لمناسبة الذكرى الثمانين لرحيله

"نعوم فائق" علم قومي شامخ

 

 

                                                        يونان هوزايا

           الملفونو نعوم فائق (1868- 1930)، المربي الفاضل، والصحافي المقتدر، والمثقف اللامع، والقومي الغيور، انه علم قومي شامخ الى جانب أعلام أخرى كبيرة أنجبتهم أمتنا في أقليم آميد وطورعبدين، من أمثال: فريد نزها وآشور يوسف ويوحنا دولباني ومراد جقي والمحامي بيرلي، هؤلاء وكثيرون غيرهم، كرس الـ ملفونو حياته للبحث والتدريس، وعلم اللغة الام السريانية، وكان يدير مدرسة الطائفة (السريان الارثذوكس)، ويخطب في المناسبات داعيا الى التعليم ونشر العلوم والمعارف، وكتب في أمور عديدة وبأكثر من لغة، ونظم أناشيد مهمة، وتغنى بأمجاد كلدو وآثور.

ولمناسبة الذكرى الثمانين لرحيله، نرجو أن نكون قد وفقنا في هذه الاضاءة، التي أعتمدنا في أعدادها على مصادر سبق وأستخدمناها في محاضرة لنا في عنكاوا في 1996، وكذلك كندوة في تلفزيون آشور (الارضي) في أربيل ودهوك.

محطات في حياته:

- ولد نعوم فائق في آميد (ديار بكر) في شباط 1868، درس الابتدائية فيها، وأنتقل في 1881 الى الثانوية التي أسستها "الشركة الاخوية للسريان القدماء"، درس وتعلم السريانية والعربية والتركية والفارسية والكردية.

- عمل في التدريس من 1888 وحتى 1912، ولأجل ذلك انتقل الى حمص في 1896، وبعد أشهر الى لبنان- للاطلاع على المخطوطات، ثم الى القدس، بعدها عاد الى آميد في 1904 والى ماردين 1905

- تزوج من لوسيا في 1899 وأنجب منها ابنين وثلاث بنات

-  في 1912 سافر الى الولايات المتحدة الامركية، وتوفي في 5 شباط 1930، فنظم أبناء شعبنا بألوانه موكبا مهيبا يليق بالراحل، ولمناسبة مرور عام على وفاته (في 1931)، نظم له حفل تأبيني من قبل جمعيات شعبنا في الولايات الاميركية: جمعية  ترقي المدارس السريانية، والاتحاد والتعاون الكلدانية، وكلدو وآثور، والنهضة الاثورية، ومار أفرام السريانية، ومن الوطن اتحاد سريان خربوت.

- كان في طليعة الداعين لأيفاد وفد لمؤتمر السلام في باريس، بعد أنجلاء الحرب الكونية الاولى، وأعلان مباديء ولسن الاربعة عشر الشهيرة.

- كان موضوع وحدة شعبه وحريته همه الكبير، "عاش لأمته، ومات في سبيل أمته، وما كان الا ذلك".. وهو صاحب القصيدة الشهيرة "انهض يا ابن آثور"، ومطلعها:

مؤلفاته:

أفنى الملفونو عمره في التدريس والبحث، ونشر أبحاثه على هيأة كتب- أو كتيبات، وهي كثيرة، نختار منها:

· مجموع الالفاظ السريانية في العربية العامية المحكية في بيث نهرين: ويتكون من 300 صفحة من القطع الكبير، وبطريقة الـ ميموغراف، سنة 1923، ليضم 1537 مفردة شائعة ومستخدمة في العربية، أرجعها الى الاصول السريانية

· مجموع الالفاظ السريانية في اللغة التركية: ويضم أكثر من ألفي مفردة مستخدمة في التركية أعادها للاصل السرياني

·  مجموع الالفاظ السريانية في اللغات الفارسية والارمنية والكوردية وفي الانكليزية

·  قاموس عربي-  سرياني

·  قاموس الاعلام بالسريانية

·  كتيبات صغيرة بالسريانية للقراءة وفي علوم الحساب والجغرافيا والتاريخ

· ترجمات الى التركية لـ: سيرة  مار يعقوب السروجي، ومقدمة اللمعة الشهية، كتاب أحيقار الحكيم، وغيرها

· وترجم رباعيات الخيام من الفارسية الى السريانية مستعينا بترجمات عربية وتركية وانكليزية، ونختار منها هذا البيت (النص العربي للشاعر أحمد الصافي النجفي):

 

قال شيخ لمومس: أنت سكرى /  كل آن بصاحب لك وجدُ / 

 فأجابت أني كما قلت لكن /  أنت حقا كما لدى الناس تبدو"

 

الـ ملفونو صحافيا:

-  في 1908 أعلن الدستور العثماني مؤسسا على ثالوث الحرية والعدالة والمساواة، وهذا الانقلاب، أو هذه النهضة لم تكن سياسية فحسب، وانما أيضا فكرية واجتماعية، فسرت روح اليقظة في جميع شعوب الدولة، ومنها شعبنا، واستمرت تلك السياسة حتى اندلاع الحرب الكونية في 1914، كان نعوم أحد المؤسسين لجمعية (الانتباه).

-  في 1912 سافر الى الولايات المتحدة الامركية، وكانت شهرته قد سبقته اليها، من خلال المقالات التي كان يبعثها وتنشر في جريدة "الاتحاد" السريانية، وعندما توقفت "الاتحاد" عاد الى اصدار جريدته "بيث النهرين" وحتى وفاته.

-  كان ينشر أيضا في جريدة "مرشد الاشوريين"، التي رأس تحريرها البروفيسور آشور يوسف د خربوت، والملقب بشيخ الصحافة السريانية وشهيدها، أذ أعدم في 1915، وكان ينشر- أيضا- في جريدة "الانتباه" التي رأس تحريرها الكاتب المعروف جبرايل أفندي بوياجي.

 

جرائد ترأس تحريرها:

 

أ: "كوكب الشرق":

صدر العدد الاول في نيسان 1910، أصدر منها 26 عددا في سنتها الاولى ، وقد تلقت الصحيفة رسائل عديدة تشجع محررها.. نختار منها:

·       يقول أفرام برصوم (الراهب وثم البطريرك والذي سيترأس وفدا مهما الى مؤتمر السلام في باريس):

".. أن هذه الا أمنية الالباب ورغبة الطلاب.. نثني على مبادئكم هذه الملية ثناء طيبا.."

·       وجمعية التهذيب في الموصل تقول:

".. أهتزت الافئدة جذلا وبشرا، وحركت كوامن عواطف الجنسية السريانية، فذكرتنا بالعصور الحالية يوم كانت الامة السريانية ترفل بحلل المجد والعظمة..".

 

ب: "بيث النهرين":

-  أصدرها الملفونو في مطلع 1916، في أميركا بالسريانية والعربية والتركية، واستمرت حتى قبيل وفاته 1929، طبعت على الميموغراف، وجاء في مقدمة الطبعة العربية:

· ".. لحث اخواننا السريان على الاحتفاظ بالقومية والجنسية.. والتوحيد بين قلوب كل من اخواننا المدعويين بالاسم السرياني، ونعني بهم النساطرة والكلدان والموارنة والسريان الكاثوليك والسريان البروتستانت.. مذكرين كلا من هذه الفرق بانهم سريان جنسا وعرقا ولحما ودما ولسانا ووطنا لكي تتحد اتحادا ادبيا لأعلاء شأن الامة الآثورية.. "

·  وكتب في 1920، بعنوان "الجرائد وفوائدها":

".. ان الامة التي لا تحترم نفسها لا يحترمها الغير، والامة التي لا تحافظ على نفسها ولا تغار على لسانها، ولا تسعى لاثبات موجوديتها، ولا تنشر تواخيرها، ولا تطبع كتبها، ولا تحافظ على آدابها، ولا تناصر صحافتها، من يعرفها؟ ومن يسمعها؟ ..".

 

جـ: "الاتحاد":

-  وتولى رئاسة تحرير "الاتحاد" التي أصدرتها الجمعية الوطنية الكلدانية- الاثورية في الولايات المتحدة الاميركية، ذات الاهداف والتوجهات القومية كشقيقاتها السابقات، صدر العدد الاول في أيار 1921، وتوالى صدورها أسبوعيا، وقد جاء في مقدمة العدد الاول:

* ".. بعد أن أن فرغت الجمعية (أعلاه) من مهمة أرسال مندوبين الى مؤتمر السلام في باريس لاجل المحافظة على حقوق الامة الاثورية الكلدانية، أجالت الفكرة في أتخاذ وسائط مؤثرة لتنوير أذهان الشعب وتهذيب أخلاقه ليصبح قادرا على المحافظ على قوميته وجنسيته ولسانه..".

 

 

عشرات الرسائل تؤازر الملفونو، نقتطف منها:

· الاديب فريد نزها (بوينس آيرس) في 1918:

".. ليس بوسعي أن أصف لك ما يختلج في فؤادي من الحب نحو شخصك لما أتذكر مآثرك وغيرتك الملية والقومية.."

· الاديب الفيكونت فيليب طرازي (بيروت) في 1920:

".. أشكر لحضرتكم .. كما أثني على أبناء جنسنا الذين رفعوا أسم الاثوريين في  المهجر.. ولا أكتم ان قلبي يفيض سرورا كلما أسمع أو أرى أحد أبناء جنسي يقوم بعمل شهي.."

·  الاديب عبد المجيد أفندي آشور (فرنسا) في 1925:

".. علمت انكم عاملون على وضع قاموس مطول للغتنا السريانية.. انكم يا سيدي رجل عزيز جدا على أمتنا، فقد أنفقتم معظم أيام حياتكم من أجلها.."

 

أقوال للملفونو:

·  ثلاثة تنجح الامة: قلم الكاتب، مخزن التاجر، وحقل الزارع

·  أعتن بثلاثة: أمرأتك وأمتك ووطنك

·  الوطن هو عائلتنا الكبيرة، أما عائلتنا فهي وطننا الصغير

·  الاتحاد يحرر الشعوب من عبوديتها

·  الامة التي تهمل لغتها، تفقد مجدها وتضيع كيانها

·  لندع الذل والهوان.. فنحن أمة جديرة بالحياة.. انا أحفاد أمة كانت قديما تناطح القبة الزرقاء.."

·  وكتب ردا على أديب معروف (من طائفته الارثوذكسية) في الموصل:

".. التعصب قد أستولى على قلوبنا وقلوب رؤسائنا أجمعين في الشرق من أرثذوكسي وكاثوليكي وكلداني وماروني ونسطوري.. الدين شيء والقومية شيء آخر.. اننا نكره ان تفصلنا الاختلافات المذهبية عن الوحدة القومية والتاريخية والاجتماعية واللغوية، فنحن والسريان الكاثوليك والكلدان والموارنة والنساطرة أخوة من حيث الجنس ننتمي الى عنصر واحد.."

 

* الختام في تأبين الملفان:

كان الحفل التأبيني الذي نظمته الجالية في أميركا بعد عام من رحيله، حدثا عظيما يليق بالملفونو، شاركت في التحضير له مؤسسات شعبنا هناك عبر لجنة أدارها الاديب جان آشجي، فألقيت الكلمات والاشعار بعضها بالسريانية وأخرى بالعربية وغيرها بالتركية والارمنية، وأخرين- ومن مختلف طوائف شعبنا- بعثوا مراثيهم، أذ انه استحق ذلك، فكان "نعوم فائق سفرا باهظ الثمن، فاذا قلبت صفحاته، وقرأت كتاباته، تتأكد من التضحيات الغالية التي قدمها لهذه الامة، وكل ما تقاضاه من أجور هي الشهادات التي قيلت فيه بعد مماته.."، جميع المشاركين أثنوا على الجهود الكبيرة التي بذلها الراحل، خاصة في مفهوم وحدة شعبنا والنضال في سبيل ترسيخها، وتعليم اللغة الام السريانية كعنصر أساس في الهوية القومية، نقتطف من تلك القصائد:

 

 

 

Home - About - Archive - Bahra  - Photos - Martyrs - Contact - Links