التقرير
السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية
المنبثق عن
المؤتمر الخامس
28 – 30 حزيران 2007
المقدمة
ينعقد المؤتمر الخامس لحركتنا الديمقراطية
الآشورية (زوعا) في وقت من اكثر المراحل تعقيداً وعلى كافة الصعد حيث يعيش
العراقيون المخاض الصعب والولادة العسيرة للعملية السياسية والمراحل
الانتقالية المتعثرة في التحول من النظام الدكتاتوري المخلوع في 9
نيسان2003 الى النظام الديمقراطي المرتجى من الغالبية العظمى للشعب العراقي
الذي عانى الامرّين لعقود طويلة.
اذ انه رغم الخطوات التي انجزت على طريق بناء
دولة المؤسسات والنظام النيابي وعن طريق تفويض الشعب عبر الانتخابات وتشكيل
حكومة سميت بحكومة الوحدة الوطنية، الا ان الواقع الذي نعيشه اليوم بعيد كل
البعد عما كان يرتجى بعد الاطاحة بالنظام الدكتاتوري، حيث الاستئثار
بالسلطة والمحاصصة السلبية التي اكتسحت دوائر الدولة، وبالتالي فقدان
معايير الكفاءة والمهنية في تسنم المهام، وتفشي الفساد مما ادى الى تدني
مستوى الخدمات، ويقابل ذلك تفاقم الاحتقان الطائفي الذي فجره اعداء العراق
فالقتل على الهوية، ناهيك عن الاوضاع الامنية المتردية وتصاعد الهجمات على
دور العبادة من الكنائس والجوامع والحسينيات واستهداف رجال الدين الافاضل
وتعرضهم للاغتيال او الاختطاف والابتزاز من اجل المال، والقتل الجماعي الذي
يتعرض له المدنيين في معظم انحاء العراق دون وازع من ضمير، والتهجير
القسري، وبالتالي هجمات التكفيريين على ابناء شعبنا خصوصاً في مناطق الدورة
والموصل بسبب الهوية الدينية واجبارهم على هجر بيوتهم وترك ممتلكاتهم
ورائهم او تعرضهم للسبي والقتل.. ويلازم هذا الواقع الصعب والتداعيات
الامنية مراحل قادمة اكثر تعقيداً وحبلى بالمفاجئات وصراعات لا تحمد عقباها
نتيجة لتلكؤ السلطات في فرض سلطة القانون والفراغ الامني الكبير في مناطق
شاسعة من البلاد، وعدم استطاعة الحكومة تنفيذ برنامجها السياسي والامني
والاقتصادي المعلن عند تشكيلها.
يقابله داخلياً الواقع الصعب لمؤسساتنا
القومية وتشتت الموقف تحت تأثيرات الضعف الذاتي والضغوطات الخارجية التي
يعيشها مجتمعنا في اجواء العوز والفاقة وشحة الخدمات والمستلزمات الحياتية
والبطالة ومسعى الآخرين لاستغلال هذا الواقع الصعب بممارسة الضغط والابتزاز
واستغلال مكامن الضعف، سعياً لكسب الود والولاء المطلق لتحويل شعبنا الى
عامل في صراعات قومية سياسية ويمنّون على شعبنا بحقوقه المشروعة على ارضه
التاريخية عبر شعارات براقة، ومزايدات مفضوحة في الطروحات للعب بعواطف
الناس لاهداف سياسية قد لا تلتقي والارادة الحرة او مصالحنا القومية في مثل
هكذا ظروف سياسية امنية متداعية واجواء متوترة تسود مناطقنا وتحكم
الاتجاهات في البلاد الى منحى مجهول.
وانطلاقا من موقع حركتنا الطليعي المتميز في
مسيرة حركتنا القومية الوطنية والالتفاف الجماهيري الواسع حولها وتاريخها
النضالي المتوج بقافلة الشهداء الابرار ومواقفها الاصيلة الملتصقة بمصالح
شعبنا المشروعة، فان هذا الواقع المعاش وحقيقة كون الحركة قد حازت ثقة
شعبنا في محطات شرعية على مستوى الوطن وبين اوساط شعبنا عموماً، مما يلقي
عليها القسط الاكبر من المسؤولية للتصدي لهكذا مراحل صعبة من تاريخنا لتؤدي
دورها في رسم الاتجاهات السديدة بما يخدم قضيتنا القومية وطموحاتنا
المشروعة، لدراسة الواقع والخروج بالقرارات الصائبة عبر الآليات والاساليب
الديمقراطية التي كانت ديدن الحركة طيلة الثمان والعشرين عاما الماضية
سواءاً على الصعيد الداخلي كتنظيم او على مستوى القضية القوميةوالوطنية
عموماً.
من هنا تأتي الاهمية القصوى لانعقاد المؤتمر
الخامس هذا رغم الظروف السياسية والامنية والاقتصادية الصعبة، ويمكن
اعتبارها انعطاف تاريخي في واقع ومستقبل العراق وبالتالي مستقبلناً
جميعاً.. ونتصدى لهذا الواقع المرير على طريق اجتياز المرحلة الصعبة من
مسيرة شعبنا ووطننا، وحري بنا ان نذكر ونقيم المساندة والمواقف الاصيلة
لجماهير شعبنا في الوطن والمهجر، والالتفاف الواسع حول مسيرة (زوعا)
النضالية، مما يجعلنا اكثر ثباتاً والتصاقاً بمطالبنا المشروعة دون ان ندفع
لنصبح ضحايا سياسات غير واعية ولا ترتقي الى النضوج الفكري او السياسي ولا
تلتقي ومصالحنا القومية والوطنية.
على الصعيد
الوطني
يمر العراق اليوم باصعب المراحل في تاريخه
الحديث، حيث يعيش العراقيون المخاض الصعب للديمقراطية والمراحل الانتقالية
المتعثرة صوب تحقيق عراق ديمقراطي تعددي اتحادي. اذ كان ولازال حلم
العراقيين تحقيق العدل والمساواة والامن والاستقرار والرخاء والازدهار الا
ان اتجاهات العملية السياسية سارت نحو اجندات اقل ما يمكن القول عنها انها
تتقاطع والاجندة الوطنية العراقية في الكثير من جوانبها وبصورة خاصة
التخندق الطائفي الذي يقود الى تمزيق وحدة العراق ارضاً وشعباً وتفكك نسيجه
الاجتماعي، وتتحمل قيادات قوى الائتلاف الدولي الى جانب صانعي القرار
السياسي من العراقيون لاحقاً مسؤولية النتائج المأساوية التي نعيشها حيث
لقيت التوجهات والسياسات الترحيب والقبول من لدن القيادات الاجنبية التي
كانت تعمل على الاسراع في التخلص من مسؤوليتها تجاه العراق وتعاملت مع
الشأن الوطني بطريقة رقمية دون ان تأخذ في الحسبان مجمل العوامل المؤثرة في
القضية العراقية وبالتالي اتجاهات العملية السياسية، اضافة الى الاخطاء
الجسيمة التي ارتكبت بعيد التخلص من النظام الدكتاتوري بدءاً من التهديدات
لدول الجوار وجرها الى الصراع على الارض العراقية مقابل تفكيك اسس الدولة
العراقية وترك الحدود العراقية مفتوحة ومستباحة، وبالتالي تأثيرات العوامل
الخارجية سواء من دول الجوار او غيرها في تحديد مسارات العملية السياسية
التي اتخذت طابع الصراع الطائفي من جهة في ظل سياسة المحاصصة على اساس
طائفي او عرقي، فتجاهل واقصاء شرائح مهمة من المجتمع العراقي او تياراته
السياسية وابعاد الخبرات وعدم اعتماد المهنية والكفاءة في تحديد معايير
تسنم المسؤوليات، واستشراء الفساد المالي والاداري الكبير الذي ينخر
بالدولة العراقية ومواردها وثرواتها وبالتالي تفاقم الاوضاع المعيشية بصورة
لا تطاق لعدم توفر المستلزمات الحياتية والخدمات والبطالة الى التعرض
للاختطاف والاغتيال على الهوية او التهجير القسري وتحول البلدات العراقية
الى معسكرات مطوقة بقوات التحالف الدولي والجدران الكونكريتية او بعض وحدات
القوات المسلحة العراقية التي لا تحظى في العموم بثقة المواطن لكون اساس
بنائها جاء بتوافقات طائفية ـ قومية وحصول اختراقات امنية خطيرة في صفوفها
وارتكابها احيانا ما لايتفق ونهجها ولايليق بواجباتها الوطنية باعتبارها
اداة فرض وحماية القانون.
كما ان طبيعة الكتل النيابية وتحالفاتها
المبنية على المحاصصة الطائفية والتعامل الرقمي مع القضايا الوطنية امسى
معرقلا كبيراً وعاملاً سلبياً في اداء الحكومة لتبدو مكبلة وغير قادرة على
الخروج من الازمة والقيام بمهامها ومؤخراً غير قادرة على الحصول على ثقة
مجلس النواب لتعيين وزراء، بعد ان اعلنت كتل نيابية مهمة تعليق عضويتها،
وامست الاجندات الحزبية ـ الطائفية في صدارة الاولويات قبل المصالح الوطنية،
مما يٌعمق معاناة الانسان العراقي ويؤخر رؤية الضوء في نهاية النفق، الامر
الذي يدفع باتجاه اعادة النظر في الاصطفافات السياسية وفرز حالات جديدة غير
معلومة الاتجاه، تتأثر بالعوامل الخارجية لتصبح عوامل في معادلات اقليمية
دولية جديدة في حالة استمرار التداعي والفلتان الامني على حساب المصالح
الوطنية.
ولا نكشف سراً او نبرر اذا قلنا بان مراكز
صنع القرار تعيش حالة الخوف وفقدان الثقة ببعضها البعض، حيث خرجت مجتمعاتها
تواً من حالة القمع والاضطهاد والتمييز الطائفي والقومي المستديمة، تسعى
اليوم الى اعادة بناء الدولة وركائزها بطريقة تضمن مصالحها ومواقعها
الطائفية والحزبية وتقدم ذلك على غيرها من المصالح الوطنية في العراق
الجديد، وان احتدام النقاش والحوارات في عملية التعديلات الدستورية القائمة
خير شاهد ودليل على ذلك اذ تتواجه في المعالجات ثقافة مركزية تبدي مخاوفها
على الوحدة الوطنية وتكافؤ الفرص وتقابلها الثقافة الجديدة الاتحادية
الساعية لتحقيق توازن في توزيع السلطة والثروة بين المركز والاقاليم او
المحافظات، والاتجاهين يسعى الى تحقيق العدالة ورفع او تفادي الغبن الحاصل
او الذي سيحصل مستقبلاً وتوفير اسس دستورية لضمان المستقبل.
كما وان حالة فقدان الثقة تعتبر احد العوامل
الاساسية في تلكؤ استكمال برنامج المصالحة الوطنية وحتى في تشكيل حكومة
وحدة وطنية قوية، اذ استغلت قوى اقليمية ودولية هذه التقاطعات بين توجهات
القوى الفاعلة على الارض وبصورة خاصة بعض القوى في دول الجوار حيث لها
امتداداتها داخل المجتمع العراقي استثمرته واستغلته في صراعها وتصفية
حساباتها مع القوات الامريكية ـ ضمن القوات المتعددة الجنسيات ـ سواء
بذريعة الجهاد ومقاومة المحتل، والسعي لتقوية وترسيخ اقدام امتداداتها على
الارض العراقية لتحقيق دور ونفوذ اكبر في القرار والشأن العراقي مستقبلاً،
مستفيدة من المغبونية والاقصاء والاجحاف الحاصل بحق شرائح واسعة ومناطق
عديدة من البلاد، والتي استجابت سواءاً لمقاومة الاجنبي او لمعارضة الحكومة
بأي وسيلة متاحة، وبالتالي فان مواقف دول الجوار تأتي لتحاشي تأثيرات
التحول الديمقراطي في العراق على انظمتها، مما عمق الجرح وجعل الاجواء اكثر
تعقيداً بوجه تحقيق المصالحة الوطنية رغم المبادرات ومؤتمرات السلم
والمصالحة الوطنية والتي خرجت بتوصيات مهمة لتحقيق السلم الاهلي، الا ان
الحكومة لم تتوفق لحد الان من تنفيذ وانجاز ما وعدت به، حيث الحاجة الى
قرار سياسي جدي اولاً ليضع حداً للتداعيات التي طالت معظم شرائح المجتمع
والشروخات التي تهدد وحدة المجتمع العراقي، والعملية في مجملها بحاجة الى
تشريعات تعالج وتنصف ضحايا النظام الدكتاتوري والمتضررين والضحايا في مرحلة
ما بعد النظام الدكتاتوري ومن ثم الى تنفيذ ما يستوجب تنفيذه من توصيات
المؤتمرات لئلا تبقى هناك ثغرات تستغل من اعداء العراق للنيل منه ومن كل
مكتسبات الشعب في التحرر وتحقيق النظام الديمقراطي الحقيقي على اساس
الشراكة والتآخي وتحقيق العدل فالسلم الاهلي والاستقرار والازدهار والرخاء.
ورغم تقديرنا لجهود الحكومة ودعم الاصدقاء في
عملية فرض القانون ودورها في بناء القوات المسلحة العراقية، الا ان السلم
الاهلي لن يتحقق دون تحقيق العدالة، وان غياب العنف لا يعني تحقيق السلم،
ومن هذا المنطلق فعلى صانعي القرار في الحكومة العراقية مراجعة المواقف
والسياسات التشريعية والتنفيذية لتصب نحو تحقيق العدل وبالتالي تحقيق السلم
فالاستقرار وعودة المهجرين قسراً الى مناطقهم بعد توفير الامن وفرض سلطة
القانون، ليتسنى للملايين من المشردين والمهاجرين الى دول الجوار العودة
الى الوطن والعيش بكرامة وذلك من خلال تعويضهم ما فقدوه.
ومن اجل تجاوز الازمة القائمة وانجاح العملية
السياسية وتطور النظام الديمقراطي فالحكومة والقيادات السياسية مطالبة
بالالتزام وتحقيق التالي:
1- مراجعة الاصطفافات السياسية ـ النيابية
وتشكيل ائتلاف برلماني واسع على اسس وطنية قادر على القيام بمهامه
التشريعية ومتابعة اداء الحكومة بعيداً عن التخندقات القائمة، واشراك القوى
والتيارات في العملية السياسية بعيداً عن سياسات المحاصصة المبنية على اساس
معادلة توازن بين القوميات الكبيرة واستئثارها بالسلطة وممارسة سياسة
الاقصاء والتهميش تجاه القوميات الصغيرة.
2- الاسراع في استكمال بناء القوات المسلحة
العراقية على اساس الولاء الوطني، بعيداً عن التسييس، وتدريبها وتجهيزها
وتسليحها بما يناسب وحجم التحديات لتكون قادرة على تسنم المهام الامنية،
ليتاح للقوات المتعددة الجنسيات تسليم الملف الامني للعراقيين فانسحابها
التدريجي من المدن والقصبات والطرق الرئيسية كمرحلة اولى وجدولة الانسحاب
وفق ارادة وقرار وطني عراقي وبما لايترك فراغاً امنياً يعرض البلاد الى
فوضى جديدة وتهديدات او تدخلات خارجية.
3- التوافق السياسي بين المكونات الرئيسة في
مجلس النواب حول المعالجات والتعديلات الدستورية وبما يحقق العدل والانصاف
وتكافؤ الفرص والمساواة بين العراقيين ويجنبنا التصويت السلبي اثناء
الاستفتاء على الدستور(اكثرية ثلثي ثلاث محافظات وفق المادة 142 رابعا من
الدستور)، والتي ستدخل العراق في دوامة جديدة وصراعات لا تحمد عقباها قد
تتطور من صراعات طائفية الى قومية فالفوضى العارمة.
4- تحقيق التوازن في مرافق الدولة وانهاء
اثار الاحتكار والاستئثار بالسلطة على اساس المحاصصة الطائفية والقومية،
واعتماد معايير الكفاءة والمهنية والنزاهة والمواطنة في تسنم المهام
والوظائف العليا.
5- استكمال عملية المصالحة الوطنية عبر تنفيذ
توصيات مؤتمرات المصالحة الوطنية والالتزام بها واستصدار القرارات
والتشريعات اللازمة لتحقيق الانصاف وتنفيذ التوصيات المشار اليها، وتفعيل
دور القضاء في التعامل مع من اجرم وعدم تسييس الهيئات الحكومية.
6- رص صفوف القوى الوطنية دون استثناء للتصدي
للارهاب والخارجين على القانون الذين يدفعون بالبلاد الى الدمار، وحل
المليشيات وتوفير فرص اندماجها في مؤسسات الدولة وفرض سلطة القانون لضمان
الامن والاستقرار.
7- اجراء انتخابات مجالس المحافظات باقرب وقت
مناسب بعد فرض سلطة القانون وتحقيق الامن واجراء انتخابات مبكرة لمجلس
النواب بعد انجاز تعديل الدستور والمصالحة الوطنية وتعديل قانون الانتخابات
والتعداد العام للسكان.
8- انهاء آثار السياسات العنصرية للنظام
الدكتاتوري المخلوع وتبعاتها على الارض ومعالجة عواقبها الثقافية والنفسية
والاجتماعية وفق احكام الدستور.
9- الالتزام ببنود العهد الدولي للعراق
والاسراع في اعادة تأهيل البلاد سياسياً، امنياً، اقتصادياً والقضاء على
الفساد المستشري واحتواء البطالة.
وهنا نؤكد حرص حركتنا الكبير على صيانة
علاقات التآخي مع الاشقاء في الوطن عموماً وكذلك في اقليم كوردستان العراق
من العرب والكورد والتركمان والارمن، ونناشد الجميع لمعالجة الاختلافات
والخلافات سلمياً ووفقاً للاحكام الدستورية وبما يحقق العدل والانصاف ويزيل
الغبن والاجحاف ويعطي كل ذي حق حقه، كما ونؤكد اسنادنا للعملية السياسية
وبناء النظام الديمقراطي التعددي الاتحادي، وبما يرسخ وحدة المجتمع والوطن
وتقدمه وازدهاره، وضمان مشاركة ممثلي شعبنا في مرافق الدولة بعيداً عن
سياسة الاقصاء والتهميش.
على الصعيد
القومي
يعاني شعبنا الكلداني السرياني الآشوري اسوة
بابناء العراق الآخرين بغض النظر عن انتماءاتهم ومن بين بضعة ملايين من
ابناء العراق المشردين والمهجرين قسراً سواء داخل العراق وفي دول الجوار،
هناك بضعة مئات الآلاف من ابناء شعبنا مشردين ومهجرين وخصوصاً من بغداد
والموصل والبصرة الى الاردن وسوريا وسهل نينوى واقليم كردستان، بالاضافة
الى ذلك فان معاناتنا كانت اعمق لكون فرص العمل لهم كانت دائماً اقل وبصورة
خاصة منذ 1991 بعد اعلان النظام الدكتاتوري المخلوع حملته الايمانية رياءاً،
ثم التعرض للخطف والابتزاز بدرجة اكبر في ظل غياب سلطة القانون وعجز
الحكومة في فرض الامن في مناطقنا، اضف الى ذلك تبعات سياسة الاستئثار
بالسلطة والاحتكار والمحاصصة الطائفية التي ادت الى تهميش دور شعبنا او
اقصاء الخبرات والمختصين عن المواقع القيادية في ادارة الدولة وعدم احترام
ارادة شعبنا في الانتخابات الماضية وممارسة سياسات الضغط على حركتنا بهدف
التطويع وبالتالي ابعادنا من المشاركة في السلطات التنفيذية سواء في
الحكومة الاتحادية او اقليم كردستان.
ان مجمل هذه الاوضاع المزرية والسياسات
والممارسات قد انعكست سلباً وكانت لها تبعات سلبية لا تنسجم ومبدأ الشراكة
والتآخي القومي ولا تتفق وقيم ومبادئ الديمقراطية والعدالة والحكم الصالح،
وعمقت الشعور بالاجحاف والاقصاء والغبن لدى اوساط واسعة من ابناء شعبنا،
جعلتها تفقد الثقة بالسلطة والحكومة التي عجزت حتى عن توفير الخدمات
والمستلزمات الحياتية اليومية لها، مما دفع عشرات الآلاف من العوائل للهجرة
والتشرد للبحث عن الامان ولقمة العيش.
كما والقى الواقع السياسي والامني المتدهور
بظلاله وتأثيراته السلبية على مجمل الحياة العامة والحركة الاقتصادية
المحتكرة من لدن بعض المجموعات ذات السلطة والنفوذ في الحكومة، مما دفع
المستثمر العراقي ورجال الاعمال الى هجرة الوطن الى الخارج وتفاقم البطالة
والغلاء والتضخم المالي، وكل ذلك امسى عبئاً مضافاً على معاناة الانسان
العراقي، وان ذلك انعكس على عموم اداء وواقع الحركة السياسية، وكان لحركتنا
نصيبها من هذا الواقع وتأثيراته عموماً.
ان هذا الواقع المؤلم يدعو صانعي القرار
العراقي والسلطة الى مراجعة السياسات ومعالجة تبعات الممارسات السابقة بما
يحقق العدل والانصاف ويوفر الامن والاستقرار وسلطة القانون لتهيئة الاجواء
الملائمة امام المهجرين والمشردين للعودة والعيش بكرامة.
من جانب آخر تؤكد حركتنا عدم رضوخها للسياسات
والضغوطات الرامية للتفريط بحقوقنا المشروعة، وستبقى راسخة على نهجها في
التصاقها بقضيتنا العادلة والدفاع عن مطالبنا القومية والوطنية التي اقرها
الدستور وارادتنا الحرة واستقلالية قرارنا وحقنا في الشراكة الكاملة في
الوطن. وان شهادات الزور من لدن البعض عبر سياسة كم الافواه بالمال لا تخدم
علاقات التآخي، ولا تجدي نفعاً ما دامت هناك حقوقاً مهضومة او مغبونية
وتجاوزات على حقوق الآخرين مهما كان حجمها ومهما طال الزمن وبالمقابل نحن
شعب تواق للحرية والعيش باخاء وسلام مع الجميع.
وتواصلاً على نهج حركتنا في طريق وحدة الصف
القومي والسعي لانضاج موقف موحد يرتقي وحجم التحديات في هكذا مرحلة
انتقالية مهمة وحساسة من تاريخنا، وتطبيقاً لتوصيات المؤتمر الرابع لحركتنا
وفق المبادرة التي اطلقها لفتح الحوار مع المنظمات القومية سعياً لبناء
وترسيخ العلاقات الثنائية بين حركتنا والتنظيمات وفيما بينها لخلق ارضية
مناسبة واجواء ايجابية لعقد مؤتمر قومي واسع يلم شمل المهتمين بالشأن
القومي ووحدته ومستقبله، سعت حركتنا في هذا المنحى عبر الاتصال والتواصل مع
مؤسساتنا القومية الكلدانية السريانية الآشورية، وكانت هناك استجابة من لدن
البعض منها وتردد من لدن البعض الاخرى، وتزامن ذلك مع انعقاد مؤتمرات
واجتماعات عديدة في الداخل والخارج، وطغى على معظمها حالة التفرد والتسرع
في عقدها سواء تحت ضغط عوامل خارجية او انسجاماً مع حالة عدم النضوج
التنظيمي التي لازمت الجهات القائمة على تنظيمها، مما جعلها في معظمها غير
قادرة على تحريك الوضع بالاتجاه الايجابي. وتميز منها المؤتمر الشعبي الذي
انعقد في عنكاوا برعاية ودعم من حكومة اقليم كردستان والذي اخذ طابعاً
شعبياً بقرار من القائمين عليه، وكان الاكثر تنسيقاً وحضوراً، الا انه توجه
صوب اختزال العمل القومي المنظم وتجاوز دور مؤسساتنا القومية ونضالها
وتضحياتها اضافة الى الخلفيات والآليات المعتمدة في اتخاذ القرار، مما حدا
بالمنظمات القومية الى عدم الاستجابة للمشاركة فيه والتفاعل مع طروحاته،
وبالتالي عدم الخروج بآليات عمل تحظى بموافقة الاغلبية ومن ثم فقدانه
لشرعية التمثيل السياسي في معترك العملية السياسية. وان هذا الواقع وتشظي
المواقف سواء جاء لظروف ذاتية وحالة عدم النضوج والارتقاء بمستوى الطموح،
او تحت وطأة الظروف الموضوعية والضغوطات الخارجية التي تسابقت في الشد
والجذب بطريقة او باخرى على امل كسب الود والموقف العام للحركة العامة
لشعبنا دون ان يوضع في الحسبان تبعات وعواقب المواقف التبعية والسياسات
الذيلية وبصورة خاصة مواقف بعض المجموعات التي ارتضت ان تكون طرفاً او
جزءاً حتى لو كان هامشياً لتحركات خارجية تقاطعت مصالحها واطراف وطنية.
ومن جانبنا ايضاًَ نتحمل جانباً من المسؤولية
ولا نعني من عرض الحالة والواقع تقديم تبريرات عن مواقفنا او اداءنا الذي
ايضاً يصيبه نصيباً من القصور سواء في التحرك وطرح المبادرات اضافة الى
التأخر في تحقيق المبادرة التي اطلقها المؤتمر الرابع والتي اكدت على فتح
الحوار ومد الجسور مع التنظيمات والمؤسسات القومية التي لها استقلالية
الموقف والقرار، عدا ما يؤشر ايجاباً من لقاءات وتنسيقاتنا مع المنظمة
الاثورية الديمقراطية وتلمس مواقفها الايجابية تجاه قضايانا المشتركة وكذلك
المواقف الايجابية للاتحاد والجمعيات الكلدانية السريانية الآشورية في
امريكا واوربا واستراليا، اذ لا زالت الاتصالات والتنسيقات مستمرة، الا
اننا بامس الحاجة لتصعيد هذه الجهود وانجاز مهامنا في تحقيق مؤتمر قومي
اكثر تمثيلاً ونضجاً ينأى عن سياسات الاقصاء وتجاوز او اختزال نضالات
وتضحيات الآخرين للخروج بما يخدم وحدتنا وترجمة ذلك في التعديلات الدستورية
وبصورة خاصة المادة (125) منه، والتي تضمن حقوقنا القومية السياسية
والادارية وبما فيها تشكيل ادارة محلية ذات خصوصية ديموغرافية ثقافية في
سهل نينوى تضمن حقوق كل المكونات المتعايشة تاريخياً، ويرفع من قدراتنا
الذاتية، وبالتالي تحقيق طموحاتنا المشروعة في العراق الجديد والعمل على
ازالة آثار سياسات النظام الدكتاتوري على قرى واراضي شعبنا التي تعرضت
للمصادرة اجحافاً او لتغيير الديموغرافية وذلك بتطبيق بنود المادة (140) من
الدستور اسوة ببقية المناطق المتنازع عليها، اضافة الى اعادة المهجرين
قسراً والمشردين الى بيوتهم واستعادة ممتلكاتهم وتعويضهم عن الخسائر
الجسيمة التي لحقت بهم من تدمير والاضرار بمنازلهم او سرقة ممتلكاتهم
ومقتنياتهم، وفي ذات الوقت تثبيت حقوقنا دستورياً وترجمتها بقوانين تنسجم
وتلبي مطالبنا المشروعة وتنفيذها على الارض ليستعيد ابناء شعبنا مكانتهم في
المجتمع العراقي اسوة ببقية اشقائهم من العرب والكورد والتركمان وتعويضنا
عما لحق بنا من غبن واجحاف تاريخياً في كافة مناحي الحياة، تطبيقاً لمبادئ
الشراكة والتآخي في الوطن.
واننا نرى بان الاجواء اليوم تحت وطأة
الاوضاع المزرية والمأساوية وواقع التشظي الداخلي، انها تفرض علينا جميعاً
بان نكون بمستوى المسؤولية تجاه شعبنا، وان حجم المأساة والمعاناة اكبر
بكثير من الشخوص والتنظيمات التي اساساً تشكلت من اجل خدمة الشعب والوطن،
واليوم نحن جميعاً امام امتحان صعب وعلينا التواصل بثبات لتحقيق الاهداف
السامية ولنكمل درب شهدائنا الذين قدموا ارواحهم قرباناً على مذبح حرية
شعبنا، ولنبرهن ايضاً اننا اهل للمسؤولية ومستعدين للعمل وللتضحية ونكران
الذات على طريق رفع قدراتنا الذاتية وتحقيق مطالب شعبنا المشروعة، جنباً
الى جنب كل القوى الخيّرة في الوطن الساعية من اجل فرض الامن والاستقرار
وانتصار الديمقراطية واشاعة الحريات وتحقيق العدل والنظام التعددي الاتحادي
وتحقيق الازدهار والرخاء لكل العراقيين.
|