شعبنا الاشوري
ومصادرة ارادته
وليم تيودور
بعد إقرار قانون انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق ، وتخصيص كوتا من
( 5 ) مقاعد لأبناء شعبنا الأشوري، بدأت القوى السياسية بمختلف توجهاتها
بالإعداد لخوض تلك الانتخابات لاختيار برلمان ورئيس جديد للاقليم ، و وضعت
تلك القوى والقوائم برنامجا خاصاً بها والدعاية له في حملة انتخابية استمرت
ما يقارب شهر كامل بصرف أموال طائلة وإعداد ندوات ولقاءات عديدة بين
جماهيرها لكسب ود وصوت الجماهير ولاختيار من يعتقدون هو الأجدر بتمثيلهم في
هذا البرلمان في الفترة المقبلة ، ومن المؤشرات التي تم ملاحظتها تؤكد بأن
الأحزاب الرئيسية والحاكمة في الإقليم كانت تشعر بتخوف كبير من الائتلافات
والشخصيات المنشقة والمنظمة في قوائم جديدة لإدراكها بأنها لم تقدم أفضل
الخدمات للمواطن كما يجب وبدأ التذمر والقيل والقال ينتشر هنا وهناك ،
واستغل ذلك من قبل الأطراف المنافسة ووعدت الجماهير بأنها ستقدم أفضل
الخدمات للأبناء الإقليم وستعمل على إحداث تغيرات كثيرة وإصلاحات عديدة تصب
في صالح المواطن في حالة فوزها بالانتخابات ، بعد أن ابتلى المواطن من
ممارسات غير لائقة من قبل أجهزة الأحزاب الحاكمة في الفترات السابقة ، لذا
لاحظنا مدى توسع حجم الدعاية والحملة الانتخابية لكل القوائم وبالأخص قوائم
الأحزاب الكبيرة والموالين لهم وبمشاركة اكبر الشخصيات السياسية في الاقليم
، لعلمها مسبقاً بأن الفترة المقبلة ستشهد منافسة حامية وقوية للظفر
بالسلطة وستظهر معارضة قوية في البرلمان ، لذلك لاحظنا مدى سخونة الدعاية
الانتخابية وصرف أموال طائلة للبوسترات والملصقات الخاصة بالدعاية
الانتخابية في كافة المناطق العامة والخاصة .
حيث بعد التحولات الايجابية الكبيرة في العديد من الجوانب التي حدثت في
الاقليم في غضون العقدين الآخرين وبمساعدة المنظمات الإنسانية وقوات
التحالف الدولي ، شهدنا إجراء انتخابات لاختيار رئيس للاقليم وبرلمان للمرة
الثالثة ،هذا وقد جرت الانتخابات في 25 تموز 2009 في عموم محافظات الاقليم
وبمشاركة واسعة حسب المفوضية المستقلة للانتخابات الجهة الرسمية المشرفة
عليها وقدرتها بنسبة 78 % ، إذ نؤكد وبالاستناد إلى المعطيات والأحداث
السابقة التي رافقت عملية إجراء الانتخابات وبعدها بأنها انتخابات تدخل
خانة التنافس فقط بعيداً عن الروح الديمقراطية المعروفة والمنشودة ، حيث في
كل مرة تحدث إشكالات كثيرة ويطور الحكام والأحزاب الحاكمة أدوات وأساليب
للتلاعب في عملية الانتخابات بغرض تحقيق مقاصد غير التي ترجى من الانتخابات
الديمقراطية ، وعلى رأسها الحصول على الشرعية أمام الجماهير والتخفيف من
حدة الضغوط المطالبة بالإصلاح واحترام حقوق الإنسان في الداخل والخارج ،
وفي كل مرة تقدم الوعود بالإصلاح وتقديم أفضل الخدمات للمواطن وتوفير
المستلزمات الضرورية واللازمة للعيش كتوفير المياه والكهرباء والخدمات
الأخرى وبدون استثناء بغض النظر عن الهوية القومية والوجهة السياسية
للمواطن ، لكن لم نرى ذلك على ارض الواقع ويوم بعد يوم تزاد المحسوبية
وينتشر الفساد الإداري والمالي في كل المفاصل والحلقات وتستحوذ الأحزاب
الحاكمة على كل شيء ويحدث فرق شاسع بين طبقات المجتمع الكردستاني وفي
مجالات عديدة .
إن ما يهمني في هذا المقال ما يخص أبناء شعبنا ومشاركتهم في هذه
الانتخابات وغيرها وتخصيص كوته من ( 5 ) مقاعد ليختاروا ممثليهم في
البرلمان وبإرادتهم ،ولكن كالانتخابات السابقة صودرت مرة أخرى إرادة أبناء
شعبنا وجرت أمور غير محببة وغير مرغوبة في العملية الديمقراطية خلف
الكواليس ولعب الكبار لعبتهم ثانية وحرمنا من اختيار من نعتقد بأنهم الأجدر
بتمثيلنا في البرلمان المقبل ، وبذلك اثبت المشرفون على الانتخابات بأنهم
لم يكونوا بمستوى المسؤولية والانتخابات لم تكن نزيهة كسابقاتها ، نظراً
لحدوث خروقات كثيرة وقيام العديد من أبناء القوميات الشقيقة بالإدلاء
بأصواتهم لقوائم الخاصة بشعبنا والموالية للأحزاب الكبيرة والحاكمة وذلك
لرفع القاسم الانتخابي لتحريم من اختارهم أبناء شعبنا لتمثيلهم في البرلمان
المقبل وحسب التوجهات الرسمية الصادرة من الأحزاب الحاكمة وبذلك أصبحت
ألكوته المخصصة لأبناء شعبنا نقمة عليهم ، وهكذا لم نستطيع اختيار
المناسبين ليمثلوننا في البرلمان والمشاركة في صنع القرارات السياسية التي
تخص أبناء الاقليم وحقوقنا القومية ، وأثبتت تلك الأحزاب بأنها تمارس هذه
العملية لأخذ الشرعية من الجماهير لكي تقوم بممارسة مظاهر السلطة بهدف
تحقيق المصالح الخاصة والفئوية لمنتسبيها وبذلك تحرم أبناء شعبنا من
التنافس فيما بينهم على المقاعد المخصصة لهم ، وهذا يناقض مع مبدأ إن الشعب
هو مصدر السلطة ، وكذلك تحرم فئات عديدة من أبناء المجتمع الكردستاني من
الحقوق والواجبات على قدم المساواة وتساوي فرص المشاركة في عملية صنع
القرارات السياسية والمشاركة في كافة المحافل لضمان حقوقهم السياسية
والاقتصادية والاجتماعية .
هذا وذهب أبناء شعبنا إلى صناديق الاقتراع للتصويت واضعين جملة من
الإشارات والوقائع والمعطيات الحقيقية التي يزهو بها واقعنا القومي في
الاقليم نصب أعينهم والتي تبين وتبرز بوضوح للجميع كبيان القمر في وضوح
الليل ، منها مدى رفع المستوى الوعي القومي والسياسي لأبناء شعبنا على يد
نخبة مناضلة مؤمنة بوحدة شعبنا وقضيتنا القومية ومدى النجاح والتقدم
والانجازات التي تفرض نفسها على حياتنا كالتعليم السرياني وغيرها من
المنجزات التي تحققت على أيديهم في غضون ال ( 3 ) العقود الأخيرة .
لكن كما قلنا صادرت مرة أخرى إرادة أبناء شعبنا وبتوجيهات من السلطات
الحاكمة بمصادرة ألكوته المخصصة لأبناء شعبنا لصالحها عبر توجيه قواعدها
بالتصويت لصالح القوائم المقربة منها ( قائمة عشتار التابعة لمجلس الشعبي
الكلداني السرياني الأشوري برئاسة السيد سركيس اغا جان ) ، وبذلك أفرغت
ألكوته من محتواها .
لكن بالرغم من ذلك قالت جماهير شعبنا المناضل كلمتها وصوتت وبوعي
وبالأغلبية وبإرادتها لمن تعتقد بأنهم الأجدر بتمثيلهم في البرلمان
ليدافعوا بالعز والكرامة عن حقوقهم القومية واللذين لا يقبلون المساومة على
أراضينا التاريخية .
هذا ولم تثني عزيمتهم وإرادتهم كرم وسخاء القائمين على دعم الاحزاب التي
اسقطت على شعبنا بدفع مبالغ هائلة من الأموال المخصصة للفقراء والمنكوبين
والمعوزين من أبناء شعبنا واللذين ذاقوا اشد الصعوبات على يد الإرهابيين
والخارجين عن القانون للظفر بأصواتهم ،وكذلك استعانوا بوسائل بائسة لإقناع
الناخبين للإدلاء بأصواتهم لمرشحيهم ، لكن أبوا أن يبيعوا أنفسهم من اجل
حفنة من المال القذر وصوتوا لمن لهم باع طويل في السياسة ولهم تاريخ ونضال
طويل ومشهود له ألا وهم مرشحي قائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية
الأشورية .
وختاماً نقول مهما يكون يجب على أبناء شعبنا وأحزابنا السياسية
ومؤسساتنا الثقافية والاجتماعية والدينية أن يتكاتفوا الجهود وان يقفون بصف
واحد بوجه كل من يحاول النيل من إرادتنا وهضم حقوقنا وخاصة شعبنا العزيز
تعرض ولا يزال يتعرض في السنوات الأخيرة إلى التهميش للنيل منه ويمر بأشرس
هجمة على مر تاريخه الطويل حيث يقتل ويشرد ويطرد من موطنه التاريخي وتتم
سلب إرادته ، لذلك عليهم جميعاً التحاور والتقارب و وضع وحدة شعبنا نصب
أعينهم لان بوحدتنا تنكسر شوكة الطائفيين والمهيمنين على إرادتنا وأراضينا
، وان نجاح ممثلينا في هذا الامتحان سيكون له اشد الأثر في رفع معنويات
أبناء شعبنا ودفعهم للوقوف بوجه من يحاول تفرقتنا وسوف تحسب لنا ألف حساب
لأننا أصحاب الأرض الشرعيين وأصحاب قضية قومية عادلة ، لذا من يعتز
بانتمائه إلى هذه الأمة ومن يحب أن تدوم إلى الأبد وان ينال أبنائها كافة
حقوقهم ،عليه أن لا يفكر بالمناصب أبدا بل بما يستطيع أن يقدمه لخدمة هذا
الشعب العريق والأصيل والذي لم يبخل يوماً في تقديم أغلى ما لديه من اجل
وطنه ، وان لا تكون هذه الممارسات سبباً في شق صفنا القومي وبذلك نقدم خدمة
جليلة للمتربصين بقضيتنا القومية ، وان يناشدوا جميعا وبصوت واحد الأمم
المتحدة والتحالف الدولي والاتحاد الأوربي والمنظمات الإنسانية للتدخل
لإيقاف هذه الهجمة الشرسة واللاانسانية التي يتعرض لها شعبنا ووقف نزيف
الهجرة وضع الحلول اللازمة لقضيتنا وحقوقنا العادلة في موطننا التاريخي
وكذلك الضغط على الحكومة العراقية وحكومة الاقليم للكف عن التدخل في شؤوننا
الداخلية ومنحنا الامتيازات اللازمة أسوة بالأشقاء من العرب والكرد لنعيش
بأمن وسلامة إلى جانبهم في عراقنا العزيز.
|