نيسان ( آكيتو) يثأر على الظلام
د. جميل حنا
الأول
من نيسان عيد رأس السنة البابلية الآشورية في الأمبراطورية الآشورية. يحتفل
بهذا العيد الوطني والقومي في بلاد آشور منذ 6760عام.إيذانا ببدء فصل تجدد
الحياة والعطاءوالنور.الطبيعة تدور حول نفسها في دوران مستمر لا تتوقف
بأنتظام تترتب من خلالها شؤون الكون. تثور الطبيعة على ذاتها متحدة مع
الكون الخارجي مع شعاع الشمس ونوره ودفئه, مع القمر المنير في السماء
والكواكب المتناثرة بأنتظام في الفضاء الفسيح وحسب قوانينها التي تحددها مع
محيطها وبتأثيرمتبادل.الطبيعة لعبت الدور الأساسي في حياة البشر منذ أن بدأ
تطور وجود الانسان على الأرض. وكان تعلق الانسان بالطبيعة وقوانينها تحسبا
لجبروت وسر العظمة التي كانت تملكها, وقدرتها على أحداث التغيير في حياة كل
الكائنات الحية من البشر وعالم الحيوان والنبات والدبيب على سطح اليابسة
وفي مياه البحار والمحيطات والأنهاروحتى على طبيعة التضاريس.هذا التغيير
الذي لم يخلق من العدم بل هو نتيجة العلاقة بين أقطاب الكون علاقة الشمس
بكوكبنا كوكب الأرض,الكوكب الأزرق الذي منحنا أسباب العيش والحياة عليه,هذا
الجزء الصغيرالذي نحيا عليه ونتفاعل مع قوانينه سلبا وإيجابا.
الإنسان منذ البدأ وبحسب ما كان يملكه من القدرة العقلية يفكر في
أكتشاف سرعظمة الطبيعة الجبارة أو رضخ بدون تفكير لقوى الطبيعة مستسلما
لأمره وراضيا بكونه الكيان الأضعف في هذا الكون أمام قوة الطبيعة المحيطة
به مباشرة ومن الفضاء الخارجي.
كانت نور الشمس الحارقة وقرص القمر ولألأة الكواكب في مجرة درب التبانة
التي تشع على الأرض أكثر غموضا من أن يستوعبها. وكانت الرياح والعواصف
والبرق والرعد وأمواج البحر والجبال الشاهقة والنار والفيضانات كل هذه
الظواهر القادمة من محيط الانسان ومن الفضاء الخارجي أظهر عجز الانسان على
فهم الظواهر الطبيعية .فكان الأستسلام وعبادة الطبيعة وظواهرها ومن ثم
أعطيت القرابين لها لأرضائها وكسب مودتها وإتقاء لشرها وتقديم السجود لها
السبيل الوحيد الذي أعتقد الإنسان بأن يقيه من غضب الطبيعة.هذا كان لدهور
طويلة في حياة البشر إلى أن جاء نيسان,نيسان بابل وآشور ونور شمسه المشرق
وشعاعه الذي أشرق في عقول الحكماء والناس وهذه الأشراقة أنتجت فكراعظيما
خالدا حرر الإنسان من عبودية الخوف من مظاهر الطبيعة وكيانها.وقدم تفسيرا
عقلانيا علميا سليما لقوانين الطبيعة والعلاقة بين مختلف الظواهر والعناصر
المكونة لها , والصراع الدائر بدون توقف بين جميع هذه المكونات لتعطي
المغذى الحقيقي لوجود الإنسان وحياته في الكون وتفاعله مع محيطه بحدود
المعقول من أجل المحافظة على استمرارالحياة.
في ربيع كل عام تثأر الطبيعة على ذاتها في صراع أبدي على الظلمة وتنتصر
أرادة الخير والنور والحياة على الموت والشروالظلام.نيسان رمز الحياة
والعطاء والثأرلا يدع دورة الفلك تدور بدونه لأن بغيره لا حياة في الكون.
بلاد صانع الأمجاد في نيسان بلاد ما بين النهرين يعيش في وقتنا
الحاضرصراع مرير بين قوى الخير والشر. والشعب الآشوري في وطنه آشوريتعرض
إلى حملات إرهابية ومجازر إبادة عرقية تستهدف القضاء على كيانه القومي
والديني.وهذا الشعب مدعو للأنتفاضة على واقعه المرير والأنطلاق في طريق
الأنعتاق من قيود الخوف لتحقيق طموحاته في الحرية الكاملة من أجل حياة أفضل
والعيش بأمان في وطن شعاره المساوة والحرية والأخوة لجميع أبناء الوطن
الموحد تحت راية النظام الديمقراطي العلماني الذي يمنح السلام للجميع, كما
يمنح الربيع الخضار والورود بألوانها الزاهية وعطورها العبقة لمحيطها لكل
البشر.فليكن نيسان بابل وآشور رمز المحبة بين الشعوب وألف تحية في الأول من
نيسان إلى كافة أبناء الأمة الكلدانية السريانية الاشورية وجميع الشعوب في
بلاد ما بين النهرين.
|