في إحيائها  بالإضافة الى معتقدات وأسس دينية كانوا يؤمنون بها وهي الشرك أي ما يعرف بالتعددية  في عبادة عدة الهة  فضلا عن الحيوية التي تقوم على المبدأ القائل  بوجود قوة حية  وخفية  في مختلف الظواهر الطبيعية  والكونية  اما الاستمرارية فيعني بها  الاستمرار التاريخي  فالإلهة التي قدسها سكان العراق القديم  في العصور المتأخرة  هي مشابهة بوجه التقريب للإلهة القديمة  وكذلك يقال  في الطقوس والشعائر والتراتيل  الدينية الأساس  وتخطيط المعابد ..

     ومن أهم رموز عيد رأس السنة البابلية الاشورية يبرز الثور  المجنح حيث كان الثور  احد الحيوانات المضحى  بها في هذا العيد خصوصا حينما كان موعد التضحية به يوافق اليوم الخامس  من تلك الاحتفالات وعند المساء تحديدا  حيث يشارك الملك في شعائر دينية  في الساحة المخصصة  للاحتفال  فيعملون على حفر خندق وتوضع فيه حزمة من القصب مكونة من أربعين قصبة  غير مكسورة  تربط بحبل من  جريد النخل  وبعدها  يربط ثور ابيض بجانب الحفرة  ثم توقد النار بحزمة  القصب ويقف الملك والكاهن الأكبر  اما هذا الطقس ويضحى بالثور  وتتلى  فيه الأتي (ثور مقدس،نار ملتهبة،تقضي على  الظلام) اما سبب اختيار  الثور الأبيض  لتقديمه كقربان في هذا الطقس فيعود لاعتقاد العراقيين القدماء  بان الثور الأبيض سيطهرهم من الذنوب والآثام ..

     كما يمنح الاحتفال  بعيد رأس السنة البابلية الاشورية عدة دلالات  لعل من أبرزها مايمثله  موت وقيامة  الاله دموزي (تموز) حيث كان يعطي انطباع حول حركة الركود في حركة الوجود والموت ورجوع دموزي من العالم السفلي  بما يمثله من انبعاث وعودة الحياة  للكائنات على وجه الطبيعة  وما من دلالات تؤشر الميثولوجيا البابلية التي تؤكد حضور الاله عشتار  وهو اله الحب والجمال والخصب  في إنقاذ زوجها دموزي من العالم السفلي  وهو امتداد بابلي للالهة انانا السومرية  فقد كانت تمثل هذه الإلهة  رمز الخصوبة  والحياة على الأرض حينما كانت بابل العظيمة تمثل  في زمن السومريين  قرية صغيرة  عرفت باسم بابيلا أي بباب ايلم أي بوابة الاله عند الاكديين  وقد تحول هذا الاسم من باب ايلم الى بابل في التوراة .. وتشير الكتابات القديمة التي يفصح عنها يعكوب أبونا في مقالة حملت عنوان (في اكيتو..رأس السنة البابلية الاشورية ) نشرها بمجلة  (نجم بيث نهرين ) بعددها الثالث لشهر كانون الأول 2012 ان الزواج المقدس(زاك موك) كان محور الاحتفال برأس السنة  في الألف الثالث ومنتصف الألف الثاني قبل الميلاد إلا ان  حلول الألف الأول  قبل الميلاد أصبح الزواج جزء  من عيد رأس السنة  البابلية (اكيتو) الذي كان يبدأ في الأول من نيسان ويستمر  لمدة اثنا عشر يوما  ..وكانت تلك الأيام حافلة بالكثير من الطقوس التي تكلمنا عن احدها وهو طقوس اليوم الخامس  اما اليوم الثاني من العيد فقد كانت تشير الكتابات الى  مغادرة  الاله اشور  لمعبده بعد تناوله فطوره المكون من اللحم  حيث كان يغادر المعبد في عربة تجرها  خيول بيضاء  في مقدمة  موكب الإلهة باتجاه المبنى الذي يدعى دار اكيتو الذي كان يمثل  معبدا كان قد بناه سنحاريب خارج المدينة  فكان الاله لدى وصوله للدار  يترأس الوليمة المعدة  بالمناسبة إلا ان ابونا بمقالته المذكورة يشير الى طقوس اليوم الحادي عشر عندما تعود الالهة  الى معبد ايساكيلا وتجتمع هناك لتقرر  من جديد  مصائر البشر  للسنة القادمة  ويختتم الاجتماع باحتفال وإعداد وليمة  كبرى وصلوات موسيقى وفي اليوم الاخير أي اليوم الثاني عشر  فتعود جميع الالهة  الى مدنها ومعابدها التي قدمت منها الى بابل والكهنة  أيضا الى معابدهم وعودة الملك الى قصره..اما الكتابات التي تشير للاحتفال بهذا العيد فهي كثيرة خصوصا بما يتعلق باحتفالات العراقيين بهذا العيد الذي لم يكن مقتصرا على قومية معينة بل كان السومريين والاكديين والاموريين و الاشوريين والكيشيين والحثيين والعيلاميين  والاراميين والكلدانيين  واليهود والفرس وغيرهم كانوا حريصين على احياء طقوس عيد رأس السنة  حيث كان مركز تلك الاحتفالات في  الإمبراطورية الاشورية  ونينوى ..اما تسمية اكيتو التي التصق بعيد رأس السنة  فهي تعود  للترجمة التي تشير الى وليمة رأس السنة  وهو الشكل الذي آلت له احتفالات العيد خلال الالف الأولى في مدينة بابل..